الكشف عن عظام بشرية تعود إلى أيام الدولة العثمانية بمسجد الكتاني
كانت الأوقاف بولاية قسنطينة قد أدرجت إلى عمليات ترميم ضمن فعاليات قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، و مضت 06 سنوات على اختتام التظاهرة و المرافق الدينية على حالها لم يرمم منها سوى الجامع الكبير و مسجد حسن باي، أما باقي المساجد و الزوايا تكاد جدرانها تصرخ أغيثوني، لإهمالها من قبل السلطات المحلية على غرار مسجد سيدي قموش الذي يضم ضريح الشيخ بركات جد العلامة عبد الحميد ابن باديس رائد النهضة في الجزائر،فما تزال جدرانه و أرضيته إلى اليوم تشكوا الإهمال و الركود، لاسيما و هذه المساجد مرتبطة بأحداث تاريخية تعيد لسكان المدينة معاناتهم مع اليهود أيام الإستعمار
كانت الأوقاف بولاية قسنطينة قد أدرجت إلى عمليات ترميم ضمن فعاليات قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، و مضت 06 سنوات على اختتام التظاهرة و المرافق الدينية على حالها لم يرمم منها سوى الجامع الكبير و مسجد حسن باي، أما باقي المساجد و الزوايا تكاد جدرانها تصرخ أغيثوني، لإهمالها من قبل السلطات المحلية على غرار مسجد سيدي قموش الذي يضم ضريح الشيخ بركات جد العلامة عبد الحميد ابن باديس رائد النهضة في الجزائر،فما تزال جدرانه و أرضيته إلى اليوم تشكوا الإهمال و الركود، لاسيما و هذه المساجد مرتبطة بأحداث تاريخية تعيد لسكان المدينة معاناتهم مع اليهود أيام الإستعمار
كلما يعين مسؤول على رأس هذه المدينة إلا و يتجدد الحديث عن الأوقاف و مدى أهميتها سواء كانت مساجد أو زوايا ، ثم لا يلبث الصمت أن يخيّم على مشاريع الترميم و إعادة الإعتبار لهذه المرافق، إلى حين الإحتفال بذكرى وفاة ابن باديس التي كانت فرصة للوالي الجديد ساسي أحمد عبد الحفيظ للوقوف على حالها البائس، و هذا تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية بإعادة الاعتبار لكل ما يتعلق بالشيخ العلامة عبد الحميد ابن باديس، خلال زيارته مسجد سيدي لخضر( الجامع الاخضر) بحي الجزّارين و ملحقاته ( الجمعية الخيرية للتربية و التعليم ثم المدرسة) بالمدينة القديمة، و على سبيل المثال فالأشغال بمسجد سيدي لخضر متوقفة منذ 06 سنوات و كذلك الشان بالنسبة لمنزل الشيخ ابن باديس المتواجد بالمدينة القديمة السويقة.
كانت ولاية قسنطينة منذ نظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية قد شهدت حملة واسعة لإعادة الإعتبار للمساجد و ترميمها في عهدة الولاة الذين تداولوا على تسيير شؤون الولاية بدءًا من الوالي السابق حسين واضح ثم كمال عباس، و أعيد فتح البعض منها على غرارالجامع الكبير الواقع بشارع العربي بن مهيدي( طريقة جديدة) ، و مسجد أحمد حماني بمدينة علي منجلي و مسجد حسن باي الواقع بساحة محمد خميستي و المحاذي لقصر أحمد باي بوسط مدينة قسنطينة، بعدما أخضع إلى عملية ترميم ، ماعدا زاوية الشيخ بن عبد الرحمان التي تقام فيها الصلوات و التراويح، و مسجد الكتاني الواقع بسوق العصر، الغريب في مسجد الكتاني أن الآذان يرفع في كل وقت صلاة، دون وفود المصلين إليه، و لما حاولنا الإستفسار قيل لنا أن صوت المؤذن مسجل في شريط، و في كل موعد صلاة يعاد تشغيل المسجل، أما سبب غلق و تأخر ترميمه كشفت مصادر مطلعة أنه خلال عمليات الحفر للمائضة تم العثور على عظام بشرية تعود إلى أيام الدولة العثمانية، فتقرر غلقه إلى حين يتم تشكيل لجنة من الخبراء في علم الآثار و المهندسين المعماريين لإجراء خبرة على هذا الموقع المصنف ضمن المعالم الأثرية بالولاية.
كما نقف على مسجد سيدي لخضر، الذي شهد أحداثا كبيرة مع الجماعات اليهودية، مما جعله موضع اهتمام من قبل الدارسين و الباحثين في التاريخ، وقد سُمِّيَ مسجد سيدي لخضر بالجامع الأعظم، بناه الباي حسن بن حسين الملقب بأبي حنك، تولى هذا الأخير حكم مدينة قسنطينة من عام 1736 إلى 1754، كان آخر من قام بالتدريس فيه الشيخ عبد الحميد بن باديس، الذي اتخذه مدرسة لتكوين النخبة و المصلحين الذين حملوا راية الإرشاد و الإصلاح الديني و الفكري و اللغوي، و ما زال سكان قسنطينة يتذكرون تلك الأحداث المؤلمة، التي وقعت بمسجد سيدي لخضر، و التي أيقظت شعور معاداة السامية، خلالها قامت معركة سميت بمعركة الشرف عندما قام ضبطا يهوديا يوم 05 أوت1934 و تبوّل على جدران مسجد و أهان المصلين، و كان اليوم يوم جمعة و بلغ التوتر مبلغه من جانب المسلمين، انتهت بمقتل ابن جلول و بدأت الحرب المقدسة ضد اليهود فكانت مجزرة حقيقية ، و ما زال السكان يتذكرون هذه الأحداث و ما فعل اليهود بالمدينة و سكانها، و هو ما أثار استياء السكان المجاورين له الذين اعتادوا إقامة فيه صلاة الجمعة و التراويح في رمضان.
أما عن زاوية سيدي قموش التي تحولت إلى مسجد و هو الواقع بنهج بن عميرة في إحدى الممرات الضيقة، متاخم لمحل لبيع "الشيفون"، رغم التوافد الكبير الذي يشهده هذا المحل من النساء و الرجال غير أن القليل منهم من يعرف أن المسجد يحتضن ضريح الشيخ بركات جد العلامة عبد الحميد ابن باديس، و قصة الزاوية تعود إلى أيام الاحتلال الفرنسي حين بادرت السلطات الفرنسية بالاستحواذ على الأملاك الوقفية و منها مسجد سيدي قموش الذي أسسه في القرن التاسع الهجري الموافق للخامس عشر الميلادي، ورثه الشيخ المكي بن باديس عن والده محمد كحول بن مناد، و في سنة 1263 هـ - 1846 م قامت السلطات الفرنسية بهدم المسجد و تشييد مكانه ثكنة لجيوشها ( القصبة حاليا) و كان فيه ضريح الشيخ بركات بن باديس، فلجأ الشيخ المكي بن باديس لإعادة شراء المسجد من السلطات الاستعمارية في سبتمبر 1868 و في 03 نوفمبر 1889 حبس الشيخ المكي المسجد حبسا خالصا لله و رزقه الله بعد شهر بحفيد سماه عبد الحميد ابن باديس، و نقل رفاة الضريح في سنة 1890.
و كتب على اللوح المعرفة به مايلي: " هنا ضريح العالم المقدس الفضل المشهور بالعلم و الأخلاق بركات بن باديس، و في عام 1924 م قام الشيخ محمد المصطفى بن باديس بإضافة طابق ثاني للمسجد ، كان له دور كبير خلال النهضة الإصلاحية التي قام بها عبد الحميد بن ياديس حيث أدرجه في نظام دروس الجامع، بعد وفاة الشيخ عبد الحميد ابن باديس أدرجته جمعية العلماء المسلمين في منظومتها كملحقة لمعهد ابن باديس من 1945 الى 1957، و في أفريل 2002 أعيد ترميم المسجد و حسب القيم على المسجد السيد زروقي عمر فإن المسجد اليوم تقام فيها التراويح..، و نشير هنا أن وجود الضريح داخل المسجد جعل المكان قبلة للزوار من أجل التبرك ببركة الشيخ بركات..، الوقوف على ضريح الشيخ بركات جد الشيخ عبد الحميد ابن باديس من والده يؤكد على أن آل ابن باديس هم من المرابطين و تختلف زواياهم عن زوايا المشايخ التي يشبه نظامها النظام الملكي الوراثي يتصرف فيها صاحبها كما يشاء و بعضهم يعيش هو و عائلته من مواردها عكس زوايا المرابطين التي هي ملكية جماعية من جهة ، كما أن الاختلاف القائم بينهما هو أن قبر الوليّ عادة ما يكون مغطى بتابوت خشبي عليه أقمشة حريرية مذهبة و ملونة، و هو ما لم نقف عليه عند ضريح الشيخ بركات، الغريب أن عائلة ابن باديس لم تفكر في تحويل رفاة ضريحها الشيخ بركان بن باديس إلى مقبرة العائلة؟.
علجية عيش