فوزية ضيف الله - قهوة وكتاب..

انبلج يوم جديد، لا تذكر من الأمس أنه كان بعيدا، فلا فاصل بين اليومين. نومك تكتبه على شفاه قهوتك السمراء، تقطر يومك قطرة قطرة حتى ينتصف الليل، ثم تنتظر صبحك على مهل. تقبع قهوتك بجانب أحلامك المؤجلة، تعاتب ما فيك من شكوى وما فيك من صمت. ثم تتدحرج نحو شفاهك مرة أخرى تنسيك انك كنت غريبا في عالم غريب. انك لا تدرك كم جرعة شربت ولا كم مازال في كأسك من جرعات، ولكن كأسك تظل مزدحمة بخليط من الروائح والموسيقى. تنتظرك القهوة وكتابك المفتوح، لا يقلقان راحة الجيران رغم ما يصدر عنهما من رقص أحيانا ومن صراخ احيانا أخرى. يا لها من عاشقة صبورة! هذه القهوة تنافس الكتاب على محبتك، وتتلوى بين شفاهك بينما يحملك الكتاب معانقا أفكارك وروحك بلا استئذان.
كانت القهوة تلاحظ انغماسك في الكتاب، وكانت تستمتع بما يمر بين عينين من مناظر، كانت تحدق في عينيك عندما تمتلئان لهفة ورغبة في المزيد..ولكنها كانت في كل لحظة تنتظر أن تعانق فنجانها وتنغمس في عناقها في سوادها الفاحم. كان الحوار بين القهوة والكتاب، حوارا يدور في صمت يشبه الجنون، وكانت موسيقى الليل تنتشل ما ضاع في يومك من يومك، لترده لك في ليلك، وتنصهر معك في شعرية تلامس نور الفجر الذي بدأ يطرق نافذتك ويوقظك من جميل الكلام.
فوزية ضيف الله تونس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى