فوائد لغوية نقلا عن الأستاذ سعد عبدالرحمن

نقلا عن الأستاذ سعد عبدالرحمن

سألني بعض الأصدقاء : هل يجوز وصف الجمع بالمفرد ؟
و الجواب : يجوز إذا كان الموصوف غير عاقل ، و في القرآن أمثلة على ذلك مثل : فيها (كتب قيمة) ، و لي فيها (مآرب أخرى)، و شروه بثمن بخس (دراهم معدودة)، فالموصوفات ( كتب و مآرب و دراهم ) جموع و صفاتها ( قيمة و أخرى و معدودة ) مفردات .

***

يقول بعضهم و يكتبون : عرايا جمعا لعريان ، و حواري جمعا لحارة ، و أديرة جمعا لدير ، و مكائد جمعا لمكيدة ، و مصائب جمعا لمصيبة ، و نوادي جمعا لنادي ، و تعساء جمعا لتعيس ، و أحفاد جمعا لحفيد ، و كل ذلك خطأ .
و الصواب أن يقولوا و يكتبوا : عريانون جمعا لعريان ، و حارات جمعا لحارة ، و أديار أو ديورة جمعا لدير ، و مكايد جمعا لمكيدة ، و مصايب جمعا لمصيبة ، و أندية جمعا لنادي ، و تاعسون و تعساء جمعا لتاعس ( فلم يسمع من العرب تعيس ) ، و حفدة جمعا لحفيد .

***

فائدة لغوية
يقول و يكتب بعضهم : سوف لن أنسى الموضوع ، و هذا خطأ لأنه لا يحسن الفصل بين سوف و الفعل بلن ، كما أن كليهما ( سوف و لن ) تدل على الاستقبال و لا يجوز أن تجتمع على الفعل أداتان تؤديان نفس الدلالة فواحدة منهما تكفي.
و الصواب إذن أن نقول و نكتب : لن أنسى الموضوع أو سوف لا أنسى الموضوع.

***

اللت في اللغة أصله خلط الدقيق بالماء وأما العجن فهو تكرار الخلط مع التقليب للحصول على قوام العجين المناسب لنوع الخبز الذي سيصنع منه .
و في لهجتنا الدارجة نقول : " فلان بيلت و يعجن " كناية عن أنه شخص ثرثار يكثر من تكرار ما يقوله من الكلام ، و نقول أيضا : " فلان لتة من عجينة " كناية عن أنه شخص تتمثل في أخلاقه و سلوكياته كل سمات أبويه .

***

يقول بعضهم و يكتبون : ( الكلام الغامض هو الغير مفهوم ) أو ( الأمر المستحيل هو الغير قابل للتحقق ) ، و هذا خطأ .. لماذا ؟
لأن ( غير ) في اللغة كلمة مستغرقة في الإبهام و من ثم لا يجوز دخول ( ال ) عليها ، و الصواب أن ندخل ( ال ) على المضاف إليه بعدها فنقول و نكتب :
الكلام الغامض هو غير المفهوم ، و الأمر المستحيل هو غير القابل للتحقق .

***

الأمنيّة (بتشديد الياء) و تجمع على الأمانيّ معناها ما يتمناه الإنسان و يشتهيه ، و لها معان أخرى لا يعرفها الكثيرون ، فالأمنية تعني الكذب و على هذا المعنى جاء قول أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه و أرضاه : (ما تمنيت منذ أسلمت) أي ما كذبت منذ أسلمت ، و الأمنية أيضا تعني التلاوة و جاء على هذا المعنى قوله تعالى : (إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) أي إذا تلى ألقى الشيطان في تلاوته .

***

يظن بعضنا أن تأنيث لفظ " أول " هو فقط " أولى " على وزن فعلى مؤنث أفعل كما في كبرى مؤنث أكبر و صغرى مؤنث أصغر ، و لكن هناك أيضا صيغة أخرى لتأنيثها هي " أولة " ، جاء في لسان العرب عند الكلام على مادة " آخر " أن أبا العباس ثعلب حكى : هن الأولات دخولا و الآخرات خروجا ، و الأولات مفردها الأولة .
و عليه فإن استعمال الشعراء الشعبيين عندنا و شعراء العامية للفظة " الأولة " في مواويلهم استعمال فصيح و مثال ذلك قول بيرم التونسي الذي تغنيه السيدة أم كلثوم : الأولة في الغرام و الحب شبكوني ، الاختلاف فقط يكمن في نطق اللفظة بكسر الواو لا فتحها .

***

غري بي هذا الشيء و يغري أي لصق بي و يلصق ، و أغراه بالأمر يغريه أي حببه فيه و قربه إليه كأنه ألصقه به ، و فلان مغرى بفلانة أي مولع بها كأنه لصق بها ، و أغرينا بينهم أي ألصقنا بينهم ، و في القرآن الكريم : أغرينا بينهم العداوة ؛ أي جعلناها تلصق بينهم ، و في حديث عمرو بن سلمة : فكأنما يغري بصدري أي يلصق به ، و كل هذه المفردات اشتقت في الأصل من مفردة ( الغراء ) ، و الغراء مادة لاصقة عرفها الإنسان من زمن قديم ، و كان كيف يستخلصها من الطبيعة سواء من جلود الحيوانات و حوافرها أو من بعض النباتات .

***

قد يمر بك خبر فتنفيه و قد يمر بك خبر فلا تصدقه فهل هناك فرق بين النفي و عدم التصديق ؟ ، يقول العلامة عباس محمود العقاد :
إذا مر بك خبر فجزمت بنفيه فأنت مطالب بالدليل ( الدليل الذي أقمت عليه نفيك للخبر ) و لكنك إذا مر بك خبر فلم تصدقه فأنت تطلب الدليل ( أي أن على غيرك أن يقيم لك الدليل على صحته : صاحب الخبر أو ناقله ) .

***

يظن بعضهم أن الفعل ( تفرعن ) بمعنى بلغ أقصى الحد في التجبر و العتو من كلام العامة و هو في الحقيقة تعبير عربي فصيح فاللغة العربية من مزاياها قدرتها الفائقة على التصرف فيما جاءها من مفردات الثقافات الأخرى و صبها في قوالبها الصرفية الخاصة بها ، و اسم ( فرعون ) عرف في الثقافة العربية من زمان قديم و لذلك اشتقت منه اللغة العربية : تفرعن فرعنة و تفرعنا و هو متفرعن ، و كل عات متمرد فرعون كما ورد في لسان العرب لابن منظور و في تاج العروس للزبيدي ، و جاء في أساس البلاغة للزمخشري : فيه فرعنة ، و من المجاز : ( تفرعن ) النبات أي نما نموا ملحوظا ، و بخصوص الاشتقاق من أسماء الأعلام فإنه وارد بل هو كثير في الجاهلية و الإسلام و قد جاء في أساس البلاغة للزمخشري : ( تجاحظ ) فلان في كلامه أي تشبه بالجاحظ ، و قيل في وصف ابن الفرات وزير المقتدر العباسي : كان كريما سخيا سريا ( يتبرمك ) في أيام وزارته أي يتشبه بالبرامكة .

***

كثير من الناس بل من الكتاب و الأدباء لا يفرقون بين الفعلين ( لها ) بالألف في أخره و ( لهي ) بالياء في آخره و أزعم أن بعضهم يظن أن الكلمة الثانية خطأ إملائي لأنه لا يعرف إلا ( لها ) التي يكتبها ( لهى ) .
و ثمة فرق بين الفعلين فالأول ( لهي ) بالياء من ( اللهي ) بمعنى السهو و النسيان تقول : ( لهي الطالب عن دروسه ) أي سها عنها و أغفلها ، و ( لهيت عن الموضوع ) أي سهوت عنه و أغفلته ، و ( ألهيته ) أي جعلته يسهو و يغفل ، و من هذا المعنى قول امرئ القيس في معلقته :
فمثلك حبلى قد طرقت و مرضع .. فألهيتها عن ذي تمائم محول
أما الثاني ( لها ) بالألف فهو من اللهو أي اللعب ، تقول ( لهوت به ) أي لعبت به و الملهى مكان اللهو ، و من هذا المعنى قوله تعالى : ( إنما الحياة الدنيا لعب و لهو ) .
و اسم الفاعل من الفعلين ( لاه ) لكن المعنى المقصود يتبين من خلال السياق اللغوي الذي وردت به الكلمة : هل هي ( لاه ) بمعنى ساه أم هي ( لاه ) بمعنى لاعب ؟ .

