عدت في ذلك اليوم متأخرا، وما إن اقتربت من الباب حتى شعرت كأن أحدا داخل الشقة، وبينما أخمن وضعت المفتاح، بدت الحركة التي تأتي من الداخل لشخص داخل شقته، انفتح الباب، ورأيته أمامي بجلبابه الأبيض، واقف أمام المرآة يسوى العمامة على رأسه.
ويعدل من وضع العدبة الصغيرة المتدلية منها، والملقاة على كتفته. قبل أن أرحب به هجم علي ببسمته التي لا تفارقه وغيبني في حضنه، فهبت روائح المسك والصندل تفوح منه، قال: المرة دي ما لكش حجة؟!كنت أعرف أنه جاء لمولد الحسين، كعادته السنوية، وفي كل مرة يلح علي بالذهاب معه، وقد فعلتها مرة، لكني حرصت على ألا تتكرر، وها هو الآن يعيد طلبه، وكنت في كل مرة، كلما جاء، أقول له: اذهب لدراويشك، وآخر الليل تجدني هنا. لكن لهجته هذه المرة مختلفة، فقلت وأنا أرد الباب المفتوح: خيرا.
تشاغلت بوضع ما في يدي على الطاولة القريبة، وراح هو مرة أخرى للمرآة، كي يحبك العدبة، في كل عام يأتي من القطار إلى هنا مباشرة، حاملا معه ما وضعته أختي داخل كرتونة، يبقى قليلا، ربما يأكل لقمة ويشرب شايا، ويطلب مني الذهاب معه، وربنا يهديك، ثم يغادر وأنا أطالبه بالعودة، فيقول: حسب التساهيل. ثم يكمل وهو عند الباب: على العموم المفتاح معي.
يأخذ يومي المولد، ما بين الساحات والمقام والمقاهي، وربما يمر علي قبل أن يعود للبلد، وفي الغالب يصحب دراويشه في رحلة العودة دون أن يمر عليّ.
قال:
- سنزوج سكينة.
توقفت في المطبخ، وأنا أعد الشاي، تساءلت في سري: سكينة.. أليست صغيرة؟! وضعت السكر في كوبين وصببت الماء، ورحت إليه في الصالة، كان قد انتهى من وضع لمساته الأخيرة على العدبة اللطيفة فوق كتفه، قلت:
- أشرب الشاي.
قال:
- لا وقت.. أنا من بدري هنا.. أنت..
وضعت صينية الشاي على الطاولة، ورأيت الكرتونة الملفوفة بالحبل، وخطا هو نحو الباب، وقبل أن يفتحه قال:
- هذه المرة لن تقبل منك أية أعذار. يقصد أختي، قلت وأنا أتقدم نحوه:
ربنا يسهل. تبسم وهو واقف ممسك بمقبض الباب:
- مش تشاور عقلك وتنزل معي.
ضحكت وفتح الباب
وقبل أن أرد قال:
- الفرح زي النهارده.. بعد أسبوع. وترك الباب مفتوحا، وخطا نحو السلم القريب.
أحمد أبو خنيجر
ويعدل من وضع العدبة الصغيرة المتدلية منها، والملقاة على كتفته. قبل أن أرحب به هجم علي ببسمته التي لا تفارقه وغيبني في حضنه، فهبت روائح المسك والصندل تفوح منه، قال: المرة دي ما لكش حجة؟!كنت أعرف أنه جاء لمولد الحسين، كعادته السنوية، وفي كل مرة يلح علي بالذهاب معه، وقد فعلتها مرة، لكني حرصت على ألا تتكرر، وها هو الآن يعيد طلبه، وكنت في كل مرة، كلما جاء، أقول له: اذهب لدراويشك، وآخر الليل تجدني هنا. لكن لهجته هذه المرة مختلفة، فقلت وأنا أرد الباب المفتوح: خيرا.
تشاغلت بوضع ما في يدي على الطاولة القريبة، وراح هو مرة أخرى للمرآة، كي يحبك العدبة، في كل عام يأتي من القطار إلى هنا مباشرة، حاملا معه ما وضعته أختي داخل كرتونة، يبقى قليلا، ربما يأكل لقمة ويشرب شايا، ويطلب مني الذهاب معه، وربنا يهديك، ثم يغادر وأنا أطالبه بالعودة، فيقول: حسب التساهيل. ثم يكمل وهو عند الباب: على العموم المفتاح معي.
يأخذ يومي المولد، ما بين الساحات والمقام والمقاهي، وربما يمر علي قبل أن يعود للبلد، وفي الغالب يصحب دراويشه في رحلة العودة دون أن يمر عليّ.
قال:
- سنزوج سكينة.
توقفت في المطبخ، وأنا أعد الشاي، تساءلت في سري: سكينة.. أليست صغيرة؟! وضعت السكر في كوبين وصببت الماء، ورحت إليه في الصالة، كان قد انتهى من وضع لمساته الأخيرة على العدبة اللطيفة فوق كتفه، قلت:
- أشرب الشاي.
قال:
- لا وقت.. أنا من بدري هنا.. أنت..
وضعت صينية الشاي على الطاولة، ورأيت الكرتونة الملفوفة بالحبل، وخطا هو نحو الباب، وقبل أن يفتحه قال:
- هذه المرة لن تقبل منك أية أعذار. يقصد أختي، قلت وأنا أتقدم نحوه:
ربنا يسهل. تبسم وهو واقف ممسك بمقبض الباب:
- مش تشاور عقلك وتنزل معي.
ضحكت وفتح الباب
وقبل أن أرد قال:
- الفرح زي النهارده.. بعد أسبوع. وترك الباب مفتوحا، وخطا نحو السلم القريب.
أحمد أبو خنيجر