أمريكا، انني أحتج ضد حروبك وحيواناتك القذرة. أمريكا، غطّي وجهك. عيناي قذيفتان. لقد رحل والت ويتمان. استيقظتُ. هربتُ. أعاد النهار ليلي. أمريكا، الن غينسبرغ بلحيته الشعثاء الشبيهة بدخان حروبك، مدفع حلو القصف. يا أرض الدم والنفايات والنسمات الحديدية، يا هبوب المناخات الحامضة والهضبات الجرداء. هي ذي الشعوب والقبائل المنقرضة احتشدت "بالنشوة المتأتية من باخوس وآلهة الرقص والكنيسة"1. هناك أضرحة عظيمة في "فيردان" و"البصرة" و"اور الكلدانيين"، و"بتروغراد" و"السوم" و"الناصرية" و"غرناطة" و"بيزنطة". أضرحة ملأى بالعظام الضخمة. تحفر العفونة فيها كهفوفاً، كهوفاً عميقة. أمريكا، لماذا يموت المارينز حزانى في حروبك؟ هناك اهرامات، نصب تذكارية، سلاسل في العظام، صهيل بدون جياد، وعبر أقمار أسيرة ومحطمة تصعد أصوات العاطلين والفقراء في أمريكا. محشرجة مثل نباح بدون كلاب:
"نريد المزيد من المال
فليس عندنا ما يكفينا والحياة
أقصر من أن نضيعها ونحن فقراء
المال في كلّ أشكاله الجميلة
عملة الهمود الحمر الباهتة
وعملة الايرلنديين الذهبية البراقة
والمحارات التي تغمض عيونها وتفتحها على شاطىء الفجرّ
والثيران المصبوغة
والروبية ذات الألوان العشرة" 2.
أمريكا، أتذكر جورج بوش وكلبه غورباتشوف. لقد درّبه على أن يدق جرساً ثم يعطيه عظمة وبعد فترة قصيرة تعلم غوربي وسال ريقه كلما سمع الجرس. هذا هو ما يسمى بالنظام العالمي الجديد. أمريكا، ابنة الكلبة. ألمح في ماديسون سكوير أزهار فحم راسخة وفتيات بنميات وهايتيات ومكسيكيات ينتحبن تحت شمس باردة ويأكلنّ فاصولياء معلبة منذ 3 سنوات. ألمح ازرا باوند يكتب على مدفع قديم:
"في هذا الشارع
المتاجرة بجورب قديم
حلّت محل العناية بالزهور المقدونية".
ألمح ادغار الن بو يصرخ بوجه تمثال الحرية:
"هل أستطيع أن أضم الغادة القديسة التي يسميها الملاك ليونور؟
أعانق الطاهرة المشعة التي يسميها الملاك ليونور".
أمريكا، لماذا تآمر نيكسون وشركة الطيران الأمريكية واسبيدو اغينو وستروم ثرمود وجون ميتشيل ووالتر كرونكيت وهيئة اذاعة كولومبيا والاذاعة الوطنية وهيئة الاذاعة الأمريكية ومليون من العقول الغبية لاحراق مدينة شيكاغو؟ يا أرض الدم والعظام. يا كومة عظام عالية تهبّ منها رياح حارة وفجائع راسخة وأرتال من النمل تنطُ وتطفر في الخراب. مستنقعات زنخة تتقيأ فيها التماسيح. حشود هيبيز عارية في الشوارع والأنفاق. مذابح وحشية لا تعرف الظل. أمريكا ، هنا حنيناتك المطفأة ونعيق غربانك واندحارك الوشيك وعواءات كما نشيد وحشي ، كما أصداف حنكليس على ضفاف هارلم. أمريكا، عيون المارينز التي تترك النهار حائراً بطيوره الكونكريتية وأجساد مثقوبة في أكياس من بلاستيك أخضر. أمريكا، سيقان من خشب. بطون مبقورة كعلب صفيح ووجوه لا ميسم لها. أمريكا، العالم ميت في نظامك الجديد. العالم يحترق في مؤامراتك الخبيثة. هل الجرائم والأفيون ورقصة الروك جزء من مؤامرة عراقية ضد مصالحك؟ أمريكا، من أين تحصل خزائنك على ملياراتها؟ هل حقاً حربك ضد العراق نظيفة أكثر مما يجب؟ أمريكا، أن أفكاري لا أجدها عند ماو تسي تونغ أو عند ستالين أو عند هوشي منه، بل وجدتها في أشعار السياب. أمريكا، حين يشتد قصفك الصاروخي، أحتمي في حفرة مغطاة بناموسية ممزقة وأحدق في صورتك التذكارية:
جورج بوش في الوسط
الى يمينه ديك تشيني
الى يساره الجنرال شوارتزكوف
وخلفهم الدبّابات والطائرات والمدافع والسفن الحربية والجنود والجنرالات، كلّهم يحملون قذاراتهم وعار جرائمهم وعلى وجوههم خيبات واندحارات. أمريكا، شمسك الوحشية تسطع على عارك ونذالاتك، وأقمارك السود تتعثر بخوذات وأثداء مطاطية، وجزمات بسيقان مقطوعة. آهٍ، يا لخرابك، يا لأبواقك الوحشية. غرورك يفني الليل والدالية. أرضك التي من رماد. غيومك التي من بازلت، شدقك،مراصدكِ
أسنانك الفولاذية. أمريكا، أنت هبوب شظايا طوال العام. تفتحين صباحي بقذيفة. تغمضين عيني بشظية. أمريكا، موت مفتوح على جبال مميتة حيث أضواء ربيع تتصحر وحيث يلمع صخر الدم في هبوبه الكريه. أمريكا، عدم، عدم، عدم. وجوه تتلاشى حين ألمحها وعواء ذئاب في شقق سكنية تحت سماء قاحلة ومشروخة تلوح في الظلام، وبعد طلوع القمر العقيم أبحث وسط الأنقاض. أبحث محموماً عن وجه أو ذكرى. عن صدى أغنية وسط الأسلاك الملغومة. أبحث. أهذي. يتبعني موتي. لا وجه لا ذكرى. القمر العقيم يرحل. النجوم تهوي. أبحث عن صيحة. عن حشرجة.أمريكا،"أحصيتُ موتاي
أحصيتهم كلّهم
أحصيتهم واحداً واحداً
أحصيتهم في بيروت
أحصيتهم في الفاو
أحصيتهم في تونس
أحصيتهم فوق جبال حاج عمران
أحصيتهم في فيتنام
أحصيتهم في بنما
أحصيتهم في غرينادا
أحصيتهم في هاييتي
أحصيتهم في الصومال
أحصيتهم في كلّ الخنادق
في كلّ الحدائق
في ودائع الدفن
في أنقاض البيوت التي هدمتهاالصواريخ".
أمريكا
أمريكا
يا حفارة قبور
يا حديداً يحترق
يجفف العطر والحنين
يا صحراء جاثمة على أعناقنا
يا كهفاً في الجرح
يا قوادم فولاذ
يا مقصلة
يا عفونات
يا فناء
يا صخراً يتشظى في العيون
يا تمثال تبغ
يا برد خسارة
يا شريعة رمل
يا وصية سفاح
يا أياماً ظالمة
ليس لي سوى صرخة دفنتها فوق جبال العراق. أمريكا، يا أرض الأسلاك والأنابيب والموازين والبكرات، هاهم آلهتك يفركون أكفهم المرتعشة وهم يطيرون في الجوّ. انني ألمحهم، هاهم الآن يهبطون فوق ناطحات سحاب. ألمح ملائكتك السود يهبطون ببراشوتات فوق أبراج كنائس شبيهة بباذنجان عتيق
"سأخرج اليك أولاً أيتها البائسة الجميلة أيتها الكلبة. سأقول هاكِ العطف والحبّ والشهرة، هاكِ المشهد الذي تحبينه، هاك الكتب التي تحررها النساء وعلى وجه التحديد الفتيات البالغات الرشد اللاتي يدفعن مذكراتهن اليومية الموجزة للنشر على هيئة روايات".
أمريكا، هاكِ هذه الجريمة الجميلة من أجل أحلام سعيدة، من أجل غد أفضل لك ولأطفالك وكهنتك وجنرالاتك وكلابك:
1- باتسي خادمة من سان فرانسسكو
2- توم: رجل من مشيغن
باتسي وتوم يعملان لحساب سيدة متطفلة على الفن تدعى ويلا مكورد التي تصنع نوافذ ملونة الزجاج. لقد واجهت كلّ من باتسي وويلا مشاكل جنسية حادة. ترحل باتسي تاركة تعليقاً وداعياً بعد عشر صفحات من مناجاة النفس على غرار مولي بلوم. كان زوجها الخصي يحدث جلبة حين يبتلع الطعام، اضافة الى قدميه كريهتي الرائحة. كانت ويلا قبيحة الوجه ومن طراز النساء اللاتي يرتعبن من الرجال. انها تتسلّق هذا المبنى الضخم بعد نهاية الاسبوع مع امرأة من جامايكا تدعى اورو، صاحبة البشرة الزنجية. عندما تعود الى البيت بعد هبوط الظلام. يكون الزوج العاجز المغفل توم بانتظارها في المدخل لايقاع العقوبة بزوجته الخائنة باتسي. ينهض توم بينما هي تجتاز المدخل وينقض عليها بقوة حتى أن الصرخة التي أطلقتها، احتبست في حنجرتها وبدت كانها نحيب. تموت وظهرها نحوه وعندما تسقط صريعة على الأرض، يساعدها في ذلك ثم يكتشف انها ويلا المسكينة وليست زوجته.
المسافرون الى نيويورك يعودون بذكريات واضحة:
1 – جندي مقطوع الرأس يصيح في الزحام
2- بغل مجنون يتأرجح ببرج كنيسة.
"أيها المسيح
من ذا جاء بك الى هذه الطريق؟
من هم القتلة الذين فصلوا يديك الخيرتين
اللتين لمستا البرص بحنان
ووضعتا مرهم الحبّ الشافي؟
من هم أولئك الشياطين
الذين قطعوا وشوهوا قدميك المقدسين؟
من هم أولئك الأوغاد
الذين أرجحوك كطائرة من ورق ممزقة؟".
3- دبابة تسير وتقود حماراً من رقبته، وأكثر العميان الذين تطرق عصيهم على حجر الأرصفة هم سود، وفوق كلّ ناطحة سحاب مجنون. كلّ المجانين يقضون ساعات على الأفاريز. ليس هناك فرو ثعالب ، لذلك لم تحمله وتتباهى به الفتيات. نيويورك ممتلئة وهي تكرر نفسها فيعلق بعض خرابها في الذهن. أنا أيضاً عدت من نيويورك. ذاكرتي تضم قذائف تطير في جميع الاتجاهات. هنا، أمام نافدة، شوارع فيها محلات للوشم ينقشون فيها جلود الموتى وحيوانات مفترسة تسير جماعات جماعات تحت الأرض. في الجانب الآخر يقسمون انهم شاهدواتمثال الحرية يطير بين أعمدة الكونكريت. هنا، رسام وشم يغير الابر والجلود ويعلق النماذج على مصطبته. هنا، امرأة بدينة تنسم لنفسها بمروحتها على رصيف محطة.
"أيها المسيح
لقد أمطروا القنابل على الأماكن العامة
المدارس
المستشفيات
الكنائس
الملاجىء
المقاهي
على أمواج دجلة والفرات .
الحرية………………
لمن؟
هي لك من على الصليب".
أمريكا
أمريكا
عبر هبوب برد الكونكريت والألمنيوم والاعلانات الصدئة، تهب عفوناتك صوب وجهي، وهذه الدمامل يقطين يحجب الشمس. أموت بلا موت، أنزف بلا نزف، أبحث عن نبع وفي هارلم لا توجد موجة. لشدقك مذاق الكبريت، ليديك شكل القيد، لعينيك رائحة البارود. درعك الفولاذي تذرق فوقه الغربان. كنت تضطجعين على صخرة وحين أيقظتك نسيت اسمكِ. لكِ كلّ الأسماء وليس لي سوى نشيدي.
أمريكا، هل حقاً "أعلنت بول اندرسون نائبة رئيس شركة ترانس تكنولوجي أن شركتها قررت وقف تصدير الغازات المسيلة للدموع الى اسرائيل؟" 3
يا معرّية العظم والأحلام، يا طاردة الفجر والقرنفل، يا حسرة هولاكو وجنكيز خان.
لا المسيح
لا البابا
يعرفان مكانك. يا أرض الشر كلّه.
هل حقاً يستيقظ المنعزل في زريبة قبل الحصان والخنزير؟ هل حقاً يستيقظ قبل ابراهام لنكولن؟
ألمح ناراً طاغية فوق شعابك الصخرية، فوق مياه الهدسن وحقائب المارينز.
أمريكا،"عندما ينظر نصيف الناصري الى امرأة ويتعارفان. تكون الشفاعة هي التعرّي من الأسماء. اسمح لي أن أكون شفيعتك ، انها كلمات انخيدوانا الشفيعة، لكنّه خضع للقوانين وأحبّها فكوفئ بالاخصاء وأفضل من ذلك الجريمة. أين كنت ؟ ما اسمك؟ وما اسمي أنا؟ هل سبق أن أعددت خططاً للصيف ولكلّ صيف في وول ستريت منذ عشرة أعوام مع نانسي كوفن التي كانت لها شمعتان تأتي العصافير لتشرب منهما الضياء؟ وهل قالت لي كولالة في الطرف الشرقي من الكيسنبورغ: لا تقل للهواء / هناك دائماً آب أم انها قالت ذلك لآخر نسيته أم انني اختلقت القول ولم يقله لي أحد؟ هل سرت في نهر الهدسن متحدثاً وحدي مع الريح المجنونة، ولدى وصولي الى غرفتي وهي دائماً غرفة، ألم تتعرف عليّ المرايا؟ وهل شاهدنا من فندق بلازا الفجرّ راقصاً مع شجر الكستناء.: لقد تأخرنا كثيراً. هل قلتِ ذلك وأنت تسرحين شعركِ، في حين كنت أرى لطخات على الجدار ولا أقول شيئاً؟ هل صعدنا معاً الى قمة البرج؟ هل شاهدنا الماء يسيل من فوق الرصيف؟ هل أكلنا عنباً في تايمز سكوير؟ هل اشترينا أزهار غاردينيا؟" 4
أمريكا
أمريكا
يا أرض العظام النخرة والقار والقيء، يا أرض أسماك السلمون العفنة، يا أرض عفونات عرانيص الذرة
يا أرض الجاز والنمل، يا أرض الديناصورات والتنانين.
"لا للقوارب النيسية القديمة
لا للمجد الذي كان يوماً اثينا
ولا العظمة التي كانت يوماً روما"5
هذه الرقصات الوحشية المسلحة كسطوع الذهب جميعها لأجفانك الثقيلة كيعاسيب. الآن في انطلاقات الرعد، يتقدم الموت الحيّ ويلتهم الحشرجات.
أمريكا تتفسخ
أمريكا تتعفن
أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمعيكا أمعيكا أمنيكا أمعيكا أمنيكا أمنيكا أمنيكا أمعيكا أمعيكا أمنيكا من يخرجها من شباك الموت ويرفع عنها الرماد والأوبئة؟ من يخرج في ليل الريح ويجمع شظاياها؟ من يضع حجارة على جثث قتلاها؟
تكرار الغزو دمّر أمعيكا عبر سنين تاريخها، فما أن يغادر عدو حتى يجمع آخر قواه ليهدد من تبقى من سكانها. عندما خلت السماء من النسور واجه الناس انتشار الأفاعي،وانقراض العناكب ترك الذباب يطير أسراباً سوداً، كما أن الانتصار على النمل الأبيض جعل المدن تحت رحمة الارضة. الأنواع المتضاربة أنهاها الموت فاندثرت قدرة الناس فيها على شق الدروع والحراشف وعلى الاطاحة بالأجنحة والريش. من البداية ولسنين طويلة لم يكن من مؤكداً أن النصر سينتقل الى آخر نوع مقاتل ضد امتلاك الانسان للمدن، وهو الفئران. من كلّ جيل من أجيال القوارض. تخلق البقية الضئيلة التي تنجو نوعاً أسوأ يمتنع على المصائد ويقاوم كلّ أنواع السموم. خلال بضعة أيّام أعيد اسكان خياطي أمريقا مع حشود من الفئران المنتشرة. أخيراً– وفي مذبحة كبيرة دمّر الناس ببراعاتهم المتنوعة في القتل قوى الحياة الهائلة للأعداء. أمريقا وهي مقبرة كبيرة لمملكة الحيوان أغلقت. تم تعقيمها بعد دفن آخر الجثث مع آخر البراغيث وآخر جراثيمها. الانسان أخيراً– أعاد اقامة نظام العالم الذي أربكه بنفسه. لا يوجد نوع آخر من الأحياء يثير الريبة بعد الآن، ولكي تتذكر أمريقا ما كان فيها من الحيوان. تحتفظ رفوف مكتباتها بمجلدات دارون وكافكا. أخيراً – هذا الذي صار يعتقد فيه سكان أمريقا وقد ابتعدوا عن تصور نهوض الحيوانات القديمة من سباتها. لقد أبعدت الى مناطق نائية وأماكن خفية ومنذ أن استقروا على انعدام الأحياء. حيوانات أخرى بدأت تعود الى النور من سراديب المكتبات، حيث يحتفظون بالكتب القديمة. كانت تقفز من من رؤوس الأعمدة ومن أنابيب المجاري وتهبط على أسرة النائمين.
عنقاوات
تنانين
خطافات
وحيدات القرن
فيلة
ديناصورات.
أمريكا، حفاظاً على كرامتك القومية المصابة بالانفلونزا،اخرجي قواتكِ العسكرية من بساتين ورود وحقول قمح بلادنا حتى يعود الله الى جحيم معابدنا ويستأنف رحمته العظيمة. اخرجي فيالقكِ الغازية كلها، حتى ننظفُ بالجرافات أوساخ أكاذيبكِ الكبيرة. نريدُ الآن أن نحطم أخلاقياتكِ الحقيرة وندفنُ نتاناتكِ كثيرة الأقراط الاستعمارية. أيتها المتطرفة والمقفلة مثل حمار يستهلُ سيمفونيته بتغطيس قنابل النابالم في دبر صباحات العالم. حين تقوم طائراتكِ الحربية بقصف بيت في "مدينة الثورة" أو "الفلوجة". تتصدع الكثير من طوابق مبنى "الامباير ستيت". يطير الاوز العراقي خائفاً من صليات رشاشات جنودكِ المخربة شَعر جداولنا وأبنية أزماننا القديمة. ليست بلادنا طروادة، ولا زيوس ربّ الأرباب ربّنا. نحنُ 5 شعوب و5 لغات و4 أديان وآلاف المذاهب والعقائد، ولا تنفع معنا وصفات سياساتكِ التي يطبخها رجال ال CIA وجنرالات البنتاغون الأغبياء في أقبيتهم السرية. أميركا، من أجل الحفاظ على كرامتكِ القومية المصابة بالانفلونزا الآن . يجب تقديم أحمد الجلبي المحرض على "قانون تحرير العراق" الى المحاكمة بسبب خديعته للسيناتوريين ومليارديرات مجلس الشيوخ . يجب محاكمة كنعان مكية لخديعته وتوريطه الرئيس جورج دبليو بوش وحمقى البنتاغون ووزارة الخارجية بقوله:"سيستقبلكم الشعب العراقي بالورود والحلوى". ينبغي الآن بعد أن ظهرت الوعود خلباً. محاكمة عبد الباري عطوان وصحيفته "القدس العربي" لدفاعه عن قاتل الشعب العراقي وتحريضه على قتل الفلسطينيين اللاجئين في العراق. ينبغي محاكمة الاخوان المسلمين في قناة "الجزيرة" الذين يحرضون ويدلّون أَفاعي "القاعدة" على أعشاش البلابل في أعالي أشجار نخيل العراق. أميركا، اخرجي قواتكِ العسكرية من نسيم وآمال أغنيات بلادنا الآن، وضعي مشروع "الشرق الأوسط الكبير" في المرحاض. 600 ألف انسان قُتل في العراق منذ غزوكِ. 600 ألف وردة قُطفت قبل أوانها."فوضاكِ الخلاّقة" ستدمر اقتصادكِ وتغلق بنوككِ. ستفتقرين حدّ اللعنة حين لا يجد دافع الضرائب ما يدفعه لميزانيتكِ العسكرية. نشكركِ الآن باخلاص عظيم لخلاصنا من سيف الطاغية صدام حسين، ومنجل قتل حكمه الفاشي. نشكركِ على خلاصنا من الموت السري في مقابره الجماعية التي لا يعرفها إلاّ جامعة ومخابرات الدول العربية وقناة "الجزيرة".
نريد الآن النوم من دون دويّ مدافع وصواريخ تمزق حرير أحلام أطفالنا نريد أن ننظف شوارعنا ومتنزهاتنا من نفايات فيالقكِ العسكرية المدرعة. نريد أن ندفن قتلانا ونرمم بيوتنا ومدارسنا ومستشفياتنا ومتاحفنا. أمطارنا وعصافيرنا وفراشاتنا غادرت البلاد وسلاحفنا وزهورنا ماتت كلها من القتل والجوع وتركت الرعود مهماتها في سمائنا لقنابلكِ الذكية وغير الذكية. لا نريد ديمقراطيتكِ التي تشظي أحلامنا ومنجنيقات شوارعنا المشجرة بالهموم. غزوكِ لبلادنا خرطوم طويل يشفط مليارات بترولنا منذ سنوات. كيف يشعر الانسان براحة تامة وأنباء جرائمكِ تملأ نجوم العالم؟.هل يستطيع أطفالنا الذهاب الى شموس المدارس، والسيارات المفخخة تنثر أشلاء أجسادهم في الشوارع المصابة بالسرطان؟
أمريكا، "أن نموت ملسوعين بثعبان الكوبرا 6
ليس كما نموت بطعام خنزير فاسد.
بعضهم يموت غرقاً في المستنفعات
أو في البحار.
بعضهم يموت على يد رجل أشعث الشعر في سواد الليل.
هناك موت كالذي أصاب ساحرات جان دارك
هناك موت مرعب كالذي أصاب بوريس كارلوف
وموت بلا احساس، كالموت عند الولادة".
لكننا الآن نموت بالآلاف في أمكنة العمل والجامعات والمطاعم والمساجد. نموت في أعقاب كل سيارة مفخخة يتم تفجيرها في الريموت كونترول عن بعد. نموت بالآلاف في أحزمة ناسفة يرتديها شبّان قدموا من مغاور في القرون الوسطى الى بلادنا ليصفوا حساباتهم مع أميركا. ماذا نفعل الآن مع الميليشيات المسلحة وفرق الموت السنية والشيعية؟ الرجال البواسل الآن في بلادنا المريضة أقمارها وحكمتها. ينسون ادامة أحلامهم الانسانية ويقتلون بعضهم بعضاً في الأمكنة النائية والمنعطفات المظلمة الوعرة باسم المذهب، وشعار قناة التلفزيون الحكومية:
"اخوان سنة وشيعه
هذا الوطن منبيعه".
من طيزي.
ناكوا عرض الوطن باسم الدين.
الميليشيات وفرق الموت الطائفية . الانتحاريون وسيارات التفخيخ جعلت أجساد الناس تتناثر وتتشظى في الشوارع مثل جلود وعظام التصليخ. الحياة التي كنا ننتظرها على الطريقة الأمريكية جعلت فتياتنا ينمن منقبات ويمشين الى الأسواق والجامعات منقبات وأغلقت أحزابنا الدينية المتطرفة التي حرمها نظام صدام الديمقراطية، دور السينما البارات مخازن الموسيقى المتنزهات وسيطرت الحكومة على "شبكة الاعلام" التي أسسها "بريمر" لتكون على غرار ال بي بي سي ويتم تمويلها من الضرائب العامة. قنوات للقتل والتحريض على القتل باسم الدين والديمقراطية الأميركية. قنوات فضائية شيعية قنوات فضائية سنية قنوات فضائية لقطع الرؤوس وثقب الأجساد قنوات للخطف والتفخيخ قنوات لعبد القادر الكيلاني
قنوات لآهل البيت "اللطم والعويل 24 مرة في العام في مناسبات مواليدهم وقتلهم". قنوات للوهابية، قنوات للبعثية، قنوات للثيران، قنوات للهتلية، قنوات للسرسرية، قنوات لخنازير وهتلرية القومية.
"نحن لا نكرهكِ 7
هل نكره الرعد المؤذي اللعوب؟
هل نكره فك الحمار المتشظي ؟"
من الذي هدّم ثكنات قواتنا المسلحة وسرّح الجيش والبوليس؟ من الذي ترك حدودنا مفتوحة الأبواب لوحوش "القاعدة "؟ اصابات كثيرة ومؤلمة يتلقاها أطفالنا وشيوخنا من رشاشات المارينز وأفواج الخيّالة في كل آنٍ. مستقبلنا أصبح الآن خلفنا، وانساننا يكاد أن يخرج عن فطرته السليمة بسبب القهر والذل والقتل. لم يتعود الناس في بلادنا أن توضع الأكياس السود فوق رؤوسهم وأيديهم مربوطة الى الخلف في الحبال. هل ننسى جرائم اغتصاب فتياتنا الصغيرات؟ هل ننسى فضائحكِ وجرائمكِ الوحشية في سجن "أبو غريب"؟ هل ننسى قصف طائراتك ومدافعك الخطأ وهو يدمر منازل الفقراء ويقتلهم في المدن والقرى؟ اميركا، اخرجي قواتكِ العسكرية من ليل بلادنا.
الهوامش والتعليقات
1- ازرا باوند
2- ماري كامبل
3- خبر نشر في مجلة "الوطن العربي" عدد 299 في 16 آيار 1988
4- من قصيدة لاكتافيو باث وقد جرى تحوير لملائمة الغرض
5- ادغار آلن بو.
6 و 7 غريغوري كورسو
……………………………………………………………………………
1- الأرض خراب وكلّ خراب: أمريقا
2- نيويورك / هارلم / بروكلين / الن غينسبرغ يعيش في عربة قطار 1965
3- كانت مستعدة للزواج منه بعدما تقدم ليطلب يدها، لكن ابنها الذي أصبح كاهناً وتربى متكبّراً أجبرها على أن تعد بعدم الزواج. عندما توفيت مرّت جنازتها أمام مخزنه خارج نيويورك. كان المسكين بعينيه المبتلتين يرفع قبعته بيده عندما مرّت السيارات أمامه ومن عربة الجنازة كان كاهن حليق شاب بصدرية عالية ينظر اليه بسواد مدلهم كالغيوم.
4- أمريقا ، لماذا تحتشد في فمك الصراصير؟
5- القتل مقرف حين تكون الحرب فوق ناطحات السحاب. على القتيل أن يحفر قبره بين الهواء وبين الظلام.
6- أمعيكا، لماذا تتغوّط القذائف فوق رؤوس رجال الأعمال؟
7- أمنيكا، أقاليم قذرة وشوارع ضيقة سود مليئة بنفايات وحيوانات ميكانيكية ميتة وبيوت ذات دهاليز تفوح منها روائح البول وأدراج مظلمة تؤدي الى منعطفات ضيقة والى غرف كئيبة تتسابق فيها الفئران والصاصير مع قاطنيها من البشر للاستحواذ عليها. أمريكا، مرثيات تفوح بروائح فواكه وأطعمة متعفنة. مياه آسنة. قاذورات. قاذورات تامة بينما قطة بلون مياه المرحاض تحاول نبش بقايا رأس سمكة في احدى الحاويات.
8- نيويورك / واشنطن / البنتاغون / الكونغرس / البيت الأسود / الكابيتول / CNN / ناسا. بول براز رطب. سموم.
9- كان من الممكن أن يحدث ذلك قبل مدة أطول لو كنت مقيمة في بلادي، لكني أمضيت الستينات في عالم روجيه فاديم وكنت شقراء باهداب اصطناعية، ومع أن البعض يرفض التصديق إلاّ انني كنت دائماً أدافع عن الولايات المتحدة الأمريكية ولم أكن أتحمل أولئك الفرنسيين الذين كانوا يوجهون لي السؤال التالي:- "ماذا تعتقدين عن القرى الفيتنامية؟" لقد كنت أرد عليهم:-"هذا غير صحيح" وهذا بالضبط ما كان يقوله لي أبي فيما بعد، وكان يجب أن يحل عام 1968 باحداثه العاصفة في الولايات المتحدة وانتفاضة الطلبة في باريس لكي أبدأ بالتأمل، وأخذت أقرأ عن الحرب. كان زواجي على وشك الانهيار فعدت الى البلاد واتصلت بسام براون الذي كان آنذاك رئيس لجنة تأجيل التجنيد وقلت له:- "أنا جين فوندا بماذا يمكنني مساعدتكم؟".
9- يا والت ويتمان
دعني أصلي لك هذه الصلاة الفرعونية:
لك التجلة يا والدي المقدس
يا من تملك وجودك باعضائك
انك لم تتلف
انك لم تصبح دوداً
انك لم تضمحل
انك لم تصر عفناً
انك لم تفسد
وانك لم تتحول الى رماد
رأسك هو رأس هوميروس
وجهك هو وجه جون دن
عيناك هما عينا شكسبير
اذناك هما اذنا دانتي
أنفك هو أنف افلاطون
شفتاك هما شفتا سقراط
أسنانك/ أسنان هانيبال
رقبتك هي رقبة الموناليزا
يداك هما يدا هرقل
عمودك الفقري هو العمود الفقري لكولومبس
قضيبك هو قضيب باخوس
عروقك هي عروق بابل
صدرك هو صدر المسيح
بطنك وظهرك هما بطن ثور آشوري وظهره
ردفاك هما ردفا حصان
وركاك ورجلاك هما وركا بغل ورجلاه
ما من عضو يا والت ويتمان في جسدك
ليس عضواً لإله
أن الزمان ليستر جسدك كلّه
وأنت المسيح يوماً بعد يوم
أمريكا
وحيدة كطابور
تعال خلّصها من أدناسها يا والت ويتمان.
