رسائل الأدباء رسالتان بين منصور الرحباني و محمد الفيتوري

من منصور الرحباني إلى محمد الفيتوري

21|12|2005

يا شاعرًا أحببتُه منذ القصيدة الأولى
أيها الكبير الغاضب، المتمنطق بحزن إفريقيا
وثورة إفريقيا
وغموض ورحابة إفريقيا
الهادر كأنهارها، يا "فيتوري" أحبُّكَ وأحيّيك
من هذا العمر الكبير ألتفتُ إلى الله كلّ نهار قائلاً: سأظلُّ أستقبلُ صباحاتِكَ بالفرح حتى صباحي الأخير.
علينا يا محمد أن نتصالح مع الوجودنا، مع أوجاعنا، مع أعمارنا، مع المقاعد والحيطان وكلّ ما يحيطُ بنا، أن نقتنع ونسلّمَ بأوضاعنا الصّحيّة والحياتية، عندها، نصل إلى السّعادة. وهل السعادة إلا توهّمها؟!!
هل تذكر يا محمد "أسطورة سيزيف" الذي حكمت عليه الآلهةُ بأن يُدحرجَ صخرةً من الوادي حتى القمّة، وحين يصل تفلت من يديه وتعود إلى الوادي، ويعود هو إلى دحرجتها صعودًا.
هكذا وإلى الأبد... لأجل أن ينتصر "سيزيف" على الآلهة، عوض أن يدحرجَ الصّخرة عابسًا صار يدحرجها فَرِحًا فوصل إلى الانتصار.
فلنؤمن بالفرح يا محمد.
إن هذا العصر الهائج سِمَتُه القلق، لأن الناسَ قتلوا آباءهم، قتلوا الإيمانَ بالله في نفوسهم، ووقفوا في مَهبِّ رياح الشَّكّ والعدميّة.
آمِنْ بما تشاء، وكن مَن تشاء ولكن آمِنْ. يجب أن تؤمنَ فالإيمانُ لا يُناقش.
مَن شاء أن يَسعَدَ عليه أن يُؤمن إيمانَ الرُّعاةِ والبُسطاء.
أسندْ ظَهرَكَ إلى حائطِ اليقين، حائط الطّمأنينة،
لأجلِ أن يكونَ للحياة معنًى يجب أن يبقى شيءٌ غامضًا
الشعرُ غموض، الحبُّ غموض، والماورائية غموض.
أنا يا محمد أتقدّم في العمر كلَّ لحظة، ظهري يُؤلمني، مشيتي متعثّرة، أسهر الليل وحيدًا فالكلُّ منشغلٌ بقضاياه وأسبابه. وإنما كلّ صباح ألتفتُ إلى فوق وأقول له: سأظلُّ أستقبلُ صباحاتِك بالفرح، حتى صباحي الأخير.
أيها الوجود اللا متناهي، يا فرحًا يُحطّمُ قلبي.

21|12|2005


***

(من محمد الفيتوري إلى منصور الرّحباني)


إلى منصور الرحباني

26|12|2005

ها قد عبرتْ نورسةٌ أخرى إلى آخر البحر
وهذا أنا مشدودٌ إلى الصَّخرة
تكسوني ارتعاشاتُ شموعي
أتراني أنا من ينتهكُ السّاعةَ
قُدَّاسَ دموعي؟
أتراني أنا هذا الطّائر
أم تراني راقصَ العَتمة
أبكي وأُغني بارقًا في الغيم وحدي
وإذا داخَلني إنسانيَ الآخَر
أغلقتُ مصاريع كلامي

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
رسائل الأدباء (ملف)
المشاهدات
658
آخر تحديث
أعلى