ألف ليلة و ليلة هند السليمان - شهريار.. قاتل أم منقذ؟

شهريار، البطل المُبعد من الحكاية. الكل سمع عن الليالي، إما بقراءة الحكاية مباشرة أو ما تسرب إلينا عبر الشعر والرواية وبقية الفنون الأخرى. فما الذي نعرفه عن شهريار؟ محور الليالي تتناول قصة المرأة التي أنقذت الملك عبر الحكاية، ولكن من هو هذا الملك؟ ما عمره؟ ما عدد أبنائه؟ هل له أولاد من زوجته الأولى أم لا؟ ما هي طباعه؟ حتى اسم أبيه لا نعلمه.


شهريار يحضر في الحكاية خلال تقاطع مسار حياته مع ثلاث نسوة: زوجته الأولى (الخائنة)، والمرأة في قمقم الجني، وشهرزاد (المُخلصة). وهناك حضور آخر لشهريار مع أخيه شاهزمان. يتواجد شاهزمان في موضعين من الحكاية: مع المرأة الأولى، فهو من كشف خيانتها ليُخبر شهريار بذلك. وللأخ موقف حاد من الخيانة، فقد عانى مؤخراً من خيانة زوجته، ما دفعه لقتلها. شاهزمان حضر مع المرأة الثانية، المرأة التي حبسها الجني في القمقم خوفاً من هربها أو من خيانتها. في غفلة من حارسها ومقيدها الجني، لم يمنعها القمقم من ممارسة الجنس مع كلا الأخوين. وفوق هذا، استحصلت تذكاراً لهذا من كليهما، كما الخمسمئة وسبعين رجلاً قبلهما. أما مع شهرزاد، المرأة الأخيرة في حياة شهريار، فيغيب الأخ ولا نسمع عنه إلا في نهاية الحكاية حين تزوج الأخت الصغرى لشهرزاد، دينارزاد.

غموض كبير يحيط بشخصية شهريار بما يثير التساؤل، فلا معلومات وافية عنه. أغلبية الحديث يتركز حول عظمة شهرزاد، حتى الأبحاث والدراسات حول شهرزاد، ليكون شهريار مجرد طيف يتم استدعاؤه عند الحاجة. في النص العربي، نزار قباني وحده فعلها، كعادته المشاكسة. المفارقة أن حديث قباني عن شهريار كان في قصيدة عنوانها (دموع شهريار) في إشارة إلى وحدة شهريار وسط الجنس المبتذل حوله. يا لبؤسك يا شهريار! لم ينصفك التاريخ ويمجدك، كما فعل مع زوجتك. هل انتصرت شهرزاد على شهريار، فمجّدها التاريخ، عملاً بقاعدة المنتصرون وحدهم يصنعون التاريخ، أو هو حكايتهم؟ لعله. ولكن هذا يدفعنا للتساؤل: كيف انتصرت شهرزاد؟ وهل حكاية شهريار مجرد إعادة لحكاية الوحش الذي روضته المرأة/الحب؟

شاهزمان قتل زوجته فور علمه بخيانتها، كما هو متوقع من رجل ذي حمية، ألا يسمى هذا النوع من القتل بجريمة شرف؟ قتل مقدس يستجلب فيه الفرد الشرف، لأنه طهر الرذيلة بالدم المسفوك. شهريار لم يقتل زوجته على الفور، بل اختار الهرب. هروب الحائر، هروب من يعيش صراعاته الداخلية دون قدرة على تحديد المصير، كما أحد أبطال مسرح شكسبير. كروح هاملت التي عاشت صراعاً بين تنفيذ العدل، وإيجاد تعريف للعدالة وسط فوضى صخب العواطف في الموقف الذي اختبر. شهريار دخل صراعاً غير محسوم، عاش ارتباكات لم يجد في السائد والمعتاد إجابات كافية ترضيه، لذا قرر الهرب بدل الفعل غير المُتيقن، القتل. وحين لم يجد بديلاً، بل وعززت له فتاة القمقم فكرة خيانة النساء، عاد للقصر وللمصادفة، ليطلع مباشرة على خيانة الزوجة، وكأن في تكرار الخيانة تأكيداً احتاجه شهريار ليُقدم على الفعل الذي ظل متردداً حوله. حينها، لم يكن من بدٌ من القتل، قتل الخائنة، فذلك هو الجواب الوحيد الذي أستطاع الوصول إلية. لتنطلق رحلة شهريار المحمومة في قتل النساء. لم يصدر أمراً بقتل نساء المدينة، جميعاً في ليلة واحدة، كما الفرعون الذي دفعه خوفه ليصدر قراره بقتل كل أطفال المدينة. شهريار، وليتخلص من فجيعته، أراد أن يكون القتل لا عاماً على كافة النساء، بل محصوراً (بالزوجة) فقط. ولهذا كان يتزوج كل ليلة زوجة جديدة، لينفذ العدل في الزوجة. العدل الذي تأخر وتردد في تنفيذه أول مرة، ولكن لا تردد بعد ذلك.

شهريار ومع كل يوم جديد، كان يتزوج عذراء جديدة، ليقتلها في الصباح التالي. أن تمارس الجنس مع جسد، لا تاريخ ولا لغة مشتركة بعد بينكما، وفي الغد يتكرر الأمر مع أخرى وأخرى. يمتد الأمر لثلاث سنوات، لألف مرة يتكرر الأمر، أي متعة هنا؟ بمنظار ذكوري تقليدي قد يُعد فانتازيا أيروتيكة مثيرة جداً. ولكن لنوسع حلقة الرؤية أكثر، مع حياة ينحصر نمطها ما بين مُلك ومضاجعة جسد جديد وغريب كل ليلة، بلا أصدقاء للحديث، أو خليلة للسمر، أو أنداد للتحدي، لا أجد هذا إلا فعل عصابي يفعلها من يهرب من ضجر يحيط به. كأحد الأفعال القهرية التي تُلح على الفرد ليكررها دون مبرر أو حاجة لذلك، كمن يعيد صلاته عشر مرات، ففي كل مرة، لم يتأكد من حُسن أدائه، فيعيد ويعيد ذات الفعل، دون وصول!

شهريار كرر الأمر ألف مرة، وفعل شهريار كان قتلٌ لا صلاة. أمن المعقول أن من بين الألف امرأة اللاتي قتلهن، لم توجد امرأة تستحق ليلة أخرى أو حتى نصف نهار إضافي؟ هل عرف أسماءهن؟ هل نظر في أعينهن ولاحظ بريقهن؟ ألم تجذبه ابتسامة بريئة أو ضحكة مغناج؟ ألم يغويه جسد لليلة إضافية؟ بعض التأويلات تشير إلى إصابة شهريار بالعجز الجنسي بعد خيانة زوجته، لذا كان يقتل زوجاته العذراوات حتى لا ينكشف أمره، بل وهناك من يقول إنه عنّين منذ البداية، وهذا هو سبب خيانتها. من جهة أخرى، أليس في الوصول إلى ذات النتيجة في كل مرة، قتل العروس في الصباح التالي، دلالة على أن الأمر يسير برتم محدد مسبقاً؟ وكأنها طقوس شعائرية يكررها العبد بإخلاص وبذات الوتيرة، دون جرأة السؤال عن المغزى. كما الأضحية حين تُقدم. كل ما يريده مُقدم الأضحية أن تُقبل أضحيته، لذا يختار أفضلها. بمعنى نفسي، لا عروس جديدة كل ليلة، بل ذات العروس وذات المشهد يتكرر. عروس لا تملك سوى جسدها لتُقدم، ليكون هذا الجسد هو مصيرها، فناء الجسد قتلاً وفناء الصبية. عمّا كان يبحث شهريار؟ وهل كان ينتقم أم يبحث؟ ألهذا قدم الأضاحي في كل ليلة ليشفع له هذا بجواب مقدس؟ شهريار بحث عمّا لا يعرف كنّته، فلم يستطع تحديد أي مغامرة يخوض. أهو المُلك ما منعه عن مطاردة السؤال بداخله، أم غموض السؤال؟ أهو ضجر المُترف، أم انتقام المغدور؟

المصادر لا تترك الكثير حول شهريار، مما لا يمنح مجالاً ليقين في القراءة، ولكن لا يلغي إمكانية تقديم تفسيرات مرجحة، إن امتلكنا قدراً معقولاً من المنطق والخيال. هل كان شهريار يبحث عن امرأة مختلفة، وبالتالي لم تُرضه أياً من النسوة اللاتي تزوجهن. هل خيانة الزوجة الأولى هو ما حرك هذه الرغبة؟ تلك الخيانة، لم تكن مجرد حادثة طُعن فيها رجل في شرفه، فكان عليه غسل عاره ليستكمل حياته. الفعل أربك شهريار وهز قناعاته، لتستيقظ الأسئلة بداخله: معنى الشريكة/الزوجة، من هي المرأة ومن هو الرجل، ما الذي يريدانه من بعضهما وما يريدان من الحياة. هذا الارتباك هو ما جعله يهرب عجزاً عن اتخاذ قرار وبحثاً عن جواب. أول جواب وجد، كان مع فتاة القمقم، جواب يقول إن المرأة تستطيع فعل ما تريد، إن أرادت. الإرادة هنا، تم حصرها بفعل الخيانة، وهي ذات الورطة التي يختبرها شهريار. جواب الفتاة حرضه لينفذ قرار القتل، إلا أن هذا لم يُشف قلقه. فتوجهت المغامرة إلى النساء بحثاً عن إجابة، من النساء وعبرهن التمس الجواب. ألم تكن الزوجة الأولى/المرأة هي من بث السؤال، فلعل الجواب لن يُوجد إلا عند النساء. هو لم يختار المغامرة في المكان، وتجواب أراضي الله الواسعة ليجد إجابته، بل جعل البحث عن إجابة في أجساد النساء! فكان جسد المرأة يتجدد له كل ليلة، دون أن يجد الجواب الشافي، وهل يمتلك الجسد وحده يقين الجواب؟ حتى وإن امتلك، (فلا أحد يعلم ما يستطيعه الجسد) كما عبر سبينوزا. حتى وصلت شهرزاد، ليكتشف أن الجواب ليس محصوراً في جسد المرأة وحده بل في حكاياتها أيضاً.

في الليلة الأولى، أول حكايات شهرزاد، كانت عن الغفران، أهذا ما كان يحتاجه شهريار؟ غفران لزوجته الأولى وغفران من زوجاته الألف اللاتي قتلهن دون ذنب؟ أمضى شهريار ليلته الأولى مع شهرزاد، الصبية الجميلة ذات البشرة الغضة والعيون الواسعة والفم كحبة الكرز، يستمع لحكاية التاجر مع العفريت. لم يكن هذا الجسد الغض وحده ما يسعى إليه. عالم شهريار محاط ومليء بالأجساد ويعلم أن خلاصه ليس في تلك الأجساد، بل فيما وراء الجسد، في الحكاية، في الروح التي تنقل الحكاية. وهنا نستشهد بنص قصير وفاتن لأنسي الحاج:

(ماهو الجنس؟

هو تلك اليد،

وراء الصوت)

فهل هذا ما كان يبحث عنه شهريار، اليد وراء الصوت؟ هل كانت شهرزاد الصوت الذي يحمل الجواب؟ ليس أي صوت. بل صوت يمتلك الحكاية. ومن تستطيع امتلاك الحكاية إلا امرأة متجاوزة، كشهرزاد. هل وجد شهريار خلاصه في الحب؟ هل أحب شهريار شهرزاد دون النساء، ليعزلها عن البقية فتبرز وحدها لا شريك لها، ولهذا استطاعت وحدها إنقاذه؟ هل أحبها أم أحب الحكاية؟ ألعلها هي الحكاية. ما يمنح شهريار العظمة، أنه أحب شهرزاد/الحكاية. من نحب، وكيف نحب وكيف نعبر عن حبنا هو ما يكشف عن شخصيتنا الأصيلة. فمن نحبه هو الآخر الذي نريده ليكون الأقرب لذاتنا حد الامتزاج، نُسقط فيه كل الامتيازات المتوقعة والمأمولة في الآخر/آخرنا. قصص شهرزاد تكشف شخصيتها، روحها، شغفها، وهذا ما أحب شهريار. قصة (سيف الملوك) التي حكتها شهرزاد كانت قصة محرمة على النساء والأطفال والعبيد والجواري والسفهاء معرفتها أو حتى الاستماع لها. فكيف وصلت إلى شهرزاد، ولماذا لم تخش من نقلها؟ في الليالي تأكيد على أن شهرزاد اطلعت على الكتب، حتى غير المألوف منها بين الرجال. أهذا ما كان يبحث عنه شهريار، امرأة استطاعت الاطلاع على ما هو حكر على الرجال؟ شهرزاد لم تخاطب شهريار بجسدها الأنثوي فقط. الجسد الذي حدده المجتمع لها، فلا عيب أو عار في الجسد الأنثوي، ولكن الإشكالية في الجسد القابع في الاشتراطات المحددة له مسبقاً، بحيث يصبح جسداً ذا بعد واحد، جسداً مطواعاً منفذاً بلا خيال أو جموح. شهرزاد كانت المرأة التي استطاعت إعادة تشكيل هويتها كما ترغب، لتكون نداً لشهريار، وفي نديتها استطاعت أن تكون مُخلّصة له.

شهرزاد، وهنا مكمن العبقرية، لم تقدم صك براءة للمرأة أو للرجل، أو إجابة مباشرة على السؤال المقلق لشهريار: لماذا تخون المرأة؟ شهرزاد، عبر الحكايا، قدمت موزيك للتنوع البشري، ففي هذا التنوع يكمن الجواب. حكايا لمغامرات أبطال خاضوا تجارب عنيفة بمشاعر إنسانية متنوعة وحادة. المغامرة، جزء من تجربتنا، غادرنا المكان أم بقينا. في مغامراتنا نصادف من يلهبون آمالنا، ومن لا يفعلون، بل يكونون جزءاً من خيبتنا. هذا ما عرضته الحكايا. الحب والجنس تواجدا بكثافة في الحكايا، برسالة مغزاها أن لا مشكلة فيهما، بل إن شكل علاقتنا بالآخر، هي ما تمنح الحب/الجنس ومجمل الحياة معنى. أما الخيانة، فالمرأة أو الرجل حين يخونا فلأن الخيانة، ببساطة، جزء من طبيعتنا الإنسانية. فعل الخيانة لا يحدث لأننا نستحق أن نتعرض لهذا، فلماذا نستقبل فعل الخيانة كجرح عميق في الروح يشابه الطعنة في الجسد، أو كشر يجب التخلص منه، بالقتل مثلاً. قتل الشر ليس سبيل الخلاص، سيظهر مرة أخرى. الشر في العالم وكذلك الخير، كلاهما لن ينتهيان، علينا أن نختار، نحن، طريقنا ونبتعد عمن تربك طرقهم مسارنا، دون شعور مثقل بالهزيمة. بعد ألف ليلة، أي بما يعادل الليالي التي أمضاها شهريار يقتل فيها النساء استطاع تطهير ذاته. شهريار تطّهر عبر الكلام، ليس أي كلام بل (كلام لا يدور فقط حول ما نعرف.. وإنما كذلك حول ما لا نعرف.. وذلك لأننا لا نبحث منها عن إجابة بل عن تأكيد لدهشتنا)، نقلاً عن مرلوبونتي عبر فتحي المسكيني. الدهشة، كانت الجواب الخلاصي لشهريار.

في نص بديع لعبدالفتاح كليطو عن الليلة الثانية بعد الألف يسميها (الليلة الخنثوية) فتلك الليلة (أبيض من وجه النهار، هذه الليلة تعد نهاراً لا مثيل له، إنها بلا فجر ولاغد. لا داعي لترقب النهار الموجود هنا مسبقاً والباهر أكثر من أي وقت مضى. لقد جعلت النهار، وهي تستأثر بنوره، عديم الجدوى، إذ لن يحدث ظهوره أية قطيعة ولا أي اختلاف. والحال، أنه عند انعدام النهار ينعدم الليل، ولن يكون ثمة سوى زمن معلق بين نهار وليلة، بين الذكوري والأنثوي، ما يؤدي إلى المؤالفة بين مبدأين متضادين). ينتهي النص لنتساءل: هل تمكنت شهرزاد من (المؤالفة بين مبدأين متضادين)، الذكورة والأنوثة بداخلها؟ فهي المكتملة الأنوثة، وهي وحدها من بين النساء من شغفت بقراءة الكتب، حتى المحضور منها على النساء، لتمتلك معرفة الرجال. أهذه هي المرأة التي أراد شهريار، والتي لأجلها قتل كل النساء في سبيل الوصول إليها، المرأة/الحلم. ألا يكون، شهريار، بهذا المعنى أيضاً، استطاع المؤالفة بين المتضادين؟ ولهذا فهو الملك، الذي حين يشاء يقتل النساء، وحين يشاء يستكين ليستمع للحكاية.

الصورة، بالتأكيد ليست كاملة البياض، ولا السواد كذلك. شهريار قد يُرى كقاتل، وقاتل للنساء تحديداً، كذكوري، شرس ومُنتقم، لعله كذلك. ولعله من زاوية أخرى، نسوي وُجد قبل أن يُوجد المصطلح! رجل أراد شكلاً آخر للعلاقة مع المرأة، امرأة تختلف عن السائد. ولأن ما يريده غير واضح لا في تصوره، ولا هو جليّ في زمنه، ولأن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي، فقد لجأ للقتل ليصل إلى مبتغاه. وكيف لا يفعل، وهو ملك في عصر يحق فيه للملك أن يشتري ما شاء من البشر: عبيداً وجواري وأن يقتل ما شاء دون أن يُسأل. ألم يتزوج حتى من ابنة وزيره الخاص، مع احتمالية أنها ستقتل في صباح اليوم التالي، دون أن يمتلك الوزير حق الاعتراض؟

شهريار امتلك فضيلة الاستماع. في كل ليلة يستمع لشهرزاد، لم يأمرها بالكف عن الثرثرة. كان ينتظر انتهاء صباح اليوم التالي، لتكمل بقية الحكاية. ألا يستمع من يقلقه السؤال، ومن يرى فيما يقوله الآخر ما يستحق. في حكايا شهرزاد، وتأكيداً لأهمية الاستماع، تحدثت عن العواقب الوخيمة لمن رفض الاستماع، كما في قصتي (الصياد) و(التمساح). فبطلي تلك الحكايا رفضا الاستماع لأن من يستمع يخضع، ولم يريدا الخضوع لإرادة أخرى. فيما شهريار أراد، الملك القادر على فعل القتل، قرر الاستماع، ولألف ليلة وليلة.

ألا تشتكي النساء من عدم استماع الرجال؟ عيادات العلاج الزواجي تمتلئ بمشاكل منبعها فقدان التواصل وغياب الإنصات بين الطرفين. شهريار استمع لحكايا امرأته لثلاث سنوات. كان يستمع لها وهي تقص حكايا لأختها الصغرى. هل يستمع الرجال لأحاديث زوجاتهم مع أخواتهن، أم يترفعون تعالياً باعتباره حديث (حريم) وصبية! ليس هذا فقط، شهريار أعاد اكتشاف شهرزاد، خلصها كما خلصته. فهو من منحها فرصة الحديث بما هو مغلق على الرجال فقط. منح الذكوري بداخل الأنثى فيها مجالاً، لتصبح أقرب للاكتمال الأنثوي. لعل كل امرأة هي شهرزاد، أو تمتلك بعضاً من طيفها. تُمضي عمرها تجمع الحكايا، تنظمها كجديلة سرية، تخفيها تحت طيات ملابسها. فهل تجد كل شهرزاد شهريارها، ليفك لها جدائلها المخفية، يحرر تلك الجدائل، جدائل قصص الصبية السرية؟



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى