لو دخلت مكتب لينين في الكرملين لوجدت كتاب الساخر العظيم البريطاني جورج برنارد شو (إلى الخلف حتى مافوسيل) كُتبتْ على غلافه عبارة: "إلى نيقولاي لينين الحاكم الوحيد من بين حُكَّام أوروبا الذي يمتلك نبوغاً وخُلقاً ومعارف تتناسب مع مركزه المسؤول" من جورج برنارد شو في 16 حزيران 1921.
حكم لينين دولة مترامية الأطراف إلا أنه لم يخص نفسه بشيء من خيراتها، بل اختار الفقر وحتى الجوع فمات سريعاً. لو عاش لينين بضعة أعوام أخرى لاقترب من تحقيق حلمه في مجتمع لا مالك فيه ولا مملوك ولا قامع ولا مقموع، مجتمع مشاعي كما تبلور في وجدان أهل الحكمة والفلسفة. وهؤلاء الأبدال، كما يسميهم هادي العلوي البغدادي-طيَّب الله ثراه- حاولوا عمارة الأرض بالعدل، فما أفلحوا. وكان ما كان مما لست أذكره/ فظن خيراً ولا تسأل عن الخبر.
في مقال خطير كتبه لينين تحت عنوان " حول أهمية الذهب" نشرته جريدة "البرافدا" في عددها رقم 251 الصادر في السابع من تشرين الثاني 1921 يقول فيه:" حين ننتصر في النطاق العالمي، سنصنع من الذهب، كما أعتقد، مراحيض عامة في شوارع بعض أكبر مدن العالم. وسيكون ذلك أعدل استعمال للذهب واوضحه دلالة للأجيال التي لم تنس أنه بسبب الذهب ارتكبت أبشع المجازر بحق الإنسان"
حلمان في قول لينين: حلم انتصار الجياع وبناء مجتمع العدل، وحلم التخلي عن الملكية، وجعلها مشاعاً بين الناس. لقد تحوَّل لينين في حياته إلى طاقة روحية خالصة مستثمرة لأجل الجياع. لقد أهلك نفسه من أجل الفقراء المساكين. وهذه من نوادر التاريخ، إذ المعتاد أن يهلك الحاكم نفسه من أجل نفسه.
يمكننا القول بثقة أن لينين مات وفي نظرات عينيه الثاقبة ذلك الخوف العميق على "جذور السنديانة الحمراء" التي حكى عنها رفيقنا اللبناني محمد دكروب. يظهر ذلك جلياً من خلال مراسلات لينين السرية الحزينة إلى مؤتمر الحزب الثالث عشر والتي تجدها في آخر المجلد العاشر من مؤلفاته المختارة في طبعتها العربية، لأنه لم يجد بين رفاق دربه من يملك القدرة على صيانة هذا الحلم العظيم.
في كلماته الأخيرة استعرض رفاق دربه الأكثر قرباً إليه: تروتسكي بوخارين بياتوكوف زينوفييف كامينيف ستالين. فأُصيب بخيبة أمل فظيعة. ولينين من أفذاذ البشر قلَّما يجود الزمان بمثله. لينين عبقرية فذَّة لا يمكن مقارنتها مع غيره. لينين كان فريد عصره، ولا أظنه تكرر ولن يتكرر، ليس لأن النساء عقيمة، بل هي حبَّالة ولَّادة، ولكن الشخصية التاريخية الفاعلة لها مهادها الطويل العريض و الشرط التاريخي الذي أنتج ظاهرة لينين قد يكون فريداً ومن شبه المستحيل تكراره، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، قدرة لينين على العمل والجدل الفكري خارقة للمألوف عند البشر، فهو على استعداد للجدل معك في كل قضية وهذه ميزة نادرة، كان موسوعة من الأفكار المتحركة ولم يرزح تحت ثقل الجمود العقائدي، كان لينين أحد الأحرار الكبار في الفكر والحياة، فأنت لو تأملت فيما تركه من مؤلفات لهالك حجمها، فمتى كان يأكل وينام ويُحب ويقرأ ويكتب ويتريض، لا شك أن لينين كان يملك دماغاً عبقرياً له كل الحرية في توليد الأفكار بذكاء وفطنة وسرعة بديهة يُحسد عليها.
حُنِّط جثمانه في موسكو ووضع في الساحة الحمراء فُرْجَة للناس. وأغلب الظن أن زوجته كروبسكايا ماتت بعد سنوات حزينة، كئيبة، لرؤية زوجها بهذا المنظر. وقد عارضت تحنيطه وطلبت دفنه مثل كل البشر.
لينين والثورة:
حكم لينين دولة مترامية الأطراف إلا أنه لم يخص نفسه بشيء من خيراتها، بل اختار الفقر وحتى الجوع فمات سريعاً. لو عاش لينين بضعة أعوام أخرى لاقترب من تحقيق حلمه في مجتمع لا مالك فيه ولا مملوك ولا قامع ولا مقموع، مجتمع مشاعي كما تبلور في وجدان أهل الحكمة والفلسفة. وهؤلاء الأبدال، كما يسميهم هادي العلوي البغدادي-طيَّب الله ثراه- حاولوا عمارة الأرض بالعدل، فما أفلحوا. وكان ما كان مما لست أذكره/ فظن خيراً ولا تسأل عن الخبر.
في مقال خطير كتبه لينين تحت عنوان " حول أهمية الذهب" نشرته جريدة "البرافدا" في عددها رقم 251 الصادر في السابع من تشرين الثاني 1921 يقول فيه:" حين ننتصر في النطاق العالمي، سنصنع من الذهب، كما أعتقد، مراحيض عامة في شوارع بعض أكبر مدن العالم. وسيكون ذلك أعدل استعمال للذهب واوضحه دلالة للأجيال التي لم تنس أنه بسبب الذهب ارتكبت أبشع المجازر بحق الإنسان"
حلمان في قول لينين: حلم انتصار الجياع وبناء مجتمع العدل، وحلم التخلي عن الملكية، وجعلها مشاعاً بين الناس. لقد تحوَّل لينين في حياته إلى طاقة روحية خالصة مستثمرة لأجل الجياع. لقد أهلك نفسه من أجل الفقراء المساكين. وهذه من نوادر التاريخ، إذ المعتاد أن يهلك الحاكم نفسه من أجل نفسه.
يمكننا القول بثقة أن لينين مات وفي نظرات عينيه الثاقبة ذلك الخوف العميق على "جذور السنديانة الحمراء" التي حكى عنها رفيقنا اللبناني محمد دكروب. يظهر ذلك جلياً من خلال مراسلات لينين السرية الحزينة إلى مؤتمر الحزب الثالث عشر والتي تجدها في آخر المجلد العاشر من مؤلفاته المختارة في طبعتها العربية، لأنه لم يجد بين رفاق دربه من يملك القدرة على صيانة هذا الحلم العظيم.
في كلماته الأخيرة استعرض رفاق دربه الأكثر قرباً إليه: تروتسكي بوخارين بياتوكوف زينوفييف كامينيف ستالين. فأُصيب بخيبة أمل فظيعة. ولينين من أفذاذ البشر قلَّما يجود الزمان بمثله. لينين عبقرية فذَّة لا يمكن مقارنتها مع غيره. لينين كان فريد عصره، ولا أظنه تكرر ولن يتكرر، ليس لأن النساء عقيمة، بل هي حبَّالة ولَّادة، ولكن الشخصية التاريخية الفاعلة لها مهادها الطويل العريض و الشرط التاريخي الذي أنتج ظاهرة لينين قد يكون فريداً ومن شبه المستحيل تكراره، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، قدرة لينين على العمل والجدل الفكري خارقة للمألوف عند البشر، فهو على استعداد للجدل معك في كل قضية وهذه ميزة نادرة، كان موسوعة من الأفكار المتحركة ولم يرزح تحت ثقل الجمود العقائدي، كان لينين أحد الأحرار الكبار في الفكر والحياة، فأنت لو تأملت فيما تركه من مؤلفات لهالك حجمها، فمتى كان يأكل وينام ويُحب ويقرأ ويكتب ويتريض، لا شك أن لينين كان يملك دماغاً عبقرياً له كل الحرية في توليد الأفكار بذكاء وفطنة وسرعة بديهة يُحسد عليها.
حُنِّط جثمانه في موسكو ووضع في الساحة الحمراء فُرْجَة للناس. وأغلب الظن أن زوجته كروبسكايا ماتت بعد سنوات حزينة، كئيبة، لرؤية زوجها بهذا المنظر. وقد عارضت تحنيطه وطلبت دفنه مثل كل البشر.
لينين والثورة: