الأستاذ الدكتور عدنا ن الظاهر المحترم
تحية الإجلال والإكبار
سررت السرور كله لعنايتك بمتابعة ما أكتب في المواقع الالكترونية، وتعقيبك على الهنات الواردة فيها، وهذه الروح البابلية العراقية الأصيلة ليست غريبة عن أسرة أنت ثمرة من ثمارها، وزهرة من زهورها الفواحة بكل ما هو جميل، فطوبى للعراق بأبنائه الذين لم تنسيهم المنافي القصية انتمائهم إليه، وأنت من أنت في الوطنية وسلامة الانتماء، وأستميحك العذر إن أطلت عليك وعسى أن يكون في وقتك ما يكفي لقراءة ثرثرتي، فحسبك أنها معطرة بأمواه الفرات الغالية عليك.
لم يكن بودي الرد عليك، لأن ما كتبته هو الصواب الذي فاتني، وأدركته بثاقب بصيرتك وحسن تتبعك وانتباهك الرائع، وليس هذا بجديد على عيلم هدار له مكانه في النشر والتحقيق والمتابعة والتدقيق، وطول باع في ممارسة هذا الفن، فنحن من طلابكم وهذا نتيجة غرسكم، وبخصوص ما ذكرت عن قول بحر العلوم (صه يا رقيع) فهذا من المشهور الذائع الذي يعلم سيادتكم بشيوعه وانتشاره، ورغم سماعي سابقا بعدم صحة النسبة، إلا أني رأيت أن عدم الإعلان عن ذلك من قبل من نسبت إليه دليل صحتها، ولو تسنى لنا معرفة قائلها لثبت بطلان الشائع والمشهور، ورغم وحدة الشاعرين في التوجه والانتماء والمدينة، إلا أن هناك ما يمكن أن يثبت أنها لبحر العلوم بدليل عدم إنكارها رسميا، وغلبة روح المعاصرة بين الشعراء وسيادتكم عارف بلا ريب بنفسيات الشعراء، فكل يرى في نفسه الموهبة التي تجعله في المقدمة من معاصريه، ناهيك عن جرأة بحر العلوم التي تجعله يقول أشد من هذا القول، وأمر آخر وأن يكون عرضيا، فأن ما بين الأسرتين آل بحر العلوم وآل صاحب الجواهر خلافات وصراعات قوية لا تبليها الأيام، وفي حلقة قادمة من البحث أشارة لذلك، وتوجد من الأدلة التاريخية ما يدل على أن المنافسة أخذت في وقتها أبعاد بعيدة عن أساليب التعامل بين المجتهدين من رجال الدين، وهذا الصراع الذي أمتد لأكثر من قرن لابد أن يترك أثاره بين أبنائهم، رغم ما يحملون من مبادئ قد نجعلهم يتجاوزون هذه الأمور إلا أنها من الرواسب المترسخة في النفس، وسيدي الكريم أعلم مني بطبائع الناس.
وأما قصيدة ألجواهري فهي كما قال سيادتكم تهنئة بولادة فيصل الثاني وفيها يمدح خاله الوصي في قوله:
شرف الخؤولة أن يكون كما ترى = إيناس خوف وأنتباهة مرشد
عبد الإله وفي المكارم شركة = شاركت في حفل المليك الأوحد
ما كان إلا أن جعلتك مقصدي = حتى هوت غرر النجوم على يدي
وكان خطئي في القول أنها في مدح نوري السعيد وهو من سبق القلم ، وعدم الدقة في التصحيح لأني كنت بسبيل مراجعتها في ديوانه الموجود عندي بأجزائه السبعة، وأكثر ما كتب عن ألجواهري، لذلك لك الشكر الجزيل على هذا التصحيح، وله أخرى في مدح الملك أيضا:
مليك العراق وكم جمرة = يضيق بأمثالها القادح
وأخرى مادحا نوري السعيد:
عليك سلام أيها البطل الفرد = تطالعك البشرى ويخدمك السعد
زعيم رأت فيه الزعامة قادرا = عليها وجندي يقدرك الجند
وله فيه أيضا
لقد أزمت وأنت بها حفي = فأين العزم والقلب الذكي
وله في فيصل الأول:
مدح الملوك الشاعرون وإنما = أفرغت قلبي للمليك مدائحا
وقصائد أخرى لا يسع المجال لإيرادها.
أما بخصوص الفقيد عامر الصافي الذي يعرفه الأستاذ الفاضل أفضل مني، فلم أورد قصة خادمهم السعودي بشير ، وعسى أن يكون له شيء من الذاكرة في فرصة أخرى ، لأني والحق يقال لم أكن أعرف قصته ومقتله في السجن، فكان لجنابك الكريم فضل تنبيهي إليها، وبخصوص انتمائه للحزب الشيوعي ففي حدود معلوماتي، ومعلومات أصدقائه الخلص، أنه كان شيوعيا حتى النخاع، وقد فصل من الحزب أوائل الخمسينيات لمجاهرته بالإلحاد، وقد ذكر المرحوم الشهيد أبو عبيس سكرتير محلية بابل أيام الجبهة، أنه في الخمسينيات كان ممسكا بالفانوس ليقرأ عامر الصافي الورقة التي في يده في اجتماع في منطقة النبي أيوب، وأما شهرته على مستوى القاسم فقد ظل محاربا حتى أواخر أيامه بسبب ميله ولا أقول انتمائه للحزب الشيوعي وأنا أرى أن الانتماء هو الالتزام بسياسة الحزب والدفاع عنه، وليس في توقيع الاستمارة، وكانت له مواقف في الدفاع عن الحزب، وربما أنجر إلى صراعات مثيرة في الدفاع عنه، ولو سألت أصغر شاب في القاسم لقال لك أنه الحزب الشيوعي، أي عامر، وفي أيام الجبهة وأن لم ينتمي رسميا، إلا أنه مواكب لنشاطات الحزب مساهما فيها، مترصدا للمنظمة يوجهها ويشخص أخطائها، وسجل كل ذلك في تقرير سلمه إلى أحد أعضاء اللجنة المركزية يتضمن معلومات خطيرة عن أخطاء بعض الرفاق، وقد سلم التقرير بعد أن عجز عن أصلاحهم، وقد اتصلت بأسرته للحصول على ما لديه من أوراق لأنه كان يوثق كل شيء في دفتر كبير، هو بمثابة أرشيف للحزب،إلا أن أسرته لم تتمكن من العثور عليه بعد وفاته المفاجئة ، لأنه قد أخفاه في مكان لا يعرفه غيره، وفي هذه الأوراق الكثير من الأسرار النافعة في التوثيق والبحث في تاريخ تلك الفترة، وقد تنفع في التقييم الموضوعي للكثير ممن هم في الحزب حاليا. وبخصوص دار المعلمين فرأيك هو الأصح فهو خريج دورة تربوية، وهذا الخطأ سببه المصدر غير الدقيق لمعلوماتي.
لقد أطلت عليك سيدي الكريم وأتمنى لك الصحة والعمر المديد، فأنتم المنار الذي يسترشد به السائرين في الدرب من أمثالي، وعسى أن يكون لنا لقاء بعد زوال هذا الظلام، وعودة الأمور إلى مجاريها لتسهم ببناء بلدك وأكرم بك من قادر على بناء العراق الجديد
محمد علي محيي الدين/القاسم
تحية الإجلال والإكبار
سررت السرور كله لعنايتك بمتابعة ما أكتب في المواقع الالكترونية، وتعقيبك على الهنات الواردة فيها، وهذه الروح البابلية العراقية الأصيلة ليست غريبة عن أسرة أنت ثمرة من ثمارها، وزهرة من زهورها الفواحة بكل ما هو جميل، فطوبى للعراق بأبنائه الذين لم تنسيهم المنافي القصية انتمائهم إليه، وأنت من أنت في الوطنية وسلامة الانتماء، وأستميحك العذر إن أطلت عليك وعسى أن يكون في وقتك ما يكفي لقراءة ثرثرتي، فحسبك أنها معطرة بأمواه الفرات الغالية عليك.
لم يكن بودي الرد عليك، لأن ما كتبته هو الصواب الذي فاتني، وأدركته بثاقب بصيرتك وحسن تتبعك وانتباهك الرائع، وليس هذا بجديد على عيلم هدار له مكانه في النشر والتحقيق والمتابعة والتدقيق، وطول باع في ممارسة هذا الفن، فنحن من طلابكم وهذا نتيجة غرسكم، وبخصوص ما ذكرت عن قول بحر العلوم (صه يا رقيع) فهذا من المشهور الذائع الذي يعلم سيادتكم بشيوعه وانتشاره، ورغم سماعي سابقا بعدم صحة النسبة، إلا أني رأيت أن عدم الإعلان عن ذلك من قبل من نسبت إليه دليل صحتها، ولو تسنى لنا معرفة قائلها لثبت بطلان الشائع والمشهور، ورغم وحدة الشاعرين في التوجه والانتماء والمدينة، إلا أن هناك ما يمكن أن يثبت أنها لبحر العلوم بدليل عدم إنكارها رسميا، وغلبة روح المعاصرة بين الشعراء وسيادتكم عارف بلا ريب بنفسيات الشعراء، فكل يرى في نفسه الموهبة التي تجعله في المقدمة من معاصريه، ناهيك عن جرأة بحر العلوم التي تجعله يقول أشد من هذا القول، وأمر آخر وأن يكون عرضيا، فأن ما بين الأسرتين آل بحر العلوم وآل صاحب الجواهر خلافات وصراعات قوية لا تبليها الأيام، وفي حلقة قادمة من البحث أشارة لذلك، وتوجد من الأدلة التاريخية ما يدل على أن المنافسة أخذت في وقتها أبعاد بعيدة عن أساليب التعامل بين المجتهدين من رجال الدين، وهذا الصراع الذي أمتد لأكثر من قرن لابد أن يترك أثاره بين أبنائهم، رغم ما يحملون من مبادئ قد نجعلهم يتجاوزون هذه الأمور إلا أنها من الرواسب المترسخة في النفس، وسيدي الكريم أعلم مني بطبائع الناس.
وأما قصيدة ألجواهري فهي كما قال سيادتكم تهنئة بولادة فيصل الثاني وفيها يمدح خاله الوصي في قوله:
شرف الخؤولة أن يكون كما ترى = إيناس خوف وأنتباهة مرشد
عبد الإله وفي المكارم شركة = شاركت في حفل المليك الأوحد
ما كان إلا أن جعلتك مقصدي = حتى هوت غرر النجوم على يدي
وكان خطئي في القول أنها في مدح نوري السعيد وهو من سبق القلم ، وعدم الدقة في التصحيح لأني كنت بسبيل مراجعتها في ديوانه الموجود عندي بأجزائه السبعة، وأكثر ما كتب عن ألجواهري، لذلك لك الشكر الجزيل على هذا التصحيح، وله أخرى في مدح الملك أيضا:
مليك العراق وكم جمرة = يضيق بأمثالها القادح
وأخرى مادحا نوري السعيد:
عليك سلام أيها البطل الفرد = تطالعك البشرى ويخدمك السعد
زعيم رأت فيه الزعامة قادرا = عليها وجندي يقدرك الجند
وله فيه أيضا
لقد أزمت وأنت بها حفي = فأين العزم والقلب الذكي
وله في فيصل الأول:
مدح الملوك الشاعرون وإنما = أفرغت قلبي للمليك مدائحا
وقصائد أخرى لا يسع المجال لإيرادها.
أما بخصوص الفقيد عامر الصافي الذي يعرفه الأستاذ الفاضل أفضل مني، فلم أورد قصة خادمهم السعودي بشير ، وعسى أن يكون له شيء من الذاكرة في فرصة أخرى ، لأني والحق يقال لم أكن أعرف قصته ومقتله في السجن، فكان لجنابك الكريم فضل تنبيهي إليها، وبخصوص انتمائه للحزب الشيوعي ففي حدود معلوماتي، ومعلومات أصدقائه الخلص، أنه كان شيوعيا حتى النخاع، وقد فصل من الحزب أوائل الخمسينيات لمجاهرته بالإلحاد، وقد ذكر المرحوم الشهيد أبو عبيس سكرتير محلية بابل أيام الجبهة، أنه في الخمسينيات كان ممسكا بالفانوس ليقرأ عامر الصافي الورقة التي في يده في اجتماع في منطقة النبي أيوب، وأما شهرته على مستوى القاسم فقد ظل محاربا حتى أواخر أيامه بسبب ميله ولا أقول انتمائه للحزب الشيوعي وأنا أرى أن الانتماء هو الالتزام بسياسة الحزب والدفاع عنه، وليس في توقيع الاستمارة، وكانت له مواقف في الدفاع عن الحزب، وربما أنجر إلى صراعات مثيرة في الدفاع عنه، ولو سألت أصغر شاب في القاسم لقال لك أنه الحزب الشيوعي، أي عامر، وفي أيام الجبهة وأن لم ينتمي رسميا، إلا أنه مواكب لنشاطات الحزب مساهما فيها، مترصدا للمنظمة يوجهها ويشخص أخطائها، وسجل كل ذلك في تقرير سلمه إلى أحد أعضاء اللجنة المركزية يتضمن معلومات خطيرة عن أخطاء بعض الرفاق، وقد سلم التقرير بعد أن عجز عن أصلاحهم، وقد اتصلت بأسرته للحصول على ما لديه من أوراق لأنه كان يوثق كل شيء في دفتر كبير، هو بمثابة أرشيف للحزب،إلا أن أسرته لم تتمكن من العثور عليه بعد وفاته المفاجئة ، لأنه قد أخفاه في مكان لا يعرفه غيره، وفي هذه الأوراق الكثير من الأسرار النافعة في التوثيق والبحث في تاريخ تلك الفترة، وقد تنفع في التقييم الموضوعي للكثير ممن هم في الحزب حاليا. وبخصوص دار المعلمين فرأيك هو الأصح فهو خريج دورة تربوية، وهذا الخطأ سببه المصدر غير الدقيق لمعلوماتي.
لقد أطلت عليك سيدي الكريم وأتمنى لك الصحة والعمر المديد، فأنتم المنار الذي يسترشد به السائرين في الدرب من أمثالي، وعسى أن يكون لنا لقاء بعد زوال هذا الظلام، وعودة الأمور إلى مجاريها لتسهم ببناء بلدك وأكرم بك من قادر على بناء العراق الجديد
محمد علي محيي الدين/القاسم