فيصل البريهي - غربةُ المعنى.. شعر

أكرهتُ قلبي على نسيانِكم فأبى = ولم يخَف في الهوى لوماً ولا عتَبا
ما زالَ يقطعُ دربَ الذكرياتِ بِلا = زادٍ…ولم يلقَ مِن أسفارِهِ نَصَبا
يمضي ويأتي.. ويقضي في محبَّتِكم = سعياً، فإن آبَ منها.. نحوها ذهبا

* * *

وحدي كأيِّ غريبٍ عشتُ مُحتسِباً = حظّاً يزيدُ ابتعاداً كلما اقتربا
ها نحنُ في غُربةِ المعنى سواسيةٌ = والدربُ يضحكُ من تأويلنا عَجَبا
أيُّ الغريبينَ أشقى في تَغَرُّبِهِ = مِنّا؟!.. وأدنى إلى آلامِهِ نَسَبا؟!!
قُل لي بِربِك كم سافحتَ أُمنيةً = كانت كما كنتَ في تعذيبِك السببا؟
دع لي شجونَ الليالي المحرقاتِ فقد = أوقفتُ عمري لنيرانِ المُنى حطَبا
حاشاك من نارِ شوقٍ لو رَمَت شرراً = في البحرِ لاتَّهجت أمواجُهُ لهبا
كُن مُطمَئِناً على قلبي الذي رَسَمَت = أفلاكُهُ من سناك الشمسَ والشُّهُبا
لَملَمتُ أضواءَ هذا الكونِ مُشرِقةً = طيفاً لذكراك عن دنياي ما غَرَبا
حاوِل ولو لحظةً عن أُفقِ ذاكرتي = تغيبُ في عالَمِ النسيانِ مُنسحِبا
لن تستطيعَ انسحاباً مِن مُخيِّلةٍ = في جوفِها كلُّ حرفٍ منك قد كُتِبا
لي ذكرياتي مع الأشواقِ ما عبَرَت = إلا وتِمثالُها في القلبِ قد نُصِبا
صمَّمتُ من كلِّ طيفٍ لوحةً وُضِعَت = في مُهجتي تُحفةً مملوءةً ذهبا
ألا ترى أن لي قلباً عزائمُهُ = كالبحرِ لا يعرفُ الإرهاقَ والتعبا؟
كم خالجَتهُ أعاصيرُ الهوى وطغت = فيهِ تُثيرُ جنونَ الموجَ والغَضَبا
ها أنت تَعبُرُ في أعماقِ لُجَّتِهِ = موجاً يُصارعُ موجاً فيهِ مُضطرِبا
قل إنَّهُ الحُبُّ إيماناً وتضحيةً = تزكو بهِ النفسُ لا لهواً ولا لَعِبا
نهرُ المحبَّةِ جارٍ في الدماءِ ولم = ينضب ، وإن غارَ ماءُ البحرِ أو نضِبا
أعلى