نصيف الناصري
-----------------------
قصيدة طويلة.
https://www.facebook.com/3174077182...SpWpqbiXw5tR9QZ7v9LFfG1HTPXcplCw&__tn__=EHH-R
"نريد المزيد من المال
فليس عندنا ما يكفينا والحياة
أقصر من أن نضيعها ونحن فقراء
المال في كلّ أشكاله الجميلة
عملة الهمود الحمر الباهتة
وعملة الايرلنديين الذهبية البراقة
والمحارات التي تغمض عيونها وتفتحها على شاطىء الفجرّ
والثيران المصبوغة
والروبية ذات الألوان العشرة" 2.
أمريكا، أتذكر جورج بوش وكلبه غورباتشوف. لقد درّبه على أن يدق جرساً ثم يعطيه عظمة وبعد فترة قصيرة تعلم غوربي وسال ريقه كلما سمع الجرس. هذا هو ما يسمى بالنظام العالمي الجديد. أمريكا، ابنة الكلبة. ألمح في ماديسون سكوير أزهار فحم راسخة وفتيات بنميات وهايتيات ومكسيكيات ينتحبن تحت شمس باردة ويأكلنّ فاصولياء معلبة منذ 3 سنوات. ألمح ازرا باوند يكتب على مدفع قديم:
"في هذا الشارع
المتاجرة بجورب قديم
حلّت محل العناية بالزهور المقدونية".
ألمح ادغار الن بو يصرخ بوجه تمثال الحرية:
"هل أستطيع أن أضم الغادة القديسة التي يسميها الملاك ليونور؟
أعانق الطاهرة المشعة التي يسميها الملاك ليونور".
أمريكا، لماذا تآمر نيكسون وشركة الطيران الأمريكية واسبيدو اغينو وستروم ثرمود وجون ميتشيل ووالتر كرونكيت وهيئة اذاعة كولومبيا والاذاعة الوطنية وهيئة الاذاعة الأمريكية ومليون من العقول الغبية لاحراق مدينة شيكاغو؟ يا أرض الدم والعظام. يا كومة عظام عالية تهبّ منها رياح حارة وفجائع راسخة وأرتال من النمل تنطُ وتطفر في الخراب. مستنقعات زنخة تتقيأ فيها التماسيح. حشود هيبيز عارية في الشوارع والأنفاق. مذابح وحشية لا تعرف الظل. أمريكا ، هنا حنيناتك المطفأة ونعيق غربانك واندحارك الوشيك وعواءات كما نشيد وحشي ، كما أصداف حنكليس على ضفاف هارلم. أمريكا، عيون المارينز التي تترك النهار حائراً بطيوره الكونكريتية وأجساد مثقوبة في أكياس من بلاستيك أخضر. أمريكا، سيقان من خشب. بطون مبقورة كعلب صفيح ووجوه لا ميسم لها. أمريكا، العالم ميت في نظامك الجديد. العالم يحترق في مؤامراتك الخبيثة. هل الجرائم والأفيون ورقصة الروك جزء من مؤامرة عراقية ضد مصالحك؟ أمريكا، من أين تحصل خزائنك على ملياراتها؟ هل حقاً حربك ضد العراق نظيفة أكثر مما يجب؟ أمريكا، أن أفكاري لا أجدها عند ماو تسي تونغ أو عند ستالين أو عند هوشي منه، بل وجدتها في أشعار السياب. أمريكا، حين يشتد قصفك الصاروخي، أحتمي في حفرة مغطاة بناموسية ممزقة وأحدق في صورتك التذكارية:
جورج بوش في الوسط
الى يمينه ديك تشيني
الى يساره الجنرال شوارتزكوف
وخلفهم الدبّابات والطائرات والمدافع والسفن الحربية والجنود والجنرالات، كلّهم يحملون قذاراتهم وعار جرائمهم وعلى وجوههم خيبات واندحارات. أمريكا، شمسك الوحشية تسطع على عارك ونذالاتك، وأقمارك السود تتعثر بخوذات وأثداء مطاطية، وجزمات بسيقان مقطوعة. آهٍ، يا لخرابك، يا لأبواقك الوحشية. غرورك يفني الليل والدالية. أرضك التي من رماد. غيومك التي من بازلت، شدقك،مراصدكِ
أسنانك الفولاذية. أمريكا، أنت هبوب شظايا طوال العام. تفتحين صباحي بقذيفة. تغمضين عيني بشظية. أمريكا، موت مفتوح على جبال مميتة حيث أضواء ربيع تتصحر وحيث يلمع صخر الدم في هبوبه الكريه. أمريكا، عدم، عدم، عدم. وجوه تتلاشى حين ألمحها وعواء ذئاب في شقق سكنية تحت سماء قاحلة ومشروخة تلوح في الظلام، وبعد طلوع القمر العقيم أبحث وسط الأنقاض. أبحث محموماً عن وجه أو ذكرى. عن صدى أغنية وسط الأسلاك الملغومة. أبحث. أهذي. يتبعني موتي. لا وجه لا ذكرى. القمر العقيم يرحل. النجوم تهوي. أبحث عن صيحة. عن حشرجة.أمريكا،"أحصيتُ موتاي
أحصيتهم كلّهم
أحصيتهم واحداً واحداً
أحصيتهم في بيروت
أحصيتهم في الفاو
أحصيتهم في تونس
أحصيتهم فوق جبال حاج عمران
أحصيتهم في فيتنام
أحصيتهم في بنما
أحصيتهم في غرينادا
أحصيتهم في هاييتي
أحصيتهم في الصومال
أحصيتهم في كلّ الخنادق
في كلّ الحدائق
في ودائع الدفن
في أنقاض البيوت التي هدمتهاالصواريخ".
أمريكا
أمريكا
يا حفارة قبور
يا حديداً يحترق
يجفف العطر والحنين
يا صحراء جاثمة على أعناقنا
يا كهفاً في الجرح
يا قوادم فولاذ
يا مقصلة
يا عفونات
يا فناء
يا صخراً يتشظى في العيون
يا تمثال تبغ
يا برد خسارة
يا شريعة رمل
يا وصية سفاح
يا أياماً ظالمة
ليس لي سوى صرخة دفنتها فوق جبال العراق. أمريكا، يا أرض الأسلاك والأنابيب والموازين والبكرات، هاهم آلهتك يفركون أكفهم المرتعشة وهم يطيرون في الجوّ. انني ألمحهم، هاهم الآن يهبطون فوق ناطحات سحاب. ألمح ملائكتك السود يهبطون ببراشوتات فوق أبراج كنائس شبيهة بباذنجان عتيق
"سأخرج اليك أولاً أيتها البائسة الجميلة أيتها الكلبة. سأقول هاكِ العطف والحبّ والشهرة، هاكِ المشهد الذي تحبينه، هاك الكتب التي تحررها النساء وعلى وجه التحديد الفتيات البالغات الرشد اللاتي يدفعن مذكراتهن اليومية الموجزة للنشر على هيئة روايات".
