منظر الثمار وهي معلقة علي أشجارها تثير في نفسي متعة حقيقية اكثر مما تثيره وهي علي طبق فوق المائدة... اشكالها الغريبة، ألوانها المتناسقة، رائحتها الزكية الرائعة...
ومن هذه الثمار، العنب وكل ما يتعلق بشكله وعناقيده وعرائشه.
قيل عن العنب الكثير في الفن والشعر والأدب والتاريخ والمعتقدات المختلفة. والدلالات الرمزية للعنب في الفن والأديان والشعر كثيرة... يقول محمود درويش مثلا :
( نجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من هَدَف عسكريّ
وأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْ
وخفتُ كثيراً على إخوتي وأَبي
وخفتُ على زَمَن ٍ من زجاجْ
وخفتُ على قطتي وعلى أَرنبي
وعلى قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْ
وخفت على عِنَبِ الداليةْ
يتدلّى كأثداء كلبتنا ...
ومشى الخوفُ بي ومشيت بهِ
حافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عما أُريدُ
من الغد - لا وقت للغد -)
ويقول نزار قباني :
( كلما شم البحر رائحة جسمك الحليبي
صهل كحصانٍ أزرق
وشاركته الصهيل..
هكذا خلقني الله...
رجلاً على صورة بحر
بحراً على صورة رجل
فلا تناقشيني بمنطق زارعي العنب والحنطه..
ودكاترة الطب النفسي..
بل ناقشيني بمنطق البحر
حيث الأزرق يلغي الأزرق
والأشرعة تلغي الأفق..
والقبلة تلغي الشفه..
والقصيدة تلغي ورقة الكتابه...)
ويقول عز الدين المناصرة :
( عنبٌ جَنْدليٌّ وإيقاعُهُ فاعلنْ ﻓﻲ المزادِ، وقيلَ: فعولنْ
لأن الخببْ
يرتوي من بحورِ الذهبْ.
- فيمشي الهُوينا كدحرجةٍ لقناني النبيذِ على الطاولاتْ
ﻭﻓﻲ بيتَ لحمَ التي لا تنامْ
يَحِلُّ عليه التعبْ
ينامُ على حجرٍ من صخبْ
لترعاهُ عينُ العنايةِ ﻓﻲ حضنِ بَعْلَ الذي لا ينام.
الخليلُ تفضّلهُ ﻓﻲ الصباحِ زبيباً ودبْساً،
إذا كانَ مَلْبَنُهُ صافياً كبناتِ الشآم.
سُكّراً كبياضِ خليليةٍ مثلِ شمسٍ تغارُ منَ الشمسِ،
كي لا تغارَ من الوردِ، من حمرةِ الوجنتينِ،
ولينِ القوامْ.
ونحنُ الأعاريبَ نعشقُها كرمةً تتجلّى غلالاتها ﻓﻲ المنام
نخبئها ﻓﻲ السلاسلِ، بردانةً، ﺛﻢ بينَ فروعِ النباتْ
نُمزمزها ﻓﻲ الصواني،
إذا هَلَّ هذا الصقيعُ على الكائنات.
ونقطفها ﻓﻲ ديسمبرَ،
ﻓﻲ عيدِ عيسى عليه السلامُ، عليهِ السلام.)
استعمل الشعراء الثلاثة كلمة " العنب" لدلالتها الرمزية اي لعلاقة الرمز بالموضوع الذي يرمز له. فالعنب يرمز للقداس والعشاء الرباني Holy communion بالنسبة للمسحيين. والكرمة ترمز للسيد المسيح والعنب في القرآن من الثمار المباركة. واستعملت كلمة العنب كذلك في ارتباطها بالجانب الاسطوري والحكاية الشعبية خاصة عند الشاعر محمود درويش. يقول :
( ما زال في كرومكم عناقد من العنب
ردوا بنات آوى
يا حارسي الكروم
لينضج العنب .)
قام الشاعر هنا بتذويب الأسطورة، ومحا حدودها ، واستخدمها في قصائده مستفيدا مما تتميز به في رؤيتها إلى الطبيعة والأشياء من بنية استعارية. فوظف جمالية تلك الصورة، وما تختزنه من عمق رمزي فاختفت الأسطورة ليظهر صوت الشاعر، بدلا منها، لانه يوظفها انطلاقا من رؤيته الخاصة التي يعبر من خلالها عن عمقه المعرفي وعلاقته مع الموروث الثقافي المحلي والانساني.
إن الشاعر والمبدع بشكل عام وما يتمتع به من فضاء تخييلي، لا يمكنه ان يوصل ما يريد الا اذا علم ان الايحاء هو الأذكى.. لانه بدل الاكتفاء بتأويل واحد محدد يبقي القصيدة مفتوحة على قراءات عدة وعلى تأويلات شديدة التباين والإختلاف وهذه وحدها سمة من سمات الفن العالي.
ومن هذه الثمار، العنب وكل ما يتعلق بشكله وعناقيده وعرائشه.
قيل عن العنب الكثير في الفن والشعر والأدب والتاريخ والمعتقدات المختلفة. والدلالات الرمزية للعنب في الفن والأديان والشعر كثيرة... يقول محمود درويش مثلا :
( نجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من هَدَف عسكريّ
وأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْ
وخفتُ كثيراً على إخوتي وأَبي
وخفتُ على زَمَن ٍ من زجاجْ
وخفتُ على قطتي وعلى أَرنبي
وعلى قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْ
وخفت على عِنَبِ الداليةْ
يتدلّى كأثداء كلبتنا ...
ومشى الخوفُ بي ومشيت بهِ
حافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عما أُريدُ
من الغد - لا وقت للغد -)
ويقول نزار قباني :
( كلما شم البحر رائحة جسمك الحليبي
صهل كحصانٍ أزرق
وشاركته الصهيل..
هكذا خلقني الله...
رجلاً على صورة بحر
بحراً على صورة رجل
فلا تناقشيني بمنطق زارعي العنب والحنطه..
ودكاترة الطب النفسي..
بل ناقشيني بمنطق البحر
حيث الأزرق يلغي الأزرق
والأشرعة تلغي الأفق..
والقبلة تلغي الشفه..
والقصيدة تلغي ورقة الكتابه...)
ويقول عز الدين المناصرة :
( عنبٌ جَنْدليٌّ وإيقاعُهُ فاعلنْ ﻓﻲ المزادِ، وقيلَ: فعولنْ
لأن الخببْ
يرتوي من بحورِ الذهبْ.
- فيمشي الهُوينا كدحرجةٍ لقناني النبيذِ على الطاولاتْ
ﻭﻓﻲ بيتَ لحمَ التي لا تنامْ
يَحِلُّ عليه التعبْ
ينامُ على حجرٍ من صخبْ
لترعاهُ عينُ العنايةِ ﻓﻲ حضنِ بَعْلَ الذي لا ينام.
الخليلُ تفضّلهُ ﻓﻲ الصباحِ زبيباً ودبْساً،
إذا كانَ مَلْبَنُهُ صافياً كبناتِ الشآم.
سُكّراً كبياضِ خليليةٍ مثلِ شمسٍ تغارُ منَ الشمسِ،
كي لا تغارَ من الوردِ، من حمرةِ الوجنتينِ،
ولينِ القوامْ.
ونحنُ الأعاريبَ نعشقُها كرمةً تتجلّى غلالاتها ﻓﻲ المنام
نخبئها ﻓﻲ السلاسلِ، بردانةً، ﺛﻢ بينَ فروعِ النباتْ
نُمزمزها ﻓﻲ الصواني،
إذا هَلَّ هذا الصقيعُ على الكائنات.
ونقطفها ﻓﻲ ديسمبرَ،
ﻓﻲ عيدِ عيسى عليه السلامُ، عليهِ السلام.)
استعمل الشعراء الثلاثة كلمة " العنب" لدلالتها الرمزية اي لعلاقة الرمز بالموضوع الذي يرمز له. فالعنب يرمز للقداس والعشاء الرباني Holy communion بالنسبة للمسحيين. والكرمة ترمز للسيد المسيح والعنب في القرآن من الثمار المباركة. واستعملت كلمة العنب كذلك في ارتباطها بالجانب الاسطوري والحكاية الشعبية خاصة عند الشاعر محمود درويش. يقول :
( ما زال في كرومكم عناقد من العنب
ردوا بنات آوى
يا حارسي الكروم
لينضج العنب .)
قام الشاعر هنا بتذويب الأسطورة، ومحا حدودها ، واستخدمها في قصائده مستفيدا مما تتميز به في رؤيتها إلى الطبيعة والأشياء من بنية استعارية. فوظف جمالية تلك الصورة، وما تختزنه من عمق رمزي فاختفت الأسطورة ليظهر صوت الشاعر، بدلا منها، لانه يوظفها انطلاقا من رؤيته الخاصة التي يعبر من خلالها عن عمقه المعرفي وعلاقته مع الموروث الثقافي المحلي والانساني.
إن الشاعر والمبدع بشكل عام وما يتمتع به من فضاء تخييلي، لا يمكنه ان يوصل ما يريد الا اذا علم ان الايحاء هو الأذكى.. لانه بدل الاكتفاء بتأويل واحد محدد يبقي القصيدة مفتوحة على قراءات عدة وعلى تأويلات شديدة التباين والإختلاف وهذه وحدها سمة من سمات الفن العالي.