سألنى صديق إخوانى لماذا لا تنضم إلى «الإخوان»؟.. فأجبته فى إخلاص وصدق: لعشرة أسباب على الأقل- نوجزها فيما يلي:
أولاً: لأنهم يجرون وراء سراب اسمه استعادة الخلافة الإسلامية، فالتاريخ لا يعيد نفسه أبدا،ً ذلك لأنه تاريخ بشر أحرار الإرادة ويستحيل أن تتكرر أحداثه من جديد لأنه بالمعنى الدقيق تاريخ للماضى فقط، أما الحاضر فمازال يصنع فى حين أن المستقبل هو من قبيل الأحلام والرجاء، ومحاولة إعادة الماضى أشبه بشيخ فى الثمانين من عمره خطرت على ذهنه فكرة غريبة هى أن يعود شاباً فى الثلاثين فراح يحاول جاهداً تحقيق هذه الأمنية بممارسة الرياضة وتناول أطعمة معينة، وأدوية خاصة.. إلخ.. وهى كلها أوهام لا تجدي!!
ثانياً: ينتج عن هذه الفكرة الغريبة- وهى استعادة الخلافة- نتيجة منطقية أشد غرابة وهى أن ذلك يعنى أن المسلمين لا مستقبل هم، لأن مستقبلهم هو ماضيهم، وهو استعادة الماضى الذى ولى وانقضى منذ ما يقرب من ألف وخمسمائة عام!! وكل من يحاول استخراج أوجه الشبه بين الماضى والحاضر يتناسى أن هناك انبثاقاً لا نهاية له لعوامل جديدة فى كل موقف مما يجعل قياس المماثلة أمراً مستحيلاً!!
ثالثاً: لأنهم يخدعون الناس بقدر لا بأس به من التدين الزائف، ويختارون مواقف من التاريخ الإسلامى فى بدايته حيث كانت الدولة تتخلق: عمر بن الخطاب فى عام الرمادة كان يأكل الخبز بالزيت «وهل أنت عمر بن الخطاب الثاني!».
ويقوم جائعاً ويقول عبارته الجميلة «لا أشبع وهناك جائع»! فماذا فعلتم أنتم عندما وصلتم إلى الحكم؟! حاولتم تقليد الملك والحياة فى المنتزه مرة، وتقليد عبدالناصر والسادات ومبارك مرات ومرات، ركبتم المرسيدس لكم ولأهل بيتكم، وأول ما صنعه نواب الشعب المنحل أن أصبحوا نواباً للقروض، وعندما تفككت أوصالهم رفضوا إعادة القروض الى الدولة لأنهم من النخبة «شعب الله المختار» لا يجوز عليهم ما يجوز على الآخرين!
رابعاً: يتسم هؤلاء القوم بسمات واضحة منها العنجهية أثناء الحديث «والعنجهية هى الكبر والعظمة» كمن قبض على الحقيقة بجمع اليد، وكأن القرآن العظيم قد نزل لهم وحدهم، فهم الأعلم بما فيه، وكل من لف لفهم فهو مسلم صادق الإيمان، ومن خالفهم فهو كافر فاسق! ولا يعرفون شيئاً عن قوله تعالى «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» (125- النحل:).. أو «وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما» (63- الفرقان)، وربما حفظوا الآيات عن ظهر قلب لكنهم لا يعملون بها فهى لا تتحول عندهم إلى سلوك أبداً! مع أن الحكمة المأثورة تقول: «إن الإنسان يفضحه سلوكه لا كلماته».
خامساً: لا يعرفون شيئاً عن اللسان العف فقد سمعت ثلاثة منهم يتحدثون فى التليفزيون يهددون كبار رجال المعارضة فى بلدنا بقولهم إنهم سيضربونهم بـ «الجزمة»! مع أنهم يتحدثون عن أناس أفاضل حصل بعضهم على جائزة نوبل، ولو كانوا فى بلد آخر لصنعوا لهم تماثيل الفخر والإعجاب! وهؤلاء الإخوان يتحدثون ليل نهار عن أخلاق الإسلام، فهل هذه هى أخلاق الإسلام.
وهل يجوز لنا أن نصنع صنيعهم؟! لهذا السبب لا أستطيع الانضمام إليهم!
وفى هذا السياق تجد المرشد السابق يقول عن بلده الذى رباه وعلمه «طظ فى مصر»! أنا أريد شخصاً من «ماليزيا» يحكمنى شريطة أن يكون مسلماً!! قمة الجهل والتخلف لأن من كان يحكمه منذ أشهر قليلة هو «محمد حسنى مبارك» وكان مسلماً وقبله كان «محمد أنور السادات» وقبله «جمال حسين عبدالناصر» وكانوا جميعاً مسلمين وقد حكموا بأنظمة بالغة الفساد، هدمت البلاد وحطمت العباد وقضت مصر فى عهدهم أياماً حالكة السواد.. وهم جميعاً مسلمون والحمد لله!
لقد كان الحكم الناصرى بالغ الفساد حتى كشفته الهزيمة البشعة عام 1967، وهى التى سماها النظام باسم الدلع «النكسة» التى دمرت الإنسان المصرى وأحالت الشعب الى جماجم وهياكل عظمية تسير فى الشارع منزوعة النخاع، شخصيات تافهة تطحنها مشاعر الدونية والعجز واللا جدوي!!
تلك أنظمة «إسلامية» أطاح بها النظام الإسرائيلى «غير الاسلامي» لأنه الأفضل والأقوى والأشد إخلاصاً لبلده! والتاريخ الإسلامى زاخر بأمثال هؤلاء الحكام منذ بداية الخلافة التى يلهثون وراء عودتها!! باستثناء اثنتى عشرة سنة «سنتان حكم أبى بكر وعشر حكم عمر» حيث كانت الدولة تتخلق.
سادساً: وفى استطاعتنا أن نقول إن الخلافة الإسلامية قد بدأت بالدولة الأموية معاوية أولاً وابنه يزيد والتى قامت بحد السيف ولقد وقف يزيد بن المقنع فلخص الموقف الأموى من الخلافة فى عبارة موجزة بليغة عندما جمع فأوعي!
قال:
– أمير المؤمنين هذا، وأشار إلى معاوية..
فإن هلك فهذا – وأشار إلى يزيد..
فمن أبى فهذا- وأشار إلى سيفه!
فقال له معاوية اجلس فإنك سيد الخطباء
ثم راح يأخذ البيعة ليزيد على مضض من الناس!
وكان ليزيد بن معاوية.. أخبار عجيبة، ومثالب كثيرة من شرب للخمر وقتل ابن بنت الرسول، وهدم للبيت وإحراقه وسفك الدماء والفسق والفجور وغير ذلك مما قد ورد فيه الوعيد باليأس من الغفران، على ما يقول المسعودى فى مروج الذهب!!
وكان عبدالملك بن مروان مسلماً بل تقياً ورعاً لا أفقه ولا أنسك ولا أقرأ لكتاب الله منه.. حتى سمى بحمامة المسجد لمداومته على قراءة القرآن- هذا كله قبل أن تأتيه الخلافة أفضى إليه الأمر والمصحف فى حجره، فأطبقه وهو يقول: «هذا آخر عهدنا بك».. وهكذا بدأ خلافته وكان لعبدالملك إقدام على سفك الدماء، وكان عمله على مثل مذهبه كالحجاج بالعراق، والمهلب بخرسان، وهشام بالمدينة..! إلخ.. وقد عمل ابنه «الوليد» مثله فكان جباراً ظلوماً غشوماً.. وكان هذا الخليفة يستفسر فى عجب «أيمكن للخليفة أن يحاسب؟» إلى أن جاء أخوه يزيد فأجاب عن السؤال ببساطة شديدة بأن أتى بأربعين شيخاً فشهدوا له: «أن ليس على الخليفة حساب ولا عذاب»! هذه أمثلة بسيطة من حكم الخلافة الاسلامية! ألا فليقرأ كل من له عينان!!
سابعاً: المرشد الحالى يقول على صفحات جريدة روز اليوسف اليومية «الخميس 12 مايو 2011- العدد 1768»: «سوف أربى الشعب المصرى حتى يأتينا طالباً تطبيق الحدود» مما يجعل القارئ يتساءل ألف مرة ألا يعرف هؤلاء القوم شيئاً عن عفة اللسان؟ وما بالهم يتحدثون بهذه العنجهية الشديدة؟
1- ليس تطبيق الحدود هو نهاية المطاف وبلوغ كل المني!! فقد كانت ولا تزال تطبق فى مجتمعات إسلامية ظالمة، وكان النميري- وغيره- يطبقها فى السودان فيقطع اليد ويسرق هو باليد الأخري!
2- أوقفها عمر بن الخطاب فى عام الرمادة، وكان هو نفسه يعيش على الخبز والزيت ويقول عبارته الجميلة التى نكررها مائة مرة «لا أشبع وهناك جائع!!» هل تقولون أنتم مثل هذا القول أم تسبحون فى نعيم الملايين!!
ثامناً: على الرغم من أنهم يتحدثون كثيراً عن الديمقراطية وعن المجالس النيابية مسايرة – فى أغلب الظن- للتيار الشعبى، فهم لا يعرفون شيئاً عن الديمقراطية، ودليلنا على ذلك أنهم لا يحتملون الرأى الآخر مع أن القاعدة فى الديمقراطية تقول «لا ديمقراطية بلا أحزاب»، أعنى بغير تعدد فى الآراء، كما أنهم لا يطيقون أى نقد وإنما النقد عندهم يعنى شتائم وسباباً، ولهذا لا تجد عندهم أى استعداد للحوار مع أن الآية الكريمة تقول: «وجادلهم بالتى هى أحسن» (125- النحل)، وقوله سبحانه: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» (125- النحل).. «أفلا يتدبرون القرآن.. أم على قلوب أقفالها» (24- محمد).
تاسعاً: لا يملون من الكذب – الرذيلة الأولى فى الأخلاق- أو هو بوابة الرذيلة فى الواقع!
– قالوا إنهم قاموا بالثورة.. وهذا كذب صريح.
– قالوا إنهم يسعون إلى تحقيق نهضة شاملة مع أنهم لا يحققون سوى أهدافهم الخاصة.
– قالوا إنهم يستهدفون تطبيق العدالة فى الوقت الذى يسعون فيه إلى «أخونة الدولة»- بالاتباع وحدهم هم الذين يعينون فى المناصب الشاغرة حتى وإن كانوا يجهلون بسائط هذا المنصب.
ولهذه الأسباب بدأ المواطن العادى يشعر بكراهية شديدة نحوهم لأنهم خدعوه من ناحية، وتجاهلوا من ناحية أخرى قوله تعالي: «كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون» (2- الصف).
عاشراً: تربوا ويربون غيرهم على أساس السمع والطاعة تماماً كالنظام العسكرى، فأنت أمام المرشد مثل الجندى أمام القائد وكل الكوارث التى ألحقت بالعالم الاسلامى بصفة عامة إنما ترجع إلى أن العسكريين يقيمون فى ميدان السياسة علاقة مع المحكومين، توازى علاقة الضباط بالجندى، والدعوة الى حكومة دينية هى الوجه الآخر لهذا النمط من الحكم الذى تلغى فيه شخصية الفرد للدمج مع الجماعة، ولقد كان ذلك واضحاً فى «الخلافة» التى يريدون منا العودة إليها ولقد أوضح ذلك الوليد بن عبدالملك فى أول خطبة له عندما قال:
«أيها الناس عليكم بالطاعة ولزوم الجماعة، فإن الشيطان مع الفرد، أيها الناس من أبدى ذات نفسه ضربنا الذى فيه عيناه، ومن سكت مات بدائه..!»
وقال عبدالملك بن مروان فى خطبته الشهيرة عام 75: «والله لا يأمرنى أحد بتقوى الله بعد مقامى هذا إلا ضربت عنقه ثم نزل».
وقال الحجاج: «والله لا آمر أحداً أن يخرج من باب من أبواب المسجد فيخرج من الباب الذى يليه إلا ضربت عنقه»!
ما أروعه من حكم وما أعظمها من خلافة، وما أرخص عنق المواطن، وما أشد جبروت الحاكم: اليوم وأمس وغداً إلغاء كامل لآدمية الإنسان، وطمس لشخصية الفرد: فلا نقاش ولا سؤال ولا استفسار بل طاعة عمياء خرساء أسوأ من طاعة العبيد، لأنها طاعة الدواب، وما الذى يفعله حكام اليوم سوى ما فعله حكام الأمس؟!
ثم يتساءلون: لماذا لا يتقدم العالم الاسلامي؟
أظنك يا صديقى لن تسألنى لماذا لا أنضم إلى هؤلاء القوم، بل لعلك تفكر أنت نفسك فى الخروج من هذه «الحظيرة» إلى الهواء الطلق!!.
أولاً: لأنهم يجرون وراء سراب اسمه استعادة الخلافة الإسلامية، فالتاريخ لا يعيد نفسه أبدا،ً ذلك لأنه تاريخ بشر أحرار الإرادة ويستحيل أن تتكرر أحداثه من جديد لأنه بالمعنى الدقيق تاريخ للماضى فقط، أما الحاضر فمازال يصنع فى حين أن المستقبل هو من قبيل الأحلام والرجاء، ومحاولة إعادة الماضى أشبه بشيخ فى الثمانين من عمره خطرت على ذهنه فكرة غريبة هى أن يعود شاباً فى الثلاثين فراح يحاول جاهداً تحقيق هذه الأمنية بممارسة الرياضة وتناول أطعمة معينة، وأدوية خاصة.. إلخ.. وهى كلها أوهام لا تجدي!!
ثانياً: ينتج عن هذه الفكرة الغريبة- وهى استعادة الخلافة- نتيجة منطقية أشد غرابة وهى أن ذلك يعنى أن المسلمين لا مستقبل هم، لأن مستقبلهم هو ماضيهم، وهو استعادة الماضى الذى ولى وانقضى منذ ما يقرب من ألف وخمسمائة عام!! وكل من يحاول استخراج أوجه الشبه بين الماضى والحاضر يتناسى أن هناك انبثاقاً لا نهاية له لعوامل جديدة فى كل موقف مما يجعل قياس المماثلة أمراً مستحيلاً!!
ثالثاً: لأنهم يخدعون الناس بقدر لا بأس به من التدين الزائف، ويختارون مواقف من التاريخ الإسلامى فى بدايته حيث كانت الدولة تتخلق: عمر بن الخطاب فى عام الرمادة كان يأكل الخبز بالزيت «وهل أنت عمر بن الخطاب الثاني!».
ويقوم جائعاً ويقول عبارته الجميلة «لا أشبع وهناك جائع»! فماذا فعلتم أنتم عندما وصلتم إلى الحكم؟! حاولتم تقليد الملك والحياة فى المنتزه مرة، وتقليد عبدالناصر والسادات ومبارك مرات ومرات، ركبتم المرسيدس لكم ولأهل بيتكم، وأول ما صنعه نواب الشعب المنحل أن أصبحوا نواباً للقروض، وعندما تفككت أوصالهم رفضوا إعادة القروض الى الدولة لأنهم من النخبة «شعب الله المختار» لا يجوز عليهم ما يجوز على الآخرين!
رابعاً: يتسم هؤلاء القوم بسمات واضحة منها العنجهية أثناء الحديث «والعنجهية هى الكبر والعظمة» كمن قبض على الحقيقة بجمع اليد، وكأن القرآن العظيم قد نزل لهم وحدهم، فهم الأعلم بما فيه، وكل من لف لفهم فهو مسلم صادق الإيمان، ومن خالفهم فهو كافر فاسق! ولا يعرفون شيئاً عن قوله تعالى «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» (125- النحل:).. أو «وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما» (63- الفرقان)، وربما حفظوا الآيات عن ظهر قلب لكنهم لا يعملون بها فهى لا تتحول عندهم إلى سلوك أبداً! مع أن الحكمة المأثورة تقول: «إن الإنسان يفضحه سلوكه لا كلماته».
خامساً: لا يعرفون شيئاً عن اللسان العف فقد سمعت ثلاثة منهم يتحدثون فى التليفزيون يهددون كبار رجال المعارضة فى بلدنا بقولهم إنهم سيضربونهم بـ «الجزمة»! مع أنهم يتحدثون عن أناس أفاضل حصل بعضهم على جائزة نوبل، ولو كانوا فى بلد آخر لصنعوا لهم تماثيل الفخر والإعجاب! وهؤلاء الإخوان يتحدثون ليل نهار عن أخلاق الإسلام، فهل هذه هى أخلاق الإسلام.
وهل يجوز لنا أن نصنع صنيعهم؟! لهذا السبب لا أستطيع الانضمام إليهم!
وفى هذا السياق تجد المرشد السابق يقول عن بلده الذى رباه وعلمه «طظ فى مصر»! أنا أريد شخصاً من «ماليزيا» يحكمنى شريطة أن يكون مسلماً!! قمة الجهل والتخلف لأن من كان يحكمه منذ أشهر قليلة هو «محمد حسنى مبارك» وكان مسلماً وقبله كان «محمد أنور السادات» وقبله «جمال حسين عبدالناصر» وكانوا جميعاً مسلمين وقد حكموا بأنظمة بالغة الفساد، هدمت البلاد وحطمت العباد وقضت مصر فى عهدهم أياماً حالكة السواد.. وهم جميعاً مسلمون والحمد لله!
لقد كان الحكم الناصرى بالغ الفساد حتى كشفته الهزيمة البشعة عام 1967، وهى التى سماها النظام باسم الدلع «النكسة» التى دمرت الإنسان المصرى وأحالت الشعب الى جماجم وهياكل عظمية تسير فى الشارع منزوعة النخاع، شخصيات تافهة تطحنها مشاعر الدونية والعجز واللا جدوي!!
تلك أنظمة «إسلامية» أطاح بها النظام الإسرائيلى «غير الاسلامي» لأنه الأفضل والأقوى والأشد إخلاصاً لبلده! والتاريخ الإسلامى زاخر بأمثال هؤلاء الحكام منذ بداية الخلافة التى يلهثون وراء عودتها!! باستثناء اثنتى عشرة سنة «سنتان حكم أبى بكر وعشر حكم عمر» حيث كانت الدولة تتخلق.
سادساً: وفى استطاعتنا أن نقول إن الخلافة الإسلامية قد بدأت بالدولة الأموية معاوية أولاً وابنه يزيد والتى قامت بحد السيف ولقد وقف يزيد بن المقنع فلخص الموقف الأموى من الخلافة فى عبارة موجزة بليغة عندما جمع فأوعي!
قال:
– أمير المؤمنين هذا، وأشار إلى معاوية..
فإن هلك فهذا – وأشار إلى يزيد..
فمن أبى فهذا- وأشار إلى سيفه!
فقال له معاوية اجلس فإنك سيد الخطباء
ثم راح يأخذ البيعة ليزيد على مضض من الناس!
وكان ليزيد بن معاوية.. أخبار عجيبة، ومثالب كثيرة من شرب للخمر وقتل ابن بنت الرسول، وهدم للبيت وإحراقه وسفك الدماء والفسق والفجور وغير ذلك مما قد ورد فيه الوعيد باليأس من الغفران، على ما يقول المسعودى فى مروج الذهب!!
وكان عبدالملك بن مروان مسلماً بل تقياً ورعاً لا أفقه ولا أنسك ولا أقرأ لكتاب الله منه.. حتى سمى بحمامة المسجد لمداومته على قراءة القرآن- هذا كله قبل أن تأتيه الخلافة أفضى إليه الأمر والمصحف فى حجره، فأطبقه وهو يقول: «هذا آخر عهدنا بك».. وهكذا بدأ خلافته وكان لعبدالملك إقدام على سفك الدماء، وكان عمله على مثل مذهبه كالحجاج بالعراق، والمهلب بخرسان، وهشام بالمدينة..! إلخ.. وقد عمل ابنه «الوليد» مثله فكان جباراً ظلوماً غشوماً.. وكان هذا الخليفة يستفسر فى عجب «أيمكن للخليفة أن يحاسب؟» إلى أن جاء أخوه يزيد فأجاب عن السؤال ببساطة شديدة بأن أتى بأربعين شيخاً فشهدوا له: «أن ليس على الخليفة حساب ولا عذاب»! هذه أمثلة بسيطة من حكم الخلافة الاسلامية! ألا فليقرأ كل من له عينان!!
سابعاً: المرشد الحالى يقول على صفحات جريدة روز اليوسف اليومية «الخميس 12 مايو 2011- العدد 1768»: «سوف أربى الشعب المصرى حتى يأتينا طالباً تطبيق الحدود» مما يجعل القارئ يتساءل ألف مرة ألا يعرف هؤلاء القوم شيئاً عن عفة اللسان؟ وما بالهم يتحدثون بهذه العنجهية الشديدة؟
1- ليس تطبيق الحدود هو نهاية المطاف وبلوغ كل المني!! فقد كانت ولا تزال تطبق فى مجتمعات إسلامية ظالمة، وكان النميري- وغيره- يطبقها فى السودان فيقطع اليد ويسرق هو باليد الأخري!
2- أوقفها عمر بن الخطاب فى عام الرمادة، وكان هو نفسه يعيش على الخبز والزيت ويقول عبارته الجميلة التى نكررها مائة مرة «لا أشبع وهناك جائع!!» هل تقولون أنتم مثل هذا القول أم تسبحون فى نعيم الملايين!!
ثامناً: على الرغم من أنهم يتحدثون كثيراً عن الديمقراطية وعن المجالس النيابية مسايرة – فى أغلب الظن- للتيار الشعبى، فهم لا يعرفون شيئاً عن الديمقراطية، ودليلنا على ذلك أنهم لا يحتملون الرأى الآخر مع أن القاعدة فى الديمقراطية تقول «لا ديمقراطية بلا أحزاب»، أعنى بغير تعدد فى الآراء، كما أنهم لا يطيقون أى نقد وإنما النقد عندهم يعنى شتائم وسباباً، ولهذا لا تجد عندهم أى استعداد للحوار مع أن الآية الكريمة تقول: «وجادلهم بالتى هى أحسن» (125- النحل)، وقوله سبحانه: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» (125- النحل).. «أفلا يتدبرون القرآن.. أم على قلوب أقفالها» (24- محمد).
تاسعاً: لا يملون من الكذب – الرذيلة الأولى فى الأخلاق- أو هو بوابة الرذيلة فى الواقع!
– قالوا إنهم قاموا بالثورة.. وهذا كذب صريح.
– قالوا إنهم يسعون إلى تحقيق نهضة شاملة مع أنهم لا يحققون سوى أهدافهم الخاصة.
– قالوا إنهم يستهدفون تطبيق العدالة فى الوقت الذى يسعون فيه إلى «أخونة الدولة»- بالاتباع وحدهم هم الذين يعينون فى المناصب الشاغرة حتى وإن كانوا يجهلون بسائط هذا المنصب.
ولهذه الأسباب بدأ المواطن العادى يشعر بكراهية شديدة نحوهم لأنهم خدعوه من ناحية، وتجاهلوا من ناحية أخرى قوله تعالي: «كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون» (2- الصف).
عاشراً: تربوا ويربون غيرهم على أساس السمع والطاعة تماماً كالنظام العسكرى، فأنت أمام المرشد مثل الجندى أمام القائد وكل الكوارث التى ألحقت بالعالم الاسلامى بصفة عامة إنما ترجع إلى أن العسكريين يقيمون فى ميدان السياسة علاقة مع المحكومين، توازى علاقة الضباط بالجندى، والدعوة الى حكومة دينية هى الوجه الآخر لهذا النمط من الحكم الذى تلغى فيه شخصية الفرد للدمج مع الجماعة، ولقد كان ذلك واضحاً فى «الخلافة» التى يريدون منا العودة إليها ولقد أوضح ذلك الوليد بن عبدالملك فى أول خطبة له عندما قال:
«أيها الناس عليكم بالطاعة ولزوم الجماعة، فإن الشيطان مع الفرد، أيها الناس من أبدى ذات نفسه ضربنا الذى فيه عيناه، ومن سكت مات بدائه..!»
وقال عبدالملك بن مروان فى خطبته الشهيرة عام 75: «والله لا يأمرنى أحد بتقوى الله بعد مقامى هذا إلا ضربت عنقه ثم نزل».
وقال الحجاج: «والله لا آمر أحداً أن يخرج من باب من أبواب المسجد فيخرج من الباب الذى يليه إلا ضربت عنقه»!
ما أروعه من حكم وما أعظمها من خلافة، وما أرخص عنق المواطن، وما أشد جبروت الحاكم: اليوم وأمس وغداً إلغاء كامل لآدمية الإنسان، وطمس لشخصية الفرد: فلا نقاش ولا سؤال ولا استفسار بل طاعة عمياء خرساء أسوأ من طاعة العبيد، لأنها طاعة الدواب، وما الذى يفعله حكام اليوم سوى ما فعله حكام الأمس؟!
ثم يتساءلون: لماذا لا يتقدم العالم الاسلامي؟
أظنك يا صديقى لن تسألنى لماذا لا أنضم إلى هؤلاء القوم، بل لعلك تفكر أنت نفسك فى الخروج من هذه «الحظيرة» إلى الهواء الطلق!!.