يبدو أنه ليس شرطا أن يكون الداعشىً بلحية تسرح وتتمدد حتى إبطيه ، أويلف رأسه بعمامة سوداء مرتديا ثيابا خارج سياق العصر واردة من بيوت موضة متخلفة ، فقد يكون الداعشىً بقميص كاجوال وبنطال ساقط يظهر منه البوكسر أو خريجاً لأعرق المدارس والجامعات الأجنبية ،قد يكون كاتبا روائيا،أو صحفيا،ممثلا وفنانا،وهنا تكمن خطورة الأمر، لأن الداعشية على امتداد الرؤية هى حالة تسكن ها هنا فى العقل والقلب ، تستقي شرابها من منابع أصيلة ومتغلغلة في تراثنا ،عبر سنوات طويلة مرتْ،استطاعتْ هذه الجماعات الظلامية أن تحاصرنا كجيش من ذباب لزج به هذا القدر الكافى من التناحة ، جماعات خرجت من كهوف الظلام كخفافيش إسطورية تحاول أن تفرض سطوتها على دنيا الله ، تعتقد أن رؤيتها المتخلفة ونظرتها البالية هى الحق والحقيقة ، فبدأت فى غفلة من الأيام تتمدد وتتسع وتفرد راياتها العتيقة على نافذة العبث منتشية بخرائب الأمم وجماجم العباد ، فأصبحت معادلا موضوعياً للتزمت والتشدد والجاهلية ولكل ما هو قمىء ومتخلف،لكن العجيب والأخطر أن تتلاعب هذه الجماعات بوعينا ،تشكل هويتنا،نجحتْ في غفلة منا أن تجعل استثمارها في الإنسان،فتعمقتْ في الفن،السينما ،الأدب ،التعليم،الثقافة، حتى استطاعتْ أن تفرض رؤيتها الذميمة والوحيدة، راجع معي مصطلحات ركيكة ودالة مثل/السينما النظيفة،الأدب الإسلامي،السلفي يكتب الروايات،كاتبات منتقبات،إلى الحد الذي يجعل روائيا مثلا يتنطع وهو يتعامل مع أراء يوسف زيدان فيطعن في ذكوريته ورجولته دون أن يناقش أراء الرجل كما ينبغي لرجل واع مثقف،أو أن يظهر ممثل يـُفترض فيه ما يوجد بداهة في الفنان من الوعي والإحساس فيصف فيه جريمة مقتل المفكر فرج فودة بأنه مجرد نفوق،وهو اللفظ الذي يـُستخدم مع الحيوان.
وإذا كان رهان واستثمار هذه الجماعات منذ بدايتها على الإنسان ونزييف وعيه،وإحلال خطابها القمعي والمتزم محل قم التسامح والتعايش والتعددية وقبول الآخر،فلا يفيد التعامل مع هذه الظاهرة بتلك الذراع الأمنية مهما كان بطشها وقوتها ، التعامل الأمنى يحجم الظاهرة ، لكن المنابع والروافد الفكرية ، والنبتة والبيئة الخصبة التى يترعرع فيها التطرف كفيلة بأن تخرج لنا رؤس الشياطين من جديد ، يبثون سمومهم فى عقول فارغة ، وأرواح خاوية ، ومادام مجتمع كمجتمعاتنا العربية يتوغل فيه الجهل وتتمدد فيه الأمية بأريحية ، ويترك فيه المستنيرون المنابر للجهلاء وفقهاء التخلف وتنعدم فيه الديمقراطية والشفافية والعدالة ، فسوف تتعمق الظاهرة ولن تنتهى .
مواجهة التطرف إذن تبدأ من الفكرة ، مواجهة الفكرة بالفكرة ، التفكير فى زمن التكفير كما أطلق الراحل نصرحامد أبو زيد ، بتعليم ينمي قدرات الفرد الذهنية والعقلية، والخيالية ، بشكل يجعله يتذوق الآداب والفنون .
محاربة التطرف بحرية التفكير والنقاش والبحث والحوار دون كوابح أو خوف ، بتطوير الأزهر قبل تقديسه ، بنقد خطاب شيوخه قبل التسليم لهم بالطاعة ، الأزهر ولا شك منارة الإسلام فى كل عصر ، كما خرج منه مستنيرون كرفاعة ومحمد عبده ، خرج منه متعصبون وأدعياء ، مواجهة الفكر إذن لا تكون إلا بفكر مضاد ، يجفف منابع التعصب والغلواء فى تراثنا ، وينفتح على الحداثة ويقبل الأخر ، وكل هذا موجود فى تراثنا العربى والإسلامى فى عصوره المضيئة الوهاجة ، الخليفة المأمون مثلا كان يبادل الأسرى بالكتب ، أو بالترجمة ، أين هذا العصر الذى عاش فيه المسيحى والفارسى واليهودى فى كنف الدولة الإسلامية واستفادت من علومهم فسادت الأمم ؟!
الأن أعود وأقول : واجهوا التطرف بالكتاب ، بالفكرة ، وأدعوا الجميع إلى المساهمة فى نشر عناوين بعض الكتب ذات الفكر المستنير التى يمكنها أن تغتال هذا الأخطبوط الأعمى الذى يلف أذرعه على عيوننا فلا نرى سوى قتل وردة وتكفير وجهاد نكاح وربما هذه أمثلة ضئيلة على ذلك :
ـ مستقبل الثقافة فى مصر ، على هامش السيرة ( طة حسين ) ، الأعمال الكاملة لمحمد عبده ، مدخل إلى التنوير الأوربى ( هشام صالح ) ـ التفكير فى زمن التكفير ( نصر أبو زيد ) ، بعض كتب محمد الغزالى ، ملاك الحقيقة المطلقة ، الأصولية والعلمانية ( مراد وهبة ) ، ما هى النهضة ، هؤلاء علمونى (سلامة موسى )
وإذا كان رهان واستثمار هذه الجماعات منذ بدايتها على الإنسان ونزييف وعيه،وإحلال خطابها القمعي والمتزم محل قم التسامح والتعايش والتعددية وقبول الآخر،فلا يفيد التعامل مع هذه الظاهرة بتلك الذراع الأمنية مهما كان بطشها وقوتها ، التعامل الأمنى يحجم الظاهرة ، لكن المنابع والروافد الفكرية ، والنبتة والبيئة الخصبة التى يترعرع فيها التطرف كفيلة بأن تخرج لنا رؤس الشياطين من جديد ، يبثون سمومهم فى عقول فارغة ، وأرواح خاوية ، ومادام مجتمع كمجتمعاتنا العربية يتوغل فيه الجهل وتتمدد فيه الأمية بأريحية ، ويترك فيه المستنيرون المنابر للجهلاء وفقهاء التخلف وتنعدم فيه الديمقراطية والشفافية والعدالة ، فسوف تتعمق الظاهرة ولن تنتهى .
مواجهة التطرف إذن تبدأ من الفكرة ، مواجهة الفكرة بالفكرة ، التفكير فى زمن التكفير كما أطلق الراحل نصرحامد أبو زيد ، بتعليم ينمي قدرات الفرد الذهنية والعقلية، والخيالية ، بشكل يجعله يتذوق الآداب والفنون .
محاربة التطرف بحرية التفكير والنقاش والبحث والحوار دون كوابح أو خوف ، بتطوير الأزهر قبل تقديسه ، بنقد خطاب شيوخه قبل التسليم لهم بالطاعة ، الأزهر ولا شك منارة الإسلام فى كل عصر ، كما خرج منه مستنيرون كرفاعة ومحمد عبده ، خرج منه متعصبون وأدعياء ، مواجهة الفكر إذن لا تكون إلا بفكر مضاد ، يجفف منابع التعصب والغلواء فى تراثنا ، وينفتح على الحداثة ويقبل الأخر ، وكل هذا موجود فى تراثنا العربى والإسلامى فى عصوره المضيئة الوهاجة ، الخليفة المأمون مثلا كان يبادل الأسرى بالكتب ، أو بالترجمة ، أين هذا العصر الذى عاش فيه المسيحى والفارسى واليهودى فى كنف الدولة الإسلامية واستفادت من علومهم فسادت الأمم ؟!
الأن أعود وأقول : واجهوا التطرف بالكتاب ، بالفكرة ، وأدعوا الجميع إلى المساهمة فى نشر عناوين بعض الكتب ذات الفكر المستنير التى يمكنها أن تغتال هذا الأخطبوط الأعمى الذى يلف أذرعه على عيوننا فلا نرى سوى قتل وردة وتكفير وجهاد نكاح وربما هذه أمثلة ضئيلة على ذلك :
ـ مستقبل الثقافة فى مصر ، على هامش السيرة ( طة حسين ) ، الأعمال الكاملة لمحمد عبده ، مدخل إلى التنوير الأوربى ( هشام صالح ) ـ التفكير فى زمن التكفير ( نصر أبو زيد ) ، بعض كتب محمد الغزالى ، ملاك الحقيقة المطلقة ، الأصولية والعلمانية ( مراد وهبة ) ، ما هى النهضة ، هؤلاء علمونى (سلامة موسى )