عادل عصمت - رائحة البلمونت.. قصة قصيرة

قال عم حسين الترزي: منذ خمسة عشر عاما كنت أدخن سجائر "بلمونت"، لكن الزمن تغير، ولم تعد موجودة. كيف اختفت من حياتنا؟ لا أحد يعرف. لم اختفت؟ لا أحد يعرف. بعدها انتشرت سجائر "الكيلوباترا"، العادية والسوبر. حاولت التأقلم معهما. كان يمكن أن أحبها كما أحببت "البلمونت"، لكن جاءت أول أزمة قلبية فتوقفت عن التدخين. عندما يأتي زبائن ويدخنون السجائر، تضايقني الرائحة، لكني أتركهم يدخنون تلك السجائر التي لم أدخنها، كأني أبحث عن رائحة سجارة "البلمونت".
ذات ليلة كنت أغلق باب المحل. سمعت صوت أغنية "سواح" يأتي من راديو بواب، يجلس أمام عمارة جديدة، في شارع حسن رضوان. شممت رائحة السيجارة، شممتها كأني لازلت أدخن، ثم رفعت يدي إلى جيب القميص أبحث عن علبة "البلمونت"، رجعت إلى البيت متعبا. كان الوقت صيفا والعيد على الأبواب، ولم يفارقني التعجب لعدة أيام، أين اختبأت تلك الرائحة وكيف عادت؟
عم حسين يحكي عن تلك اللحظة كأنها لحظة إلهام. لحظة تجسد الماضي في الحاضر، يظل التعجب هو سمة حكاية "البلمونت". يرفع عينيه بعيدا عن القماش، يترك المقص من يده، وينظر إلى فضاء الشارع في لحظة يصعب تفسيرها، ثم يمسك المقص مرة أخرى، ويقول: لم نعد نسمع أغنية "سواح" في الإذاعة.
أعلى