علجية عيش - هل سيتحول مؤتمر نيويورك العاشر لحظر الأسلحة النووية إلى مؤتمر حماية الأديان؟

دعوة إلى نشر السّلام و التعايش و احترام الحريات الدينية و الأقليات

اختيرت مدينة نيويورك لعقد المؤتمر العاشر لمراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في الفترة بين 27 أفريل إلى 22 ماي 2020 ، و سيكون فرصة لمناقشة قضية السّلام و التعايش و احترام الحريات الدينية و سيحضر البابا فرنسيس هذا المؤتمر لفتح ملفات ساخنة تتعلق أساسا بقضية الأقليات في العالم و التي اعتبرها من أهم الموضوعات التي وجب أن تناقش اليوم، فهل سيتحول مؤتمر نيويورك العاشر من مؤتمر لحظر الأسلحة النووية إلى مؤتمر حماية الأديان و احترام الحريات الدينية و الأقليات و الدعوة إلى السلام و التعايش؟


على خلفية الإعتداءات على الكنائس و انتهاك حقوق الأقلية في العالم، أوردت تقارير أن سنة 2019 استهدفت الكنائس و شهدت عدة اعتداءات ، منها 03 كنائس في سريلانكا حيث استشهد أكثر من 250 شخصا، و 34 مسيحيا ماتوا في بوركينا فاسو ، تدنيس و تخريب 40 كنيسة في التشيلي، و في فرنسا تخطت الاعتداءات على 230 مؤسسة مسيحية السنة الماضية، أما في الجزائر فتم غلق البعض منها على غرار كنيسة الإنجيل الكامل (Plein-Evangile)، وهي واحدة من أكبر الكنائس البروتستانتية في شمال الجزائر، بحجة أنها لم تكن في وضع قانوني، كون جل أتباعها جزائريين يمثلون الطائفة الغير مسلمة و وقعت مشادات بالهروات بين زوار الكنيسة و الشرطة ، و هو ما اعتبروه انتهاكا للحريات و الحقوق التي كفلتها المادة 42 من الدستور الجزائري، في وقت شهدت فيه بداية 2019 حركة احتجاج واسعة النطاق فيما سميت بـ: حركة أو ثورة 22 فبراير أدت إلى استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، و ما تزال المجزرة التي راح ضحيتها رهبان تيبحرين السبعة، المغتالين على يد الجماعات المسلّحة بإحدى قرى ولاية المدية بالجزائر سنة 1996 موضع تساؤلات لدى الرأي العام الدولي، تشير تقارير أن استهداف السلطات الجزائرية للكنيسة البروتستانتية دون الكنيسة الكاثوليكية، سببه سياسي محض، كون الكنيسة الكاثوليكية محميّة من طرف الحكومة الفرنسية.

و قد بعث هذا الوضع القلق لدى المسيحيين حيال الوضع و اضطهادهم حول العالم ، دفع برجال السياسة والقادة و رؤساء الكنائس في غرب أوروبا يتكلّمون عن الحرية الدينيّة و يركزون عليها في خطاباتهم ، على أساس أنها حق إنساني أساسي على جميع المستويات وفي جميع البلدان، و بخاصة في أفريقيا و ما يعانيه مسيحيو نيجيريا ، حيث يزرع إرهابيّو بوكو حرام الخوف في الشمال وعلى طول الحدود مع الكاميرون، و إعدامهم لعشرات المسيحيّين مع مسلمي شمال شرق نيجيريا في عيد الميلاد، نشير بعض التقارير أن إفريقيا المعروفة بالنزاعات وسفك الدماء تستعد لتغيير سمعتها على مدار 2020 ، و كان رؤساء الدول في الإتحاد الإفريقي ( منظمة الوحدة الإفريقية سابقا) قد حددوا هدفًا طموحًا لجعل إفريقيا خالية من الصراعات عبر إعداد خارطة طريق مفصلة، وكان الهدف الأول هو إسكات السلاح في القارة بحلول عام 2020، أما في الشرق الأدنى، وقد لفت البابا فرنسيس الانتباه إلى مخاطر وضع المسيحيّين في العالم و بالخصوص في لبنان و العراق، و الاعتداءات التي شهدوها.

فالأزمة في هذين البلدين تزيد من سوء وضع المسيحيين في البلاد، وفي الوقت عينه تخلق العديد من العقبات أمام تزويد سوريا بالمساعدات، وكان مطلب الباب فرانسيس نشر السلام العالمي والتعايش المشترك في مجتمعات يزداد فيها باستمرار تعدّد الأعراق والثقافات و تجسيد مفهوم المواطنة الذي يقومُ على المُساواةِ التي في ظِلالِها ينعم الجميع بالعدل، وهذا يتطلّب احترام الحرّيات الدينيّة وبذل الجهود للتخلّي عن الاستخدام التمييزي لمصطلح الأقلّيات، الذي يحمل معه بذور الشعور بالعزلة والدونية ويمهّد الطريق للأعمال العدائيّة و التطرف، ويُؤدِّي إلى مُمارسةِ التمييز ضِدَّ المواطنين على أساس الانتماء الديني، و كانت قضية السلام و التعايش محور زيارة البابا فرنسيس لدول مسلمة كالمغرب و لقائه مع العاهل المغربي، الملك محمدّ السادس، و منها وجه نداءً مشتركًا بشأن القدس الشريف وحرمتها، وحفاظًا على بعدها الروحيّ ومكانتها المتميّزة كمدينة للسلام ، أما رئيس الجمعيّة الحبريّة عون الكنيسة المتألّمة توماس هاين غلدرن فقد وجه نداء لقادة العالم و المنظّمات الدوليّة كالاتّحاد الأوروبيّ والأمم المتّحدة لحماية الحريات الدينيّة و الكف عن الإعتدائات على المقدسات الدينية و دور العبادة .

و يعتبرعام 2020 عام إسكات السلاح و الامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد سلامة أراضي دولة ما و استقلالها السياسي و الديني ، بل تؤكد أن أيّا من الأسلحة لن تستخدم مطلقا، و سيكون الحس الديمقراطي البديل لإعطاء حرية الفكر و الممارسة السياسية ، عن طريق الحوار الوطني، هذه الحملة التي تقودها مجموعة العقلاء في الإتحاد الأوروبي، تقول أنه بحلول 2020 سيكون العالم عالم بلا حرب، السؤال المطروح هو: في ظل تداعيات المعارك و إرهاصات الوصايا الدولية ،هل يمكن القضاء على كل التوترات، في الوقت الذي ما تزال السياسات الخارجية للدول قائمة دون تغيير؟، ليس تجاه العالم الثالث فقط و إنما تجاه العالم الإسلامي على الخصوص، فقد ظل الموقف الأمريكي قائما للقضاء على الإسلام و الهوية الإسلامية من خلال جعل القدس الشريف عاصمة إسرائيل، و بالتالي فالصراعات المسلحة أو التهديد بها ستزيد من حدتها، و لن يكون هناك إسكات للسلاح، و هذا يعني أن العالم سيستقبل 2020 على صوت أسلحة جديدة، (أسلحة روسية ، إيرانية).

مهما كان الصراع شرق شرق و شمال جنوب، فالصراع في الحقيقة لم يعد مقتصرا فقط على قوى دولية متناحرة من أجل الهيمنة، خاصة و أن العلاقات بين الدول القوية تميزت بين الصعود و الهبوط..، و إنما هو صراع داخلي ، و لعل أفضل مثال هو الحروب الأهلية القائمة على أساس طائفي خاصة بين الشيعة و السنة في العديد من مناطق العالم الإسلامي في لبنان و العراق و إيران، و في سوريا و اليمن، بتواطؤ الأنظمة من أجل تنفيذ أجندات أجنبية، استعمل فيها السلاح، دون الحديث عن الحرب بين "الإسلام و المسيحية"، و طالما هناك صدام حضارات، فنظرية "المؤامرة" مستمرة على مرّ الأجيال، في ظل استمرار التضامن مع إسرائيل ضد العالم الإسلامي، أي أن المساندة الأميركية اللامشروطة لإسرائيل متأصلة بعمق في السياسة الأميركية، و لذا فالصراع لن يحل بوسائل سلمية ( حوار و تفاوض) و إنما بوسائل عسكرية.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى