(مع حلمي الشعراوي في: تراث اللغات الإفريقية... تراث أفريقي عربي)
(في الحديث عن جذور اللغة "الأفريكانية" و كتابتها)
قراءة و تعليق علجية عيش بتصرف
لا يختلف إثنان أنه يوجد أدب افريقي، و أدب عربي و أدب أمازيغي، و أدب المهجر، و أدب السجون، و هذه الأنواع الأدبية من شأنها أن تصل و كُتَّابِهَا إلى مستوى العالمية و قد تدرج كتاب و لغويون في الحدث عن اللغة الأفريكانية و جذور نشانتها و كيف كانت تكتب بالحروف العربية، و دور الترجمة التي خاضت هذا العمل منذ القرن السابع عشر، إلى أن تأسس المعهد الثقافي العربي الأفريقي في مالي و الإتحاد الإفريقي لتقريب وجهات النظر في كل القضايا السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية و كذلك القضايا الفكرية الثقافية و الأدبية و كل ما يتعلق بالفكر الحضاري
الرواية الأفريقية كنموذج كانت دراسة أجرتها الكاتبة الصحافية و المناضلة الحقوقية مروة التجاني نشرت على موقع الأنتولوجيا alantologia.com و الحوار المتمدن ahewar.org عرّفت فيها الباحثة بالأدب الإفريقي و أشارت إلى ما أجمع عليه عدد من الأدباء الأفارقة المهتمين بالقارة و الذين عرفوه بأنه أدب المناطق الواقعة جنوب الصحراء الكبرى وخارج مجال اللغة العربية، كما أرادت أن تكسر القيود على الأدب الإفريقي مقدمة في ذلك الرواية كنوع من أنواع الأدب في ظل غياب المشهد الروائي الأفريقي عند المتلقي العربي رغم كثافة الإنتاج في الرواية الأفريقية ، وقد تطرقت الكاتبة إلى ظروف كتابة الرواية الأفريقية باللغة الأجنبية و عدم انتشارها بسبب القمع الاستعماري للغات الأم ، إضافة لذلك ضعف وغياب دور النشر التي تربط الشمال والشرق الأفريقي مع بعضهما والعكس ة قارنت بين كتابات غرب أفريقيا الإنجليزية التي كانت تعبر عن جدلية الاستعمار ، و أدب الغرب الأفريقي الذي كان ينادي بالمساواة والحقوق دون أن تستثني دول الشمال التي كانت ذات صبغة فرانكفونية كـ: ( مالي ، الجزائر، المغرب و تونس,,الخ) ، وكانت مشاكل الهجرة حاضرة في المشهد الروائي الأفريقي الحديث مثل رواية " كامراد" للكاتب الجزائري الصديق أحمد،
كما اعتمدت الباحثة على ردود فعل النقاد في محاولة لتفكيك هذه الإشكالية التي انقسمت حولها الآراء، البعض منهم كما تقول هي حلل قضية حاجز اللغة والهوية المتنازعة بين اللغات الأم ولغات المستعمر ، البعض الآخر تناول الأثر السياسي والصراع بين المثقف والسلطة الذي أفرز أدوات رقابة ومنع مما قلل من انتشار الرواية الأفريقية ، وفريق آخر يرى أن انتشار الرواية الأفريقية كان أسرع وأنجح في العالم الغربي لأنهم خاطبوهم بلغتهم وأوصلوا الرسالة الثقافية للموروث التراثي الأفريقي فيما عرف بالفرانكفونية والأنجلوساكسونية ورهنوا انتشار الرواية الأفريقية بثورة المعلوماتالتي فتحت المجال لفتح نافدة من نوافذ الأدب الإفريقي و سرد تاريخ القارة، واحتلت مكانة عالية بين تيارات السرد العالمية خاصة مع انتشار حركة الترجمة ، هي روايات تحكي تاريخ المستعمر والنضال وأنماط العيش اليومية ، وتزخر بالعوالم الغرائبية والفلكلور المحلي والتراث القديم ، و استمرار السرد الأفريقي يعني الحديث عن الهوية الأفريقية ومنتوجها الثقافي المعاصر.
و في دراستها قدمت مروة التجاني ثلاثة آراء : الأول للكاتب الجنوب أفريقي ( إركيال مافاليلي ) و مقولته أن الشمال العربي المسلم لا علاقة له من الناحية الثقافية بالإنسان الأفريقي ( و سنعود ‘لى هذه الفكرة لاحقا) ، و الرأي الثاني للأديب مازيسي كونيني و هو على ما يبدو رأي نقيض، يرى هذا الأخير أن الأدب الأفريقي هو الأدب الذي يصور واقعاً أفريقيًّا بجميع أبعاده وهذه الأبعاد لا تضم ألوان النزاع مع القوى صاحبة السيطرة السابقة مع القارة وحسب وإنما تضم أيضاً جميع الأشكال الأدبية داخل القارة الأفريقية ، و لعلنا نقف مع الرأي الثاني، فلا يختلف إثنان طبعا أنه يوجد أدب افريقي، و أدب عربي و أدب أمازيغي، و أدب المهجر، و أدب السجون، و أنواع أخرى من الأدب كأدب الطابو أو أدب الجنس إن صحت تسميته، تقول الكاتبة أن الرواية الأفريقية أخذت طابع الشكل الغربي في البناء الهرمي للبنية الشكلية و وظفت في مضمون قضايا اجتماعية ، و أفريقيا تزخر بالقصص الخرافية والأساطير والحكايا الشعبية التي تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل ، ولم يتم تدوينها بعد، وظل هذا النوع من الأدب في طي النسيان إلى حين تعرضت الشعوب الإفريقية إلى الغزو، و مع بداية حركات التحرر و الاستقلال التي انطلقت في معظم دول القارة في الخمسينيات من القرن الماضي ، برزت في الساحة الأدبية أسماء عديدة تكتب بهذه الأنماط إضافة لترجمة بعض ما دون باللغات المحلية ، فكانت موضع اهتمام لدى النقاد الغربيين في أوروبا وأمريكا، وذكرت في دراستها أاسماء عديد لمع نجمها في الفضاء الأدبي لايسع المجال لذكرها
تعليــــــق..
الحقيقة أن الكاتبة انطلقت من موطنها السودان الذي عرف عدّة هزات و مؤامرات خطط لها الإستعمار العالمي بتأجيجه الصراعات و قدمت صاحبة الدراسة عيّنة من هذه العوائق التي تعانيها دولة السودان (موطنها) حيث يوجد أكثر من 500 لسان و يتعذر ترجمته إلى لغات أو لهجات أخرى أو تدوينه عبر اللغات الأوروبية، الجميع طبعا يتفق على أن الرواية مهما كانت جنسيتها و مهما اختلف لسان كتابها تطرح مشكلة "الهوية"، يبقى السؤال حول ما إن كان الأدب الإفريقي أو ما يزال متأثرا بلغة المستعمر في ظل وجود بعض الكتابات باللهجات المحلية ، فهذا يرجع إلى النظام السياسي و الثقافي الذي يعيش فيه كل روائي إذا قلنا أن الرصيد الفكري و الثقافي للشعوب الإفريقية ما يزال شفهي، أي انه لم يدوّن بعد و لم يخضع للدراسة و التحليل و هو ما جاء في كتاب الباحثة عندما أشارت إلى أن الأدب الشفهي الأفريقي غير المكتوب يمثل المساحة الأكبر ويفوق في وجوده ما كتبه الأفارقة أنفسهم أو الباحثين من جهات أخرى، و هذا بدوره يشكل عائقاً في التعرف على الرواية الأفريقية بصورة كبيرة ، أمام تعدد اللغات و تعدد اللهجات المحلية في أفريقيا، الحقيقة و نحن نتصفح ما جاء في الدراسة، لم تتطرق الباحثة إلى تعدد الثقافات في السودان، و بالخصوص ثقافة "الدينكا" جنوب السودان، و ثقافة مروى النوبية السودانية التي امتدت إلى مصر، ثم أن بعض الروائيين يتجاوزن حدود "البديهيات"، فعندما نقف على موقف الروائي نغوجي واثيونغو (ذكرته الباحثة في الكتاب) عندما قال أن اللغات الأوروبية سيما الإنجليزية ليست أفريقية، فهذا أمر بديهي و لا يحتاج إلى شرح أو تعليل، تبقى قضية اللغة فهي كما قال الأديب حامد بخيت و غيره سلاح قوي يمكن من خلاله للمستعمر السيطرة على الشعوب ، و فكرة ( واثيونغو ) حول بعث اللغات كمشروع ثوري متقدم يحتاج إلى إثراء إذا ما تمت عملية تطوير اللغات الأفريقية وأصبح من الممكن كتابتها بحيث يمكن بعد ذلك استخدامها في الكتابة الأدبية ومن ثم نقلها إلى الآخر غير الأفريقي .
تراث اللغات الإفريقية... تراث أفريقي عربي
أما حديثها عن الحداثة في الأدب الإفريقي، ذهبت الباحثة مروة التجاني إلى القول أن حداثة الرواية الأفريقية في ديمومة مستمرة منذ تحولها من حكاية مروية إلى نص مكتوب استوعب تقنية الشكل الغربي في قوالب مواضيع أفريقية ، فمهما اختلفت الآراء و المواقف حول موقع الحداثة في الرواية الإفريقية أو الأدب الأفريقي عموما ، فقد استطاع الأدب الإفريقي الحفاظ على الهوية، هوية الشعوب الأفريقية من شرقها إلى غربها و من شمالها إلى جنوبها، فقد كان للأدب الثوري دور جلي في كشف مخططات الإستعمار الثقافية، و هم ما لم تتطرق إليه الباحثة ( الأدب الثوري الإفريقي) فكانت هناك تجارب أفريقية صنعت الحدث الثقافي و الفكري تناولت الواقع الإجتماعي، السياسي و الإقتصادي و انتقدته بشجاعة سواء كانوا كتابا أو حكاما و قادة واجهوا اليد الإستعمارية التي طالما سعت إلى طمس هوية الشعوب المستعمَرة، و التاريخ يذكر أن الأفارقة في القرن العشرين خاضوا نضالا مستميتا من أجل الإستقلال و اتخذ صورا و اشكالا، ليس بالسلاح فحسب بل كان ثورة بالقلم رسمها كتاب و أدباء منذ أن ظهرت الفكرة "الأفريقانية" أثير النقش حولها في المؤتمرات الست التي عقدت بين عامي 1900 و 19945، و أتيحت فرصة التعليم أمام الإفريقيين سمح بظهور نخبة مثقفة.
ما لم تتطرق إليه الباحثة كذلك هو أن العديد من الدراسات تناولت قضية اللغة في الأدب الإفريقي بصفة عامة و هذا باتفاق العرب و الأفارقة من خلال إقامة المعهد الثقافي العربي الأفريقي في مالي و هذا في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، لتنشيط العلاقات الثقافية بينهما، ففي مالي مثلا تقع (تمبكتو) كنز التراث العربي الإفريقي و مراكزه التاريخية و منها مركز أحمد بابا التمبكتي و مركز ماما حيدرا للوثائق و المخطوطات، و في مالي أيضا تاريخ الإلتقاء الإجتماعي و السياسي و الممالك العظيمة التي ارست قواعده، إلا أن الفرنسيون غيبوا هذه المنطقة عندما استقر بهم المقام على الساحل الغربي لإفريقيا و جعلوا داكار مركز الحداثة الوافدة مع الإستعمار الغربي، كما أنهم لم يستطيعوا افيتسطان في قلب بلاد السودان و عصبها التاريخي في امبراطورية مالي، لذلك ظلت مؤسسات التاريخ الإفريقي محتفظة بنكهتها في مالي ، في (تمبكتو و في جنى و في باماكو) التي يوجد بها جامعات و مساجد شامخة و دور العلماء، حسب الدراسات، ما كان موجودا هو تراث عربي عن افريقيا، ممثلا في ما نقله الرحالة، و كتب باللغة العربية مثل كتابات أحمد بابا التمبكتي، و لولا عملية الترجمة التي خاضت هذا العمل منذ القرن السابع عشر لظل هذا التراث مدفونا، و قد تحدث عن هذه الأعمال ما رواه كولي cooly في كتابه الشهير negro land of arabs، المكتوب عام 1846 ، أما الأوروبيون فلم يهتموا بما تمت كتاباته باللغات الأفريقية، لأنهم كمستقين كانوا يجيدون اللغة العربية لدهشتهم بالحرف العربي أو ما سمي بالعجمي Ajami و هي اكثر من 20 لغة معظمها تحديدا في غرب أفريقيا و في قلب امبراطورية مالي.
نعم لقد ترجمت الرواية الأفريقية من لغاتها المحلية إلى لغات أخرى مما شكل حلقة تواصل داخل القارة وخارجها ، واتسعت دائرتها ودخلت مجال المنافسات الإبداعية والمنابر الفكرية وحصد كتابها جوائز قيمة تضاف لمراتب الأدب الروائي الأفريقي وخلفت أثراً بين أجيالها ومازالت القارة تنتج أدباً روائياً له الريادة في مواكبته لقضايا المجتمعات الأفريقية ، قبل وأثناء وبعد الاستعمار، و قد تطرق لهذه المسألة الحساسة الدكتور حلمي شعراوي عندما كشف ألاعيب الإعلام الغربي الذي روّج من مجرد الحديث عن كتابة اللغات الأفريقية مقولة أن "الشعوب الإفريقية لم تعرف الكتابة" و عندما أزعجتهم ثبوت وجود النصوص الإفريقية بالحرف العربي، اعتبروها مجرد " خربشات" دينية لا ترقى إلى مرتبة النصوص أو التراث، معبرا عن اسفة لوجود باحثين و مثقفين أفارقة يعتقدون في ذلك حتى الآن لتبرير عدم معرفتهم بالعربية الأصل من جهة و استغراقهم في الحداثة من جهة أخرى، رغم أن الفتوحات الإسلامية كان لها دور كبير في انتشار اللغة العربية في القارة ، دون أن يدركوا مخاطر تجاهل الهويات الوطنية التي تعكسها الثقافات الأفريقية و انعكاستها على "العولمة"، في تفتيت مجتمعات الدول النامية و طمس هوياتها و إنجازاتها التاريخية بل شيوع أفكار ما بعد الإستعمار و ما بعد الحداثة كمؤثر في قضايا الهوية و التاريخ و التراث لدى الشعوب.
جذور اللغة "الأفريكانية" و كتابتها
ما يمكن الإشارة إليه هو أن اللغة العربية انتشرت بقوة في العالم كله ( الغربي ، العربي و الأفريقي) و قد ذكر المؤرخون كيف وصلت اللغة العربية إلى غاية جنوب افريقيا ، و كانوا يكتبون اللغة الأفريكانية ( كما جاء في بعض الكتب) بالحروف العربية، و اللغة الأفريكانية هي اللغة الثانية بعد اللغة الإنجليزية، و كانت مستعملة بكثرة قبل وصول الإنجليز إلى جنوب افريقيا، تقول البحوث أن عماد اللغة الأفريكانية في الأصل من اللغة الهولندية، و لكنها ابتعدت عنها حتى اصبحت مختلفة عنها، بحيث ادخلت عيها مفردات و تعبيرات محلية و ماليزية من اثر الإحتكاك ما بين الهولنديين الأوائل و سكان البلاد، و السبب في كتابتها بالحروف العربية لأنها في اول نشاتها لم تكن لغة ذات طتابة لأنها نشات بين طوائف مختلفة، و كان المسلمون أول من اجتاج إلى كتابتها فكتبوها بالحروف العربيية من اجل تعليم ابناء أفريقيا علوم التوحيد.
قراءة و تعليق علجية عيش بتصرف
أنظر في ذلك../
( كتاب: أفريقيا من قرن إلى قرن تاليف حلمي شعراوي و كتاب: مشاهدات في بلاد العنصريين بقلم محمد بن ناصر العبودي)
(في الحديث عن جذور اللغة "الأفريكانية" و كتابتها)
قراءة و تعليق علجية عيش بتصرف
لا يختلف إثنان أنه يوجد أدب افريقي، و أدب عربي و أدب أمازيغي، و أدب المهجر، و أدب السجون، و هذه الأنواع الأدبية من شأنها أن تصل و كُتَّابِهَا إلى مستوى العالمية و قد تدرج كتاب و لغويون في الحدث عن اللغة الأفريكانية و جذور نشانتها و كيف كانت تكتب بالحروف العربية، و دور الترجمة التي خاضت هذا العمل منذ القرن السابع عشر، إلى أن تأسس المعهد الثقافي العربي الأفريقي في مالي و الإتحاد الإفريقي لتقريب وجهات النظر في كل القضايا السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية و كذلك القضايا الفكرية الثقافية و الأدبية و كل ما يتعلق بالفكر الحضاري
الرواية الأفريقية كنموذج كانت دراسة أجرتها الكاتبة الصحافية و المناضلة الحقوقية مروة التجاني نشرت على موقع الأنتولوجيا alantologia.com و الحوار المتمدن ahewar.org عرّفت فيها الباحثة بالأدب الإفريقي و أشارت إلى ما أجمع عليه عدد من الأدباء الأفارقة المهتمين بالقارة و الذين عرفوه بأنه أدب المناطق الواقعة جنوب الصحراء الكبرى وخارج مجال اللغة العربية، كما أرادت أن تكسر القيود على الأدب الإفريقي مقدمة في ذلك الرواية كنوع من أنواع الأدب في ظل غياب المشهد الروائي الأفريقي عند المتلقي العربي رغم كثافة الإنتاج في الرواية الأفريقية ، وقد تطرقت الكاتبة إلى ظروف كتابة الرواية الأفريقية باللغة الأجنبية و عدم انتشارها بسبب القمع الاستعماري للغات الأم ، إضافة لذلك ضعف وغياب دور النشر التي تربط الشمال والشرق الأفريقي مع بعضهما والعكس ة قارنت بين كتابات غرب أفريقيا الإنجليزية التي كانت تعبر عن جدلية الاستعمار ، و أدب الغرب الأفريقي الذي كان ينادي بالمساواة والحقوق دون أن تستثني دول الشمال التي كانت ذات صبغة فرانكفونية كـ: ( مالي ، الجزائر، المغرب و تونس,,الخ) ، وكانت مشاكل الهجرة حاضرة في المشهد الروائي الأفريقي الحديث مثل رواية " كامراد" للكاتب الجزائري الصديق أحمد،
كما اعتمدت الباحثة على ردود فعل النقاد في محاولة لتفكيك هذه الإشكالية التي انقسمت حولها الآراء، البعض منهم كما تقول هي حلل قضية حاجز اللغة والهوية المتنازعة بين اللغات الأم ولغات المستعمر ، البعض الآخر تناول الأثر السياسي والصراع بين المثقف والسلطة الذي أفرز أدوات رقابة ومنع مما قلل من انتشار الرواية الأفريقية ، وفريق آخر يرى أن انتشار الرواية الأفريقية كان أسرع وأنجح في العالم الغربي لأنهم خاطبوهم بلغتهم وأوصلوا الرسالة الثقافية للموروث التراثي الأفريقي فيما عرف بالفرانكفونية والأنجلوساكسونية ورهنوا انتشار الرواية الأفريقية بثورة المعلوماتالتي فتحت المجال لفتح نافدة من نوافذ الأدب الإفريقي و سرد تاريخ القارة، واحتلت مكانة عالية بين تيارات السرد العالمية خاصة مع انتشار حركة الترجمة ، هي روايات تحكي تاريخ المستعمر والنضال وأنماط العيش اليومية ، وتزخر بالعوالم الغرائبية والفلكلور المحلي والتراث القديم ، و استمرار السرد الأفريقي يعني الحديث عن الهوية الأفريقية ومنتوجها الثقافي المعاصر.
و في دراستها قدمت مروة التجاني ثلاثة آراء : الأول للكاتب الجنوب أفريقي ( إركيال مافاليلي ) و مقولته أن الشمال العربي المسلم لا علاقة له من الناحية الثقافية بالإنسان الأفريقي ( و سنعود ‘لى هذه الفكرة لاحقا) ، و الرأي الثاني للأديب مازيسي كونيني و هو على ما يبدو رأي نقيض، يرى هذا الأخير أن الأدب الأفريقي هو الأدب الذي يصور واقعاً أفريقيًّا بجميع أبعاده وهذه الأبعاد لا تضم ألوان النزاع مع القوى صاحبة السيطرة السابقة مع القارة وحسب وإنما تضم أيضاً جميع الأشكال الأدبية داخل القارة الأفريقية ، و لعلنا نقف مع الرأي الثاني، فلا يختلف إثنان طبعا أنه يوجد أدب افريقي، و أدب عربي و أدب أمازيغي، و أدب المهجر، و أدب السجون، و أنواع أخرى من الأدب كأدب الطابو أو أدب الجنس إن صحت تسميته، تقول الكاتبة أن الرواية الأفريقية أخذت طابع الشكل الغربي في البناء الهرمي للبنية الشكلية و وظفت في مضمون قضايا اجتماعية ، و أفريقيا تزخر بالقصص الخرافية والأساطير والحكايا الشعبية التي تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل ، ولم يتم تدوينها بعد، وظل هذا النوع من الأدب في طي النسيان إلى حين تعرضت الشعوب الإفريقية إلى الغزو، و مع بداية حركات التحرر و الاستقلال التي انطلقت في معظم دول القارة في الخمسينيات من القرن الماضي ، برزت في الساحة الأدبية أسماء عديدة تكتب بهذه الأنماط إضافة لترجمة بعض ما دون باللغات المحلية ، فكانت موضع اهتمام لدى النقاد الغربيين في أوروبا وأمريكا، وذكرت في دراستها أاسماء عديد لمع نجمها في الفضاء الأدبي لايسع المجال لذكرها
تعليــــــق..
الحقيقة أن الكاتبة انطلقت من موطنها السودان الذي عرف عدّة هزات و مؤامرات خطط لها الإستعمار العالمي بتأجيجه الصراعات و قدمت صاحبة الدراسة عيّنة من هذه العوائق التي تعانيها دولة السودان (موطنها) حيث يوجد أكثر من 500 لسان و يتعذر ترجمته إلى لغات أو لهجات أخرى أو تدوينه عبر اللغات الأوروبية، الجميع طبعا يتفق على أن الرواية مهما كانت جنسيتها و مهما اختلف لسان كتابها تطرح مشكلة "الهوية"، يبقى السؤال حول ما إن كان الأدب الإفريقي أو ما يزال متأثرا بلغة المستعمر في ظل وجود بعض الكتابات باللهجات المحلية ، فهذا يرجع إلى النظام السياسي و الثقافي الذي يعيش فيه كل روائي إذا قلنا أن الرصيد الفكري و الثقافي للشعوب الإفريقية ما يزال شفهي، أي انه لم يدوّن بعد و لم يخضع للدراسة و التحليل و هو ما جاء في كتاب الباحثة عندما أشارت إلى أن الأدب الشفهي الأفريقي غير المكتوب يمثل المساحة الأكبر ويفوق في وجوده ما كتبه الأفارقة أنفسهم أو الباحثين من جهات أخرى، و هذا بدوره يشكل عائقاً في التعرف على الرواية الأفريقية بصورة كبيرة ، أمام تعدد اللغات و تعدد اللهجات المحلية في أفريقيا، الحقيقة و نحن نتصفح ما جاء في الدراسة، لم تتطرق الباحثة إلى تعدد الثقافات في السودان، و بالخصوص ثقافة "الدينكا" جنوب السودان، و ثقافة مروى النوبية السودانية التي امتدت إلى مصر، ثم أن بعض الروائيين يتجاوزن حدود "البديهيات"، فعندما نقف على موقف الروائي نغوجي واثيونغو (ذكرته الباحثة في الكتاب) عندما قال أن اللغات الأوروبية سيما الإنجليزية ليست أفريقية، فهذا أمر بديهي و لا يحتاج إلى شرح أو تعليل، تبقى قضية اللغة فهي كما قال الأديب حامد بخيت و غيره سلاح قوي يمكن من خلاله للمستعمر السيطرة على الشعوب ، و فكرة ( واثيونغو ) حول بعث اللغات كمشروع ثوري متقدم يحتاج إلى إثراء إذا ما تمت عملية تطوير اللغات الأفريقية وأصبح من الممكن كتابتها بحيث يمكن بعد ذلك استخدامها في الكتابة الأدبية ومن ثم نقلها إلى الآخر غير الأفريقي .
تراث اللغات الإفريقية... تراث أفريقي عربي
أما حديثها عن الحداثة في الأدب الإفريقي، ذهبت الباحثة مروة التجاني إلى القول أن حداثة الرواية الأفريقية في ديمومة مستمرة منذ تحولها من حكاية مروية إلى نص مكتوب استوعب تقنية الشكل الغربي في قوالب مواضيع أفريقية ، فمهما اختلفت الآراء و المواقف حول موقع الحداثة في الرواية الإفريقية أو الأدب الأفريقي عموما ، فقد استطاع الأدب الإفريقي الحفاظ على الهوية، هوية الشعوب الأفريقية من شرقها إلى غربها و من شمالها إلى جنوبها، فقد كان للأدب الثوري دور جلي في كشف مخططات الإستعمار الثقافية، و هم ما لم تتطرق إليه الباحثة ( الأدب الثوري الإفريقي) فكانت هناك تجارب أفريقية صنعت الحدث الثقافي و الفكري تناولت الواقع الإجتماعي، السياسي و الإقتصادي و انتقدته بشجاعة سواء كانوا كتابا أو حكاما و قادة واجهوا اليد الإستعمارية التي طالما سعت إلى طمس هوية الشعوب المستعمَرة، و التاريخ يذكر أن الأفارقة في القرن العشرين خاضوا نضالا مستميتا من أجل الإستقلال و اتخذ صورا و اشكالا، ليس بالسلاح فحسب بل كان ثورة بالقلم رسمها كتاب و أدباء منذ أن ظهرت الفكرة "الأفريقانية" أثير النقش حولها في المؤتمرات الست التي عقدت بين عامي 1900 و 19945، و أتيحت فرصة التعليم أمام الإفريقيين سمح بظهور نخبة مثقفة.
ما لم تتطرق إليه الباحثة كذلك هو أن العديد من الدراسات تناولت قضية اللغة في الأدب الإفريقي بصفة عامة و هذا باتفاق العرب و الأفارقة من خلال إقامة المعهد الثقافي العربي الأفريقي في مالي و هذا في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، لتنشيط العلاقات الثقافية بينهما، ففي مالي مثلا تقع (تمبكتو) كنز التراث العربي الإفريقي و مراكزه التاريخية و منها مركز أحمد بابا التمبكتي و مركز ماما حيدرا للوثائق و المخطوطات، و في مالي أيضا تاريخ الإلتقاء الإجتماعي و السياسي و الممالك العظيمة التي ارست قواعده، إلا أن الفرنسيون غيبوا هذه المنطقة عندما استقر بهم المقام على الساحل الغربي لإفريقيا و جعلوا داكار مركز الحداثة الوافدة مع الإستعمار الغربي، كما أنهم لم يستطيعوا افيتسطان في قلب بلاد السودان و عصبها التاريخي في امبراطورية مالي، لذلك ظلت مؤسسات التاريخ الإفريقي محتفظة بنكهتها في مالي ، في (تمبكتو و في جنى و في باماكو) التي يوجد بها جامعات و مساجد شامخة و دور العلماء، حسب الدراسات، ما كان موجودا هو تراث عربي عن افريقيا، ممثلا في ما نقله الرحالة، و كتب باللغة العربية مثل كتابات أحمد بابا التمبكتي، و لولا عملية الترجمة التي خاضت هذا العمل منذ القرن السابع عشر لظل هذا التراث مدفونا، و قد تحدث عن هذه الأعمال ما رواه كولي cooly في كتابه الشهير negro land of arabs، المكتوب عام 1846 ، أما الأوروبيون فلم يهتموا بما تمت كتاباته باللغات الأفريقية، لأنهم كمستقين كانوا يجيدون اللغة العربية لدهشتهم بالحرف العربي أو ما سمي بالعجمي Ajami و هي اكثر من 20 لغة معظمها تحديدا في غرب أفريقيا و في قلب امبراطورية مالي.
نعم لقد ترجمت الرواية الأفريقية من لغاتها المحلية إلى لغات أخرى مما شكل حلقة تواصل داخل القارة وخارجها ، واتسعت دائرتها ودخلت مجال المنافسات الإبداعية والمنابر الفكرية وحصد كتابها جوائز قيمة تضاف لمراتب الأدب الروائي الأفريقي وخلفت أثراً بين أجيالها ومازالت القارة تنتج أدباً روائياً له الريادة في مواكبته لقضايا المجتمعات الأفريقية ، قبل وأثناء وبعد الاستعمار، و قد تطرق لهذه المسألة الحساسة الدكتور حلمي شعراوي عندما كشف ألاعيب الإعلام الغربي الذي روّج من مجرد الحديث عن كتابة اللغات الأفريقية مقولة أن "الشعوب الإفريقية لم تعرف الكتابة" و عندما أزعجتهم ثبوت وجود النصوص الإفريقية بالحرف العربي، اعتبروها مجرد " خربشات" دينية لا ترقى إلى مرتبة النصوص أو التراث، معبرا عن اسفة لوجود باحثين و مثقفين أفارقة يعتقدون في ذلك حتى الآن لتبرير عدم معرفتهم بالعربية الأصل من جهة و استغراقهم في الحداثة من جهة أخرى، رغم أن الفتوحات الإسلامية كان لها دور كبير في انتشار اللغة العربية في القارة ، دون أن يدركوا مخاطر تجاهل الهويات الوطنية التي تعكسها الثقافات الأفريقية و انعكاستها على "العولمة"، في تفتيت مجتمعات الدول النامية و طمس هوياتها و إنجازاتها التاريخية بل شيوع أفكار ما بعد الإستعمار و ما بعد الحداثة كمؤثر في قضايا الهوية و التاريخ و التراث لدى الشعوب.
جذور اللغة "الأفريكانية" و كتابتها
ما يمكن الإشارة إليه هو أن اللغة العربية انتشرت بقوة في العالم كله ( الغربي ، العربي و الأفريقي) و قد ذكر المؤرخون كيف وصلت اللغة العربية إلى غاية جنوب افريقيا ، و كانوا يكتبون اللغة الأفريكانية ( كما جاء في بعض الكتب) بالحروف العربية، و اللغة الأفريكانية هي اللغة الثانية بعد اللغة الإنجليزية، و كانت مستعملة بكثرة قبل وصول الإنجليز إلى جنوب افريقيا، تقول البحوث أن عماد اللغة الأفريكانية في الأصل من اللغة الهولندية، و لكنها ابتعدت عنها حتى اصبحت مختلفة عنها، بحيث ادخلت عيها مفردات و تعبيرات محلية و ماليزية من اثر الإحتكاك ما بين الهولنديين الأوائل و سكان البلاد، و السبب في كتابتها بالحروف العربية لأنها في اول نشاتها لم تكن لغة ذات طتابة لأنها نشات بين طوائف مختلفة، و كان المسلمون أول من اجتاج إلى كتابتها فكتبوها بالحروف العربيية من اجل تعليم ابناء أفريقيا علوم التوحيد.
قراءة و تعليق علجية عيش بتصرف
أنظر في ذلك../
( كتاب: أفريقيا من قرن إلى قرن تاليف حلمي شعراوي و كتاب: مشاهدات في بلاد العنصريين بقلم محمد بن ناصر العبودي)