رسائل الأدباء رسالتان بين نقوس المهدي وسعيد فرحاوي

اليوسفية
في يوم الخميس 13/06/2019

أديب النظرات الممطرة.. صديقي الأعز سعيد فرحاوي

التحيات الزكيات الطيبات
وبعد،
ترى ما أخبار جيكور اللحظة وأنت تناجيها وتبثها شكواك بقلب كظيم ؟ ، لست أعني جيكور التي على البال. و يعرفها فقط عشاق الشعر ومتيموه.. القرية الصغيرة النائية المغمورة التي قدر لها شيطان عبقر غير الرجيم أديبا عملاقا بقامة وشموخ السياب العظيم فخلدها بين العالمين... كما خلد شناشيلها وابنة الجلبي .. واقبال ابنة العم .. وغيلان الإبن .. ولميعة عباس عمارة المحبوبة.. وشباك وفيقة
النشوان . ودفتر الأشعاره الذي ظل بين الأحضان ينتقل .. والخليج والغريب والصدى .. والسندباد والمحار والردى .. والآمال التي تذروها الرياح .. وأبي الخصيب ، وبويب المجرى الضامر الرقيق الذي ترويه المزاريب .. والمطر بأنشودته الخالدة الذي لم يخل العراق منه أبدا ، وما انقطع الجوع فيه أبدا ..
نعم تناديها تناغيها وتناجيها ، و بملء الفم واللسان الذي لا عظم فيه تعلن عن حضورك القسري وسط هشيم الخيبات التي هججها من استأمناهم ، وتستغيث يبركات زارادشت الذي مسه الضيم فآوى إلى جبل مكين عشر سنين ، ومدد سيد الغندور وسيدي بوعلام ولالة زيمة ، و الحمريات حمرات لكصاص مواليات النوبة ملبيات نداءات المظلومين ودعوات المغبونين ، وشفاعة كل رجال بلاد أحمر الأتقياء الصلحاء ضد أعداء الوقت الظلمة ، وتستحلفهم بالملح علها تستقر في ركباتهم ، وتكون بردا وسلاما على ابنائهم لانهم لا ذنب لهم ولا هم يعلمون

ألم تقل يوما وانت في ذروة شطحك العرفاني
( نتنافر..!
نحن في رحم الظن.. في
وجدان هذا الزمن المجروح
ذاكرة منزوعة من كل الملحقات...
نحن...
ما تبقى من البطء
ونعتقد...! لا بد أن نتأمل حائط الأسماء التي نحترمها.. لا بد..
لننتفض..!)

صديقي الرائع الخدوم الطيب
لا اعرف كيف سمحت لي نفسي اللوامة بأن تقودني أسراب هذه التداعيات القدرية ، لاستحلاب هذا القاموس البلدي من أحراش الدواوير العميقة ، لأن طبيعتي العروبية هي الطاغية على نمط تفكيري وتعاملي وطباعي ، وتجبرني على ان اسوق المفردات والكلمات كقطعان البقر والغنم والماعز الى مراعي ومروج اللغة الحرون ، لارصع بها هذه الرسالة التي لوحت لي بها قصيدتك ( الشماعية، جيكور بلا انتماء) .. معلنة لقاء تخاطريا بين البلدتين معا.. وهو تشبيه بديع يستدعي على الالم والغبن، ويدعو إلى الفرح والأمل ويقظة الوعي المبكر ، وأنا اعرفك يا صديقي الجميل ، برغم حداثة صداقتنا الجميلة التي تأخرت بخمس وستين سنة ، اعرف فيك العشير الذي لا يتنكر للعشرات ، والشاعر الأريب ، و المثقف العضوي على عقيدة و مذهب الإمام أنطونيو غرامشي ، المؤمن بقدرة الانسان على تحويل الهزيمة الى عزيمة، والمناضل الطبقي الصبور المثابر الدؤوب . الذي يعمل بنشاط " النمل الأبيض" أو " دود الخشب"، والقائل بأن ارادة الجماهير حق ، وأن المنافحة عن مبادئ المساواة حق ، ومناصرة العدالة الاجتماعية حق ، وأن فصل الحقل الفكري عن السياسي حرام ، وان استعباد الناس حرام ، و أن الظلم حرام

وها نحن نشاهد بأم وأخت وجدة العين كم الحيف والاقصاء المسلط على رأس الشماعية ، و ها هي تستغيث و تستصرخ ابناءها علها تجد معتصما يعتقها من قبضة ( الهجيج) الذين قطرت بهم سقوف الخرابات، فتسلطنوا..

واقولها بصراحة اذا اردتم ان تزعجوا المسؤولين .. اكتبوا ولا تترددوا .. اكتبوا بهم وعنهم ولهم وفيهم وعليهم .. اكتبوا عن تجاوزاتهم وبخروقاتهم وبأفاعيلهم وفسادهم .. اكتبوا باولاد لحرام .. فهم يخافون ولا يخجلون .. اكتبوا بربهم ، اكتبوا بهم وافضحوهم مدعومين بما استطعتم من براهين وحجج بينات وبيانات.. وسترون الى اي منقلب سينقلبون ..

وقد قيل لفرعون : من فرعنك؟
فرد: ما لقيتش حد يردني ..

والسلام

نقوس المهدي
اليوسفية في 06.34



===============


الى صديقي الغالي المهدي ناقوس.
اخي الفاضل، ايها العزيز المتورط مثلي بمتاهة الحرف.

كنت اعرف ان قلمك سيسيل بمداده الاسود ليمحي صدى زمن يعبرني بضجيجه، كما كنت اعرف ان لعنة بويب ستخترق كل الامكنة التي اعتقد الجميع انها في موقع خفي.

سيدي الغالي،
الكتابة التي لا تمس عواطفنا لا موقع لها في وجودنا، وان كان حر الحرف لا يمطر حرقة الفتك والفضح وتعرية النهب فلا يعني لنا شيئا في حمقنا الوجودي الذي اتفقنا ، نحن معا ، على اخراجه من دوامة الصمت ليحرك الوجدان بحرارة لا مثيل لها.

اخي الغالي ،
قيل لمهدي عامل اننا نحيا زمن اللصوص والخونة ، بالتدقيق، اننا ننتعش في الزمن الصهيوني، فكان رده مزعجا: بلى اننا في زمن المقاومة.

اخي الغالي،
نعم ، تعلمنا ان نجابه بلغة القلم، سلاحنا الوحيد ، الذي به نسقي شجرة التوت، لتتحول نهرا من المدافع تحد من مجاعات قلوب تحيط بنا، نعم اخي ذئاب ترعى معنا قربنا، تأكل فينا كل صباح ومساء ما تبقى من نسيم الصباح، تمتص جذور الياسمين والاقحوان ، تحصد ما وجدته املا ، منه نبتسم لمرارة حياة فرضت علينا ان نبقى قابعين في منتهى التلف والجهل والحرمان، او ان شئت جعلت منا بضاعة مسلعنة في مجتمع قال عنه هيدغر بمجتمع البهائم.

اخي الغالي ،
لم نخلق لنكون حيوانا يتقن فن التغوط، او انولدنا لنكون كائنات تتقن فن الوصف والنقد. ان اختياراتنا جعلت منا مناعة ، نحيا لنخترق المجهول الذي عمر في قلوبنا طويلا، وما جيكور الا رؤية مكشوفة منها وفيها نرى بلدانا اخرى اكثر هيجانا في حياة القهر والظلم والضياع.

نعم سيدي،
لن ننبطح ، لن نصالح، ابدا لن نجعل من حرفنا بضاعة لتيه الانبطاح والانصهار في اختيار الخضوع والخشوع والانصهار في حياة الويل والذل والمهازل.
تأكد اننا لن نصالح..
ابدا لن نصالح.
لا تنس محمود درويش الذي قال: هم اتهموا الذئب والذئب ارحم من اخوتي يا ابي...!!
نعم اخي الذئب ارحم من اخوتي ...
ارحم...

سعيد فرحاوي

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
رسائل الأدباء (ملف)
المشاهدات
1,184
آخر تحديث
أعلى