علجية عيش - الإنتخابات الرئاسية في الجزائر بين مؤيد و معارض

المعارضة في الجزائر تضع السلطة بين خيارين: إمّا تأجيلها إلى 2020 أو مقاطعتها

يزداد الجدل تعقيدا حول الإنتخابات الرئاسية في الجزائر المزمع إجراؤها في الثاني عشر من ديسمبر القادم و مطلب “المعارضة” بإلغاء هذا الموعد و تأجيله إلى 2020 و الذهاب إلى مرحلة انتقالية، يتم فيها الفصل في كل الملفات و القضايا المتعلقة بالفساد و تطهير الساحة منه و على رأسها ملف الكوكايين و المتورطين فيه، و الكشف كذلك عن قائمة الذين أريد تصفيتهم في 2015 بعد تفكيك جهاز المخابرات ( الدياراس)، وفق ما جاءت به بعض التحاليل، فإن الحراك ليس ضد الإنتخابات و لكنه ضد العصابة وسيكون الشعب في النهاية هو السيد في تقرير مصيره بنفسه من أجل بناء جمهورية جديدة دون تكرار الأخطاء التي ارتكبت بالأمس باسم الشرعية الثورية
فالجدل كما أشرنا ما يزال قائما بين مؤيد و معارض لفكرة إجراء الإنتخابات الرئاسية بالتاريخ الذي حددته المؤسسة العسكرية، حيث قال بعض المحللين أن الجزائر منذ انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير 2019 لم تعد في يد العابثين بالقيم الثورية التي ضحى من أجلها الشهداء، بل يسهر عليها رجال في الخفاء جعلوا حياتهم للّه ثم الوطن، و على الشعب الجزائري اليوم أن يعي بأن قِوى الشر تتربص بالجزائر ، و لهذا وجب أخذ الحيطة و الحذر و الوقوف في وجه أعداء الجزائر خاصة في هذا الظرف بالذات، تشهد فيها البلاد آخر فصل من فصول اللعبة السياسية والتي تقتضي نهاية العهد القديم و بداية العهد الجديد ، فيه يزيد الحراك زخمه و يعود نشاطه لأنّ عموم الشعب عرف أن العصابة تُرِيد تطويعه تحت اسم من الأسماء، و كشف متتبعون أن هناك من الرجال يعملون في هدوء ويحافظون على مكسب الأمن، و أشاروا إلى الفريق محمد مدين المدعو توفيق، و اللعبة السياسية هي أن الرئيس القادم لن يكون بالتزوير.
و في ظل التطورات التي تشهدها الساحة الوطنية منذ الإطاحة بالرئيس عبد العزيز بوافليقة، يتابع محللون تحركات المعارضة و موقفها مما يصدر من قرارات، أمام انقسام الشارع حول الإنتخابات، فمنهم من رأى أنّ الباءات ليس لها تأثير كبير على مصير البلاد و مؤسساتها و بقاءها لا ينفع و لا يضر، و منهم من رأى أن النظام يريد تجديد نفسه بطريقة أو بأخرى حتى لو تطلب استخدام الحيل و الخدع، حينها بدأت سياسة التخوين والتفرقة، خاصة بعد صدور القائمة النهائية للمترشحين، التي ضمت وجوها محسوبة على الحزب العتيد، وهي في اللجنة المركزية بالرغم من عدم امتلاكها بطاقة انخراط ، أدرك الكثير من أنصار الإنتخابات المغرر بهم ، أنهم وقعوا ضحية مغالطة، و بذلك تعتبر المعارضة الإنتخابات فاقدة للشرعية، و من باب تنوير الرأي العام يكشف المعارضون للقرارات الفوقية و التي لم تنبع من إرادة الشعب، أن القائلين بأن دعوة الأقلية إلى رفض الإنتخابات سينتهي إلى المجلس التأسيسي غير صحيح، و هم بذلك يريدون تغليط الشعب، لأن إلغاء الإنتخابات لا يعني أن يكون المجلس التأسيسي هو البديل، بل يتم التعامل مع الوضع كما حدث مع الرئيس اليامين زروال عام 1994 عندما تم تعيينه وبعدها بسنة جاءت الإنتخابات.
ما هو ملاحظ أن الحراك الشعبي في الجزائر لم يعد قضية داخلية، بل تحول إلى رأي عام دولي، و أصبح الكل يدلي بمقترحاته من أجل إخراج الجزائر من الأزمة في ظل استمرار ثقافة الرفض للوجوه القديمة و المطالبة بتغيير جذري للنظام، فكيف إذن يفسر ترشح محسوبون على النظام القديم و مسؤولون في أحزاب قادتها ضمن العصابة و هم اليوم يقبعون في المؤسسة العقابية ( سجن الحراش)، و هذا ما يزيد من فقدان الشعب ثقته في السلطة و النظام ككل، و تمسكه بمواقفه التي رفعها في المسيرات الشعبية ، إلى درجة أنه أعلن مقاطعته الإنتخابات، حتى يحاكم جميع من تورطوا في الفساد و استدعاء من لم يتم استدعاءهم و أن تسحب أسماءهم من قائمة المترشحين النهائية ، و هم الذين أطلق عليهم رموز الدولة العميقة، أو الدولة المنكوبة إن صح التعبير، يبقى السؤال الجوهري كالتالي: لماذا يربط البعض الإنتخابات الرئاسية بقضية تفكيك الدياراس؟، و بالخصوص قضية الفريق محمد مدين الملقب بتوفيق، خاصة و أن هناك مطالب بكشف الحقيقة أمام الشعب ، أي أسباب إقالته و من معه و هو الذي كان و لا يزال كما يقول خبراء عسكريون من أقوى رجال المخابرات، و هو الوحيد الذي أدار ملف الإرهاب و أخرج الجزائر من عنق الزجاجة.
حسب التقارير الجميع على دراية أن حبل الوصال لم يكن قائما بين جهاز المخابرات والرئاسة، أي بين الفريق توفيق و الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، حيث ازداد عداء بوتفليقة له منذ 2010 بعدما بدأ جهاز الدياراس حملته ضد وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، و رفضه العهدة الرابعة، و كانت شكوك بوتفليقة و محيطه الإنتخابي تدور في فلك واحد و هو رغبة الفريق توفيق في الترشح للإنتخابات الرئاسية،أو اختيار حليفا له خليفة، فقرر بوتفليقة أن يتغذي قبل أن يتعشى به هو، في كل الأحوال الجزائر على ما يبدو في اتجاه الإنسداد، و لم يعد الجيش وحده الذي يدير شؤون البلاد، و يقرر في إجراء انتخابات أو تأجيلها إلى السنة المقبلة، و إنما الأمور في يد أصحاب النفوذ من رجال المال و الأعمال و المخابرات أيضا.
علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى