قد يكون الإنسان هو المحور الرئيسي إن لم يكن الوحيد لمعظم الروايات التي امتدت مع تاريخه الطويل على اختلاف مواضيعها، فقد تكون الرواية عن حب، أو حرب، أو جريمة، أو فكرة، او تحكي عن الماضي، أو المستقبل، عن الظلم، أو العدل، أو الحق، والخير، أو عن الجمال ،،، الخ ورغم اختلاف أحداثها فأنها تتفق كلها بأنها تدور حول الإنسان وتحكي لنا اهتماماته ونوازعه وفرحه وآلامه ، لكننا في رواية (الساعة الخامسة والعشرون) للكاتب الروماني قسطنطين جورجيا أمام عمل ينشغل بالإنسان من حيث كونه إنسان ،،، بكليته البشرية ،،، بكتلة المشاعر التي تتصارع في داخله لتخلق الحب والخير والعدل والقبول والرفض ،، وانهزام هذا الاخير في مواجهة المجتمع الآلي والحضارة الزائفة، التي قد تتمكن من ابتداع الرفاهية لبعض أبنائها، لكن هذه الرفاهية لها ثمنها من حرية الإنسان وكرامته وحقه في العيش بكرامة ومساواة، بغض النظر عن العرق والمنشأ والدين والانتماء والبلد والمعتقد ، لتروي لنا خذلان الإنسان والانسانية أمام المواطن والمواطنة بحدودها الضيقة، والتي تدفع إلى حافة الفناء في ساعته الخامسة والعشرين، وهي الساعة التي تكون فيها كل محاولة للإنقاذ عديمة الجدوى بل أن حتى قيام المسيح قد لا يجدي نفعاً ، هي الساعات الأخيرة للقيم الإنسانية ، بل إنها ساعة بعد الساعة الأخيرة، حيث يُقضى فيها على الإنسان فيها أن يعيش ويعامل كالرقيق، وهي انعكاس وسرد للتمييز العنصري والانقسامات في المجتمع الاوربي وهو ما عاصره كاتب الرواية وعاش أيامها السوداء أثناء الحرب العالمية الثانية وما بعدها وما رافقها من انهيار للسلام وللنظم الأخلاقية في المجتمعات الغربية.
إن الرواية تستعرض من خلال ملحمة إنسانية صاغها لنا قسطنطين جورجيو الفصل الأخير من قيم الإنسان على هذا الكوكب، لتصف لنا معاناة آخر سلالات الإنسانية، بعد أن سقطت فريسة لاتحاد الإنسان مع الآلة، وبروز نوع جديد من البشر اسمه المواطن، هذا الكائن الجديد الذي لا يعيش في الغابات، ولا في الأدغال، ولكن في المكاتب، ومع ذلك فأنه اشد وحشية وقسوة من الحيوانات المفترسة وكل الوحوش، لقد ولد المواطنون من اتحاد الرجال مع الآلات، وهم اقوي الأصول والأجناس الموجودة ألان على سطح الأرض، أن وجههم يشبه وجه الرجال، لكنهم لا عاطفة لهم، يتصرفون كما تتصرف الآلات، إن لهم مقاييس وأجهزة تشبه الساعات بدلاً من القلوب، فهم بين الإنسان والآلة، ليسوا من هذا ولا من ذاك إنهم مواطنون لهم رغبات الوحوش الضارية، إنها سلالة غريبة اكتسحت وجه الأرض، على حساب القيم والأخلاق والمشاعر والشرف وكل الفضائل التي جعلتنا كائنات تعشق وتحب وتفرح وتتألم .
يروي لنا الكاتب في روايته انهزام الإنسانية وانهيار الأخلاق والعواطف التي جعلت لوجودنا هدف ومعنى من خلال سرد الاحداث التي يمر به إيوهان مورتيز حيث تبدأ قصته عندما يقع ضحية دسيسة حسد تؤدي به إلى أن تقوم الحكومة الرومانية بمصادرة حريته، أو بمعنى أدق بمصادرته كله، كما تصادر الأشياء والحيوانات، فاستسلم لهم طائعاً غير رافض ولا حانق، فما كان سوى مزارع بسيط مسالم فارغ اليدين، فزعموا إن اسمه إياكوب وليس إيون، وسجن في معسكرات اليهود تحيط به الأسلاك الشائكة هو ومن معه من البائسين الذين هم بذلك أشبه بالحيوانات في مأكلهم وملبسهم وحتى نومهم، وما ذلك سوى البداية.
بداية عذاب كل لا ذنب له سوى معتقده، أو انتمائه قوميته أو وطنه أو اسمه وكل ما يعتبر خلاف المألوف والمعروف، فأن ايوهان ما كان سارقاً أو قاتلاً ولم يخدع إنسانا قط، ولم يرتكب ما يعاقب عليه القانون، أو تحرمه الكنيسة التي ينتمي إليها بصفته مسيحي مؤمن، ومع ذلك فقد سجن وعذب حتى غدا مثل ظل على ارض، لقد ترادفت العذابات على بطلنا بترادف الأسماء التي أبى مُعَذبيه ومستجوبيه إلا أن تكون له سمة وتهمة، فمن إيوهان مورتيز إلى إيون إلى إياكوب إلى إيانكل إلى إيانوس، فما كان ذنبه غير إن كل اسم يلصق به إنما يشير إلى انتماء لا يعد محظوراً فقط بل ويعد جرماً يستحق كل أنواع العذاب هنا أو هناك، حتى ولو بدون أن يرتكب صاحبه جرماً أو حتى خطأ بسيط.
ان كان على القارئ أن يقف مستبصراً ما يقرأ ومتمعناً فيه فقد لا يمر عليه أروع وأجمل من رواية (الساعة الخامسة والعشرون) ، للكاتب الرائع قسطنطين جورجيو، تدفعه إلى إعادة حساباته، وإعادة ترتيب أولويات أحكامه المسبقة، التي تقف على طرف لسانه، لتنطلق إزاء من يخالفنا أو حتى لا يتفق معنا في معتقد أو دين أو عرق أو انتماء أو فكرة ،، ليراجع نفسه عن المرات العديدة التي ارتفع فيها صوته وامتلئ بالحنق قلبه وكم تمنى من عذابات سماوية تصب على ذاك المسكين لا لشيء إلا لأن المستمع الذي أمامه لا يتفق معه فيما يقول أو يرى ،، وما علينا في نهاية الرواية سوى أن نقوم لنغسل أيدينا مما علق فيها من جراحات إيوهان مورتيز.
إن الرواية تستعرض من خلال ملحمة إنسانية صاغها لنا قسطنطين جورجيو الفصل الأخير من قيم الإنسان على هذا الكوكب، لتصف لنا معاناة آخر سلالات الإنسانية، بعد أن سقطت فريسة لاتحاد الإنسان مع الآلة، وبروز نوع جديد من البشر اسمه المواطن، هذا الكائن الجديد الذي لا يعيش في الغابات، ولا في الأدغال، ولكن في المكاتب، ومع ذلك فأنه اشد وحشية وقسوة من الحيوانات المفترسة وكل الوحوش، لقد ولد المواطنون من اتحاد الرجال مع الآلات، وهم اقوي الأصول والأجناس الموجودة ألان على سطح الأرض، أن وجههم يشبه وجه الرجال، لكنهم لا عاطفة لهم، يتصرفون كما تتصرف الآلات، إن لهم مقاييس وأجهزة تشبه الساعات بدلاً من القلوب، فهم بين الإنسان والآلة، ليسوا من هذا ولا من ذاك إنهم مواطنون لهم رغبات الوحوش الضارية، إنها سلالة غريبة اكتسحت وجه الأرض، على حساب القيم والأخلاق والمشاعر والشرف وكل الفضائل التي جعلتنا كائنات تعشق وتحب وتفرح وتتألم .
يروي لنا الكاتب في روايته انهزام الإنسانية وانهيار الأخلاق والعواطف التي جعلت لوجودنا هدف ومعنى من خلال سرد الاحداث التي يمر به إيوهان مورتيز حيث تبدأ قصته عندما يقع ضحية دسيسة حسد تؤدي به إلى أن تقوم الحكومة الرومانية بمصادرة حريته، أو بمعنى أدق بمصادرته كله، كما تصادر الأشياء والحيوانات، فاستسلم لهم طائعاً غير رافض ولا حانق، فما كان سوى مزارع بسيط مسالم فارغ اليدين، فزعموا إن اسمه إياكوب وليس إيون، وسجن في معسكرات اليهود تحيط به الأسلاك الشائكة هو ومن معه من البائسين الذين هم بذلك أشبه بالحيوانات في مأكلهم وملبسهم وحتى نومهم، وما ذلك سوى البداية.
بداية عذاب كل لا ذنب له سوى معتقده، أو انتمائه قوميته أو وطنه أو اسمه وكل ما يعتبر خلاف المألوف والمعروف، فأن ايوهان ما كان سارقاً أو قاتلاً ولم يخدع إنسانا قط، ولم يرتكب ما يعاقب عليه القانون، أو تحرمه الكنيسة التي ينتمي إليها بصفته مسيحي مؤمن، ومع ذلك فقد سجن وعذب حتى غدا مثل ظل على ارض، لقد ترادفت العذابات على بطلنا بترادف الأسماء التي أبى مُعَذبيه ومستجوبيه إلا أن تكون له سمة وتهمة، فمن إيوهان مورتيز إلى إيون إلى إياكوب إلى إيانكل إلى إيانوس، فما كان ذنبه غير إن كل اسم يلصق به إنما يشير إلى انتماء لا يعد محظوراً فقط بل ويعد جرماً يستحق كل أنواع العذاب هنا أو هناك، حتى ولو بدون أن يرتكب صاحبه جرماً أو حتى خطأ بسيط.
ان كان على القارئ أن يقف مستبصراً ما يقرأ ومتمعناً فيه فقد لا يمر عليه أروع وأجمل من رواية (الساعة الخامسة والعشرون) ، للكاتب الرائع قسطنطين جورجيو، تدفعه إلى إعادة حساباته، وإعادة ترتيب أولويات أحكامه المسبقة، التي تقف على طرف لسانه، لتنطلق إزاء من يخالفنا أو حتى لا يتفق معنا في معتقد أو دين أو عرق أو انتماء أو فكرة ،، ليراجع نفسه عن المرات العديدة التي ارتفع فيها صوته وامتلئ بالحنق قلبه وكم تمنى من عذابات سماوية تصب على ذاك المسكين لا لشيء إلا لأن المستمع الذي أمامه لا يتفق معه فيما يقول أو يرى ،، وما علينا في نهاية الرواية سوى أن نقوم لنغسل أيدينا مما علق فيها من جراحات إيوهان مورتيز.