مدخل:
التجربة الإبداعية صعب تحديدها كمفهوم، وكمصطلح.فهي شيء نفسي داخلي يحسه ويعيشه صاحبه. وهي:" معايشة كاملة لإحساس معين بدءا بالملاحظة إلى غاية تخلقه فينا في شكله النهائي. عالم له توهجه واقتداره على الحلول فينا بشكل معين يدفعنا إلى خلقه في إطار فني.كما تخلق معنويا على المستوى العاطفي والفكري" ..
وكما هو معروف لا يمكن أن نطلق اسم التجربة الإبداعية إلا إذا تحقق فعليا وفنيا وإبداعيا، وهي خاضعة للنجاح أو الفشل.
والإبداع الأدبي مرتبط ارتباطا كبيرا باللغة. والأديب يتفاعل مع محيطه من خلال قراءاته الخاصة، وملاحظاته وتعامله، وتأثره وتأثيره فيه، ليمزج كل ذلك خالقا إبداعا لغويا يشتمل تجربته الفنية، وانطباعاته وانفعالاته الخاصة. فمع " تجدد الواقع واختلاف المواقف، وتباين التجارب، تمتزج التجربة الأدبية الفعالة، وتتألف وتسعى سعيا دائما إلى أخذ شكلها اللغوي المناسب الذي يجعل منها كيانا محسوسا جماليا" .
فالمبدع يعتصر كيانه ليخرج عملا أدبيا، فنيا يجعل المتلقي يتفاعل معه ويتأثر به. وهذه التجربة لا تكون سهلة، بل هي صعبة الظهور. وهذا يذكرنا بما كان يعانيه الشعراء في توليد وخلق قصائدهم . فهذا الفرزدق كان يعتبر خلع ضرس أهون عليه من قول بيت من الشعر.
والتجربة الإبداعية لا يمكن أن نصفها بالتجربة إلا إذا استوفت مجموعة من الشروط. صحيح أن التجربة صورة لصاحبها، ومرآة تعكس حياته ودواخله ومحيطه. إنها صورة لما عاشه المبدع ويعيشه. فالتجربة الأدبية مجموعة من الأشياء الفنية والداخلية المضمرة، " وهي الدوافع التي تهيئها الاستجابة التي تؤدي بنا إلى نوع هو بعينه من السلوك. فهي بمثابة الناحية الخارجية من الاستجابة. على أنه ينبغي أن نضع في الاعتبار أن هذا التهيؤ يحل محل السلوك الحقيقي. وهذا هو الشكل الأساسي للتجربة" .
نعم، ما كل ما يقوله المبدع أو يكتبه يعتبر تجربة إبداعية وأدبية. بل لا بد من موارد كثيرة، وشروط تستوفيها حتى تصبح عملا متكاملا وافيا. وهذا يجعل منها حدثا له بداية ونهاية. حدثا قائما بذاته، وجدانيا ينبع من النفس المبدعة. ولذا اعتبر الأستاذ سعد الله أبو القاسم في كتابه (أفكار جامحة)، بأن إنتاج المرء جزء منه وصورة له.
وعندما نستجلي اليوم التجربة الإبداعية لأديبنا الأستاذ عبد الناصر لقاح، نجدها بالأساس تجربة شعرية محضة.. لكن هناك الاستثناء، إذ أننا نقف اليوم على تجربته الإبداعية النثرية.. ومن ثمة نجد أن كل زاوية من تجربته الإبداعية لها مذاقها الخاص.. وكل إبداع منه هو غرام، وتجربة حب جديدة. وهذا ما يؤيده قول نزار قباني: " القصيدة كالحب، إذا فهمنا أن الحب يأتي ليغير العلاقات المكرسة". وكذلك قول صلاح عبد الصبور:" كل قصيدة هي غرام جديد".. ويذهب كروتشيه أبعد من هذا ، عندما يعتبر القصيدة خلْقا جديدا.
وتجربة شاعرنا وأديبنا الأستاذ عبد الناصر لقاح،تؤسسها دعامات كثيرة،منها: الحس الوطني، والانتماء العربي والإسلامي والإفريقي، والأمازيغي، والهوية، والقيم الدينية والجمالية، والإنسانية ، والاجتماعية ، والثقافية ، والتجربة الوجدانية والعاطفية، ثم البعد الإنساني.
ومن خلال ما يقدمه لنا اليوم من سرد ، نجد أنه يساعدنا على تصنيف تجربته الأدبية، وتحديدها في ثلاثة أنماط، وهي:
- التجربة الأدبية العامة المرتبطة بالحركة الأدبية.
- التجربة الأدبية الفردية الخاصة به كمبدع وكأديب.
- التجربة الأدبية النصية المرتبطة بكتابته النثرية/ السردية.
هذه الأنماط كاملة أو مجتمعة تجعل من تجربته الأدبية تتميز بفنيتها، وبعدها الجمالي والإنساني والأدبي.
فن المذكرات من خلال(مذكرات صائم بدوي)
" مذكرات صائم بدوي"، كتابة لها قيمتها الفنية والأدبية، باعتبارها جنسا أدبيا أبدعه شاعرنا الأستاذ عبد الناصر لقاح. وقد استطاع أن يحقق من خلال كتابته المقصدية الأجناسية، حيث عنونها بهذا العنوان (مذكرات).
ومقصدية المؤلف تتجلى في أمور ثلاثة،هي:
* إطلاع القارئ على تصنيفه، أو على الأصح إبداعه السردي (النثري).
* تمكين المتلقي/القارئ من الوقوف على شعرية إبداعه السردي، و دلالته.
* جعل المتلقي/ القارئ يقف على تأملاته المتعددة التوجهات.
وعندما ندرج مذكرات عبد الناصر لقاح في سياقها التاريخي، نكتشف عوامل نشأتها، ولكن نلوم أستاذنا عبد الناصر على عدم نشرها ورقيا، ولو أنه قد نشرها فيسبوكيا على الانترنيت.. وهذا وسع من مقروئيتها.
1- في تحديد المفهوم والمصطلح:
عندما نعود إلى تراثنا العربي القديم الشفاهي أو المدون خاصة في جانبه الأدبي، لا نجد التفاتا إلى هذا الجنس الأدبي، ولا إلى خصائصه الأدبية. ومن هنا لا نجد كدارسين فن المذكرات في كتابات النقاد العرب، ولا على خصائص جنسها الأدبي، ولا على حدودها الفاصلة بينها وبين أجناس أدبية أخرى مجاورة. ولذا نجد ضالتنا في كتابات الشعريين الغربيين، لتحديد سمات هذا الجنس الأدبي.
وعندما نحاول تحديد مفهومه، نجد أنه يشكل لبوسا. إذ نجدنا أمام تشعبات تدخلنا في متاهات، حيث نجد تشابها بينا بين المذكرات والسيرة الذاتية، واليوميات، وأدب الرحلة، والتأملات.. إلى غير ذلك.
لكن، ما نحن واثقون منه، هو أن هذه المذكرات التي يقدمها لنا الأستاذ عبد الناصر لقاح هي حياة كاتب يومية. وهي تأملاته اليومية في شهر تميز بقدسيته، وتغيراته المؤقتة النفسية، والاجتماعية والاقتصادية، والسياسية.
لذا عندما نعود إلى كتاب جورج ماي ( السيرة الذاتية) في صفحته 46، نسمع بول فيرلين يقول: بأن كلمة مذكرات Mémoires كلمة مرنة، فضفاضة، طيِّعة عادة للدلالة على مجموعة من الانطباعات والأفكار وغيرها.
والمذكرات نوع من الكتابة الوصفية التي تغطي بعض مراحل حياة الكاتب، أو بعض الأحداث المهمة. وتتوقف عند بعض الأشخاص الذين تركوا أثرا في شخصية الكاتب، أو الذين تربطهم به علاقة ما. وتنبع أهميتها على ما تقوم به من كشف للحقائق والمعلومات. وتوصف المذكرات بأنها موضوعية، انطباعية، لأنها تمتزج بين ذكر الحقائق وكشف الانطباعات الشخصية، والأحكام الذاتية.
والمذكرات جنس أدبي يتقاطع مع السيرة الذاتية والتاريخ، واليوميات الخاصة. إنها تمس التاريخ الجماعي (الجمعي)، والتاريخ الفردي.تتضمن نقطا مأخوذة ومسجلة عن الحياة.كما تتضمن وثائق تاريخية (قصاصات جرائد - شهادات - مراسلات - صور (بطاقات بريدية- طوابع بريدية)- مخطوطات..إلخ
كما تتضمن حكايات نثرية rétrospectif، حيث يتحمل الكاتب حكايته الشخصية، ويدعي استخلاص الحقيقة من الأحداث المعاشة.
والمذكرات تتكلم عما يجري حول كاتبها. وهي تهتم اهتماما كبيرا بالأحداث التي تدور حول الكاتب وفي المجتمع أكثر مما تهتم بالكاتب نفسه. وهي تعطي صورة للمجتمع وما يدور فيه من أحداث ووقائع. وهي " سرد كتابي لأحداث جرت خلال حياة المؤلف، وكان له فيها دور، وتختلف عن السيرة الذاتية بأنها تخص العصر وشؤونه بعناية كبرى.فتشير إلى جميع الأحداث التاريخية التي اشترك فيها المؤلف، أو شهدها او سمع عنها من معاصريه، وأثرت في مجرى حياته" .
فالمذكرات تهتم بالحياة العامة أثناء الحياة الخاصة للكاتب. ويلعب فيها المؤلف ذاتا ناقلة ومعبرة وواصفة، منفتحة ومفتوحة على الخارج من جميع النواحي، مرئيا ومسموعا. ومن ثمة أصبحت المذكرات عبارة عن وثيقة خصوصية، حميمية تنتقل من الخصوصية إلى العمومية.
ويمكن اعتبارها نوعا من " البروديخيا، التي انصهر فيها كل ما هو فردي ، شخصي مع كل ما هو عمومي وطني".
والمذكرات ظاهرة غربية بامتياز.فهي كتابة شبيهة بالمرآة، عاكسة للصور. والسرد فيها هو الوعي. وبما أن وعي السارد هو الذي يقود السرد، فإن الوعي هو الذي يوجه الحياة .. كذلك هي كتابة ذاتية تعبر عن حياة بواسطة الكتابة. وهذه الكتابة" الجنس الأدبي بمفصل العالم والأنا والنص، وهي على تماس مع التاريخ والسلطة،والذات، والتمثيل والإحالة، فضلا عن اللغة التي تكتب بها" . وتندمج فيها الذات والحياة،والكتابة.
وهذا النوع من الكتابة تسميه كات هامبورغر ب "ملفوظ الواقع التنكري أو المراوغ، أو الخادع" ..
2- الحدود ما بين المذكرات وأجناس أدبية مجاورة
التجربة الإبداعية صعب تحديدها كمفهوم، وكمصطلح.فهي شيء نفسي داخلي يحسه ويعيشه صاحبه. وهي:" معايشة كاملة لإحساس معين بدءا بالملاحظة إلى غاية تخلقه فينا في شكله النهائي. عالم له توهجه واقتداره على الحلول فينا بشكل معين يدفعنا إلى خلقه في إطار فني.كما تخلق معنويا على المستوى العاطفي والفكري" ..
وكما هو معروف لا يمكن أن نطلق اسم التجربة الإبداعية إلا إذا تحقق فعليا وفنيا وإبداعيا، وهي خاضعة للنجاح أو الفشل.
والإبداع الأدبي مرتبط ارتباطا كبيرا باللغة. والأديب يتفاعل مع محيطه من خلال قراءاته الخاصة، وملاحظاته وتعامله، وتأثره وتأثيره فيه، ليمزج كل ذلك خالقا إبداعا لغويا يشتمل تجربته الفنية، وانطباعاته وانفعالاته الخاصة. فمع " تجدد الواقع واختلاف المواقف، وتباين التجارب، تمتزج التجربة الأدبية الفعالة، وتتألف وتسعى سعيا دائما إلى أخذ شكلها اللغوي المناسب الذي يجعل منها كيانا محسوسا جماليا" .
فالمبدع يعتصر كيانه ليخرج عملا أدبيا، فنيا يجعل المتلقي يتفاعل معه ويتأثر به. وهذه التجربة لا تكون سهلة، بل هي صعبة الظهور. وهذا يذكرنا بما كان يعانيه الشعراء في توليد وخلق قصائدهم . فهذا الفرزدق كان يعتبر خلع ضرس أهون عليه من قول بيت من الشعر.
والتجربة الإبداعية لا يمكن أن نصفها بالتجربة إلا إذا استوفت مجموعة من الشروط. صحيح أن التجربة صورة لصاحبها، ومرآة تعكس حياته ودواخله ومحيطه. إنها صورة لما عاشه المبدع ويعيشه. فالتجربة الأدبية مجموعة من الأشياء الفنية والداخلية المضمرة، " وهي الدوافع التي تهيئها الاستجابة التي تؤدي بنا إلى نوع هو بعينه من السلوك. فهي بمثابة الناحية الخارجية من الاستجابة. على أنه ينبغي أن نضع في الاعتبار أن هذا التهيؤ يحل محل السلوك الحقيقي. وهذا هو الشكل الأساسي للتجربة" .
نعم، ما كل ما يقوله المبدع أو يكتبه يعتبر تجربة إبداعية وأدبية. بل لا بد من موارد كثيرة، وشروط تستوفيها حتى تصبح عملا متكاملا وافيا. وهذا يجعل منها حدثا له بداية ونهاية. حدثا قائما بذاته، وجدانيا ينبع من النفس المبدعة. ولذا اعتبر الأستاذ سعد الله أبو القاسم في كتابه (أفكار جامحة)، بأن إنتاج المرء جزء منه وصورة له.
وعندما نستجلي اليوم التجربة الإبداعية لأديبنا الأستاذ عبد الناصر لقاح، نجدها بالأساس تجربة شعرية محضة.. لكن هناك الاستثناء، إذ أننا نقف اليوم على تجربته الإبداعية النثرية.. ومن ثمة نجد أن كل زاوية من تجربته الإبداعية لها مذاقها الخاص.. وكل إبداع منه هو غرام، وتجربة حب جديدة. وهذا ما يؤيده قول نزار قباني: " القصيدة كالحب، إذا فهمنا أن الحب يأتي ليغير العلاقات المكرسة". وكذلك قول صلاح عبد الصبور:" كل قصيدة هي غرام جديد".. ويذهب كروتشيه أبعد من هذا ، عندما يعتبر القصيدة خلْقا جديدا.
وتجربة شاعرنا وأديبنا الأستاذ عبد الناصر لقاح،تؤسسها دعامات كثيرة،منها: الحس الوطني، والانتماء العربي والإسلامي والإفريقي، والأمازيغي، والهوية، والقيم الدينية والجمالية، والإنسانية ، والاجتماعية ، والثقافية ، والتجربة الوجدانية والعاطفية، ثم البعد الإنساني.
ومن خلال ما يقدمه لنا اليوم من سرد ، نجد أنه يساعدنا على تصنيف تجربته الأدبية، وتحديدها في ثلاثة أنماط، وهي:
- التجربة الأدبية العامة المرتبطة بالحركة الأدبية.
- التجربة الأدبية الفردية الخاصة به كمبدع وكأديب.
- التجربة الأدبية النصية المرتبطة بكتابته النثرية/ السردية.
هذه الأنماط كاملة أو مجتمعة تجعل من تجربته الأدبية تتميز بفنيتها، وبعدها الجمالي والإنساني والأدبي.
فن المذكرات من خلال(مذكرات صائم بدوي)
" مذكرات صائم بدوي"، كتابة لها قيمتها الفنية والأدبية، باعتبارها جنسا أدبيا أبدعه شاعرنا الأستاذ عبد الناصر لقاح. وقد استطاع أن يحقق من خلال كتابته المقصدية الأجناسية، حيث عنونها بهذا العنوان (مذكرات).
ومقصدية المؤلف تتجلى في أمور ثلاثة،هي:
* إطلاع القارئ على تصنيفه، أو على الأصح إبداعه السردي (النثري).
* تمكين المتلقي/القارئ من الوقوف على شعرية إبداعه السردي، و دلالته.
* جعل المتلقي/ القارئ يقف على تأملاته المتعددة التوجهات.
وعندما ندرج مذكرات عبد الناصر لقاح في سياقها التاريخي، نكتشف عوامل نشأتها، ولكن نلوم أستاذنا عبد الناصر على عدم نشرها ورقيا، ولو أنه قد نشرها فيسبوكيا على الانترنيت.. وهذا وسع من مقروئيتها.
1- في تحديد المفهوم والمصطلح:
عندما نعود إلى تراثنا العربي القديم الشفاهي أو المدون خاصة في جانبه الأدبي، لا نجد التفاتا إلى هذا الجنس الأدبي، ولا إلى خصائصه الأدبية. ومن هنا لا نجد كدارسين فن المذكرات في كتابات النقاد العرب، ولا على خصائص جنسها الأدبي، ولا على حدودها الفاصلة بينها وبين أجناس أدبية أخرى مجاورة. ولذا نجد ضالتنا في كتابات الشعريين الغربيين، لتحديد سمات هذا الجنس الأدبي.
وعندما نحاول تحديد مفهومه، نجد أنه يشكل لبوسا. إذ نجدنا أمام تشعبات تدخلنا في متاهات، حيث نجد تشابها بينا بين المذكرات والسيرة الذاتية، واليوميات، وأدب الرحلة، والتأملات.. إلى غير ذلك.
لكن، ما نحن واثقون منه، هو أن هذه المذكرات التي يقدمها لنا الأستاذ عبد الناصر لقاح هي حياة كاتب يومية. وهي تأملاته اليومية في شهر تميز بقدسيته، وتغيراته المؤقتة النفسية، والاجتماعية والاقتصادية، والسياسية.
لذا عندما نعود إلى كتاب جورج ماي ( السيرة الذاتية) في صفحته 46، نسمع بول فيرلين يقول: بأن كلمة مذكرات Mémoires كلمة مرنة، فضفاضة، طيِّعة عادة للدلالة على مجموعة من الانطباعات والأفكار وغيرها.
والمذكرات نوع من الكتابة الوصفية التي تغطي بعض مراحل حياة الكاتب، أو بعض الأحداث المهمة. وتتوقف عند بعض الأشخاص الذين تركوا أثرا في شخصية الكاتب، أو الذين تربطهم به علاقة ما. وتنبع أهميتها على ما تقوم به من كشف للحقائق والمعلومات. وتوصف المذكرات بأنها موضوعية، انطباعية، لأنها تمتزج بين ذكر الحقائق وكشف الانطباعات الشخصية، والأحكام الذاتية.
والمذكرات جنس أدبي يتقاطع مع السيرة الذاتية والتاريخ، واليوميات الخاصة. إنها تمس التاريخ الجماعي (الجمعي)، والتاريخ الفردي.تتضمن نقطا مأخوذة ومسجلة عن الحياة.كما تتضمن وثائق تاريخية (قصاصات جرائد - شهادات - مراسلات - صور (بطاقات بريدية- طوابع بريدية)- مخطوطات..إلخ
كما تتضمن حكايات نثرية rétrospectif، حيث يتحمل الكاتب حكايته الشخصية، ويدعي استخلاص الحقيقة من الأحداث المعاشة.
والمذكرات تتكلم عما يجري حول كاتبها. وهي تهتم اهتماما كبيرا بالأحداث التي تدور حول الكاتب وفي المجتمع أكثر مما تهتم بالكاتب نفسه. وهي تعطي صورة للمجتمع وما يدور فيه من أحداث ووقائع. وهي " سرد كتابي لأحداث جرت خلال حياة المؤلف، وكان له فيها دور، وتختلف عن السيرة الذاتية بأنها تخص العصر وشؤونه بعناية كبرى.فتشير إلى جميع الأحداث التاريخية التي اشترك فيها المؤلف، أو شهدها او سمع عنها من معاصريه، وأثرت في مجرى حياته" .
فالمذكرات تهتم بالحياة العامة أثناء الحياة الخاصة للكاتب. ويلعب فيها المؤلف ذاتا ناقلة ومعبرة وواصفة، منفتحة ومفتوحة على الخارج من جميع النواحي، مرئيا ومسموعا. ومن ثمة أصبحت المذكرات عبارة عن وثيقة خصوصية، حميمية تنتقل من الخصوصية إلى العمومية.
ويمكن اعتبارها نوعا من " البروديخيا، التي انصهر فيها كل ما هو فردي ، شخصي مع كل ما هو عمومي وطني".
والمذكرات ظاهرة غربية بامتياز.فهي كتابة شبيهة بالمرآة، عاكسة للصور. والسرد فيها هو الوعي. وبما أن وعي السارد هو الذي يقود السرد، فإن الوعي هو الذي يوجه الحياة .. كذلك هي كتابة ذاتية تعبر عن حياة بواسطة الكتابة. وهذه الكتابة" الجنس الأدبي بمفصل العالم والأنا والنص، وهي على تماس مع التاريخ والسلطة،والذات، والتمثيل والإحالة، فضلا عن اللغة التي تكتب بها" . وتندمج فيها الذات والحياة،والكتابة.
وهذا النوع من الكتابة تسميه كات هامبورغر ب "ملفوظ الواقع التنكري أو المراوغ، أو الخادع" ..
2- الحدود ما بين المذكرات وأجناس أدبية مجاورة