نقوس المهدي - عبدالفتاح الذي يقرأ كل شيء

على سبيل التقديم

مهما حاولنا الكتابة عن التجربة النقدية والابداعية للباحث المغربي عبدالفتاح كيليطو، فإننا لن نفلح في الالمام بها باية حال من الاحوال. ذلك ان كيليطو يتعامل مع القارئ ليس كأستاذ بل كشريك في الكتابة، ومدقق للعديد من الانساق النقدية، والمفاهيم الدلالية التي كانت تلقن بطريقة تقليدية ونمطية وآلية عقيمة، وعمل على اخضاع العديد من المتون التراثية العربية العتيقة التي كنا إلى أمد قريب نتعامل معها على أنها حكايات خرافية للتسلية وتزجية الوقت، لمبضع التحليل، وازاحة غبار السنين عنها، وتشريحها بطريقة يقظة وذكية، اعتمادا على ضوء مناهج النقد الحديثة، واستنادا الى آراء ارسطو وعبدالقاهر الجرجاني وابن طياطيا والمبرد، والآمدي، وابن رشيق القيرواني، واعتماده لأنساق بنيوية شكلانية الحكاية الخرافية عند فلاديمير بروب، وباختين، وغاستون باشلار، ورولان باث، وتودوروف، ولوسيان غولدمان
وقد شبه عبدالكبير الخطيبي تلك النصوص باميرة نائمة منذ أزمنة بعيدة سعى عبدالفتاح كيليطو إلى إيقاظها وبعثها بلين من كمونها الطويل- باعتماد القراءة الإحيائية للثقافة الكلاسيكية التي ظل القارئ ينفر منها بأسباب ملفقة، وتحبيبها للمتلقي بطرقات ساحرة، وبالتالي تمحيص غرابة الخطاب الادبي وفك معمياته وأسراره، والغوص بين تلافيفه، وتحليل بعض الخرافات التراثية والعديد من الحكايات الشعبية من كتاب الليالي وكليلة ودمنة والمقامات والبخلاء والسير التاريخية وشخصيات خيالية اخرى، لابي العبر الهاشمي، وابي الفتح الاسكندر اني، وابي زيد السروجي، والحارث بن همام، والسندباد، وابن رشد الحفيد، والجاحظ، وابي العلاء المعري، والحريري، والهمذاني، والزمخشري، وابن الزيات، وأبي المطهر محمد الأزدي وغير ذلك من المواضيع التي كنا نعتقد الى حدود عقود يسيرة بأنها احجيات ونوادر ساذجة بسيطة من اساطير الاولين، وحكايات مسلية وفارغة من اية دلالة ومعني.
لا أكاد اجزم بعد كل هذه التقدمة عن عبدالفتاح كيليطو اني توصلت لتعريف محدد أو تسويغات تصنيفية لتبيان المرتبة الاعتبارية والمشرفة التي يستحقها الرجل في النقد العربي الحديث

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى