أقولُ والقلب من شوقي قد التهبا = والصبر عني قد ولى وقد ذهبا
والوجد قد نال مني فوق عادته = والدمع يجري على الخدين منسكبا
أفدي التي لم تزل تبدي محاسنها = للناظرين إليها منظر عجباً
جسمٌ من الفضة البيضاء معتدلٌ = تخاله مشرباً من حسنه ذهبا
إذا يدٌ لمسته من غضاضته = وحسن نعمته أبقت به ندبا
ثقله إن مشت رجلان حجلهما = يضيق وهي اشتكت من حمله تعبا
ووجهها حاز من شمس الضحى شبهاً = بل نور غرته شمس الضحى غلبا
ووجنتاها إذا يبدو احمرارهما = حققت أنهما ورد الربى غضبا
ومقلتاها وذاك الجيد ليس لها = مثلٌ إذا ما امرؤٌ مثلاً لها طلبا
وثغرها حسن زهر الأقحوان حوى = والأقحوان غدا لا يعرف الشنبا
جرى بفيها رضابٌ طيبٌ عبقٌ = يذكو لمن شمه يجلو لمن شربا
إذا الفتى شمه أو ذافه سحراً = ألفاه في الحالتين المسك والضربا
إني لأشربه ليلي ومن ظمئي = إلليه نومي عن العينين قد غضبا
فاعجب لذي موردٍ ذا إن شكا ظمأ = وذي هوىً زاد شوقاً كلما قربا
الحب يفعل هذا بالورى أبداً = وليس يجهله شخصٌ له انتسبا
فاحذر خليلي منه ما حييت وإن = ركبت في بحره فاستشعر العطبا
وارج الخلاص وكن منه على ثقةٍ = إذا جعلت رضى محبوبك السببا
فقم بواجبه إن القيام به = على المحبين في شرع الهوى وجبا
وبالتماس رضى الأحباب قربهمُ = تنالُ منه المنى والقصد والأربا
وإنه الغاية القصوى التي طلبت = من ذي الهوى وبه يستكمل الأدبا
فدن لهم بالرضى أبدوا محاسنهم = أو صيروا دونها من سترهم حجبا
وارع العهود لهم غابوا وإن حضروا = شط المزار بهم أو كان مقتربا
واحفظ جلالهم والحظ جمالهم = نحو الفخار وتسمو في العلا رتبا
واقطع زمانك مشغوفاً بحبهم = مضنى الفؤاد بهم ما عشت مكتئبا
وغب عن النفس تعظيماً لهيبتهم = كما تغيب لدى تذكارهم طربا
واسقم ومت من هواهم غير مكترثٍ = بالسقم والموتِ ترجو الأجر محتسبا
لعل نفحةَ رحمى أن تهب لهم = تشفي الضنى وتداوي السقم والوصبا
وميت الحب تحييه وتنشره = فقد طواه هوى أحبابه حقبا
* الفقيه عبد الكريم الأندلسي المتوفى سنة 897
.
والوجد قد نال مني فوق عادته = والدمع يجري على الخدين منسكبا
أفدي التي لم تزل تبدي محاسنها = للناظرين إليها منظر عجباً
جسمٌ من الفضة البيضاء معتدلٌ = تخاله مشرباً من حسنه ذهبا
إذا يدٌ لمسته من غضاضته = وحسن نعمته أبقت به ندبا
ثقله إن مشت رجلان حجلهما = يضيق وهي اشتكت من حمله تعبا
ووجهها حاز من شمس الضحى شبهاً = بل نور غرته شمس الضحى غلبا
ووجنتاها إذا يبدو احمرارهما = حققت أنهما ورد الربى غضبا
ومقلتاها وذاك الجيد ليس لها = مثلٌ إذا ما امرؤٌ مثلاً لها طلبا
وثغرها حسن زهر الأقحوان حوى = والأقحوان غدا لا يعرف الشنبا
جرى بفيها رضابٌ طيبٌ عبقٌ = يذكو لمن شمه يجلو لمن شربا
إذا الفتى شمه أو ذافه سحراً = ألفاه في الحالتين المسك والضربا
إني لأشربه ليلي ومن ظمئي = إلليه نومي عن العينين قد غضبا
فاعجب لذي موردٍ ذا إن شكا ظمأ = وذي هوىً زاد شوقاً كلما قربا
الحب يفعل هذا بالورى أبداً = وليس يجهله شخصٌ له انتسبا
فاحذر خليلي منه ما حييت وإن = ركبت في بحره فاستشعر العطبا
وارج الخلاص وكن منه على ثقةٍ = إذا جعلت رضى محبوبك السببا
فقم بواجبه إن القيام به = على المحبين في شرع الهوى وجبا
وبالتماس رضى الأحباب قربهمُ = تنالُ منه المنى والقصد والأربا
وإنه الغاية القصوى التي طلبت = من ذي الهوى وبه يستكمل الأدبا
فدن لهم بالرضى أبدوا محاسنهم = أو صيروا دونها من سترهم حجبا
وارع العهود لهم غابوا وإن حضروا = شط المزار بهم أو كان مقتربا
واحفظ جلالهم والحظ جمالهم = نحو الفخار وتسمو في العلا رتبا
واقطع زمانك مشغوفاً بحبهم = مضنى الفؤاد بهم ما عشت مكتئبا
وغب عن النفس تعظيماً لهيبتهم = كما تغيب لدى تذكارهم طربا
واسقم ومت من هواهم غير مكترثٍ = بالسقم والموتِ ترجو الأجر محتسبا
لعل نفحةَ رحمى أن تهب لهم = تشفي الضنى وتداوي السقم والوصبا
وميت الحب تحييه وتنشره = فقد طواه هوى أحبابه حقبا
* الفقيه عبد الكريم الأندلسي المتوفى سنة 897
.