علجية عيش. -. موعد مع الموت..

هل الإنسان سيّد مصيره؟
قد يكون الموت طبيعيا، و هذه حالة بديهية، طالما الأمر يتعلق بالأجل، و قد يكون بطريقة أخرى، عندما يكون للإنسان موعد مع الموت ، و سواء كان الموت طبيعيا أو مقصودا ( متعمدا) هو في كل الأحوال حق على الجميع و الموت حتمية و لا مفر منه، لا نتحدث هنا عن الموت الميتافيزيقي، بل الموت الحقيقي الذي يصبح فيه الإنسان جثة هامدة، و وجب دفنه تحت التراب، رغم أن كلاهما تنفصل فيه الروح عن الجسد، أصحاب المذهب العقلي يرون أن الإنسان سيد مصيره ، أي أن له القدرة على أن يختار بين البقاء و العدم، و إن كان في مقدوره تحديد الطريقة التي يموت بها، لكنه لا يعرف متى؟ ( أي اختيار الزمن) لأن الظروف وحدها تحدد ذلك، الذين ينتحرون .. اختاروا الموت بإرادتهم، و أقبلوا عليه عن طواعية، ليس لأنهم ضعاف الشخصية أو فاقدي الإيمان و الوعي، بل هم أكثر وعيا بما يريدون الإقدام عليه، فضعيف الشخصية يتملكه الخوف من كل شيئ حتى من صراخ أمّه، و بالتالي لا يستطيع أن يقدم على الإنتحار..

الشجاع وحده الذي يغامر، ثم أن غياب العقل لا يمكن أن نطلقه على المجنون فقط، كما أن القضية لا تتعلق بالتدين و الإيمان فقط، أو أنها مرتبطة بالجهل، فكم قرأنا عن مثقفين من أطباء و فلاسفة انتحروا و وضعوا حدا لحياتهم عن طريق الشنق او ابتلاع أدوية بكميات كبيرة أو انتحروا بالرصاص، قد يفقد كل منّا السيطرة على نفسه في لحظة اليأس و يعجز عن المقاومة و الإستمرارية يرى الدنيا بلون اسود، عندما لا يجد اليد التي تمتد إليه، و االقلب الذي يسمع نبضه و الصدر الحنون و يجد نفسه محاطا بالأعداء من كل جانب من قريب و من بعيد، و قد يعجز عن إيجاد الحلول، لأنه وحيدا و لا يملك سندا، و حتى لو كانت الحلول متوفرة فإن المجتمع لن يرحمه، هو المجتمع الفاسد الذي أوصل الإنسان إلى مرحلة الياس،
وحدها الظروف تقود الإنسان إلى الموت ،كنا نسمع أن فتاة انتحرت، و يبدأ القيل و القال فهذا يضرب كفا بكف و يقول مسكينة ما تزال في عمر الزهور، و آخر قد يطعن في عرضها ( ربما فعلت كذا و كذا؟ أو؟ أو..الخ و انتحرت لكي نخفي فضيحتها)، و كنا نسمع أن شابا انتحر، و نسمع أقاويل هنا و هناك ، ( لاشك أنه يتعاطى المخدرات أو الكحول؟ أو أن حبيبته خانته و...و...الخ )، لكن أن نقرأ عن أطفال قُصَّرِ انتحروا عن طريق الشنق فهذه ظاهرة غريبة و دخيلة على المجتمع الجزائري ( كعينة) ، لا يمكن أن نربط ظاهرة الإنتحار في الجزائر مثلا أو حتى في بلد آخر بقصة الحوت الأزرق، أظن أنها أكبر أكذوبة، بل هناك ظروف قاهرة تجعل الأطفال أيضا ينتحرون، من المسؤول عن ذلك؟ الأسرة؟ المجتمع؟ الدولة؟ ، حان الوقت لتسليط الضوء على المشاكل الإجتماعية و في مقدمها ظاهرة الطلاق، التربية العنيفة التي تخلق في الطفل الخوف و تزرع فيه الرعب من كل شيئ، و تجعله يخاف حنى من صراخ أمه، التفرقة بين الإخوة ، العنوسة، الظلم و الحقرة، البطالة، مشكل السكن ، تعسف السلطة و غياب العدالة و غيرها من المشاكل التي تحبط من معنيات الإنسان، و توصله إلى مرحلة اليأس ،حيث تفقده الرغبة في الحياة، فلا يجد حلا لمشاكله فيكون الإنتحار هو البديل ( و بدون فتوى)
علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى