ما تعلمه لك الإنقلابات السياسية والاجتماعية، هي الحذر أكثر من الدعوة لحرية التعبير. إذ تبحث عن تكميم ذاتي لفمك، تقطبه بالإبرة وخيط الفولاذ. وتتفرج على لوثة العالم المجنون.
هذا أفضل ما يمكن لشخص أن يفعله، عندما تتساقط مسلماته القديمة، ليبرالية، ماركسية، أخلاقانية moralism، دينية، إلحادية،..الخ..
تسقط (ism) (اية)، هذه. وتتبعثر في الفراغ ثم تختفي، حتى بعدميتها nihil(ism)، ثم تنظر لخشبة المسرح العالمي، وتضحك مندهشاً، من هذا الفراغ الموضوعي، حينما ترى أمريكا في العمق، هي نفسها كوريا الشمالية، ولكن بلون مختلف.
هنا؛ وهذا ما أعتقده -بصدق في هذه اللحظة تحديداً بحيث يفتقر هذا الإعتقاد للمطلق- هنا، ستفضل، أن ترعى بضع معزات وخراف تحت ظل شجرة منتشرة الأغصان والأوراق فوق رأسك، على البحث عن غاية من حياتك. فأنت لن تجد معنى للحياة ولكنك ستعيشها كما هي. وكما هي، لا تعني أكثر من أن ماهويتها الراهنة.
لكن مهما كان الأمر، فالتحدي الأكبر، هو أن تواجه عقلك، أن تخوض ضده حرباً، وتهزمه، وهذا مستحيل، إذ عليك أن تخوض حرباً ضد الماضي كله، ماضيك الذي شكل عقلك ومنحه الأسلحة اليوم..لن تستطيع العودة لنزع الأسلحة، ولن تستطيع تكميم فاهك كما تتصور. فالمسألة ليست بهذه السهولة. المسألة ترتبط بنفرات داخلية، ملهمة، إذ يحاول العقل إشباع نفسه..وفي الإشباع لذة لا تضاهيها لذة أخرى..
أن تضع خطة A او خطة B او C ..الخ، ليس سوى محاولات مهزومة لتقزيم الحرية التي انطلقت من انهدام المسلمات. ستفكر في تأليف كتاب، وفي قلي بيضتين وعمل كوب شاي، وستفضل أن تقلي البيضتين وأن تعمل كوب شاي..هنا يتداعى وهم الجدية، وينتصب اللعب كنظرية، واللعب متعة ولذة فوق كونه مجرد تنظير من علماء الإجتماع والنفس. ولكن مع ذلك لن ترغب في أدلجة اللعب، حتى لا يتحول للعب جاد. فيفقد خاصيته الأولى، وهي خضوعه للحرية، حرية الانغماس أو الترك..
المسألة ليست بسيطة، ربما لكثيرين، أخضعهم السلطان المجتمعي لحكمه، اولئك الذين انخرطوا دهراً في إرضاء المجتمع عبر إثبات شيء أو أشياء له. التفوق، الهوية والانتماء، الأمن والتعاضد، والحماية المتبادلة، التقدم للأمام.
فالحر يولد حراً، ويموت حراً. ولكنه يظل حراً في ساحة معركة خالية من الجنود.
يبدو كدونكيشوت، إذ يطرح ثيربانتس الأزمة الوجودية، من خلال حلول مشوهة للإنعزال الذاتي عن الواقع..(التحرر عبر الجنون).
(يتبع)...
هذا أفضل ما يمكن لشخص أن يفعله، عندما تتساقط مسلماته القديمة، ليبرالية، ماركسية، أخلاقانية moralism، دينية، إلحادية،..الخ..
تسقط (ism) (اية)، هذه. وتتبعثر في الفراغ ثم تختفي، حتى بعدميتها nihil(ism)، ثم تنظر لخشبة المسرح العالمي، وتضحك مندهشاً، من هذا الفراغ الموضوعي، حينما ترى أمريكا في العمق، هي نفسها كوريا الشمالية، ولكن بلون مختلف.
هنا؛ وهذا ما أعتقده -بصدق في هذه اللحظة تحديداً بحيث يفتقر هذا الإعتقاد للمطلق- هنا، ستفضل، أن ترعى بضع معزات وخراف تحت ظل شجرة منتشرة الأغصان والأوراق فوق رأسك، على البحث عن غاية من حياتك. فأنت لن تجد معنى للحياة ولكنك ستعيشها كما هي. وكما هي، لا تعني أكثر من أن ماهويتها الراهنة.
لكن مهما كان الأمر، فالتحدي الأكبر، هو أن تواجه عقلك، أن تخوض ضده حرباً، وتهزمه، وهذا مستحيل، إذ عليك أن تخوض حرباً ضد الماضي كله، ماضيك الذي شكل عقلك ومنحه الأسلحة اليوم..لن تستطيع العودة لنزع الأسلحة، ولن تستطيع تكميم فاهك كما تتصور. فالمسألة ليست بهذه السهولة. المسألة ترتبط بنفرات داخلية، ملهمة، إذ يحاول العقل إشباع نفسه..وفي الإشباع لذة لا تضاهيها لذة أخرى..
أن تضع خطة A او خطة B او C ..الخ، ليس سوى محاولات مهزومة لتقزيم الحرية التي انطلقت من انهدام المسلمات. ستفكر في تأليف كتاب، وفي قلي بيضتين وعمل كوب شاي، وستفضل أن تقلي البيضتين وأن تعمل كوب شاي..هنا يتداعى وهم الجدية، وينتصب اللعب كنظرية، واللعب متعة ولذة فوق كونه مجرد تنظير من علماء الإجتماع والنفس. ولكن مع ذلك لن ترغب في أدلجة اللعب، حتى لا يتحول للعب جاد. فيفقد خاصيته الأولى، وهي خضوعه للحرية، حرية الانغماس أو الترك..
المسألة ليست بسيطة، ربما لكثيرين، أخضعهم السلطان المجتمعي لحكمه، اولئك الذين انخرطوا دهراً في إرضاء المجتمع عبر إثبات شيء أو أشياء له. التفوق، الهوية والانتماء، الأمن والتعاضد، والحماية المتبادلة، التقدم للأمام.
فالحر يولد حراً، ويموت حراً. ولكنه يظل حراً في ساحة معركة خالية من الجنود.
يبدو كدونكيشوت، إذ يطرح ثيربانتس الأزمة الوجودية، من خلال حلول مشوهة للإنعزال الذاتي عن الواقع..(التحرر عبر الجنون).
(يتبع)...