نشأة الزجل و تطوره:
يلتقي الزجل مع الموشحات في أنه مثلها من فنون الشعر التي استحدثها الأندلسيون، و على هذا فهو وليد البيئة الأندلسية ، مهما خرج إلى البيئات العربية الأخرى و انتشر فيها.إن أبا بكر بن قزمان المتوفى سنة 554 هـ و الذي عاش في عصر المرابطين بالأندلس هو أول من أبدع في فن الزجل ، و لكن هذا لا يعني أنه أول من قال فيها ، بل لقد قيلت الأزجال قبله بالأندلس ، فهناك من شعراء الأندلس من تقدم أبا بكر ابن قزمان ، و حاول الزجل قبله و لكن هؤلاء الشعراء لم يبلغوا مبلغه فيه.الزجل الذي نبت في الأندلس نوعان: - زجل العامة. - و زجل الشعراء المعربين.أما زجل العامة أو شعر العامة ، فيتمثل في الأغنية الشعبية العامية، و التي تنبع تلقائيا لدى بعض العامة بباعث تجربة شخصية، أو من وحي حدث عام أو موقف معين ثم تشيع على أسن الناس ، و يتغنون بها فرادى و جماعات .أما زجل الشعراء المعربين فيبدو أنه جاء تاليا في النشأة لزجل العامة ، و لعل الشعراء الذين حاولوا هذا النوع من الزجل قبل عصر ابن قزمان كانوا مدفوعين إليه بالرغبة في أن تنتشر أزجالهم المصطنعة بين الطبقات المثقفة كنوع من الطرافة أو بالرغبة في أن يعرف لدى العمة معرفتهم لدى الخاصة ، و ذلك بوضع أزجال لهم يتغنون بها و لكن هؤلاء الشعراء المعربين ممن اصطنعوا الزجل اصطناعا لم يستطيعوا في مراحله الأولى أن يتخلصوا فيه من الإعراب، و هذا ما عابه عليهم ابن قزمان حين قال، أنهم يأتون بالإعراب ، و هو أقبح ما يكون في الزجل و لم يشهد ابن قزمان لأحد من الزجالين الذين جاءوا قبله بإجادة الزجل و التفوق فيه إلاّ لزجال واحد هو الشيخ أخطل بن نماره ، و ذلك لسلاسة طبعه و إشراق معانيه، و تصرفه بأقسام الزجل و قوافيه.لقد مرّ الزجل في تطوره بدورين : دور الأغنية الشعبية التي تأثرت إلى حدّ ما ببعض أشكال الموشحات ، و أطلقنا عليها اسم الزجل العامي ، و دور زجل الشعراء المعربين الذين ظهروا في القرن الخامس.أما الدور الثالث من أدوار تطوّر الزجل، فهو دور زجل القرن السادس الذي شهد نهاية المرابطين في الأندلس و لما كان ملوك المرابطين لا يتقنون اللغة العربية فإن شعراء القصائد و الموشحات لم يلقوا منهم تشجيعا و لهذا اشتهر الزجل في هذا القرن.و من زجالي القرن السادس الذين ذكرهم ابن خلدون: عيسى البليدي، و أبو عمران الزاهر الاشبيلي ، و أبو الحسن المقري الداني، و أبو بكر بن قزمان إمام الزجالين على الإطلاق على حدود قول ابن خلدون و في منتصف القرن السادس توفي إمام الزجالين أبو بكر بن قزمان ، و زالت من الأندلس دولة المرابطين التي عاصرها، و حلت محلها دولة الموحدين، و كان عصرها بداية الدور الرابع من أدوار الزجل و سابق حلبة الزجل في هذا العصر هو أحمد بن الحاج المعروف باسم مدغليس الزجال.و في الدور الرابع من أدوار تطور الزجل و الذي امتد على المائة السابعة ظهر بالإضافة إلى مدغليس زجالون آخرون منهم: ابن الزيات، و ابن جحدر الاشبيلي، المتوفى سنة 638هـ و منهم اليعيع ابن جحدر.و مع كثرة زجالي القرن السابع نسبيا، فإنه لم يرزق زجالا كبيرا كابن قزمان أو مدغليس، و ربما رجع ذلك إلى أن بوادر مأساة الأندلس الكبرى كانت قد بدأت تلوح في الأفق ، بتساقط المدن الأندلسية في أيدي الأسبان ، فشغل الناس أكثر بهذا الخطر الداهم عن كل شيء آخر.و الدور الخامس و الأخير في تطور الزجل الأندلسي يقع في المائة الثامنة، و قد عرض ابن خلدون في مقدمته إلى زجالين هذه المائة بإيجاز و عدّ منهم إلى عصره صاحبه الوزير أبا عبد الله ابن الخطيب.موضوعات الزجل: الزجل الأندلسي مثله مثل الموشحات من حيث تناوله لموضوعات الشعر التي تناولتها القصيدة المعربة ، و الذي يتصفح ما وصل إلينا من أزجال الأندلسيين يرى أنهم قالوا الزجل في الغزل و المدح و الوصف و الخمريات ، و المجون و التصوف و غير ذلك من فنون الشعر التقليدية لمعروفة.و إذا شئنا أن نقيّم فن الزجل الذي نشأ أصلا في بيئة الأندلس ثم انطلق منها إلى البيئات العربية الأخرى، فإن قيمته ليست في تنوّع أشكاله و أوزانه و لا فيما استلهمه أو استعاره من معني شعراء العربية و أساليبهم البيانية و البديعية التقليدية و إنا تكمن قيمته الحقيقية فيما استمده من واقع حياة العامة متمثلا في الجديد من معانيهم و حكمهم و أمثالهم ، و في المبتكر من تشبيهاتهم و غيرها من أنواع المجاز، و في الشائع المألوف من ألفظهم و صيغهم العامية، كما يكمن في تصوير حياتهم العمة بجدّها و هزلها، و أفراحها و أحزانه، , اهتماماتها و همومها، و لعل كل ذلك هو ما يكسب الزجل صفة الشعبية و يسلكه في الأدب الشعبي كفن من فنونه.
يلتقي الزجل مع الموشحات في أنه مثلها من فنون الشعر التي استحدثها الأندلسيون، و على هذا فهو وليد البيئة الأندلسية ، مهما خرج إلى البيئات العربية الأخرى و انتشر فيها.إن أبا بكر بن قزمان المتوفى سنة 554 هـ و الذي عاش في عصر المرابطين بالأندلس هو أول من أبدع في فن الزجل ، و لكن هذا لا يعني أنه أول من قال فيها ، بل لقد قيلت الأزجال قبله بالأندلس ، فهناك من شعراء الأندلس من تقدم أبا بكر ابن قزمان ، و حاول الزجل قبله و لكن هؤلاء الشعراء لم يبلغوا مبلغه فيه.الزجل الذي نبت في الأندلس نوعان: - زجل العامة. - و زجل الشعراء المعربين.أما زجل العامة أو شعر العامة ، فيتمثل في الأغنية الشعبية العامية، و التي تنبع تلقائيا لدى بعض العامة بباعث تجربة شخصية، أو من وحي حدث عام أو موقف معين ثم تشيع على أسن الناس ، و يتغنون بها فرادى و جماعات .أما زجل الشعراء المعربين فيبدو أنه جاء تاليا في النشأة لزجل العامة ، و لعل الشعراء الذين حاولوا هذا النوع من الزجل قبل عصر ابن قزمان كانوا مدفوعين إليه بالرغبة في أن تنتشر أزجالهم المصطنعة بين الطبقات المثقفة كنوع من الطرافة أو بالرغبة في أن يعرف لدى العمة معرفتهم لدى الخاصة ، و ذلك بوضع أزجال لهم يتغنون بها و لكن هؤلاء الشعراء المعربين ممن اصطنعوا الزجل اصطناعا لم يستطيعوا في مراحله الأولى أن يتخلصوا فيه من الإعراب، و هذا ما عابه عليهم ابن قزمان حين قال، أنهم يأتون بالإعراب ، و هو أقبح ما يكون في الزجل و لم يشهد ابن قزمان لأحد من الزجالين الذين جاءوا قبله بإجادة الزجل و التفوق فيه إلاّ لزجال واحد هو الشيخ أخطل بن نماره ، و ذلك لسلاسة طبعه و إشراق معانيه، و تصرفه بأقسام الزجل و قوافيه.لقد مرّ الزجل في تطوره بدورين : دور الأغنية الشعبية التي تأثرت إلى حدّ ما ببعض أشكال الموشحات ، و أطلقنا عليها اسم الزجل العامي ، و دور زجل الشعراء المعربين الذين ظهروا في القرن الخامس.أما الدور الثالث من أدوار تطوّر الزجل، فهو دور زجل القرن السادس الذي شهد نهاية المرابطين في الأندلس و لما كان ملوك المرابطين لا يتقنون اللغة العربية فإن شعراء القصائد و الموشحات لم يلقوا منهم تشجيعا و لهذا اشتهر الزجل في هذا القرن.و من زجالي القرن السادس الذين ذكرهم ابن خلدون: عيسى البليدي، و أبو عمران الزاهر الاشبيلي ، و أبو الحسن المقري الداني، و أبو بكر بن قزمان إمام الزجالين على الإطلاق على حدود قول ابن خلدون و في منتصف القرن السادس توفي إمام الزجالين أبو بكر بن قزمان ، و زالت من الأندلس دولة المرابطين التي عاصرها، و حلت محلها دولة الموحدين، و كان عصرها بداية الدور الرابع من أدوار الزجل و سابق حلبة الزجل في هذا العصر هو أحمد بن الحاج المعروف باسم مدغليس الزجال.و في الدور الرابع من أدوار تطور الزجل و الذي امتد على المائة السابعة ظهر بالإضافة إلى مدغليس زجالون آخرون منهم: ابن الزيات، و ابن جحدر الاشبيلي، المتوفى سنة 638هـ و منهم اليعيع ابن جحدر.و مع كثرة زجالي القرن السابع نسبيا، فإنه لم يرزق زجالا كبيرا كابن قزمان أو مدغليس، و ربما رجع ذلك إلى أن بوادر مأساة الأندلس الكبرى كانت قد بدأت تلوح في الأفق ، بتساقط المدن الأندلسية في أيدي الأسبان ، فشغل الناس أكثر بهذا الخطر الداهم عن كل شيء آخر.و الدور الخامس و الأخير في تطور الزجل الأندلسي يقع في المائة الثامنة، و قد عرض ابن خلدون في مقدمته إلى زجالين هذه المائة بإيجاز و عدّ منهم إلى عصره صاحبه الوزير أبا عبد الله ابن الخطيب.موضوعات الزجل: الزجل الأندلسي مثله مثل الموشحات من حيث تناوله لموضوعات الشعر التي تناولتها القصيدة المعربة ، و الذي يتصفح ما وصل إلينا من أزجال الأندلسيين يرى أنهم قالوا الزجل في الغزل و المدح و الوصف و الخمريات ، و المجون و التصوف و غير ذلك من فنون الشعر التقليدية لمعروفة.و إذا شئنا أن نقيّم فن الزجل الذي نشأ أصلا في بيئة الأندلس ثم انطلق منها إلى البيئات العربية الأخرى، فإن قيمته ليست في تنوّع أشكاله و أوزانه و لا فيما استلهمه أو استعاره من معني شعراء العربية و أساليبهم البيانية و البديعية التقليدية و إنا تكمن قيمته الحقيقية فيما استمده من واقع حياة العامة متمثلا في الجديد من معانيهم و حكمهم و أمثالهم ، و في المبتكر من تشبيهاتهم و غيرها من أنواع المجاز، و في الشائع المألوف من ألفظهم و صيغهم العامية، كما يكمن في تصوير حياتهم العمة بجدّها و هزلها، و أفراحها و أحزانه، , اهتماماتها و همومها، و لعل كل ذلك هو ما يكسب الزجل صفة الشعبية و يسلكه في الأدب الشعبي كفن من فنونه.