عمار برهان - منطق البحيرة.. قصة قصيرة

الحزنُ يرنو اليه ويجتاحه بمرارة قاسية .. كلما سمع نقيق الضفادع، قرب البحيرة .. و رغم ذلك أجبر نفسه ذات ليلة .. على التوقف عن مواصلة مسيره ، قليلاً ؛ ريثما يؤكد لنفسه وبما لا يدع مجالا للشك ، أن كثيراً من المخلوقات ضئيلة الحجم والفهم ؛ بمقدورها أن تُصدر مثل هذا الضجيج الهائل .. تنثر القلق والضوضاء حول البحيرة دون أن تضفي عليها شيئاً من الجمال أو الألق ، إذ لا ضرورة لوجودها أصلا ، غير ما يفترضه التوازن البيئي ..
لفظ الهواء من رئتيه بحسرة .. ثم مضى في طريقه الذي يمتد بلا نهاية .. المدى أمامه ، ملتو بالقدر الذي يسيئ إلي مِزاجه ويضني دواخله .
فجاة عند منعطفٍ قاتم .. أضفت عليه الظلمة وحشتها .. وكأنه أفرغ عمدا من كل محتوى أو مضمون ، التقى بصديقه القديم .. وتعجب من قدرية هذا اللقاء .
بعد كل الهزائم المتتالية والتصدع المدوي للقيمية المتوهمة ، لازال صديقه يدافع عن فكرٍ تساقطت أوراقه مثلما تتساقط أوراق الأشجار في الخريف .. كان صديقه هذا يختلقُ المرافعة اختلاقاً كي يُظهر الرفاة كجسدٍ حيّ .. كان يتحدث بصوتٍ يغرقه التملق .. و تضاعف صداه الريح التي استباحت حرمة المكان ..
بينما الضفادع عند البحيرة .. ترسلُ الضجيج والقبح إلي كل الأرجاء ..
ترك الابتسامة الشاحبة كأصدق تعبير .. ترتسم على شفتيه بسخرية .. بينما قال لنفسه :
لولا التوازن .. ما أقلق هذا النقيق مسامع الليل .. و لا استباحت الريحُ حرمة المكان ..
لكنها المفارقات الغريبة .. التي يقرها منطقُ البحيرة .
ابتلع تلك الابتسامة الساخرة، كما يبتلع الحصان صهيله .. وحث خطاه لمواصلة المسير .


عمار برهان
أعلى