لا أتذكر بالضبط عدد رؤساء الجامعة الذين تعاقبوا على استلام المنصب منذ بداية عملي فيها . أتذكر منذر صلاح وبهجت صبري وشريف كناعنة وشوكت زيد الكيلاني ورامي الحمدالله ، وعرفت أكثرهم معرفة لا تتعدى حدود علاقة الأستاذ الجامعي برئيس جامعته ، وربما كانت العلاقة الأكثر ودية هي علاقتي بالدكتور رامي الحمدلله والدكتور شوكت زيد ، علما بأن علاقتي مع الرؤساء الآخرين لم تكن سيئة ، وإن ساءت لفترات قليلة عابرة فإنما كان الأمر يعود إلى خلاف غير لغوي . خلاف إداري .
منذ العام ١٩٨٢ حتى العام ١٩٩٨ رأس الجامعة أربعة ورأسها الدكتور رامي بعد العام المذكور حتى العام ٢٠١٩ - يعني واحدا وعشرين عاما ، وهذه الفترة أطول من فترات رئاسة الرؤساء الأربعة السابقين معا ، وهي تتجاوز القانون الذي يقصرها على أربع سنوات قابلة للتجديد مرة أخرى فقط .
عرفت الدكتور رامي وهو رئيس قسم اللغة الانجليزية وعميد كلية الآداب ونائبا لرئيس الجامعة الدكتور منذر صلاح ، وغالبا ما كنا نتبادل التحيات والسلام العابر ، وفي العام ١٩٩٣ حين كتبت نصي القصصي " ليل الضفة الطويل " وكدت أفصل من الجامعة بسببه تبنى الدكتور موقف عمه المرحوم وحيد الحمدلله الذي كان الوحيد من الأمناء الذي رفض فصلي .
كان المرحوم وحيد الحمدلله يحسب على فصيل الجبهة الديموقراطية وكنت اعتبرت ، إلى حد ما ، ممثلا لهذه الجبهة في نقابة العاملين في العامين ١٩٨٥ و١٩٨٦ ، حتى وإن لم اترشح باتفاق معها باسمها ، ووقف المرحوم إلى جانبي لصداقتي مع ابنه عاكف المحسوب على الجبهة - آمل أن أكون دقيقا - وهكذا لم أفصل .
عندما استلم الدكتور رامي رئاسة الجامعة ذهبت لكي أبارك له - وهذا سلوك لم أقم به من قبل ولم أسلكه من بعد ، فنادرا ما ذهبت في الأعياد ، بخلاف زملائي وأكثر أعضاء هيئة التدريس لأهنيء الرئيس - قال لي بالحرف الواحد :
- أنا مثل أبو عمار ، انتقدوا كما تريدون .
ولم يكمل عبارة أبو عمار " وأنا أفعل ما أريد " .
ولقد ظللت ، خلال رئاسة الدكتور رامي انتقد الجامعة بحدة ، وليس لمن يريد التأكد من هذا إلا مراجعة صفحاتي علي الفيس بوك . هل كان صمت الدكتور على ما أكتب يعود إلى تبنيه رأي أبو عمار أم أن هناك أسبابا أخرى جعلته يصمت ؟
لا أريد أن اجتهد وأكتب عن أسباب أخمنها ولست متأكدا منها تماما ، ولكنني بقيت انتقد ، ومرة وجه إلي إنذارا باتخاذ اجراءات ضدي قد تصل إلى الفصل والحرمان من الحقوق المالية .
ليس خلافي مع رئاسة الجامعة خلافا شخصيا على الإطلاق ، ففي كل ما كتبت تجنبت الكتابة عن أمور شخصية ، وعندما فقد الدكتور رامي أفراد عائلته في حادث مروري ذهبت إلى بيت الأجر ، وعندما توفي عمه المرحوم وحيد الحمدلله ذهبت إلى الجنازة . كان خلافي مع رئاسة الجامعة وإدارتها خلافا على قضايا علمية وإدارية وقانونية .
غالبا ما كنت أكتب خربشات عن تجاوز قانون الجامعة بخصوص التمديد للدكتور رامي ، فلم تكن الآراء التي يرددها قسم من العاملين وأهمها أنه ليس هناك غيره من يشغل المنصب ، لم تكن الآراء تروق لي ، وحجتي في ذلك أن جامعة تخلو من عضو هيئة تدريس كفء لإدارتها تستحق أن تغلق ، وكنت أتساءل : هل سيخلد الرئيس ليظل يشغل منصبا فلا يوجد من هو كفء للمنصب غيره .
في الشعر العربي قال شاعر يمدح خليفة عباسيا تولى الخلافة :
" أتته الخلافة منقادة
إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له
ولم يك يصلح إلا لها "
وقد جاءت الرئاسة إليه منقادة ، علما بأنه لم يكن برتبة أستاذ دكتور ، وكانت هناك أسماء ثلاثة برتبة أستاذ دكتور مرشحة للمنصب هي الدكتور علي زيدان والدكتور عبد الفتاح أبو الشكر والدكتور محمد حنون .
في أثناء رئاسة الدكتور رامي شغلت منصب رئيس قسم اللغة العربية ولم أواصل ولهذا قصة قد آتي عليها لاحقا ، واستمرت العلاقة الودية بيننا وكان أحيانا يأخذ بآرائي ، فقد اقترحت عليه مرة ، حين دعا أعضاء هيئة التدريس في القسم ليأخذ رأيهم في فتح برنامج دكتوراه ، اقترحت عليه أن يعيد النظر في برنامج الماجستير لضعف الرسائل وضعف الإشراف ، وهو ما عمل به في حينه .
عندما قررت إدارة الجامعة رفع العبء التدريسي لمن هم برتبة أستاذ دكتور من تسع ساعات أسبوعية إلى اثنتي عشرة ساعة أسبوعية حدث الاختلاف مع رئاسة الجامعة ، وقد لجأت أنا والدكتور عبد الفتاح أبو الشكر والدكتور جمال جودة والدكتور عبد الستار قاسم والدكتورة أفنان دروزة إلى المحكمة لتعيد لنا حقوقنا ، وقد خسرنا الدعوة ، فقد كان غريمنا صار رئيس وزراء .
في أثناء حضور جلسات المحاكمة التقيت بزميل برتبة أستاذ دكتور شهد ضدنا ، والزميل صديق لي ، وقد سألته في المحكمة السؤال الآتي :
- كيف تشهد ضدنا؟ أنت تشهد ضد جدارتك باللقب الذي تحمله .
ابتسم الزميل وأجابني :
- لا استطيع إلا أن أشهد .
ويومها وجب علي أن أعيد قراءة روايات أمريكا اللاتينية .
خلال السنوات الست التي قضاها الدكتور رامي في منصب رئاسة الوزراء كتبت باستمرار احتج على جمعه منصبين بيد واحدة ، وحجتي أن هذا يسيء للشعب الفلسطيني قبل أن يسيء للدكتور نفسه ، وما زلت عند رأيي عموما . لقد حجز المنصب لست سنوات وكانت المفارقة أن الدكتور رامي لم يعد ليشغله ، بغض النظر عن شغله منصبا آخر قد يكون أرفع ، ولا أريد أن أخوض في تفاصيل عودته.
وأنا أراجع بشأن حقوقي المالية التقيت في مبنى رئاسة الجامعة بالدكتور وحوله مجموعة من الموظفين أو الحراس وتصافحنا وقال لي :
- وأخيرا عدنا إلى مكاننا .
وقد أجبت :
- والعود أحمد .
وواصلت طريقي ، وأخمن أن لعبارته دلالتها .
عندما عين الدكتور في منصب رئاسة الجامعة وخاض الخائضون في الأمر قلت لبعض معارفي إن المنصب لا يدوم وإن الدكتور رامي ، طال به العهد في الرئاسة أم قصر ، سيعود إلى مكتبه وإلى عمله مدرسا ، وأغلب الظن أن العبارة وصلت إليه ، وقد ألمح لي بها وهو رئيس جامعة ، وأرجح أن تلفظه بها في اللقاء الأخير كان أيضا تذكيرا مع غمز هو إنني عدت ولكن أقوى وأعلى وأما أنت فقد انتهى عملك .
شخصيا لم ألتفت أبدا لمغازي العبارة ودلالاتها ان كان لها مغزى أو قصد ، فأنا دائما ما أتذكر كلام صديق لي مفاده أن لا أحد اليوم يعرف من هو رئيس الجامعة المصرية أيام كان طه حسين عضو هيئة تدريس فيها ، ولكن أكثر المتعلمين والمثقفين يعرفون من هو طه حسين .
هل أنا ند لطه حسين لأكتب هذا ؟
رحم الله طه حسين ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه !!؟؟
منذ العام ١٩٨٢ حتى العام ١٩٩٨ رأس الجامعة أربعة ورأسها الدكتور رامي بعد العام المذكور حتى العام ٢٠١٩ - يعني واحدا وعشرين عاما ، وهذه الفترة أطول من فترات رئاسة الرؤساء الأربعة السابقين معا ، وهي تتجاوز القانون الذي يقصرها على أربع سنوات قابلة للتجديد مرة أخرى فقط .
عرفت الدكتور رامي وهو رئيس قسم اللغة الانجليزية وعميد كلية الآداب ونائبا لرئيس الجامعة الدكتور منذر صلاح ، وغالبا ما كنا نتبادل التحيات والسلام العابر ، وفي العام ١٩٩٣ حين كتبت نصي القصصي " ليل الضفة الطويل " وكدت أفصل من الجامعة بسببه تبنى الدكتور موقف عمه المرحوم وحيد الحمدلله الذي كان الوحيد من الأمناء الذي رفض فصلي .
كان المرحوم وحيد الحمدلله يحسب على فصيل الجبهة الديموقراطية وكنت اعتبرت ، إلى حد ما ، ممثلا لهذه الجبهة في نقابة العاملين في العامين ١٩٨٥ و١٩٨٦ ، حتى وإن لم اترشح باتفاق معها باسمها ، ووقف المرحوم إلى جانبي لصداقتي مع ابنه عاكف المحسوب على الجبهة - آمل أن أكون دقيقا - وهكذا لم أفصل .
عندما استلم الدكتور رامي رئاسة الجامعة ذهبت لكي أبارك له - وهذا سلوك لم أقم به من قبل ولم أسلكه من بعد ، فنادرا ما ذهبت في الأعياد ، بخلاف زملائي وأكثر أعضاء هيئة التدريس لأهنيء الرئيس - قال لي بالحرف الواحد :
- أنا مثل أبو عمار ، انتقدوا كما تريدون .
ولم يكمل عبارة أبو عمار " وأنا أفعل ما أريد " .
ولقد ظللت ، خلال رئاسة الدكتور رامي انتقد الجامعة بحدة ، وليس لمن يريد التأكد من هذا إلا مراجعة صفحاتي علي الفيس بوك . هل كان صمت الدكتور على ما أكتب يعود إلى تبنيه رأي أبو عمار أم أن هناك أسبابا أخرى جعلته يصمت ؟
لا أريد أن اجتهد وأكتب عن أسباب أخمنها ولست متأكدا منها تماما ، ولكنني بقيت انتقد ، ومرة وجه إلي إنذارا باتخاذ اجراءات ضدي قد تصل إلى الفصل والحرمان من الحقوق المالية .
ليس خلافي مع رئاسة الجامعة خلافا شخصيا على الإطلاق ، ففي كل ما كتبت تجنبت الكتابة عن أمور شخصية ، وعندما فقد الدكتور رامي أفراد عائلته في حادث مروري ذهبت إلى بيت الأجر ، وعندما توفي عمه المرحوم وحيد الحمدلله ذهبت إلى الجنازة . كان خلافي مع رئاسة الجامعة وإدارتها خلافا على قضايا علمية وإدارية وقانونية .
غالبا ما كنت أكتب خربشات عن تجاوز قانون الجامعة بخصوص التمديد للدكتور رامي ، فلم تكن الآراء التي يرددها قسم من العاملين وأهمها أنه ليس هناك غيره من يشغل المنصب ، لم تكن الآراء تروق لي ، وحجتي في ذلك أن جامعة تخلو من عضو هيئة تدريس كفء لإدارتها تستحق أن تغلق ، وكنت أتساءل : هل سيخلد الرئيس ليظل يشغل منصبا فلا يوجد من هو كفء للمنصب غيره .
في الشعر العربي قال شاعر يمدح خليفة عباسيا تولى الخلافة :
" أتته الخلافة منقادة
إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له
ولم يك يصلح إلا لها "
وقد جاءت الرئاسة إليه منقادة ، علما بأنه لم يكن برتبة أستاذ دكتور ، وكانت هناك أسماء ثلاثة برتبة أستاذ دكتور مرشحة للمنصب هي الدكتور علي زيدان والدكتور عبد الفتاح أبو الشكر والدكتور محمد حنون .
في أثناء رئاسة الدكتور رامي شغلت منصب رئيس قسم اللغة العربية ولم أواصل ولهذا قصة قد آتي عليها لاحقا ، واستمرت العلاقة الودية بيننا وكان أحيانا يأخذ بآرائي ، فقد اقترحت عليه مرة ، حين دعا أعضاء هيئة التدريس في القسم ليأخذ رأيهم في فتح برنامج دكتوراه ، اقترحت عليه أن يعيد النظر في برنامج الماجستير لضعف الرسائل وضعف الإشراف ، وهو ما عمل به في حينه .
عندما قررت إدارة الجامعة رفع العبء التدريسي لمن هم برتبة أستاذ دكتور من تسع ساعات أسبوعية إلى اثنتي عشرة ساعة أسبوعية حدث الاختلاف مع رئاسة الجامعة ، وقد لجأت أنا والدكتور عبد الفتاح أبو الشكر والدكتور جمال جودة والدكتور عبد الستار قاسم والدكتورة أفنان دروزة إلى المحكمة لتعيد لنا حقوقنا ، وقد خسرنا الدعوة ، فقد كان غريمنا صار رئيس وزراء .
في أثناء حضور جلسات المحاكمة التقيت بزميل برتبة أستاذ دكتور شهد ضدنا ، والزميل صديق لي ، وقد سألته في المحكمة السؤال الآتي :
- كيف تشهد ضدنا؟ أنت تشهد ضد جدارتك باللقب الذي تحمله .
ابتسم الزميل وأجابني :
- لا استطيع إلا أن أشهد .
ويومها وجب علي أن أعيد قراءة روايات أمريكا اللاتينية .
خلال السنوات الست التي قضاها الدكتور رامي في منصب رئاسة الوزراء كتبت باستمرار احتج على جمعه منصبين بيد واحدة ، وحجتي أن هذا يسيء للشعب الفلسطيني قبل أن يسيء للدكتور نفسه ، وما زلت عند رأيي عموما . لقد حجز المنصب لست سنوات وكانت المفارقة أن الدكتور رامي لم يعد ليشغله ، بغض النظر عن شغله منصبا آخر قد يكون أرفع ، ولا أريد أن أخوض في تفاصيل عودته.
وأنا أراجع بشأن حقوقي المالية التقيت في مبنى رئاسة الجامعة بالدكتور وحوله مجموعة من الموظفين أو الحراس وتصافحنا وقال لي :
- وأخيرا عدنا إلى مكاننا .
وقد أجبت :
- والعود أحمد .
وواصلت طريقي ، وأخمن أن لعبارته دلالتها .
عندما عين الدكتور في منصب رئاسة الجامعة وخاض الخائضون في الأمر قلت لبعض معارفي إن المنصب لا يدوم وإن الدكتور رامي ، طال به العهد في الرئاسة أم قصر ، سيعود إلى مكتبه وإلى عمله مدرسا ، وأغلب الظن أن العبارة وصلت إليه ، وقد ألمح لي بها وهو رئيس جامعة ، وأرجح أن تلفظه بها في اللقاء الأخير كان أيضا تذكيرا مع غمز هو إنني عدت ولكن أقوى وأعلى وأما أنت فقد انتهى عملك .
شخصيا لم ألتفت أبدا لمغازي العبارة ودلالاتها ان كان لها مغزى أو قصد ، فأنا دائما ما أتذكر كلام صديق لي مفاده أن لا أحد اليوم يعرف من هو رئيس الجامعة المصرية أيام كان طه حسين عضو هيئة تدريس فيها ، ولكن أكثر المتعلمين والمثقفين يعرفون من هو طه حسين .
هل أنا ند لطه حسين لأكتب هذا ؟
رحم الله طه حسين ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه !!؟؟