موسى غافل الشطري - نظرة سريعة في سردياتي

انا من منشأ ريفي . طفولتي في الريف كانت طفولة مرحة. نزحت عائلتي للشطرة و سكنت في منطقة متخلفة و هامشية . منعزلة تقريباً عن التفاعل مع مجتمع المدينة. ملتصقة على حافات مكباتها . و بسبب منحدري الريفي ، عانيت من احساس بالاقصاء من اطفال هذه المنطقة . هذا الإقصاء جعلني اتجه لمضيف والدي و ارتبط مع الكبار و استمع للشعر و قراءة الرواية و( الحكايات ) بين ليلة وليلة . لكن ذلك لم يعوضني عن طفولتي المنقطعة . خيبة الأمل تلك حرضت وعيي أن يكون مبكرا . فعشت حالماً . أكمل طفولتي في احلام الليل . ابحث عن دور متميز تعويضي . و انكبيت على ملاحقة العمل الأدبي . فقرأت كبار الروائيين العالميين مكسيم غوركي و تولستوي و كوكول و دستوفسكي و تورجنيف و جيخوف و بلزاك و ستيفان زفايج و غوستاف فلوبير و شارلوت برونتي و ديكنز و دي اج لورنس و كافكا و همنكواي و شتاينبك و ارسكين كولدويل و آخرين . و كنت اقارن بين واقعهم وواقعنا . بالمجمل اعتقد ان ذلك خلق لدي خصوصية في سردياتي . حتى عملي السياسي اليساري .. انا لا أبرئه من بصمة تجربتي الذاتية بمجملها .
ربما كان هذا الانكباب ، هو بحث تعويضي عما افتقدته في طفولتي اللاحقة . و منذ يفاعتي و من ثم شبابي و كهولتي و حتى شيخوختي ، كنت احلم بالتغيير. لم اعش حياة هادئة هانئة . حياتي كلها متاعب ، و رغبة جامحة في اخطار العمل السياسي . و ربما هو البحث عن الدور المميز أو التعويضي .
موضوعي ، على وفق هذا السياق .. هو امتداد و انشداد للحلم المنشود . فجاء عملي السردي غير بريء . و محتقن بالتشفير و الحزن و التحدي و البكائيات و مرتبط بالهموم بالأخص هموم المرأة . و دائماً أحس اني منوط برحلة بحث لم تكتمل .
هذه مقدمة اعتراف : لمن يقرؤني بشكل جاد و يريد ان يتبحر في عمق نصي السردي . ليتعرف على نقاط ضعفي و قوتي .
لكي ابين لكم نهجي في كتابة نصي السردي . اود أن ألفت نظركم إلى اني اكتب بغطاء ظاهري ، و مكنون باطني . المكشوف و المسكوت عنه .
اتوغل في العمق لفضح المسكوت عنه بطرق مرنة و ملتوية و عدم اعطاء ( لزمة ) ابان النظام السابق . بمعنى آخر سرد مشفر زئبقي . لا يستطيع المخبر ان يمسك به .
مع ذلك ، لم تسلم روايتي الغرائبية ( ليل معدني ) ذات العمق الرمزي و خصوصيتها التي انفردت بها . فرفضت من قبل رقيب دار الشؤون الثقافية عام 1996 .
قارئي الذكي ينبغي عليه أن يعرف ذلك . لكي يتمتع بجمالية الظاهر ، و لذة اكتشاف المسكوت عنه . فهناك عالم كامل من التأويل في العمق .
بالمجمل بمقدوري القول : انني أكتب ضمن خصوصية معينة ، و مختلفة عن سياق اللعبة الابداعبة لدى الآخرين . و يحلق نصي في اجواء غير مطروقة . و أنا لا أعتبر تفوقي على نحو مغال فيه . و لكني عبدتُ لي مسارا سرديا يتسم بنهج ابداعي متميز .هذه وجهة نظر تشمل منجزي الروائي و القصصي . نصي يحتاج إلى تركيز . إلى إدراك : ان كل كلمة فيه موظفة لغايتين المستور و المكشوف .
شكرا .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى