أ. د. محمد حسن عبدالله - الصيد السمين.. من معجم البابطين

(41)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها.

* * *

رؤية خاصة للجمال الأنثوي ..

بائعة "الكازوزة" الحسناء !!
ومخضوبة الأطـراف فينـانة الشَعرِ = علـى الشط تخطو في دلال وفي خفرْ
يميس بها سكـر الشبـاب فتنثنـي = كغصـن زهته الريحُ، أو شـادن خطرْ
تكـاد السبــاع المقعيـات حيالها = تخـف إليهــا صـابيات مـع البشر
جلاها الجمال النضر في ثوب فـاقةٍ = وما حـاجة الغيد الحسان إلى الحِبَر؟!
وهل عابها أن تعدم الوشي والحلـى = وقد أطلعـت من وجهها غرة السَحَرْ ؟
إذا هتفـت بالظــامئين تهـافتـوا = عليهـا كنحــل هـاجها مونق الزهر
ومـا بهــم بـرد الشـراب وإنما = نفـوس تـوافت مـن رَداها على قدر
إذا هــي هشــت للـورود فإنها = - وإن نعمت بالرِي – لا تحمد الصدَر
عفا الله عنهم إن شفوْا غُلة الصدى = فمـن للجـوى بيـن الجوانح يستعر؟
ترى الشُرب حول الوِرد شتى فلافظٌ = حُشـاشة معمــود وآخـر ينتظـر
ومن صـادر عنــه بمهجـة واله = تكاد من الشـوق المبــرح تنفطـر
..........

* * *

- شاعر القصيدة : علي الجندي (1898 – 1973) ولد في قرية شندويل محافظة سوهاج ، وتوفي في القاهرة . عايشته عن قرب حين درس لي علم البلاغة في الفرقة الثانية بكلية دار العلوم (1957) وكان عميداً للكلية .

• القصيدة سجل منها" معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين" 30 بيتا ، وأشار إلى أنها أطول من ذلك . وهي من "بحر الطويل".

• تتميز شعرية علي الجندي بقدرتها على تسجيل أدق الخواطر ، وأقربها إلى السطحية، مع إكسابها قدراً من الحيوية، ومسحة من الإنسانية تجعلها في درجة أعلى من شعره التقليدي .

• حين زار مدينة دمشق في وفد مصري – مع استهلال زمن الوحدة – تعلق بالشاعرة طلعت الرفاعي ، وأصدر عنها ديواناً يصف الرحلة من خلالها ، وسماها "ذات المعطف الأحمر" التي حملت له الموت الأحمر . ونشر كتابه هذا بعنوان : "خمسة أيام في دمشق الفيحاء" .
• في هذه القصيدة تتصارع مفردات المعجم الغزلي التراثي ، مع نزعة التصوير الحديثة ، فكانت هذه القصيدة الطريفة ، ذات طابع مشهدي ، تخلله الحوار ، فاكتسبت شكلا متميزاً ، وأصلت شعورا إنسانياً راقياً وصادقاً .

* * *

- التوثيق : المعجم – المجلد الثالث عشر – ص 290 .


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى