مصطفى فودة - قراءة فى نص الغبار للشاعر محمد صالح ( 1942 - 2009 )

نص الغبار للشاعر محمد صالح نص غامض ومعتم ومربك للقارئ وينتمى لأجواء الإغتراب وربما العبث ولكن القارئ يجد نفسه امام نص فى غاية العمق والروعة ويدعوه إلى سبر أغواره والوصول إلى لؤلؤة أعماقه رغم غموض النص وكثافته .
بالنص كلمات أساسية وهامة قد تشكل مفاتيح له وقد تعين على الإقتراب من النص ومحاولة تأويل دلالاته منها /الغبار / النافذة موصدة / غرفة / ردهة / الباب ظل موصدا / رسائل / وهى كلمات كما توحى بالحصار والضيق والعزلة واللاجدوى . يبدأ النص بعنوان له هو الغبار وله دلالة على التلوث و عدم وضوح الرؤية وصعوبة التنفس وهذه كلها معانى تسود النص .ويبدأ النص ( كان هناك دائما / النافذة موصدة ) وللقارئ أن يجتهد فى فهم النص ويرى أن تلك الغرفة التى اشار إليها النص والتى بها نافذة موصدة وباب مغلق هى ذات الشاعر نفسه والتى قد يتسلل منها بعض الضوء من النافذة أو الباب وربما تدل على بعض الأمل ولكنها محاطة بالأتربة والتى يحاول أن يمسحها , وهناك رسائل كثيرة ذكرها الشاعرتركت أمام الباب المغلق يغطيها التراب ربما تدل على محاولة التواصل مع ذاته ومحاولة الانفتاح عليها ولكن دون جدوى فهى رسائل لم تفتح وظلت فترة طويلة يغطيها التراب .
وللنص إشارات فلسفية عميقة منها الاغتراب واللاجدوى وان كان بها بصيص من الامل وهى اشارات لاتثقل النص بل تزيده ثراءا وقوة وعمقا . وأختم القراءة بلغة محمد صالح هى لغة كما اشار اليها الشاعر الكبير فريد أبو سعدة فى كتابه صخب الظل بها ( الصفاء الايقاعى والاحكام اللغوى ..... ( وله ) طريقته الخاصة فى الاقتصاد اللغوى مقدما نصوصه فى جمل قصيرة مقطرة يبذل جهده لتكون أقل من المعنى وكأنه يتحرك تحت مقولة النفرى العظيم "كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة " )ص125 .
( مصطفى فودة )
الغبار للشاعر محمد صالح
كان هناك دائما
النافذة موصدة
لكن ضوء الغرفة يلوح
من بين خصاصها
ضوء الردهة ايضا
كان يتسلل من تحت الباب
ويستقرعلى أحذيتنا
لكن الباب ظل موصدا
مسحنا الغبار على صفحته
وكتبنا أسماءنا
وفى الممرات التى أعقبت
كانت رسائل أخرى قد تركت هناك
وكان ضوء الردهة يزداد سطوعا
ينفذ من شقوق الطلاء
ويلتمع فى إرتعاشات مذهبة
على ستراتنا
وكنا نسمعه فى الداخل
يتجول وحده بين الغرف
لكن الباب ظل موصدا
والرسائل الكثيرة التى تركت هناك
يغطيها الغبار

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى