سعيد فرحاوي - تأملات في وجع الزجل المغربي.. ج4

قلت الوجع لأميز بين الكتابة التي تكتب عن الألم وتحوله إلى متعة وجمال، وكتابة أخرى يدعي أصحابها أنهم أصحاب مشروع زجلي، بل يستحيل الكلام عن الزجل في غيابهم، هنا نتحول الى الأنا المنتفخ فيها ، طبعا لن يكون دورها مأثرا وفاعلا ، لأن عمق الكتابة الملتزمة يقضايا الانسان هي تلك التي تتحرر من أوجاع النفس وتجعل من الانسان المنخور موضوعا وهدفا ومشروعا تاريخيا كبيرا في انتجاتها، ما ينبغي التأكيد عليه، ضرورة التلاحم بين الممارسة والابداع ، اي تلاحم بين النظري والفعلي في الحياة اليومية ، فتصبح القضية الاساس هي الذات التي تهرب من الذات لتفرغ قضاياها في محور واحد هو الانسان / الاخر. لكن المثير ، في مزبلة كبيرة غالبا ما تغنى بها كائن مغترب في مجد ذاتي بشكل مبالغ فيه هو ان ذاته هي مركز العالم، يبحث عن اهداف خاصة باسم الزجل، لهذا لن نقبل هذه الصيغ المهترعة التي تبجح بذات مبالغ فيها ، اي ان ذاك الذي جاء باسم مكشوف عمقه، كما يقول، صاحب المشروع المغلوط ، مبدع مزور ومزيف .
ان الكتابة التي نترجاها، هي غالبا ماوجدناها عند مجموعة قليلة من الرواد، على رأسهم ادريس امغار مسناوي، الذي اعتبره قمة الهرم المتواضع ، الرجل الذي قدم خدمات لاحصر لها للزجال الجديد، قلت مسناوي ، لانه رجل يؤمن بان الزجال الحقيقي ينبعي ان يكون رجل فكر بامتياز، يقرأ ليلا ونهارا، صاحب رؤية، يعي مايكتب، بمعنى يحصر فعل الكتابة بفعل الالمام والاطلاع اليومي لكل القضايا الفكرية ، وهي عملية تعني انه يعي جيدا ان جل الزجالين لايقرؤون ولو جريدة في اليوم، هم شريحة امية ساذجة لاتفهم شيئا ، فكيف يعقل ان نتخدها موضوعا في مشروع حداثي كبير غالبا ماتكلم عنه صاحب الموقف المرتبك. كما نجدها في كتابات مجموعة من الشباب الذين صاروا في اتجاه محدد الاهداف والمعالم، مجموعة مثقفة، ذات مستوى جامعي مميز ، اختارت الزجل بحب ، فدافعت عنه بصمت كبير باختيار القصيدة وحدها المعيار بعيدا عن واقع الفوضى والزيف.
قلت وجع لان الامر يعني بالدرجة الاولى ان السلوك يسبق الكتابة، فلن نقبل زجالا عملاقا في الموضوع وقزما في الواقع، اي ان هناك مسافة بين واقعه المصاب بالاسهال وبين بوح ينشد فيه كل قيم العالم. لاننا تصبح امام مفارقات تعكس عقليات ممزقة تائهة مرتبكة ومغلوطة برؤى وجب تصحيحها.

يتبع

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
ديوان الملحون والزجل والشعر العامي - ملف
المشاهدات
592
آخر تحديث
أعلى