***

بعضنا يستنكف استخدام كلمات تجري على ألسنة العامة ظنا منه أنها غير فصيحة مثل الفعل " موّت يموّت " بتشديد الواو و يفضل عليه في الاستخدام " أمات يميت " ، و الواقع أن الفعلين فصيحان و إن كان الفعل ( أمات ) يتميز بوروده في القرآن ( و أنه أمات و أحيا ) ، و الشاهد على فصاحة الفعل " موّت يموّت " الذي يستخدمه العامة قول بشار بن برد :
يموّتني شوقي و تحييني المنى .. فلا أنا حيّ في الحياة و لا الردى
فلا تثريب على المتكلم أو الكاتب أن يستخدم " موّت يموّت " بتشديد الواو كما يستخدم " أمات يميت "

***

مترجمون لا يعرفون لغتهم

لا أزال أقرأ لخلق كثيرين من المترجمين و الكتاب المعروفين عبارات من هذا القبيل : (و لهذا فإن المرء...) و لا أدري ما موقع الفاء بعد ( و لهذا) من الإعراب ، و ( مع ذلك فإن..) أو ( على الرغم من ذلك إلا أن....) و لا أعرف محل ( إلا أن) هذه بعد (على الرغم) من اللغة السليمة ، أو قولهم (حتى و لو) ، و ( طالما أن) في موضع ( مادام) أو ( كلما فعلنا ذلك كلما أرضينا به الناس) فيكررون ( كلما) في شطري العبارة على هذا النحو السقيم .
و لا يزال هذا الفريق من المترجمين و الوسطاء و المقتبسين و المنتحلين تفرد لهم الصفحات الطوال في الجرائد و المجلات و تقدم أسماؤهم في رؤوس الإعلانات ليتحدثوا عن الأدب بجملة أنواعه و يحللوا الأساليب تبعا لمذاهبها عندهم أو مذاهب الذين ينقلون عنهم أو يلخصوا روايات لأكبر أدباء الغرب بأسلوب لا أدب فيه و لا جمال شع من بعض نواحيه و كله عند العرب صابون كما يقول المثل أو هي أسماء سميتموها أنتم و ناشروكم و أصحاب صحفكم و مجلاتكم .

المترجم الكبير عباس حافظ ( مقالة بعنوان الترجمة أصعب من التأليف - مجلة الرسالة الجديدة عدد يونيو 1957 ) .

***

ينطق العامة " إسماعيل " و هو اسم أعجمي هكذا " إسماعين " فيبدلون النون باللام ، و يظن بعضنا أن هذا خطأ ، و الأمر في الواقع غير ذلك فالكلمتان صحيحتان و لذلك قال اللغويون قديما : اللام و النون تتعاقبان على اللفظ الواحد و هما صنوان ، يقول الراجز القديم :
قالت جواري الحي لما جينا .. هذا و رب البيت إسماعينا
فلا بأس أن ينطق الناطق أو يكتب الكاتب " إسماعين " بدلا من " إسماعيل " .

***

من أشهر معاجم اللغة تداولا بين أيدي الطلاب و الناشئة معجم ( مختار الصحاح ) لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي المتوفى سنة 660 ه‍ / 1261 م , و ينطق كثيرون اسم المعجم خطأ فيفتحون الصاد و يشددون الحاء في المضاف إليه ( الصحاح ) بينما نطقها الصحيح بكسر الصاد و فتح الحاء دون تشديدها لأن ( الصحاح ) هي جمع ( صحيح ) ، و سمى الرازي معجمه بهذا الاسم لأنه اختصر فيه معجم ( تاج اللغة و صحاح العربية ) لإسماعيل بن حماد الجوهري المتوفى سنة 393 ه‍ / 1003 م ، و يشتهر معجم الجوهري اختصارا باسم ( الصحاح ) أي الكلمات الصحيحة في اللغة العربية ، لذلك فإن معجم ( مختار الصحاح ) هو معجم يضم ما اختاره الرازي من معجم ( الصحاح ) للجوهري من مفردات .
و يعد معجم ( الصحاح ) للجوهري أو ( تاج اللغة و صحاح العربية ) إذا سميناه باسمه كاملا من أوائل ما صنف من معاجم في اللغة العربية ، و يصف ياقوت الحموي مؤلفه بأنه " كان عالما فطنا ذكيا " .
و من الطريف أن تقرأ أن الجوهري صاحب معجم الصحاح مات طائرا و تفسير ذلك أنه حاول الطيران فأخفق و سقط ميتا و محاولته الطيران تعد أسبق من محاولة عباس بن فرناس لكن للشهرة أحكام .

***

يصر معظم الإعلاميين في التليفزيون المصري و قد انتقلت العدوى منهم إلى كثير من المتحدثين بوصف فيروس كورونا ب(المستجد) و ينطقون الكلمة بفتح الجيم و هي في سياق استخدامهم لها خطأ لغوي فالصواب نطقها بكسر الجيم لأن الوصف هنا ( المستجد ) اسم فاعل من الفعل استجد .

***

من أدوات الاستثناء التي لا يعرفها أغلب دارسي اللغة العربية لأنها نادرة الاستخدام ( ليس ) .
قال أبو بكر الزبيدي في كتابه ( طبقات النحويين و اللغويين ) : فبينا سيبويه يستملي على حماد بن سلمة ( أستاذه الأول ) قول النبي صلى الله عليه و سلم : " من أصحابي من لو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء " فقال سيبويه : ليس أبو الدرداء ظنا منه أنه اسم ليس فقال حماد : لحنت يا سيبويه ، ليس هذا حيث ذهبت ، إنما ليس هنا للاستثناء .

***

تقول (أعييت) أي أصابني الإعياء إذا كنت تقصد أن الجهد و التعب بلغا بك مبلغا تداعت بسببه قواك البدنية .
و تقول (عييت) مخففة إذا كنت تقصد أنك تحيرت في معالجة أمر من الأمور و انقطعت حيلتك في التصدي له ، يقول الشاعر :
سكت عن السفيه فظن أني .. عييت عن الجواب و ما عييت

***

يتعامل أغلبنا مع كلمة ( ثقب ) بضم الثاء و سكون الثاء على أنها مفردة ( ثقوب ) و في الواقع هي جمع و مفردها ( ثقبة ) بضم الثاء أما ( ثقب ) بفتح الثاء و سكون القاف فتجمع على ( أثقب و ثقوب ) . و يتعامل أغلبنا مع كلمة ( ذباب ) على أنها جمع ( ذبابة ) و في الواقع هي مفرد و جمعها ( ذبان ) بكسر الذال و تشديد الباء و العامة حين ينطقونها يجعلون الذال دالا فيقولون ( دبان ) .

***

تلحق التاء المربوطة ( و تنطق هاء عند الوقوف عليها بالسكون ) كثيرا من الأسماء لتبيان أنها أسماء مؤنثة كفاطمة و رقية و غزالة و حمامة ( تأنيث حقيقي ) و كراسة و ورقة و حكمة و كلمة ( تأنيث مجازي ) و تسمى هذه التاء بتاء التأنيث .
و لكن هذه التاء إذا لحقت الصفات لا تلحقها لتبيان أنها مؤنثة و إنما تلحقها لتكثير الصفة أي للمبالغة مثل : نابغة ( أي شديد النبوغ ) و داهية ( أي شديد الدهاء ) و علامة و فهامة ( أي كثير العلم و كثير الفهم ) و همزة و لمزة ( أي كثير الهمز و كثير اللمز ) و هكذا .

***

كتبت مرة في مقالة ( مثلما ينمي الحب في القلب ) فجعلها المصحح اللغوي ( ينمو ) ظنا منه أن ينمي ( خطأ ) ، و في اللغة ( نما و نمى ) الأول من ( ينمو ) و الثاني من ( ينمي ) و إذا كان هناك من يفرق بينهما على أن الأول بمعنى يكبر ويسمن و يرتفع و الثاني بمعنى ينتشر و يزيد و يشتد ، فإن هناك من يجعلهما بمعنى واحد بوصفهما لغتين مختلفتين لنفس المعنى ، يقول مجنون ليلى :
ياحب ليلى لا تغير و ازدد .. و انم كما ينمي الخضاب في اليد
و يقول زهير بن أبي سلمى :
ألم يأتيك و الأنباء تنمي .. بما لاقت لبون بني زياد ؟
و في الحديث الشريف : تنمي كما ينمي الدود

***

يقول بعضهم و يكتبون : (لم أفعل هذا أبدا) ، و (لن أفعل ذلك قط) و التعبيران جانبهما الصواب .
و الصواب أن يقولوا و يكتبوا : لم أفعل هذا قط ، و لن أفعل ذلك أبدا ، لأن (قط) ظرف يفيد استغراق النفي في الزمن الماضي أما (أبدا) فهي ظرف لتأكيد النفي أو الإثبات في الزمن المستقبل .

***

يقول بعضهم و يكتبون : عرايا جمعا لعريان ، و حواري جمعا لحارة ، و أديرة جمعا لدير ، و مكائد جمعا لمكيدة ، و مصائب جمعا لمصيبة ، و نوادي جمعا لنادي ، و تعساء جمعا لتعيس ، و أحفاد جمعا لحفيد ، و كل ذلك خطأ .
و الصواب أن يقولوا و يكتبوا : عريانون جمعا لعريان ، و حارات جمعا لحارة ، و أديار أو ديورة جمعا لدير ، و مكايد جمعا لمكيدة ، و مصايب جمعا لمصيبة ، و أندية جمعا لنادي ، و تاعسون و تعساء جمعا لتاعس ( فلم يسمع من العرب تعيس ) ، و حفدة جمعا لحفيد .

***

يكتبون و يقولون : ( هذا أمر ملفت للنظر ) ، و يقولون و يكتبون : ( و قد أكد على الأمر أكثر من مرة ) ، و يقولون و يكتبون : ( يجب تلاشي هذا القصور ) ، و التعبيرات السابقة كلها جانبها الصواب .
و الصواب أن نقول و نكتب : ( هذا أمر لافت للنظر ) لأن الفعل ثلاثي ( لفت ) و ليس ( ألفت ) و اسم الفاعل منه ( لافت ) و ليس ( ملفت ) ، و ( أكد الأمر أكثر من مرة ) لأن الفعل ( أكد ) يتعدى بنفسه و ليس بالحرف ( على ) ، و يجب تلافي القصور ) لأن ( تلاشى ) فعل لازم و معناه زال و فني أو انعدم و ليس معناه كما يظن تدارك الأمر كما يظن البعض .

***

كثير من الكتاب و المثقفين لا يعرفون للفظ ( الجهل ) إلا معنى واحدا هو أنه ضد العلم أي قلة الدراية و تدني المعرفة و على هذا المعنى جاء قوله تعالى : إنما التوبة على الذين يعملون السوء بجهالة ، و قول أمير الشعراء أحمد شوقي : بالعلم و المال يبني الناس ملكهم .. لم يبن ملك على جهل و إقلال
و في الواقع إن للفظ ( الجهل ) في لغتنا معنى آخر هو ( ضد الحلم ) أي السفه و الطيش و من هذا المعنى اشتق مصطلح (الجاهلية) الذي يطلق على عصر ما قبل الإسلام فالجاهلية لا تعني عصرا خاليا من المعرفة و تنقص أهله الدراية و إنما تعني عصرا زاخرا بالسفه و الطيش (و كانا يتمثلان بوضوح في العصبية القبلية الشديدة ) ، و على هذا المعنى جاء قوله تعالى : و أعرض عن الجاهلين ، و قول الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم في معلقته :
ألا لا يجهلن أحد علينا .. فنجهل فوق جهل الجاهلينا .

***

الفعل (يريد) أحيانا لا يعني الإرادة أي النية و الرغبة في الفعل و إنما يعني قرب حدوثه ، و على هذا المعنى الخاص ورد في قوله تعالى من سورة الكهف : ( فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض ) أي يكاد أو يوشك أن يسقط .

***

يقول كثير من الكتاب و المثقفين و يكتبون : (ناقشنا كافة الاحتمالات) ، (كافة الظواهر تدل على ... ) و هكذا ، و هذا خطأ لأن من خصائص (كافة) أنها لا تضاف إلى غيرها و لا تدخل عليها (أل) و تكون دائما منصوبة على الحال ، لذلك فالصواب أن نقول و نكتب : (ناقشنا الاحتمالات كافة) ، (الظواهر كافة تدل على ... ) و في الآية 36 من سورة (التوبة) نقرأ مصداقا لذلك قوله تعالى : (و قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) .

***

يقول بعضهم و يكتبون : عانيت تجربة مريرة بمعنى مرة و هذا خطأ لغوي لأن مريرة لا تعني في صحيح اللغة مرة و إنما محكمةو قوية و متينة ، و منها قول البحتري في داليته البديعة التي يصف فيها الذئب :
طواه الطوى حتى استمر مريره .. فما فيه إلا الروح و العظم و الجلد

***

"الحرب سجال" بمعنى مساجلة أي يتناوب فيها الطرفان النصر و الهزيمة دون حسم و الكلمة مأخوذة من السجل ( بكسر السين و سكون الجيم ) وهو الدلو الذي يملأ بالماء ثم يفرغ ثم يملأ و هكذا دواليك .

***

يقولون و يكتبون : أثرى المكتبة العربية بمؤلفاته ، .. تقديرا لإثرائه الحياة الثقافية ، لقد أثريت الجلسة بمداخلتك .
كل هذه التعبيرات خطأ ..... لماذا ؟
لأن الفعل ( أثرى ) ليس فعلا متعديا و إنما هو فعل لازم و معناه (غدا أو أصبح ثريا ) تقول : ( أثرى فلان ) أي أصبح من أصحاب الثروة ، واسم الفاعل منه ( مثر ) و استخدام ( أثرى ) على أنه فعل متعد من أشهر الأخطاء على ألسنة المتحدثين و أقلام الأدباء و الكتاب في هذا العصر ، و الصواب أن نستبدل به في مثل تلك التعبيرات الفعل ( أغنى ) لأنه فعل متعد فنقول و نكتب : أغنى المكتبة العربية بمؤلفاته ، .. تقديرا لإغنائك الحياة الثقافية ، لقد أغنيت الجلسة بمداخلتك .

***

يقول بعضهم و يكتبون خطأ : تزوج فلان من فلانة ، و الصواب أن يقولوا و يكتبوا : (تزوج فلان فلانة) لأن (تزوج) يتعدى بنفسه فلا حاجة إلى (من) .
و يقول بعضهم و يكتبون خطأ : (تحريت عن الأمر كثيرا ) ، و الصواب أن يقولوا و يكتبوا : (تحريت الأمر كثيرا) لأن (تحرى) فعل يتعدى بنفسه فلا حاجة إلى (عن) .
و يقول بعضهم و يكتبون خطأ : (شكوت أمس من صداع شديد ) ، و الصواب أن يقولوا و يكتبوا : (شكوت أمس صداعا شديدا) لأن (شكى) يتعدى بنفسه فلا حاجة إلى (من) .

***

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى