النص:
--------
ظنت أنها وحدَها قتيلتُه ، ظن أنه وحدَه قتيلُها ،فإذا بهما قتيلان..
والقاتل والمقتول في النار....
فاطمة العقاد ( مغربية مقيمة بإيطاليا)
--------------------------------------
قراءة في الومضة السردية :
**************************************
نلاحظ في ومضة الكاتبة (فاطمة العقاد) أن التناص الموظف -/القاتل والمقتول في النار/ - بقدرما يتناغم مع النص المصْدَر ويدخل في أمشاج مدلوله .. ينفر إلى أبعاد جديدة صادمة لأفق توقع المتلقي ،الذي يرن في ذاكرته الحكم الشرعي أولاً ، ليتجاوزه إلى حكم ثانٍ بما يشبه المجاز والتورية معا ؛فأما التورية فتثوي في كون المعنى المصْدَر /المقتبس من النص الديني/يُورّي المعنى المرغوب (المُوَرّى) الذي يتفرع عنه بالقياس علة وحكماً ، وهو ما سنبرزه من فض المجازالذي يبرز في العبور من نار العذاب الأخروي إلى نار الحب الدنيوي ،فيرتد بنا التأويل بحركة عكسية إلى ماسبق ؛فإذا القتل هنا مقصودُه التمحرق في الهوى، وإذا القاتل والمقتول سيانِ ،وهذه هي المادة الدلالية الجديدة في النص ، ولست أعني التسوية بين القاتل والمقتول في حكم التخريج/هما في النار/بل أقصد نزوع النص إلى التوحيد من ناحية أخرى؛ فمعنى ظن المحبوب أنه وحده قتيل محبوبته وظن المحبوبة أنها وحدها قتيلة محبوبها ؛أن القتل في الحب فاعلية وانفعال في وقت واحد فإذا القاتل قتيل ،وإذا القاتلة قتيلة ؛لأن الحب تبادلي إيجابا وسلبا ،خلاف القتل الحقيقي الذي لا مناص فيه من قاتل يحيا ،ومقتول يموت، فيغيب خط التوحيد إلا في استثناءات بعيدة كأن تكون ضربتا المتقاتلين متواقتة يموتان منها معا .
وبالعود إلى النص مرة ثانية ، وجدت منحى آخر لتميز النص ينضاف إلى الجانب الدلالي الذي وضحته سابقا ً،ويثوي في الجانب التركيبي والمعجمي والصوتي .ولابأس أن نضيف جانبا آخر يتعلق بالجانب الدلالي في البداية:
فلاحظ معي هذا الرسم التوضيحي:
نلاحظ في ومضة الكاتبة أنها تخضع لحلْية بديعية معنوية هي (الجمع بعد التقسيم ),فالجملة الأولى والثانية تنزعان إلى التقسيم ،والثالثة تخلق وشاح التضام بين الحَمْلين في حكم واحد يلغي التفريق الموهوم ، أما الجملة الرابعة فهي حكم تخريج بالاقتضاء، بقوة الدليل الشرعي أو الديني، وهي حجة راجحة ،لأن الحجة الدينية أقوى من الحجة المنطقية أو العقلية ،مادام العقل محدودا لما أريد به وله ، و لايحيط بالغيب مثلاً.
------
وفي ظل هذا التوزيع للجمل وفق منهج الاستقراء الذي يبدأ بالجزئي نحو الكلي ، نلمس مماثلة تركيبية بين مكونات الحملين 1 و 2 كما وضحتها بعزل المقولات / .../
ظنت/أنها /وحدها/ قتيلته
ظــــن /أنه/وحــده/قتيلها
وفي هذا التجاور تشتغل المماثلة الصوتية لتقريب النص السردي من الشعري ،بل إن المماثلة هنا تخضع لانضباط موقعي في الرتبة
(ظنت-ظن)/(أنها-أنه)/(وحدها-وحده)/(قتيله-قتيلها).
كما تنشأ علاقات معجمية عبر التكرير تقوي المماثلات الصوتية التي تخدم الإيقاع نوضحها في مايلي:(قتيلته-قتيلها-قتيلان-القاتل-المقتول).
إن نص جراح نص سردي بلبوس شعري ، نجح في إرباك مظنوننا الفكري لأنه جدد وعينا بالحب. والعنوانُ (جراح ) ،يوقعنا أيضا في فخ التأويل المعجمي المتسرع الذي يضطرّنا إلى إعادة النظر فيه ،للسفر من الجرح المادي إلى الجرح القلبـــــــي، فالجرح في باب الحرب سفر نحو الموت ، كما أن جرح القلب سفــرٌ نحو القتل ، كما بَرهن النص في دعْواه .
وقديما قال زهير بن أبي سلمى:
جراحات السِّنان لها التئام****ولا يلتام ماجرح اللسان
ولنتوسّع نحن قليلا لنقول على لسان الكاتبة :
ولا يلتام ما جرحَ الفؤادُ.
إن مزية أي نص مبدعٍ ليست فيما يقوله ،بل المزية في الكيف الذي يقول به .
فقليلة هي النصوص التي تفتح شهية العين الثالثة وتغري أقلامنا، ومنها هذا النص المتميز.
ذ:أحمد القطيب
--------
ظنت أنها وحدَها قتيلتُه ، ظن أنه وحدَه قتيلُها ،فإذا بهما قتيلان..
والقاتل والمقتول في النار....
فاطمة العقاد ( مغربية مقيمة بإيطاليا)
--------------------------------------
قراءة في الومضة السردية :
**************************************
نلاحظ في ومضة الكاتبة (فاطمة العقاد) أن التناص الموظف -/القاتل والمقتول في النار/ - بقدرما يتناغم مع النص المصْدَر ويدخل في أمشاج مدلوله .. ينفر إلى أبعاد جديدة صادمة لأفق توقع المتلقي ،الذي يرن في ذاكرته الحكم الشرعي أولاً ، ليتجاوزه إلى حكم ثانٍ بما يشبه المجاز والتورية معا ؛فأما التورية فتثوي في كون المعنى المصْدَر /المقتبس من النص الديني/يُورّي المعنى المرغوب (المُوَرّى) الذي يتفرع عنه بالقياس علة وحكماً ، وهو ما سنبرزه من فض المجازالذي يبرز في العبور من نار العذاب الأخروي إلى نار الحب الدنيوي ،فيرتد بنا التأويل بحركة عكسية إلى ماسبق ؛فإذا القتل هنا مقصودُه التمحرق في الهوى، وإذا القاتل والمقتول سيانِ ،وهذه هي المادة الدلالية الجديدة في النص ، ولست أعني التسوية بين القاتل والمقتول في حكم التخريج/هما في النار/بل أقصد نزوع النص إلى التوحيد من ناحية أخرى؛ فمعنى ظن المحبوب أنه وحده قتيل محبوبته وظن المحبوبة أنها وحدها قتيلة محبوبها ؛أن القتل في الحب فاعلية وانفعال في وقت واحد فإذا القاتل قتيل ،وإذا القاتلة قتيلة ؛لأن الحب تبادلي إيجابا وسلبا ،خلاف القتل الحقيقي الذي لا مناص فيه من قاتل يحيا ،ومقتول يموت، فيغيب خط التوحيد إلا في استثناءات بعيدة كأن تكون ضربتا المتقاتلين متواقتة يموتان منها معا .
وبالعود إلى النص مرة ثانية ، وجدت منحى آخر لتميز النص ينضاف إلى الجانب الدلالي الذي وضحته سابقا ً،ويثوي في الجانب التركيبي والمعجمي والصوتي .ولابأس أن نضيف جانبا آخر يتعلق بالجانب الدلالي في البداية:
فلاحظ معي هذا الرسم التوضيحي:
[ظنت/أنها /وحدها/ قتيلته
=//=
ظن /أنه/وحده/قتيلها
+
فإذا بهما قتيلان
=
والقاتل والمقتول في النار
=//=
ظن /أنه/وحده/قتيلها
+
فإذا بهما قتيلان
=
والقاتل والمقتول في النار
نلاحظ في ومضة الكاتبة أنها تخضع لحلْية بديعية معنوية هي (الجمع بعد التقسيم ),فالجملة الأولى والثانية تنزعان إلى التقسيم ،والثالثة تخلق وشاح التضام بين الحَمْلين في حكم واحد يلغي التفريق الموهوم ، أما الجملة الرابعة فهي حكم تخريج بالاقتضاء، بقوة الدليل الشرعي أو الديني، وهي حجة راجحة ،لأن الحجة الدينية أقوى من الحجة المنطقية أو العقلية ،مادام العقل محدودا لما أريد به وله ، و لايحيط بالغيب مثلاً.
------
وفي ظل هذا التوزيع للجمل وفق منهج الاستقراء الذي يبدأ بالجزئي نحو الكلي ، نلمس مماثلة تركيبية بين مكونات الحملين 1 و 2 كما وضحتها بعزل المقولات / .../
ظنت/أنها /وحدها/ قتيلته
ظــــن /أنه/وحــده/قتيلها
وفي هذا التجاور تشتغل المماثلة الصوتية لتقريب النص السردي من الشعري ،بل إن المماثلة هنا تخضع لانضباط موقعي في الرتبة
(ظنت-ظن)/(أنها-أنه)/(وحدها-وحده)/(قتيله-قتيلها).
كما تنشأ علاقات معجمية عبر التكرير تقوي المماثلات الصوتية التي تخدم الإيقاع نوضحها في مايلي:(قتيلته-قتيلها-قتيلان-القاتل-المقتول).
إن نص جراح نص سردي بلبوس شعري ، نجح في إرباك مظنوننا الفكري لأنه جدد وعينا بالحب. والعنوانُ (جراح ) ،يوقعنا أيضا في فخ التأويل المعجمي المتسرع الذي يضطرّنا إلى إعادة النظر فيه ،للسفر من الجرح المادي إلى الجرح القلبـــــــي، فالجرح في باب الحرب سفر نحو الموت ، كما أن جرح القلب سفــرٌ نحو القتل ، كما بَرهن النص في دعْواه .
وقديما قال زهير بن أبي سلمى:
جراحات السِّنان لها التئام****ولا يلتام ماجرح اللسان
ولنتوسّع نحن قليلا لنقول على لسان الكاتبة :
ولا يلتام ما جرحَ الفؤادُ.
إن مزية أي نص مبدعٍ ليست فيما يقوله ،بل المزية في الكيف الذي يقول به .
فقليلة هي النصوص التي تفتح شهية العين الثالثة وتغري أقلامنا، ومنها هذا النص المتميز.
ذ:أحمد القطيب