أمريكا، هاكِ هذه الجريمة الجميلة من أجل أحلام سعيدة، من أجل غد أفضل لك ولأطفالك وكهنتك وجنرالاتك وكلابك:
1- باتسي خادمة من سان فرانسسكو
2- توم: رجل من مشيغن
باتسي وتوم يعملان لحساب سيدة متطفلة على الفن تدعى ويلا مكورد التي تصنع نوافذ ملونة الزجاج. لقد واجهت كلّ من باتسي وويلا مشاكل جنسية حادة. ترحل باتسي تاركة تعليقاً وداعياً بعد عشر صفحات من مناجاة النفس على غرار مولي بلوم. كان زوجها الخصي يحدث جلبة حين يبتلع الطعام، اضافة الى قدميه كريهتي الرائحة. كانت ويلا قبيحة الوجه ومن طراز النساء اللاتي يرتعبن من الرجال. انها تتسلّق هذا المبنى الضخم بعد نهاية الاسبوع مع امرأة من جامايكا تدعى اورو، صاحبة البشرة الزنجية. عندما تعود الى البيت بعد هبوط الظلام. يكون الزوج العاجز المغفل توم بانتظارها في المدخل لايقاع العقوبة بزوجته الخائنة باتسي. ينهض توم بينما هي تجتاز المدخل وينقض عليها بقوة حتى أن الصرخة التي أطلقتها، احتبست في حنجرتها وبدت كانها نحيب. تموت وظهرها نحوه وعندما تسقط صريعة على الأرض، يساعدها في ذلك ثم يكتشف انها ويلا المسكينة وليست زوجته.
المسافرون الى نيويورك يعودون بذكريات واضحة:
1 – جندي مقطوع الرأس يصيح في الزحام
2- بغل مجنون يتأرجح ببرج كنيسة.
"أيها المسيح
من ذا جاء بك الى هذه الطريق؟
من هم القتلة الذين فصلوا يديك الخيرتين
اللتين لمستا البرص بحنان
ووضعتا مرهم الحبّ الشافي؟
من هم أولئك الشياطين
الذين قطعوا وشوهوا قدميك المقدسين؟
من هم أولئك الأوغاد
الذين أرجحوك كطائرة من ورق ممزقة؟".
3- دبابة تسير وتقود حماراً من رقبته، وأكثر العميان الذين تطرق عصيهم على حجر الأرصفة هم سود، وفوق كلّ ناطحة سحاب مجنون. كلّ المجانين يقضون ساعات على الأفاريز. ليس هناك فرو ثعالب ، لذلك لم تحمله وتتباهى به الفتيات. نيويورك ممتلئة وهي تكرر نفسها فيعلق بعض خرابها في الذهن. أنا أيضاً عدت من نيويورك. ذاكرتي تضم قذائف تطير في جميع الاتجاهات. هنا، أمام نافدة، شوارع فيها محلات للوشم ينقشون فيها جلود الموتى وحيوانات مفترسة تسير جماعات جماعات تحت الأرض. في الجانب الآخر يقسمون انهم شاهدواتمثال الحرية يطير بين أعمدة الكونكريت. هنا، رسام وشم يغير الابر والجلود ويعلق النماذج على مصطبته. هنا، امرأة بدينة تنسم لنفسها بمروحتها على رصيف محطة.
"أيها المسيح
لقد أمطروا القنابل على الأماكن العامة
المدارس
المستشفيات
الكنائس
الملاجىء
المقاهي
على أمواج دجلة والفرات .
الحرية………………
لمن؟
هي لك من على الصليب".
أمريكا
أمريكا
عبر هبوب برد الكونكريت والألمنيوم والاعلانات الصدئة، تهب عفوناتك صوب وجهي، وهذه الدمامل يقطين يحجب الشمس. أموت بلا موت، أنزف بلا نزف، أبحث عن نبع وفي هارلم لا توجد موجة. لشدقك مذاق الكبريت، ليديك شكل القيد، لعينيك رائحة البارود. درعك الفولاذي تذرق فوقه الغربان. كنت تضطجعين على صخرة وحين أيقظتك نسيت اسمكِ. لكِ كلّ الأسماء وليس لي سوى نشيدي.
أمريكا، هل حقاً "أعلنت بول اندرسون نائبة رئيس شركة ترانس تكنولوجي أن شركتها قررت وقف تصدير الغازات المسيلة للدموع الى اسرائيل؟" 3
يا معرّية العظم والأحلام، يا طاردة الفجر والقرنفل، يا حسرة هولاكو وجنكيز خان.
لا المسيح
لا البابا
يعرفان مكانك. يا أرض الشر كلّه.
هل حقاً يستيقظ المنعزل في زريبة قبل الحصان والخنزير؟ هل حقاً يستيقظ قبل ابراهام لنكولن؟
ألمح ناراً طاغية فوق شعابك الصخرية، فوق مياه الهدسن وحقائب المارينز.
أمريكا،"عندما ينظر نصيف الناصري الى امرأة ويتعارفان. تكون الشفاعة هي التعرّي من الأسماء. اسمح لي أن أكون شفيعتك ، انها كلمات انخيدوانا الشفيعة، لكنّه خضع للقوانين وأحبّها فكوفئ بالاخصاء وأفضل من ذلك الجريمة. أين كنت ؟ ما اسمك؟ وما اسمي أنا؟ هل سبق أن أعددت خططاً للصيف ولكلّ صيف في وول ستريت منذ عشرة أعوام مع نانسي كوفن التي كانت لها شمعتان تأتي العصافير لتشرب منهما الضياء؟ وهل قالت لي كولالة في الطرف الشرقي من الكيسنبورغ: لا تقل للهواء / هناك دائماً آب أم انها قالت ذلك لآخر نسيته أم انني اختلقت القول ولم يقله لي أحد؟ هل سرت في نهر الهدسن متحدثاً وحدي مع الريح المجنونة، ولدى وصولي الى غرفتي وهي دائماً غرفة، ألم تتعرف عليّ المرايا؟ وهل شاهدنا من فندق بلازا الفجرّ راقصاً مع شجر الكستناء.: لقد تأخرنا كثيراً. هل قلتِ ذلك وأنت تسرحين شعركِ، في حين كنت أرى لطخات على الجدار ولا أقول شيئاً؟ هل صعدنا معاً الى قمة البرج؟ هل شاهدنا الماء يسيل من فوق الرصيف؟ هل أكلنا عنباً في تايمز سكوير؟ هل اشترينا أزهار غاردينيا؟" 4
أمريكا
أمريكا
يا أرض العظام النخرة والقار والقيء، يا أرض أسماك السلمون العفنة، يا أرض عفونات عرانيص الذرة
يا أرض الجاز والنمل، يا أرض الديناصورات والتنانين.
"لا للقوارب النيسية القديمة
لا للمجد الذي كان يوماً اثينا
ولا العظمة التي كانت يوماً روما"5
هذه الرقصات الوحشية المسلحة كسطوع الذهب جميعها لأجفانك الثقيلة كيعاسيب. الآن في انطلاقات الرعد، يتقدم الموت الحيّ ويلتهم الحشرجات.
أمريكا تتفسخ
أمريكا تتعفن
أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمريكا أمعيكا أمعيكا أمنيكا أمعيكا أمنيكا أمنيكا أمنيكا أمعيكا أمعيكا أمنيكا من يخرجها من شباك الموت ويرفع عنها الرماد والأوبئة؟ من يخرج في ليل الريح ويجمع شظاياها؟ من يضع حجارة على جثث قتلاها؟
تكرار الغزو دمّر أمعيكا عبر سنين تاريخها، فما أن يغادر عدو حتى يجمع آخر قواه ليهدد من تبقى من سكانها. عندما خلت السماء من النسور واجه الناس انتشار الأفاعي،وانقراض العناكب ترك الذباب يطير أسراباً سوداً، كما أن الانتصار على النمل الأبيض جعل المدن تحت رحمة الارضة. الأنواع المتضاربة أنهاها الموت فاندثرت قدرة الناس فيها على شق الدروع والحراشف وعلى الاطاحة بالأجنحة والريش. من البداية ولسنين طويلة لم يكن من مؤكداً أن النصر سينتقل الى آخر نوع مقاتل ضد امتلاك الانسان للمدن، وهو الفئران. من كلّ جيل من أجيال القوارض. تخلق البقية الضئيلة التي تنجو نوعاً أسوأ يمتنع على المصائد ويقاوم كلّ أنواع السموم. خلال بضعة أيّام أعيد اسكان خياطي أمريقا مع حشود من الفئران المنتشرة. أخيراً– وفي مذبحة كبيرة دمّر الناس ببراعاتهم المتنوعة في القتل قوى الحياة الهائلة للأعداء. أمريقا وهي مقبرة كبيرة لمملكة الحيوان أغلقت. تم تعقيمها بعد دفن آخر الجثث مع آخر البراغيث وآخر جراثيمها. الانسان أخيراً– أعاد اقامة نظام العالم الذي أربكه بنفسه. لا يوجد نوع آخر من الأحياء يثير الريبة بعد الآن، ولكي تتذكر أمريقا ما كان فيها من الحيوان. تحتفظ رفوف مكتباتها بمجلدات دارون وكافكا. أخيراً – هذا الذي صار يعتقد فيه سكان أمريقا وقد ابتعدوا عن تصور نهوض الحيوانات القديمة من سباتها. لقد أبعدت الى مناطق نائية وأماكن خفية ومنذ أن استقروا على انعدام الأحياء. حيوانات أخرى بدأت تعود الى النور من سراديب المكتبات، حيث يحتفظون بالكتب القديمة. كانت تقفز من من رؤوس الأعمدة ومن أنابيب المجاري وتهبط على أسرة النائمين.
عنقاوات
تنانين
خطافات
وحيدات القرن
فيلة
ديناصورات.
أمريكا، حفاظاً على كرامتك القومية المصابة بالانفلونزا،اخرجي قواتكِ العسكرية من بساتين ورود وحقول قمح بلادنا حتى يعود الله الى جحيم معابدنا ويستأنف رحمته العظيمة. اخرجي فيالقكِ الغازية كلها، حتى ننظفُ بالجرافات أوساخ أكاذيبكِ الكبيرة. نريدُ الآن أن نحطم أخلاقياتكِ الحقيرة وندفنُ نتاناتكِ كثيرة الأقراط الاستعمارية. أيتها المتطرفة والمقفلة مثل حمار يستهلُ سيمفونيته بتغطيس قنابل النابالم في دبر صباحات العالم. حين تقوم طائراتكِ الحربية بقصف بيت في "مدينة الثورة" أو "الفلوجة". تتصدع الكثير من طوابق مبنى "الامباير ستيت". يطير الاوز العراقي خائفاً من صليات رشاشات جنودكِ المخربة شَعر جداولنا وأبنية أزماننا القديمة. ليست بلادنا طروادة، ولا زيوس ربّ الأرباب ربّنا. نحنُ 5 شعوب و5 لغات و4 أديان وآلاف المذاهب والعقائد، ولا تنفع معنا وصفات سياساتكِ التي يطبخها رجال ال CIA وجنرالات البنتاغون الأغبياء في أقبيتهم السرية. أميركا، من أجل الحفاظ على كرامتكِ القومية المصابة بالانفلونزا الآن . يجب تقديم أحمد الجلبي المحرض على "قانون تحرير العراق" الى المحاكمة بسبب خديعته للسيناتوريين ومليارديرات مجلس الشيوخ . يجب محاكمة كنعان مكية لخديعته وتوريطه الرئيس جورج دبليو بوش وحمقى البنتاغون ووزارة الخارجية بقوله:"سيستقبلكم الشعب العراقي بالورود والحلوى". ينبغي الآن بعد أن ظهرت الوعود خلباً. محاكمة عبد الباري عطوان وصحيفته "القدس العربي" لدفاعه عن قاتل الشعب العراقي وتحريضه على قتل الفلسطينيين اللاجئين في العراق. ينبغي محاكمة الاخوان المسلمين في قناة "الجزيرة" الذين يحرضون ويدلّون أَفاعي "القاعدة" على أعشاش البلابل في أعالي أشجار نخيل العراق. أميركا، اخرجي قواتكِ العسكرية من نسيم وآمال أغنيات بلادنا الآن، وضعي مشروع "الشرق الأوسط الكبير" في المرحاض. 600 ألف انسان قُتل في العراق منذ غزوكِ. 600 ألف وردة قُطفت قبل أوانها."فوضاكِ الخلاّقة" ستدمر اقتصادكِ وتغلق بنوككِ. ستفتقرين حدّ اللعنة حين لا يجد دافع الضرائب ما يدفعه لميزانيتكِ العسكرية. نشكركِ الآن باخلاص عظيم لخلاصنا من سيف الطاغية صدام حسين، ومنجل قتل حكمه الفاشي. نشكركِ على خلاصنا من الموت السري في مقابره الجماعية التي لا يعرفها إلاّ جامعة ومخابرات الدول العربية وقناة "الجزيرة".
نريد الآن النوم من دون دويّ مدافع وصواريخ تمزق حرير أحلام أطفالنا نريد أن ننظف شوارعنا ومتنزهاتنا من نفايات فيالقكِ العسكرية المدرعة. نريد أن ندفن قتلانا ونرمم بيوتنا ومدارسنا ومستشفياتنا ومتاحفنا. أمطارنا وعصافيرنا وفراشاتنا غادرت البلاد وسلاحفنا وزهورنا ماتت كلها من القتل والجوع وتركت الرعود مهماتها في سمائنا لقنابلكِ الذكية وغير الذكية. لا نريد ديمقراطيتكِ التي تشظي أحلامنا ومنجنيقات شوارعنا المشجرة بالهموم. غزوكِ لبلادنا خرطوم طويل يشفط مليارات بترولنا منذ سنوات. كيف يشعر الانسان براحة تامة وأنباء جرائمكِ تملأ نجوم العالم؟.هل يستطيع أطفالنا الذهاب الى شموس المدارس، والسيارات المفخخة تنثر أشلاء أجسادهم في الشوارع المصابة بالسرطان؟
أمريكا، "أن نموت ملسوعين بثعبان الكوبرا 6
ليس كما نموت بطعام خنزير فاسد.
بعضهم يموت غرقاً في المستنفعات
أو في البحار.
بعضهم يموت على يد رجل أشعث الشعر في سواد الليل.
هناك موت كالذي أصاب ساحرات جان دارك
هناك موت مرعب كالذي أصاب بوريس كارلوف
وموت بلا احساس، كالموت عند الولادة".
لكننا الآن نموت بالآلاف في أمكنة العمل والجامعات والمطاعم والمساجد. نموت في أعقاب كل سيارة مفخخة يتم تفجيرها في الريموت كونترول عن بعد. نموت بالآلاف في أحزمة ناسفة يرتديها شبّان قدموا من مغاور في القرون الوسطى الى بلادنا ليصفوا حساباتهم مع أميركا. ماذا نفعل الآن مع الميليشيات المسلحة وفرق الموت السنية والشيعية؟ الرجال البواسل الآن في بلادنا المريضة أقمارها وحكمتها. ينسون ادامة أحلامهم الانسانية ويقتلون بعضهم بعضاً في الأمكنة النائية والمنعطفات المظلمة الوعرة باسم المذهب، وشعار قناة التلفزيون الحكومية:
"اخوان سنة وشيعه
هذا الوطن منبيعه".
من طيزي.
ناكوا عرض الوطن باسم الدين.
الميليشيات وفرق الموت الطائفية . الانتحاريون وسيارات التفخيخ جعلت أجساد الناس تتناثر وتتشظى في الشوارع مثل جلود وعظام التصليخ. الحياة التي كنا ننتظرها على الطريقة الأمريكية جعلت فتياتنا ينمن منقبات ويمشين الى الأسواق والجامعات منقبات وأغلقت أحزابنا الدينية المتطرفة التي حرمها نظام صدام الديمقراطية، دور السينما البارات مخازن الموسيقى المتنزهات وسيطرت الحكومة على "شبكة الاعلام" التي أسسها "بريمر" لتكون على غرار ال بي بي سي ويتم تمويلها من الضرائب العامة. قنوات للقتل والتحريض على القتل باسم الدين والديمقراطية الأميركية. قنوات فضائية شيعية قنوات فضائية سنية قنوات فضائية لقطع الرؤوس وثقب الأجساد قنوات للخطف والتفخيخ قنوات لعبد القادر الكيلاني
قنوات لآهل البيت "اللطم والعويل 24 مرة في العام في مناسبات مواليدهم وقتلهم". قنوات للوهابية، قنوات للبعثية، قنوات للثيران، قنوات للهتلية، قنوات للسرسرية، قنوات لخنازير وهتلرية القومية.
"نحن لا نكرهكِ 7
هل نكره الرعد المؤذي اللعوب؟
هل نكره فك الحمار المتشظي ؟"
من الذي هدّم ثكنات قواتنا المسلحة وسرّح الجيش والبوليس؟ من الذي ترك حدودنا مفتوحة الأبواب لوحوش "القاعدة "؟ اصابات كثيرة ومؤلمة يتلقاها أطفالنا وشيوخنا من رشاشات المارينز وأفواج الخيّالة في كل آنٍ. مستقبلنا أصبح الآن خلفنا، وانساننا يكاد أن يخرج عن فطرته السليمة بسبب القهر والذل والقتل. لم يتعود الناس في بلادنا أن توضع الأكياس السود فوق رؤوسهم وأيديهم مربوطة الى الخلف في الحبال. هل ننسى جرائم اغتصاب فتياتنا الصغيرات؟ هل ننسى فضائحكِ وجرائمكِ الوحشية في سجن "أبو غريب"؟ هل ننسى قصف طائراتك ومدافعك الخطأ وهو يدمر منازل الفقراء ويقتلهم في المدن والقرى؟ اميركا، اخرجي قواتكِ العسكرية من ليل بلادنا.
الهوامش والتعليقات
1- ازرا باوند
2- ماري كامبل
3- خبر نشر في مجلة "الوطن العربي" عدد 299 في 16 آيار 1988
4- من قصيدة لاكتافيو باث وقد جرى تحوير لملائمة الغرض
5- ادغار آلن بو.
6 و 7 غريغوري كورسو
……………………………………………………………………………
1- الأرض خراب وكلّ خراب: أمريقا
2- نيويورك / هارلم / بروكلين / الن غينسبرغ يعيش في عربة قطار 1965
3- كانت مستعدة للزواج منه بعدما تقدم ليطلب يدها، لكن ابنها الذي أصبح كاهناً وتربى متكبّراً أجبرها على أن تعد بعدم الزواج. عندما توفيت مرّت جنازتها أمام مخزنه خارج نيويورك. كان المسكين بعينيه المبتلتين يرفع قبعته بيده عندما مرّت السيارات أمامه ومن عربة الجنازة كان كاهن حليق شاب بصدرية عالية ينظر اليه بسواد مدلهم كالغيوم.
4- أمريقا ، لماذا تحتشد في فمك الصراصير؟
5- القتل مقرف حين تكون الحرب فوق ناطحات السحاب. على القتيل أن يحفر قبره بين الهواء وبين الظلام.
6- أمعيكا، لماذا تتغوّط القذائف فوق رؤوس رجال الأعمال؟
7- أمنيكا، أقاليم قذرة وشوارع ضيقة سود مليئة بنفايات وحيوانات ميكانيكية ميتة وبيوت ذات دهاليز تفوح منها روائح البول وأدراج مظلمة تؤدي الى منعطفات ضيقة والى غرف كئيبة تتسابق فيها الفئران والصاصير مع قاطنيها من البشر للاستحواذ عليها. أمريكا، مرثيات تفوح بروائح فواكه وأطعمة متعفنة. مياه آسنة. قاذورات. قاذورات تامة بينما قطة بلون مياه المرحاض تحاول نبش بقايا رأس سمكة في احدى الحاويات.
8- نيويورك / واشنطن / البنتاغون / الكونغرس / البيت الأسود / الكابيتول / CNN / ناسا. بول براز رطب. سموم.
9- كان من الممكن أن يحدث ذلك قبل مدة أطول لو كنت مقيمة في بلادي، لكني أمضيت الستينات في عالم روجيه فاديم وكنت شقراء باهداب اصطناعية، ومع أن البعض يرفض التصديق إلاّ انني كنت دائماً أدافع عن الولايات المتحدة الأمريكية ولم أكن أتحمل أولئك الفرنسيين الذين كانوا يوجهون لي السؤال التالي:- "ماذا تعتقدين عن القرى الفيتنامية؟" لقد كنت أرد عليهم:-"هذا غير صحيح" وهذا بالضبط ما كان يقوله لي أبي فيما بعد، وكان يجب أن يحل عام 1968 باحداثه العاصفة في الولايات المتحدة وانتفاضة الطلبة في باريس لكي أبدأ بالتأمل، وأخذت أقرأ عن الحرب. كان زواجي على وشك الانهيار فعدت الى البلاد واتصلت بسام براون الذي كان آنذاك رئيس لجنة تأجيل التجنيد وقلت له:- "أنا جين فوندا بماذا يمكنني مساعدتكم؟".
9- يا والت ويتمان
دعني أصلي لك هذه الصلاة الفرعونية:
لك التجلة يا والدي المقدس
يا من تملك وجودك باعضائك
انك لم تتلف
انك لم تصبح دوداً
انك لم تضمحل
انك لم تصر عفناً
انك لم تفسد
وانك لم تتحول الى رماد
رأسك هو رأس هوميروس
وجهك هو وجه جون دن
عيناك هما عينا شكسبير
اذناك هما اذنا دانتي
أنفك هو أنف افلاطون
شفتاك هما شفتا سقراط
أسنانك/ أسنان هانيبال
رقبتك هي رقبة الموناليزا
يداك هما يدا هرقل
عمودك الفقري هو العمود الفقري لكولومبس
قضيبك هو قضيب باخوس
عروقك هي عروق بابل
صدرك هو صدر المسيح
بطنك وظهرك هما بطن ثور آشوري وظهره
ردفاك هما ردفا حصان
وركاك ورجلاك هما وركا بغل ورجلاه
ما من عضو يا والت ويتمان في جسدك
ليس عضواً لإله
أن الزمان ليستر جسدك كلّه
وأنت المسيح يوماً بعد يوم
أمريكا
وحيدة كطابور
تعال خلّصها من أدناسها يا والت ويتمان.
نصيف الناصري
-----------------------
قصيدة طويلة.
https://www.facebook.com/3174077182...SpWpqbiXw5tR9QZ7v9LFfG1HTPXcplCw&__tn__=EHH-R