تفتح أخبار الأدب بدايًة من هذا العدد، ولعدة أعداد قادمة ملف الترجمة، طرح قضاياها ومشاكلها والحلول المقترحة للنهوض بها، وأثناء ذلك ستسلط الضوء علي المترجمين الشبان البارزين الذين يسعون لتقديم الثقافات الأجنبية باللغة العربية، وساهموا في ذلك بعدد من الكتب. لقد أصبح طارئًا للنهوض بالثقافة المصرية الالتفات بجد لعملية الترجمة، بدايًة من اختيار الكتاب ومرورًا بترجمته ونشره حتي توصيله ليد القاريء. ولأن المترجم عمود رئيسي في هذه العملية، إذ أنه منتج للمعرفة أيضًا، سيتركز الملف علي الأزمات والعقبات التي يواجهها، عبر أسئلة وحوارات موجهة لمسؤولين ثقافيين ولمترجمين، آملين أن نتوصل بذلك للب الأزمة، وتقديم حلول منطقية لها من خلال العاملين بهذه المهنة.
مشاريع الترجمة أصبحت الآن عصية علي الحصر، لكنها جميعا تعمل بالمنهج نفسه، فكان من الطبيعي أن تتكرر الأخطاء، والعناوين، فما يترجم في مصر ربما لا يصل لغيرها، وما يترجم في غيرها لا يصلها، بالإضافة لضعف التراجم أحيانا، وتعثر المشاريع في كثير من الأحيان. تعاني عملية الترجمة في مصر من تخبط وعشوائية..جملة لن نمل من تكرارها حتي يتدخل أحد ويفك هذا الطلسم.
من المفترض أن المركز القومي للترجمة هو الأساس في حركة الترجمة بمصر؛ بل والوطن العربي، إلي جانب عدد من السلاسل في هيئتي الكتاب وقصور الثقافة، وبعض مجهودات دور النشر الخاصة، ولكن بينهم جميعا لا يوجد أي تنسيق أو تكامل، بل هي حالة من العشوائية كما تصفها د.سهير المصادفة، رئيس سلسلة الجوائز الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب، قائلة: "لقد حضرت أكثر من مؤتمر واجتماع، نعرض الأمر علي كل رؤساء المركز القومي للترجمة تقريبا، أننا نريد بنك معلومات لكل ما تُرجم في الثقافة العربية وببلوجرافيا بأسماء المترجمين، نطالب بذلك منذ خمس سنوات في المؤتمرات، وسنتين في اللجان؛ التي يحضرها رؤساء المركز المتتابعين، فكلما نحاول البدء في العمل يتغير وزير أو مدير، والبيروقراطية المصرية شديدة الصرامة، كما أنه لا توجد قناة بين من يقترح أفكارا خلاقة وبين الجهات العليا التنفيذية، ومن ثم كل المترجمين ومديرو المراكز رأيهم استشاري ومجرد توصيات لا تتم، فلا أحد وإن كان يملك مال قارون يستطيع الاضطلاع بذلك العمل إلا من خلال وزارة الثقافة ومن مصر تحديدا".
وتستكمل المصادفة: "أعرف جيدا أن هذا الملف لدي جميع وزراء الثقافة السابقين وأنه رُفع للمركز القومي للترجمة عن طريق لجنة الترجمة، وتم تكليفهم بهذا العمل الضخم كأول إنجازاته ولكن لا من مجيب، فمهما كانت تجارب العالم العربي رائدة وكبيرة، إلا أن مصر هي المنوط بها أن تقوم بذلك، ولكن لكي نتحدث بصراحة، منذ متي وهناك استراتيجية ومشروعات كبري في وزارة الثقافة لكي تنهض بمثل هذه الأفكار؟".
لم تكن الببلوجرافيا هي المطلب الوحيد للقائمين علي الترجمة، وإنما طالبوا أيضا بإنشاء مجلة متميزة تتابع ما يحدث يوميا في العالم من أجل طرحه علي المترجمين ومراكز الترجمة المختلفة في العالم، وهو ما تعثر أيضا وكانت النتيجة مجلات دون المستوي لم يوافق عليها كل العاملين ورؤساء ومديرو مراكز الترجمة، وتؤكد المصادفة بحدة: "لابد من محاسبة كل من كان في مواقع المسئولية عن المشروعات الكبري التي تليق بمكانة مصر ولم ينفذها، لقد بُح أصوات المترجمين والعاملين علي مراكز الترجمة لكي ينفذ مشروعهم، فلماذا لم يتم ذلك حتي هذه اللحظة؟ لأن الأمر يحتاج إلي إرادة وأن يستيقظ مدير المركز القومي للترجمة صباحا ويخاطب جميع مراكز الترجمة، ويكلف فريق كامل ليعمل علي أرشيف مصر الأكبر والأضخم والأكثر تأثيرا عبر موجتين للترجمة، هما اللتان ما زلنا نعمل عليهما حتي هذه اللحظة، نحن في حاجة إلي شخص لديه خيال إداري خلاق يختلف عمن خاطبناهم من قبل، فكل الملفات مطروحة علي وزارة الثقافة وحبيسة في الأدراج منذ فترة طويلة، فقد كنا نقول قبل الثورة أن هناك نظام لا يقوم بتفعيل إلا ما يريد، ولكن حتي بعد الثورة ظل الأمر في وزارة الثقافة كما هو عليه ولم تشهد أي مشروعات أو رؤي خلاقة جديدة علي الإطلاق، ومنها هذا، الموجود في أدراج المركز القومي للترجمة ووزير الثقافة السابق، وأدراج لجنة الترجمة التي بُحت أصوات جميع أعضائها، ولكن للأسف دورهم استشاري ولا يمتلكون أي إرادة أو أدوات لتنفيذ ما يليق بمصر ووزارة معاصرة، وأحاول حاليا أن ألحق الجوائز الكبري لهذا العام قبل الآخرين، وأن أضع علي رف المكتبة العربية كتاب يترجم لأول مرة لطبيعة السلسلة، ولكن بقية الأعمال الفكرية والأدبية والعلمية بالفعل تشهد قدرا كبيرا من العشوائية، لأننا نحتاج بنك معلومات وتنسيقا بين كل مراكز الترجمة، ولذلك عندما وجدت الوضع بذلك الاتساع والعشوائية، وضعت خريطة خاصة جدا لتوصيل ما لم يكن موجودا في مصر قبل سلسلة الجوائز إلي المواطن، سواء رواية أو عملا أدبيا أجنبيا مترجم، كما وكيفا، وشكلا وموضوعا، وبطريقة لائقة للمكتبة العربية، بدلا من شرائنا لهذه الأعمال المترجمة من دور النشر العربية، كما أن الأعمال المشتراه ستكون بطريقة شرعية تحافظ علي حقوق الملكية الفكرية، وهو ما سيساعدنا كثيرا عندما نقوم بعمل بنك المعلومات، لأنه سيعرف جيدا من حصل علي تلك الحقوق ومن الذي ترجم العمل للمرة الأولي والثانية وهكذا، فتلك مسألة ترتيب للمكتبة العربية من بدايتها إلي نهايتها".
لا يوجد تنسيق بين أي مكان يتم فيه الترجمة بمصر مع الآخر، ولذلك أضحت العلاقة بين الهيئات المختلفة التي تترجم تنافسية وليست تكاملية، ولكن هناك جهات أخري تترجم كتبا بطريقة غير شرعية وبها تعد علي حقوق الملكية، فتقول د.سهير: "يحدث أحيانا أن اتفق مع دار النشر أو المؤلف أصحاب الكتاب ثم تسمع دار نشر ما عنه من الصحافة أو بأي وسيلة فيتم السطو عليه، وقد حدث ذلك بالفعل مع دار نشر عربية، في تلك الحالة نلجأ للقانون والقضاء، وبصرف النظر عن ذلك؛ إذا تواجد ثمة عمل مؤسسي ضخم مركزي موثق ومفتوح علي الانترنت يخص المركز القومي وينشر دائما ما سيترجمه هذا الشهر من أعمال بناء علي حصوله علي حقوق ملكيتها الفكرية وأن هذا المترجم يعمل الآن علي ترجمة هذا العمل، سواء كان ذلك من خلال موقع أو مجلة ضخمة تليق بالترجمة في مصر، تنشر قائمة بما يجب أن يكون في المكتبة العربية الآن ولم يترجم بعد للراغبين في ترجمته، إذا كان كل هذا موجودا لما كانت ثمة عشوائية، ولنهضت عملية الترجمة في العالم العربي كله وليس بمصر فقط، وحينها لن تضيع الأعمال ولا جهد المترجمين أو حقوق المؤلف".
وإذا كان التنسيق لا يحدث بالداخل، فمن الطبيعي أنه غير متواجد مع الجهات الأخري بالخارج، تستكمل المصادفة: "نحن نحتاج أولا ببلوجرافيا شديدة الضخامة تحتاج إلي عمل مؤسسي منتظم، ثم دورية للترجمة تصدر بشكل محترم وموجهة إلي المترجمين وأقسام اللغات في الجامعات المختلفة، ووضع هذه الببلوجرافيا لتكون متاحة إلكترونيا لكل المهمومين بالترجمة، كما نحتاج إلي بيانات شهرية من كل مراكز الترجمة عن إصداراتهم ونشاطهم، وببلوجرافيا كاملة لكل مترجمي العالم العربي للتواصل معهم، بحيث أنهم يكتبون في هذه المجلة أو هذا الموقع، ومن ثم يعرفون أن هذا الكتاب تمت الثقافة".
بدأت المصادفة رحلتها مع سلسلة الجوائز بحلم بسيط يتمثل في ترجمة أعمال أدبية متفق علي جودتها من لجان تحكيم كبري، تبدأ من نوبل أكبر الجوائز الأدبية وحتي أصغر جائزة محلية، ولذلك تعتبر أن السلسلة لها خصوصية وبعيدة تماما عما يحدث في الترجمة، لأنها شديدة الوضوح وأهدافها محددة، كما أن خريطتها شديدة الاتساع، وتوضح: "أحرص علي اختيار أعمال ترجمته وعليهم أن يترجموا غيره، ولكن للأسف كل المشروعات الضخمة يقف أمامها قدر لا بأس به من أبالسة البيروقراطية والقوي التنفيذية في هذه الوزارة".
واستكمالا للتعطيل والإهمال، فإن الإدارت التي من دورها العمل علي المواقع الإلكترونية الخاصة بالهيئات والسلاسل المختلفة لا تفعل ذلك، ولذلك أنشأت د.سهير صفحتين علي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لسلسلة الجوائز، واحدة بالإنجليزية والأخري بالعربية، لدور النشر الأجنبية ولكل المترجمين والمهتمين بالترجمة، ليكونا بمثابة موقع، فتقول: "إنهم يتابعونه جيدا في الخارج، وللأسف عندما أفتح أي موقع وأنا في الخارج لأي قطاع من قطاعات وزارة الثقافة لا أجده مفعل بأي شكل من الأشكال".
وتستمر مشكلة التنسيق مع د.خيري دومة، رئيس سلسلة ميراث الترجمة التي تصدر عن المركز القومي للترجمة، فيقول: "عندما توليت إدارة السلسلة حاولت التنسيق مع الجهات الأخري، ولكننا لم نتوصل لنتيجة، فقد بدا لي أن كل شخص يحرص علي ألا يعطي الآخر أي معلومة، وهذه للأسف مشكلة في كل المؤسسات الثقافية، ورغم ذلك، خلال الثلاث سنوات الماضية لم يحدث تكرار إلا في عمل أو اثنين من ضمن 50 كتابا".
لا توزع السلسلة بالخارج، لأنها بالكاد تكفي محليا كما يؤكد دومة: "نحن نطبع 2000 نسخة، وبحسب المعلومات التي تصلني من التوزيع أنهم ينتهوا خلال 48 ساعة، فالسلسلة صغيرة وكل ما نصدره حوالي 10 أعداد في العام الواحد، كما أن التعامل مع الأعمال الحديثة يحتاج حقوقا من دور نشر خارجية، وهي مسألة في حاجة إلي عدد أكبر للعمل في السلسلة وخطة، مما سيضاعف تكاليف الكتاب؛ في حين أننا نبيع بالسعر الشعبي، فنحن في النهاية اثنين فقط نعمل بالسلسلة، أنا والأستاذ لطفي السيد المترجم، مدير التحرير والمسئول عن كل ما هو إداري فيها ويبذل كثيرا من الجهد، وقد انشأ بجهد فردي صفحة خاصة بالمائة كتاب علي موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، ننشر عليها أول بأول أخبار ومعلومات عن السلسلة وكتبها، وعليها إقبال جيد".
المائة كتاب هو مجموع الكتب التي اختيرت لترجمتها من تراث الأدب، ويرجع د.خيري سبب اختيارها إلي: "اكتشفت أن تلك الأعمال الكبري ليست موجودة في أيدي الناس، وبالتالي روائع الأدب العالمي التي يتحدث عنها الناس لم يقرأوها، ولذلك اتجهنا لتوفيرها بمشروع المائة كتاب، واللهفة الشديدة عليها تؤكد نجاحها".
أما في سلسلة "آفاق عالمية" الصادرة عن هيئة قصور الثقافة، فالأمر مختلف مع رئيس تحريرها الشاعر رفعت سلام، فالمترجم فيها لا يختار، لأن هناك قائمة يعملون علي إنجازها في السلسلة، وعندما يحدث اتفاق يكون علي أحد الأعمال التي تضمها، ويوضح سلام: "عندما أنجزت القائمة قمت بمراجعة كل الأفكار والبيانات، وإذا كانت تلك الكتب نشرت من قبل أم لا، ومستوي الترجمة السابقة، فهذا عملت عليه بعدما تم تكليفي بالسلسلة واستغرق ستة أشهر من استلامي للعمل حتي أتممتها، ولكننا ليس لدينا قوائم للمترجمين المختلفين للأسف في أي مؤسسة ثقافية، لكن بما أنني موجود في المجال فأنا أعرف كثيرا من المترجمين في اللغات المختلفة وخاصة الإنجليزية والفرنسية، ولذلك حتي الآن أنا قادر علي العمل بدون قوائم، وعندما أعلم أن هناك مترجما جيدا وأري عمله لا مشكلة لدي في الاتصال به، فجزء منهم كنت أعرفهم من قبل حتي وإن كانت معرفة غير شخصية، وجزء آخر تعرفت عليه خلال العمل في السلسلة".
والوضع نفسه كالسلسلة السابقة، المسئولان عنها شخصان هما رئيس التحرير ومدير التحرير، لا يوجد فريق عمل أو أي شخص إضافي يمكن تكليفه بأي شيء، وبالطبع لا يوجد تنسيق، فيؤكد سلام علي ما سبق طرحه: "المشكلة في المؤسسات الثقافية المصرية أنه لا يوجد تنسيق، فقد حدث بعدما توليت مسئولية السلسلة أن أخبرتني رئاسة هيئة قصور الثقافة التي تصدرها أن هناك بروتوكولا للتعاون مع المركز القومي للترجمة وبالفعل تقابلت مع الشخص المسئول هناك ولكننا لم نتمكن من الوصول لنتيجة معا، وبالتالي أنا أعمل من قائمتي".
مشاريع الترجمة أصبحت الآن عصية علي الحصر، لكنها جميعا تعمل بالمنهج نفسه، فكان من الطبيعي أن تتكرر الأخطاء، والعناوين، فما يترجم في مصر ربما لا يصل لغيرها، وما يترجم في غيرها لا يصلها، بالإضافة لضعف التراجم أحيانا، وتعثر المشاريع في كثير من الأحيان. تعاني عملية الترجمة في مصر من تخبط وعشوائية..جملة لن نمل من تكرارها حتي يتدخل أحد ويفك هذا الطلسم.
من المفترض أن المركز القومي للترجمة هو الأساس في حركة الترجمة بمصر؛ بل والوطن العربي، إلي جانب عدد من السلاسل في هيئتي الكتاب وقصور الثقافة، وبعض مجهودات دور النشر الخاصة، ولكن بينهم جميعا لا يوجد أي تنسيق أو تكامل، بل هي حالة من العشوائية كما تصفها د.سهير المصادفة، رئيس سلسلة الجوائز الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب، قائلة: "لقد حضرت أكثر من مؤتمر واجتماع، نعرض الأمر علي كل رؤساء المركز القومي للترجمة تقريبا، أننا نريد بنك معلومات لكل ما تُرجم في الثقافة العربية وببلوجرافيا بأسماء المترجمين، نطالب بذلك منذ خمس سنوات في المؤتمرات، وسنتين في اللجان؛ التي يحضرها رؤساء المركز المتتابعين، فكلما نحاول البدء في العمل يتغير وزير أو مدير، والبيروقراطية المصرية شديدة الصرامة، كما أنه لا توجد قناة بين من يقترح أفكارا خلاقة وبين الجهات العليا التنفيذية، ومن ثم كل المترجمين ومديرو المراكز رأيهم استشاري ومجرد توصيات لا تتم، فلا أحد وإن كان يملك مال قارون يستطيع الاضطلاع بذلك العمل إلا من خلال وزارة الثقافة ومن مصر تحديدا".
وتستكمل المصادفة: "أعرف جيدا أن هذا الملف لدي جميع وزراء الثقافة السابقين وأنه رُفع للمركز القومي للترجمة عن طريق لجنة الترجمة، وتم تكليفهم بهذا العمل الضخم كأول إنجازاته ولكن لا من مجيب، فمهما كانت تجارب العالم العربي رائدة وكبيرة، إلا أن مصر هي المنوط بها أن تقوم بذلك، ولكن لكي نتحدث بصراحة، منذ متي وهناك استراتيجية ومشروعات كبري في وزارة الثقافة لكي تنهض بمثل هذه الأفكار؟".
لم تكن الببلوجرافيا هي المطلب الوحيد للقائمين علي الترجمة، وإنما طالبوا أيضا بإنشاء مجلة متميزة تتابع ما يحدث يوميا في العالم من أجل طرحه علي المترجمين ومراكز الترجمة المختلفة في العالم، وهو ما تعثر أيضا وكانت النتيجة مجلات دون المستوي لم يوافق عليها كل العاملين ورؤساء ومديرو مراكز الترجمة، وتؤكد المصادفة بحدة: "لابد من محاسبة كل من كان في مواقع المسئولية عن المشروعات الكبري التي تليق بمكانة مصر ولم ينفذها، لقد بُح أصوات المترجمين والعاملين علي مراكز الترجمة لكي ينفذ مشروعهم، فلماذا لم يتم ذلك حتي هذه اللحظة؟ لأن الأمر يحتاج إلي إرادة وأن يستيقظ مدير المركز القومي للترجمة صباحا ويخاطب جميع مراكز الترجمة، ويكلف فريق كامل ليعمل علي أرشيف مصر الأكبر والأضخم والأكثر تأثيرا عبر موجتين للترجمة، هما اللتان ما زلنا نعمل عليهما حتي هذه اللحظة، نحن في حاجة إلي شخص لديه خيال إداري خلاق يختلف عمن خاطبناهم من قبل، فكل الملفات مطروحة علي وزارة الثقافة وحبيسة في الأدراج منذ فترة طويلة، فقد كنا نقول قبل الثورة أن هناك نظام لا يقوم بتفعيل إلا ما يريد، ولكن حتي بعد الثورة ظل الأمر في وزارة الثقافة كما هو عليه ولم تشهد أي مشروعات أو رؤي خلاقة جديدة علي الإطلاق، ومنها هذا، الموجود في أدراج المركز القومي للترجمة ووزير الثقافة السابق، وأدراج لجنة الترجمة التي بُحت أصوات جميع أعضائها، ولكن للأسف دورهم استشاري ولا يمتلكون أي إرادة أو أدوات لتنفيذ ما يليق بمصر ووزارة معاصرة، وأحاول حاليا أن ألحق الجوائز الكبري لهذا العام قبل الآخرين، وأن أضع علي رف المكتبة العربية كتاب يترجم لأول مرة لطبيعة السلسلة، ولكن بقية الأعمال الفكرية والأدبية والعلمية بالفعل تشهد قدرا كبيرا من العشوائية، لأننا نحتاج بنك معلومات وتنسيقا بين كل مراكز الترجمة، ولذلك عندما وجدت الوضع بذلك الاتساع والعشوائية، وضعت خريطة خاصة جدا لتوصيل ما لم يكن موجودا في مصر قبل سلسلة الجوائز إلي المواطن، سواء رواية أو عملا أدبيا أجنبيا مترجم، كما وكيفا، وشكلا وموضوعا، وبطريقة لائقة للمكتبة العربية، بدلا من شرائنا لهذه الأعمال المترجمة من دور النشر العربية، كما أن الأعمال المشتراه ستكون بطريقة شرعية تحافظ علي حقوق الملكية الفكرية، وهو ما سيساعدنا كثيرا عندما نقوم بعمل بنك المعلومات، لأنه سيعرف جيدا من حصل علي تلك الحقوق ومن الذي ترجم العمل للمرة الأولي والثانية وهكذا، فتلك مسألة ترتيب للمكتبة العربية من بدايتها إلي نهايتها".
لا يوجد تنسيق بين أي مكان يتم فيه الترجمة بمصر مع الآخر، ولذلك أضحت العلاقة بين الهيئات المختلفة التي تترجم تنافسية وليست تكاملية، ولكن هناك جهات أخري تترجم كتبا بطريقة غير شرعية وبها تعد علي حقوق الملكية، فتقول د.سهير: "يحدث أحيانا أن اتفق مع دار النشر أو المؤلف أصحاب الكتاب ثم تسمع دار نشر ما عنه من الصحافة أو بأي وسيلة فيتم السطو عليه، وقد حدث ذلك بالفعل مع دار نشر عربية، في تلك الحالة نلجأ للقانون والقضاء، وبصرف النظر عن ذلك؛ إذا تواجد ثمة عمل مؤسسي ضخم مركزي موثق ومفتوح علي الانترنت يخص المركز القومي وينشر دائما ما سيترجمه هذا الشهر من أعمال بناء علي حصوله علي حقوق ملكيتها الفكرية وأن هذا المترجم يعمل الآن علي ترجمة هذا العمل، سواء كان ذلك من خلال موقع أو مجلة ضخمة تليق بالترجمة في مصر، تنشر قائمة بما يجب أن يكون في المكتبة العربية الآن ولم يترجم بعد للراغبين في ترجمته، إذا كان كل هذا موجودا لما كانت ثمة عشوائية، ولنهضت عملية الترجمة في العالم العربي كله وليس بمصر فقط، وحينها لن تضيع الأعمال ولا جهد المترجمين أو حقوق المؤلف".
وإذا كان التنسيق لا يحدث بالداخل، فمن الطبيعي أنه غير متواجد مع الجهات الأخري بالخارج، تستكمل المصادفة: "نحن نحتاج أولا ببلوجرافيا شديدة الضخامة تحتاج إلي عمل مؤسسي منتظم، ثم دورية للترجمة تصدر بشكل محترم وموجهة إلي المترجمين وأقسام اللغات في الجامعات المختلفة، ووضع هذه الببلوجرافيا لتكون متاحة إلكترونيا لكل المهمومين بالترجمة، كما نحتاج إلي بيانات شهرية من كل مراكز الترجمة عن إصداراتهم ونشاطهم، وببلوجرافيا كاملة لكل مترجمي العالم العربي للتواصل معهم، بحيث أنهم يكتبون في هذه المجلة أو هذا الموقع، ومن ثم يعرفون أن هذا الكتاب تمت الثقافة".
بدأت المصادفة رحلتها مع سلسلة الجوائز بحلم بسيط يتمثل في ترجمة أعمال أدبية متفق علي جودتها من لجان تحكيم كبري، تبدأ من نوبل أكبر الجوائز الأدبية وحتي أصغر جائزة محلية، ولذلك تعتبر أن السلسلة لها خصوصية وبعيدة تماما عما يحدث في الترجمة، لأنها شديدة الوضوح وأهدافها محددة، كما أن خريطتها شديدة الاتساع، وتوضح: "أحرص علي اختيار أعمال ترجمته وعليهم أن يترجموا غيره، ولكن للأسف كل المشروعات الضخمة يقف أمامها قدر لا بأس به من أبالسة البيروقراطية والقوي التنفيذية في هذه الوزارة".
واستكمالا للتعطيل والإهمال، فإن الإدارت التي من دورها العمل علي المواقع الإلكترونية الخاصة بالهيئات والسلاسل المختلفة لا تفعل ذلك، ولذلك أنشأت د.سهير صفحتين علي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لسلسلة الجوائز، واحدة بالإنجليزية والأخري بالعربية، لدور النشر الأجنبية ولكل المترجمين والمهتمين بالترجمة، ليكونا بمثابة موقع، فتقول: "إنهم يتابعونه جيدا في الخارج، وللأسف عندما أفتح أي موقع وأنا في الخارج لأي قطاع من قطاعات وزارة الثقافة لا أجده مفعل بأي شكل من الأشكال".
وتستمر مشكلة التنسيق مع د.خيري دومة، رئيس سلسلة ميراث الترجمة التي تصدر عن المركز القومي للترجمة، فيقول: "عندما توليت إدارة السلسلة حاولت التنسيق مع الجهات الأخري، ولكننا لم نتوصل لنتيجة، فقد بدا لي أن كل شخص يحرص علي ألا يعطي الآخر أي معلومة، وهذه للأسف مشكلة في كل المؤسسات الثقافية، ورغم ذلك، خلال الثلاث سنوات الماضية لم يحدث تكرار إلا في عمل أو اثنين من ضمن 50 كتابا".
لا توزع السلسلة بالخارج، لأنها بالكاد تكفي محليا كما يؤكد دومة: "نحن نطبع 2000 نسخة، وبحسب المعلومات التي تصلني من التوزيع أنهم ينتهوا خلال 48 ساعة، فالسلسلة صغيرة وكل ما نصدره حوالي 10 أعداد في العام الواحد، كما أن التعامل مع الأعمال الحديثة يحتاج حقوقا من دور نشر خارجية، وهي مسألة في حاجة إلي عدد أكبر للعمل في السلسلة وخطة، مما سيضاعف تكاليف الكتاب؛ في حين أننا نبيع بالسعر الشعبي، فنحن في النهاية اثنين فقط نعمل بالسلسلة، أنا والأستاذ لطفي السيد المترجم، مدير التحرير والمسئول عن كل ما هو إداري فيها ويبذل كثيرا من الجهد، وقد انشأ بجهد فردي صفحة خاصة بالمائة كتاب علي موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، ننشر عليها أول بأول أخبار ومعلومات عن السلسلة وكتبها، وعليها إقبال جيد".
المائة كتاب هو مجموع الكتب التي اختيرت لترجمتها من تراث الأدب، ويرجع د.خيري سبب اختيارها إلي: "اكتشفت أن تلك الأعمال الكبري ليست موجودة في أيدي الناس، وبالتالي روائع الأدب العالمي التي يتحدث عنها الناس لم يقرأوها، ولذلك اتجهنا لتوفيرها بمشروع المائة كتاب، واللهفة الشديدة عليها تؤكد نجاحها".
أما في سلسلة "آفاق عالمية" الصادرة عن هيئة قصور الثقافة، فالأمر مختلف مع رئيس تحريرها الشاعر رفعت سلام، فالمترجم فيها لا يختار، لأن هناك قائمة يعملون علي إنجازها في السلسلة، وعندما يحدث اتفاق يكون علي أحد الأعمال التي تضمها، ويوضح سلام: "عندما أنجزت القائمة قمت بمراجعة كل الأفكار والبيانات، وإذا كانت تلك الكتب نشرت من قبل أم لا، ومستوي الترجمة السابقة، فهذا عملت عليه بعدما تم تكليفي بالسلسلة واستغرق ستة أشهر من استلامي للعمل حتي أتممتها، ولكننا ليس لدينا قوائم للمترجمين المختلفين للأسف في أي مؤسسة ثقافية، لكن بما أنني موجود في المجال فأنا أعرف كثيرا من المترجمين في اللغات المختلفة وخاصة الإنجليزية والفرنسية، ولذلك حتي الآن أنا قادر علي العمل بدون قوائم، وعندما أعلم أن هناك مترجما جيدا وأري عمله لا مشكلة لدي في الاتصال به، فجزء منهم كنت أعرفهم من قبل حتي وإن كانت معرفة غير شخصية، وجزء آخر تعرفت عليه خلال العمل في السلسلة".
والوضع نفسه كالسلسلة السابقة، المسئولان عنها شخصان هما رئيس التحرير ومدير التحرير، لا يوجد فريق عمل أو أي شخص إضافي يمكن تكليفه بأي شيء، وبالطبع لا يوجد تنسيق، فيؤكد سلام علي ما سبق طرحه: "المشكلة في المؤسسات الثقافية المصرية أنه لا يوجد تنسيق، فقد حدث بعدما توليت مسئولية السلسلة أن أخبرتني رئاسة هيئة قصور الثقافة التي تصدرها أن هناك بروتوكولا للتعاون مع المركز القومي للترجمة وبالفعل تقابلت مع الشخص المسئول هناك ولكننا لم نتمكن من الوصول لنتيجة معا، وبالتالي أنا أعمل من قائمتي".