وانا اشق طريقي بتمهل استوقفني الفضول في بقعة ارض تقع باطراف سوق الحمزة الشهير في البصرة القديمة يتجمع فيها عدد من (الخرسان) الماهرين بالتحدث عبر الاشارة محاولا التمتع برؤية الفاظهم المرئية والتي يمكن التقاطها من حركة ايديهم عبر الاشارات المكافئة لانظمة الكلام وحينما غادرت هذا المكان الصامت وسط الناس وتجمهراتهم التسوقية وجدت نفسي بعد لحظات وسط الضوضاء وضجيجها في سوق العقيل العتيد قاصدا مقهى (ابوضياء)والتي كانت تسمى في ازمان سالفة مقهى (ابو هاتف) تذكرت وانا اسير مطلقا عنان افكاري سحر هذا السوق وجماله في ازمان خلت متطلعا الى الاهمال الذي طال السوق وانتشار كتل النفايات وتذكرت كيف كان هذا السوق يبهر الناظر يوم كانت ازقته مبلطة بطابوق الشتايكر الملون وواجهات محاله براقة لامعة ومتوافقة مع العرض الماهر للمواد خلف واجهات المحال الزجاجية قلت لنفسي ذلك الزمان يصعب حضوره الآن ابدا يتميز سوق العقيل برغم صغر مساحته في انه يجمع الكثير من مهن وحرف السوق المتنوعة في بضاعاتها واغراضها فأنت ترى في هذا السوق بلاغة الاشياء وتنوعها فثمة ورش للحدادة والنجارة ومطاعم ومقاهٍ وخياطين وباعة احجار كريمة وانتيكات ومحلات لبيع الزجاج (الجام) والكرزات والصمون والسكائر وعيادة لزرق الابر وورش لتصليح الهواتف النقالة وبيعها ان هذا الكم من المحال التجارية يعمل على مدار الساعة.
كيان صغير
ولم تكن مقهى (ابو ضياء) سوى كيان صغير محشور في حيز هو اقل قليلا من اي مكان ضيق غير ان مايميز هذه المقهى انها تقترب من اي مكون ثقافي لما يفد لها من مبدعين واشخاص قريبين من صناع الابداع والثقافة وصلت المقهى وشعرت بما يشبه المتعة لاسيما ان طريقة استقبال صاحب المقهى ابو ضياء تجعلك تستشعر الاحساس بالعناية فهو يعطيك شعورا طيبا ودماثة خلق واهتمام ينبع من مصلحة العمل واصوله كان اول الحاضرين ذلك اليوم هو الاستاذ عبدالزهرة يونس رأيته حينما كنت اشرع في الجلوس وقبل ان تتكون لدي فكرة عن كيفية البدء بعملي اعرف انه شغوف بالمسرح اذ كان يشغل موقع مدير المسرح البحري علاوة على كونـــــه عضو في نقابة فناني البصرة فحدثني عن ماقدمه من اعمال مسرحية فرحت انــــــــصت الى حديــــــثه: قمت باداء دور البطولة في مسرحيــــــتين للمخرج الدكتور حميد صابر وهما.
مسرحية كمره وليل وسفينه واخري بعنوان موال عشاري كما اديت البطولة لمسرحية اليعيش بالحيله من اخراج الاستاذ رشيد مجيد اضافة الي مشاركتي في برنامج كرنفال شعبي والسهرات البصرية التي كان يلحن اغانيها الملحنين ذياب خليل وعدنان خليل الذي يتواجد هو الآخر في هذه المقهى باستمرار رغم مرضه ولعل وجود الملحن عدنان خليل هنا واحاديثه عن الفن والالحان كفيل برفع روحه المعنوية ونسيان مرضه فهو انسان ساخر وجدي في الاوان ذاته فهو يسحرنا على الدوام بتندره وفكاهته وسخريته اللاذعة فيجعلنا ننهار بنوبة من الضحك ثم تعود الجدية الى وجهه بمجرد ان يعود الحديث الى الفن والالحان وقد اخبرني ان لديه كماً هائلاً من الالحان وهو عازم على تسجيلها في العراق وخارجه وقد تمت دعوته فنيا من احد دول الخليج مؤخرا لتنفيذ هذه الاعمال يجلس في ركن من اركان المقهى يوميا صديقنا توفيق البصراوي برفقة صديقنا الآخر ابا علا وهما أنموذجان مهمان في تلمس قيم التطريب والاحساس باغان الزمن الجميل من جيل ام كلثوم وعبدالوهاب وفريد الاطرش وعمالقة الطرب وهما دائمي السماع لهذه الالوان الاصيلة من الغناء ولكن توفيق البصراوي يعاني جسديا من آثار التعذيب الذي تعرض له من اجهزة النظام السابق أبان سجنه وهو حاليا يعاني من تعثر معاملته لتعويض الاضرار التي لحقت به من جراء ذلك لذا نناشد المسؤوليين المعنيين بذلك التحرك لمساعدته في الاسراع يانجاز المعاملة ولاتخلو المقهى من رجل يطلقون عليه تسمية الروحاني ويعمل ببيع الاحجار الكريمة وبمقدوره قراءة التوقعات آخر من يحضر للامسيات الاثيرة للمقهى الذهبي هو محمود المنصور وهو استاذ جامعي ودكتواره بالمحاسبة فهو مشغول على الدوام بتدريس طلابه ومتابعة مستواهم الدراسي وتصحيح اوراق امتحاناتهم لكنه يعشق الفن والابداع بكل اجناسه وهو قارئ نبه وعميق ويتمتع باراء تقافية تنم عن دراية ومعرفة ومن صناع العود الماهرين في البصرة الى جانب انه عضو في نقابة فناني البصرة ومن بين رواد المقهى الذهبي (ابوخالد) محمد ناجي التميمي الذي يقول: هذه المقهى اصبحت جزءاً من حياتنا فنحن نرتادها يوميا ونتبادل مشاعرنا وهمومنا فيها وشتى ارائنا الحياتية وفي ظلها يلتئم الاصدقاء غير مرة في الاسبوع لنبدي لبعضنا البعض مايكمن في قـــــلوبنا من هموم ومشاعر وامور تتعلق بالحياة والابداع وسبل العيش ثم نغادرها على امل العودة ثانية اليها فهي اشبـــــه بالبيت الثاني الماثل في وجودنا والجدير بالاشارة.
بنايات عديدة
ان محمد ناجي منتم لنقابة الفنانين منذ امد بعيد وكان له صوت جميل اذ كان يقلد المطرب فاضل عواد في سبعينات القرن الماضي ولاسيمافي اغنيته(اشكر ابو شامة) التي دأب على ان يغنيها في الاعراس انذاك وله اعمال في الزخرفة على الرخام نفذها في بنايات عديدة في الاردن بقي ان نشير باهــــــــتمام بالغ لاحد رواد المقهى البارزين وهو الدكتور محمود المؤنس والذي يمتلك عيادة للتحليلات المرضية تقع قريبا من المقهى فهو يتأخر ايضا في المجئ للمقهى لانشغاله في عمله ويتميز بهدوئه ونوبات الصمت التي تقع بين ما يطرح من آراء حيث يصب اهتماهه في مايتطلبه عمله من دراسات تتعلق بالبيئة والمحافـظة عليها وهي من صلب اختصاصه العلمي والجـــــــامعي وهكذا تنقضي هذه الرحلة الى المقهى الذهبي وانا الآن اقف لاودع هذه النــــــخبة من مريدي المقهى وها انا اشرع بالخروج منها.
الزمان
كيان صغير
ولم تكن مقهى (ابو ضياء) سوى كيان صغير محشور في حيز هو اقل قليلا من اي مكان ضيق غير ان مايميز هذه المقهى انها تقترب من اي مكون ثقافي لما يفد لها من مبدعين واشخاص قريبين من صناع الابداع والثقافة وصلت المقهى وشعرت بما يشبه المتعة لاسيما ان طريقة استقبال صاحب المقهى ابو ضياء تجعلك تستشعر الاحساس بالعناية فهو يعطيك شعورا طيبا ودماثة خلق واهتمام ينبع من مصلحة العمل واصوله كان اول الحاضرين ذلك اليوم هو الاستاذ عبدالزهرة يونس رأيته حينما كنت اشرع في الجلوس وقبل ان تتكون لدي فكرة عن كيفية البدء بعملي اعرف انه شغوف بالمسرح اذ كان يشغل موقع مدير المسرح البحري علاوة على كونـــــه عضو في نقابة فناني البصرة فحدثني عن ماقدمه من اعمال مسرحية فرحت انــــــــصت الى حديــــــثه: قمت باداء دور البطولة في مسرحيــــــتين للمخرج الدكتور حميد صابر وهما.
مسرحية كمره وليل وسفينه واخري بعنوان موال عشاري كما اديت البطولة لمسرحية اليعيش بالحيله من اخراج الاستاذ رشيد مجيد اضافة الي مشاركتي في برنامج كرنفال شعبي والسهرات البصرية التي كان يلحن اغانيها الملحنين ذياب خليل وعدنان خليل الذي يتواجد هو الآخر في هذه المقهى باستمرار رغم مرضه ولعل وجود الملحن عدنان خليل هنا واحاديثه عن الفن والالحان كفيل برفع روحه المعنوية ونسيان مرضه فهو انسان ساخر وجدي في الاوان ذاته فهو يسحرنا على الدوام بتندره وفكاهته وسخريته اللاذعة فيجعلنا ننهار بنوبة من الضحك ثم تعود الجدية الى وجهه بمجرد ان يعود الحديث الى الفن والالحان وقد اخبرني ان لديه كماً هائلاً من الالحان وهو عازم على تسجيلها في العراق وخارجه وقد تمت دعوته فنيا من احد دول الخليج مؤخرا لتنفيذ هذه الاعمال يجلس في ركن من اركان المقهى يوميا صديقنا توفيق البصراوي برفقة صديقنا الآخر ابا علا وهما أنموذجان مهمان في تلمس قيم التطريب والاحساس باغان الزمن الجميل من جيل ام كلثوم وعبدالوهاب وفريد الاطرش وعمالقة الطرب وهما دائمي السماع لهذه الالوان الاصيلة من الغناء ولكن توفيق البصراوي يعاني جسديا من آثار التعذيب الذي تعرض له من اجهزة النظام السابق أبان سجنه وهو حاليا يعاني من تعثر معاملته لتعويض الاضرار التي لحقت به من جراء ذلك لذا نناشد المسؤوليين المعنيين بذلك التحرك لمساعدته في الاسراع يانجاز المعاملة ولاتخلو المقهى من رجل يطلقون عليه تسمية الروحاني ويعمل ببيع الاحجار الكريمة وبمقدوره قراءة التوقعات آخر من يحضر للامسيات الاثيرة للمقهى الذهبي هو محمود المنصور وهو استاذ جامعي ودكتواره بالمحاسبة فهو مشغول على الدوام بتدريس طلابه ومتابعة مستواهم الدراسي وتصحيح اوراق امتحاناتهم لكنه يعشق الفن والابداع بكل اجناسه وهو قارئ نبه وعميق ويتمتع باراء تقافية تنم عن دراية ومعرفة ومن صناع العود الماهرين في البصرة الى جانب انه عضو في نقابة فناني البصرة ومن بين رواد المقهى الذهبي (ابوخالد) محمد ناجي التميمي الذي يقول: هذه المقهى اصبحت جزءاً من حياتنا فنحن نرتادها يوميا ونتبادل مشاعرنا وهمومنا فيها وشتى ارائنا الحياتية وفي ظلها يلتئم الاصدقاء غير مرة في الاسبوع لنبدي لبعضنا البعض مايكمن في قـــــلوبنا من هموم ومشاعر وامور تتعلق بالحياة والابداع وسبل العيش ثم نغادرها على امل العودة ثانية اليها فهي اشبـــــه بالبيت الثاني الماثل في وجودنا والجدير بالاشارة.
بنايات عديدة
ان محمد ناجي منتم لنقابة الفنانين منذ امد بعيد وكان له صوت جميل اذ كان يقلد المطرب فاضل عواد في سبعينات القرن الماضي ولاسيمافي اغنيته(اشكر ابو شامة) التي دأب على ان يغنيها في الاعراس انذاك وله اعمال في الزخرفة على الرخام نفذها في بنايات عديدة في الاردن بقي ان نشير باهــــــــتمام بالغ لاحد رواد المقهى البارزين وهو الدكتور محمود المؤنس والذي يمتلك عيادة للتحليلات المرضية تقع قريبا من المقهى فهو يتأخر ايضا في المجئ للمقهى لانشغاله في عمله ويتميز بهدوئه ونوبات الصمت التي تقع بين ما يطرح من آراء حيث يصب اهتماهه في مايتطلبه عمله من دراسات تتعلق بالبيئة والمحافـظة عليها وهي من صلب اختصاصه العلمي والجـــــــامعي وهكذا تنقضي هذه الرحلة الى المقهى الذهبي وانا الآن اقف لاودع هذه النــــــخبة من مريدي المقهى وها انا اشرع بالخروج منها.
الزمان