جعفر الديري
صدر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، في 440 صفحة، كتاب جديد للناقد العراقي الأستاذ الدكتور عبدالله ابراهيم، بعنوان (أعراف الكتابة السردية).
الكتاب يعد العاشر في سياق اشتغال د.ابراهيم على دراسة السرد في مظاهره المختلفة، ومستوياته البنائية والدلالية، تحليلا ووصفا وتأويلا. وقد وزعه على 6 فصول: صنعة السرد، ثمار الانكباب على الرواية، الأرشيف السردي، طقوس الكتابة السردية، الفصاحة السردية الجديدة، القراءة الطرية، ولزوم التحذير من غشماء السرد.
يقف د.ابراهيم في كتابه على أعراف الكتابة السردية، محاولا اشتقاقها من تجارب الروائيين في الكتابة، ومن آرائهم فيما يكتبون. وقد حرص على تشييد سياق حاضن للأفكار، وترتيبها، لدعم الهدف الذي رمى إليه، وهو وضع لائحة بأعراف الكتابة جرى اشتقاقها كما يقول من مدونة سردية متنوعة تراوحت بين الأقوال الدالة على أهميتها، والنصوص الداعمة لها. وبذلك انتهى إلى تركيب يمزج آراء الآخرين بآرائه.
رسائل الروائيين
وقد اطلع على رسائل عدد من الروائيين إلى أقرانهم، بهدف عرض خبراتهم، وتجاربهم، للإفادة منها، لما فيها من خبرات صدرت عن ذوي تجارب عميقة في الكتابة، وعلى منوالها حاول تحرير هذا الكتاب، بهدف مخاطبة القارئ الذي افترض أن يكون روائيا، أو في طريقه إلى أن يكون كذلك، سواء نضجت تجربته أم ما زالت قيد التكوين. واسترسل في إيراد كثير منها؛ وبذلك انتهى كتابه إلى مزيج من الوصف والتحليل مما يستجيب لتوقعات قارئ السرد في الدخول إلى عالم الكتابة الروائية.
يقول د.إبراهيم في مقدمة الكتاب: حينما شغلت بفكرة هذا الكتاب، عزمت، منذ البداية، على أن أكون محررا لمادته، وليس مؤلفا صرفا له، وحسمت أمري بالعودة إلى المتون السردية التي شغفت بها قارئا، وكأني بذلك أستلهم معنى التأليف في اللغة العربية: أي جمع المادة، وتحريرها، وصوغها بتركيب يوافق هدفي، وشفعته بقراءات لعيون من الروايات بهدف تحرير القارئ من أسر الصرامة النقدية. فهو، في جزء كبير منه، نوع من المؤالفة بين أقوال تعود إلى كتاب مشهود لهم بالخبرة، وآرائي التي استخلصتها من تجربتي في ممارسة النقد. وظني أن تأليف هذا النوع من الكتب لا يقوم على اجتهاد فردي، فحسب، بل على اختبار تجارب الآخرين في ضوء غاية مقصودة. وكان "بارت" –معتمدا على "باختين" - قد قال بأن "أي نص هو فسيفساء من الاستشهاد، وأن أي أطروحة هي فسيفساء من المراجع". ولا يراد بالمصادر إلا أن تكون سندا داعما لشرعية الأفكار، وربطها بأصحابها، أمانة في التوثيق.
تجنب الأخطاء
ويضيف: لست أزعم أن هذا الكتاب موجه إلى ناشئة الكتاب، أي أصحاب الخطوات الأولى في قارة السرد، فما لأجلهم وحدهم سلخت شطرا كبيرا من عمري في مصاحبة الظاهرة السردية، وتقليبها، إنما من أجلهم، ومن أجل سواهم من القراء الذين يريدون أن يفحصوا تجاربهم في القراءة والكتابة مهتدين بتجارب سواهم من كبار الكتاب. وإلى هؤلاء أضيف الروائيين الذين دمغوا السرد ببصماتهم، وأمسكوا بناصيته، لكنهم أمسوا بحاجة إلى تقليب النظر فيما كتب أقرانهم، أو من سبقهم إلى خوض مغامرة السرد المذهلة. فربما خطر لهم تركيز أنظارهم على ما يكتبون لتفادي أخطاء السابقين، وتجنب هفواتهم؛ فكما أن ناشئة الكتاب يحتاجون إلى النهل من ينابيع السرد العذبة، فإن كبارهم أحوج إليها حفاظا على يقظة الكتابة؛ فالاعتياد على نمط رتيب منها، انتهى بأمثالهم، في أغلب الأحوال، إلى كتابة راكدة، قوامها تكرار الموضوعات، وترداد الصيغ الجاهزة. فلا فارق فيها بين الأسلوب، والتركيب، ومآل الشخصيات، فكأنها كتابة مكررة للأعمال التي انتزعوا بها شرعيتهم في وقت مضى.
صدر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، في 440 صفحة، كتاب جديد للناقد العراقي الأستاذ الدكتور عبدالله ابراهيم، بعنوان (أعراف الكتابة السردية).
الكتاب يعد العاشر في سياق اشتغال د.ابراهيم على دراسة السرد في مظاهره المختلفة، ومستوياته البنائية والدلالية، تحليلا ووصفا وتأويلا. وقد وزعه على 6 فصول: صنعة السرد، ثمار الانكباب على الرواية، الأرشيف السردي، طقوس الكتابة السردية، الفصاحة السردية الجديدة، القراءة الطرية، ولزوم التحذير من غشماء السرد.
يقف د.ابراهيم في كتابه على أعراف الكتابة السردية، محاولا اشتقاقها من تجارب الروائيين في الكتابة، ومن آرائهم فيما يكتبون. وقد حرص على تشييد سياق حاضن للأفكار، وترتيبها، لدعم الهدف الذي رمى إليه، وهو وضع لائحة بأعراف الكتابة جرى اشتقاقها كما يقول من مدونة سردية متنوعة تراوحت بين الأقوال الدالة على أهميتها، والنصوص الداعمة لها. وبذلك انتهى إلى تركيب يمزج آراء الآخرين بآرائه.
رسائل الروائيين
وقد اطلع على رسائل عدد من الروائيين إلى أقرانهم، بهدف عرض خبراتهم، وتجاربهم، للإفادة منها، لما فيها من خبرات صدرت عن ذوي تجارب عميقة في الكتابة، وعلى منوالها حاول تحرير هذا الكتاب، بهدف مخاطبة القارئ الذي افترض أن يكون روائيا، أو في طريقه إلى أن يكون كذلك، سواء نضجت تجربته أم ما زالت قيد التكوين. واسترسل في إيراد كثير منها؛ وبذلك انتهى كتابه إلى مزيج من الوصف والتحليل مما يستجيب لتوقعات قارئ السرد في الدخول إلى عالم الكتابة الروائية.
يقول د.إبراهيم في مقدمة الكتاب: حينما شغلت بفكرة هذا الكتاب، عزمت، منذ البداية، على أن أكون محررا لمادته، وليس مؤلفا صرفا له، وحسمت أمري بالعودة إلى المتون السردية التي شغفت بها قارئا، وكأني بذلك أستلهم معنى التأليف في اللغة العربية: أي جمع المادة، وتحريرها، وصوغها بتركيب يوافق هدفي، وشفعته بقراءات لعيون من الروايات بهدف تحرير القارئ من أسر الصرامة النقدية. فهو، في جزء كبير منه، نوع من المؤالفة بين أقوال تعود إلى كتاب مشهود لهم بالخبرة، وآرائي التي استخلصتها من تجربتي في ممارسة النقد. وظني أن تأليف هذا النوع من الكتب لا يقوم على اجتهاد فردي، فحسب، بل على اختبار تجارب الآخرين في ضوء غاية مقصودة. وكان "بارت" –معتمدا على "باختين" - قد قال بأن "أي نص هو فسيفساء من الاستشهاد، وأن أي أطروحة هي فسيفساء من المراجع". ولا يراد بالمصادر إلا أن تكون سندا داعما لشرعية الأفكار، وربطها بأصحابها، أمانة في التوثيق.
تجنب الأخطاء
ويضيف: لست أزعم أن هذا الكتاب موجه إلى ناشئة الكتاب، أي أصحاب الخطوات الأولى في قارة السرد، فما لأجلهم وحدهم سلخت شطرا كبيرا من عمري في مصاحبة الظاهرة السردية، وتقليبها، إنما من أجلهم، ومن أجل سواهم من القراء الذين يريدون أن يفحصوا تجاربهم في القراءة والكتابة مهتدين بتجارب سواهم من كبار الكتاب. وإلى هؤلاء أضيف الروائيين الذين دمغوا السرد ببصماتهم، وأمسكوا بناصيته، لكنهم أمسوا بحاجة إلى تقليب النظر فيما كتب أقرانهم، أو من سبقهم إلى خوض مغامرة السرد المذهلة. فربما خطر لهم تركيز أنظارهم على ما يكتبون لتفادي أخطاء السابقين، وتجنب هفواتهم؛ فكما أن ناشئة الكتاب يحتاجون إلى النهل من ينابيع السرد العذبة، فإن كبارهم أحوج إليها حفاظا على يقظة الكتابة؛ فالاعتياد على نمط رتيب منها، انتهى بأمثالهم، في أغلب الأحوال، إلى كتابة راكدة، قوامها تكرار الموضوعات، وترداد الصيغ الجاهزة. فلا فارق فيها بين الأسلوب، والتركيب، ومآل الشخصيات، فكأنها كتابة مكررة للأعمال التي انتزعوا بها شرعيتهم في وقت مضى.