د. عادل الأسطة - الست كورونا : في زمن الجوائح يصبح عداد الحساب مختلفا (٢٢)

مع أنه كان يفترض ان يكون يوم أمس ، الثلاثاء ، يوم إغلاق شامل للسيطرة على " الكورونا" ومحاصرتها والحد من انتشارها ، لأنها عدت وباء ، إلا أن سكان نابلس لم يلتزموا بأوامر الحكومة.
المدينة فتح مواطنوها محلاتهم وباعوا واشتروا ولو قليلا ، ف "الريحة ولا العدم " كما يقول المثل ، والجلوس في المتجر أو الدكان خير من الجلوس في البيت ونق سكانه وفتح دفاترهم القديمة والجديدة.
أبو حسين تساءل مندهشا عن سبب الغيرة بين سكان المدن دون مراعاة الظروف الخاصة المختلفة لكل مدينة . نابلس تتساءل:
- لماذا لم يفرض الإغلاق الشامل على طولكرم ؟
وعندما تسير على خطى طولكرم تتساءل الخليل :
- لماذا كسرت نابلس الحصار؟
" ولولا الغيرة ما حبلت الأميرة".
الأسواق تقول إن الإغلاق كان " فشنك " - يعني " فالصو " ويعني " فش إغلاق " ، ومؤخرة حمودة تغلبت على الإمساك ، فخرج الناس من بيوتهم وساروا في الأسواق وانتشروا في الأرض.
وأنا جالس على الشرفة في شقتي كان البائع المتجول ينادي من سيارته :
- الكورونا تشدد الحصار والتلاوي يرخص الأسعار . كيلو الجبنة بعشرة ومرتبان اللبن بخمسة وشوال البصل بعشرة.
وصارت كلمة "شوال " و" شوالات " تذكر بكيس الخيش الذي عرفناه في بداية الاحتلال ١٩٦٧ وب " كيس الخيش " الذي كتب عنه اميل حبيبي في روايته " المتشائل".
وأنا عائد إلى المساكن الشعبية قلت للسائق حتى لا ينتظر طويلا :
- أنا أدفع أجرة راكبين فانطلق.
في فترة الحجر الصحي الأول لم تسمح السلطة لسواقي السيارات بأن يقلوا أكثر من راكبين ، فاضطر السواقون إلى رفع أجرة الراكب ، وعندما عادت الأمور إلى طبيعتها وسمح لهم بأن يقلوا أربعة ركاب عادت الأجرة كما كانت في السابق ، وعندما أصر السائق على رفع الأجرة شرحت له أنه سيأخذ أجرة أربعة ركاب . لماذا لم أدفع له ما طلب وأغض النظر ، فأوضاع السواقين وسيارات العمومي بالويل؟
أحيانا يرتكب المرء حماقات عديدة ، وغالبا ما أدفع للسواقين ما يطلبون كأن أعطيه 10 شواكل وأقول له اخصم ما تريد ، وسلوكي هذا جعل بعض الركاب يلومونني بحجة أنني أشجع على الاستغلال ، فإذا كنت أملك المال فإن غيري لا يملكه؟
سبحانك وأنت لا تسأل عما تفعل :
- لماذا جعلت لأحد الأخوين 99 نعجة وللثاني نعجة واحدة؟
هل يعد فشل التجربة الاشتراكية خير جواب على سؤالي؟
لقد اعترف إخوة يوسف بما فعلوا فغفر لهم . ترى ماذا كان سيفعل لو تمادوا في إنكارهم ، وأنا لست يوسف ، ومرة كتبت قصة عنوانها " لماذا كنت يوسف ؟ من قال إني كنت يوسف؟"
في زمن الكورونا نحصي الإصابات وعدد الموتى ، وفي الحرب نحصي عدد الطائرات والصواريخ والقتلى والجرحى والأسرى ، وفي الحالات كلها نحصي عدد الشيكات المرتجعة والخسائر الاقتصادية .
الله المستعان به.
صباح الخير
خربشات
١٥ تموز ٢٠٢٠


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى