ألف ليلة و ليلة د. فهد حسين - تأويل الحكاية في كتاب العين والإبرة لعبدالفتاح كيليطو (1- 3)

من قرأ للباحث البروفيسور عبدالفتاح كيليطو أيا من كتبه لا شك في أنه غاص في أعماق الأسئلة والإشكاليات التي يطرحها، وعبر قراءة مجموعة من أعماله تصل إلى نتيجة مهمة مفادها أن كيليطو باحث قادر على استنطاق النصوص القديمة بمناهج حديثة مازجا بين التحليل والتأويل، وبين المتعة التي يتلقاها القارئ في أثناء قراءة أي عمله له، وقد أكد ذلك عبدالكبير الخطيبي حين قدم لكتابه المعنون بــ الأدب والغرابة فقال: "عندما يحدثنا كيليطو عن الحريري أو عن الجرجاني أو عن ألف ليلة وليلة، فإنه يسعى بالتأكيد إلى تحليل بنية المقامة أو بنية النحو العربي أو بنية الحكاية العجيبة، إلا أنه إضافة إلى ذلك يقدم لنا متعة مزدوجة: متعة هؤلاء الكتاب، ومتعة قراءته هو بصفته ناقدا أدبيا. إنها متعة يقظة وماكرة، إنها الابتسامة المقلقة لهذا المحلل ". ص8


والمعروف أن حكايات ألف ليلة وليلة دخلت العالم العربي وباتت في خزينة الحضارة العربية وثقافتها الحديثة على يد أنطوان جالان في أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، وهو الأمر المؤلم والمؤسف أن تذهب بعض ذخائر الحضارة العربية للغرب؛ لأننا لم نهتم بها ولم نعرها أي اهتمام حضاري أو ثقافي أو معرفي، لم تكن في غرف الدرس، ولا على مشرحة النقد، بمعنى أن كتاب الليالي لم يكن ذا بال عند العرب أو في الثقافة العربية إلا متأخرا، وبالتحديد في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وبالأخص حينما بدأ الغرب في ترجمته وقراءته ودراسته بوصفـه عملا فنيا وإبداعيا، إذ كان وقعه كبيرا في أوروبا، ومن هنا بدأ الاهتمام بالكتاب والحرص على طباعته وقراءته، ودراسته في الثقافة العربية.

أسئلة لا بد منها

أشار الباحث إلى مجموعة من الأسئلة نتيجة لقراءة الحكايات، مثل: هل أحد منا في العالم العربي قرأ كتاب حكايات ألف ليلة وليلة كلها؟ أم قرأ منها حكاية هنا وحكاية هناك؟ أم لم يقرأ شيئا، وإنما سمع بعض القصص؟ وهل قراءتها ذات جدوى أم لا فائدة منها؟ فهناك قراء مختلفون ومتباينون: قارئ يبحث في الحكايات عما هو غريب وعجائبي بغية التسلية، وقارئ يلج في الحكايات بهدف التسلية وقتل الفراغ، وقارئ ثالث يبحث عما يحتاجه في حياته من عبر وقيم ومثل، وقارئ رابع ينظر للحكايات بوصفها تراثا ثقافيا لا بد من تخزينه في الذاكرة الثقافية، وتوظيفه بين الحين والآخر، وقارئ خامس يسعى إلى وضع الحكايات في المقارنة بينها وبين عصره، وفي سياق التجربة والخبرة، ولكن حينما نقرأ الحكايات هل نحن قادرون على تحرير الحكاية من السجل الشفاهي إلى السجل الكتابي؟ وهنا يحضر القارئ النموذجي الذي لا يرضى بالأحكام الجاهزة، بل يسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة بين النص وفهم واستيعاب ما يقوله النص، فالقارئ أما أن يكون متوجها بالفهم نحو النص من خلال اللغة، ومحاولة فهم القصدية بحساسية مرهفة كما نرى في تأويل كيليطو للحكايات، أو الاتجاه نحو النص عبر الولوج إلى الدلالات النصية الكامنة في متاهات الكتابة، وداخل الفجوات التي يحاول القارئ اصطيادها بمعول التأويل، وهي عملية ثابتة قام بها الباحث.

ولكن أيا كانت الأسئلة التي نطرحها على أنفسنا، فإنه يمكن أن تكون لهذه الحكايات أو لغيرها من كتب التراث الإنساني السردي عامة، والعربي على وجه الخصوص إسهامات مهمة في فهم الحياة والمجتمع والإنسان آنذاك المحاط بظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية معينة فرضت على المجتمع أن يكون في حالة ما، وكل الحكايات التي جاءتنا كما يشير عبدالسلام بنعبدالعال، في كتاب الأدب والميتافيزيقا – دراسات في أعمال عبدالفتاح كيليطو هي: " حكايات شرطها الأساس الانتقال بين فضاءين: فضاء المألوف، وفضاء الغريب ".

لِم كان شهريار يقتل النساء؟

وقبل الولوج إلى عوالم هذه الحكايات قد تتبادر لنا حالة من الدهشة أو الاستغراب تجاه سلوك الملك شهريار، وما يقوم به من عمليات القتل، وفي هذا الصدد هناك حكاية في التراث الإنساني وفي التاريخ تقول كما جاء في كتاب العين والإبرة: هناك ملكان أخوان، هما: الملك شاه زمان، والملك شهريار، والاثنان متزوجان، وتحدث لكليهما حادثة، سببها الزوجة، فالملك شاه زمان يصدم حين يباغت زوجته ليراها في حضن عبد من العبيد في القصر، فما تمالك نفسه فقتل العشيقين معا، أما الملك شهريار فقد رأى زوجته في وكر الدعارة بصحبة عشرين جارية وعشرين عبدا، مما جعله يقتل زوجته ويعاقب كل النساء من خلال الزواج بهن ليلا، ليقوم بقتلهن صباحا، فيتخذ شهريار قراره الغريب هذا، والشنيع، القاضي بـأن يقوم كل صباح بضرب عنق المرأة التي يكون قد تزوجها ليلا، حتى قيل أنه قتل خلال ثلاث سنوات ما يربو على ألف امرأة، ص12 – 14، والنساء اللائي كن زوجات له يتم اختيارهن من قبل وزيره، حتى وقع في الأخير على ابنته لتكون ضحية هذه العقدة.

وهذه الحكاية تشبه حكاية في الأساطير كما يرى عالم الأنثروبولوجيا روبير لروي الذي يقول: إن حكاية الملكين شاه زمان وشهريار مثـل حكاية الهنود الكرو، والهنود الهوبي، حيث يقوم الزوج الهندي المنتمي إلى هنود الكرو بجذع أنف زوجته الخائنة، وينتهي أمر علاقتهما الزوجية، أما الزوج الهندي من هنـود الهوبي، فيقوم بأداء الصـلاة طالبا من الآلهة أن توقف الأمطار لكي يحدث الجفاف ثم المجاعة ثم ينقرض النـوع البشري.

هناك حكاية يذكرها هيرودوت وهي لملك مصر " إذ أصيب هذا الملـك بالعمى، وقد أخبره أحد العرافة بأنه قد يستعيد بصره إذا ما غسل عينيه ببول امرأة لم يسبق لها الارتباط برجل آخر غير زوجها– العين والإبرة ص14، ولكن الذي حدث أن الملك بدأ التجربة من زوجته فلم يأت بنتيجة فعرف أن زوجته خانته، ثم بدأ بعد ذلك مع نساء أخريات في المدينة، فكلما جاءت امرأة يكون حالها كحال زوجته، حتى حصل في النهاية على الشفاء وعودة البصر إليه من خلال امرأة واحدة فعرف أنها محصنة نفسها فتزوجها، أما بقية النساء فكان جزاؤهن القتل.

وبالعودة إلى شهريار فإنه بعد العدد الكبير من النساء اللائي ذهبن ضحية عقدة تأصلت في تكوينه النفسي والاجتماعي، ونتيجة أهواء وأمراض كانت مخزنة في جسده وفي عقله ووجدانه، وهذا يعني أنه لم يتوقف عن فعله المشين، ومعالجة حالته النفسية، فستنتهي النساء من مملكته نهائيا، إلا أن شهرزاد غيرت مجرى الحياة، وتاريخ شهريار بعد الزواج منه، لكن الوزير وقع بين خوفين: خوف من القبول، وخوف من الرفض؛ لأنه يعرف النتيجة ومصير ابنته في الحالين، ولكن شهرزاد وافقت تكون فداء العذارى، وبراءتهن، وطهرهن، وتسعى لتقويض سلطة الرجل، والمملكة الذكورية في الحياة والواقع والمجتمع القائمة على البطش والغطرسة وأحادية الرأي والقرار.

وبمعنى آخر كان حضور شهرزاد في حياة شهريار، هو حضور الثنائيات والتقاطبات، إذ تشير الحكايات أن الزواج قد تم، والحكايات رويت بعد ما اتفقت مع أختها دنيا زاد أن تطلبها في ليلة العرس الأولى، ويشير كتاب ألف ليلة وليلة قائلا: " وكانت أن أوصت أختها الصغيـرة دنيا زاد قائلة لهـا: إذا توجهت عند الملك أرسلت بطلبك، فإذا جئت قولي: يا أختي حدثيني حديثا نقطع به الليل، وأنا أحدثك حديثا يكون فيه إن شاء الله الخلاص، ص16، وبهذا تتوالى الحكايات منذ الليلة الأولى، فعاشت شهرزاد عمرها دون قتل بعد ما جعلت حكاياتها مرآة لشهريار ينظر فيها لشخصه وسلوكه من أجل " التغلب على عزلته، وأن يكتسب رؤية جديدة للأشياء، ويتخلى عن حقده ". العين والإبرة، ص145.

ولولا تلك الإمكانات والمقومات التي تملكها شهرزاد وتتمتع بها في السرد وتمثل الحكاية التي منحتها وقتا أطول، وكأنها بهذه الإمكانات تهرب بمصيرها الذي تراه محتوما في أية لحظة، أو أي صباح، وقد نجحت في أن تكون طبيبة لشهريار، تعالجه من مرضه، وتستمر حياتهما الزوجية، فينجبان ثلاثة أبناء، و شهرزاد ليس لديها ما تسرده وتقوله، بقدر ما تلمكه من قدرات ومعرفة في طريقة رواية الحكاية لجعل المتلقي ينتظر بشغف لما سيأتي من حديث، ولهذا كانت تتمتع بقدرة فائقة على سرد الحكاية عبر التفنن اللغوي وحضور الدهشة، والانتظار، ومهارات لفت الانتباه وجذب الإنصات، والقدرة على توظيف تقنية سردية في الحكاية، وهي الغرائبية. " فكانت شهرزاد تحرص أن تدرج حكاياتها ضمن الخارق، إذ لا مناص من أن تكـون الحكاية عجيبة وغريبـة، أن تقديم الحكايـة باعتبارهـا مدهشـة ومذهلة " العين والإبرة ص15-16، وجعل المتلقي في حالة توهج وانتظار قلق، كما أنها كانت تتمتع بجمال الشكل والروح، وهذا ما حصل إلى شهريار فعلا، فمنذ الليلة الأولى بعد أن أدركهم الصباح داخلت في نفس شهريار رغبة الانتظار ومعرفة المزيد، " فقالت لها أختها: ما أطيب حديثك وألطفه وأعذبه، فقالت لها: وأين هذا مما سأحدثكم به الليلة المقبلة إن عشت وأبقاني الملك، فقال الملك في نفسه: والله ما أقتلها حتى أسمع بقية حديثها "كتاب ألف ليلة وليلة ص18. وهذا الذي قامت به شهرزاد، وسكوتها الذي يوحي بأن هناك كلاما مهما سيقال بعد فترة الانقطاع والتوقف.

*********

تأويل الحكاية في كتاب العين الإبرة (2 – 2) .. طبيعة حكايات ألف ليلة وليل

د.فهد حسين

من قرأ كتاب "ألف ليلة وليلة" وعن أي طبعة كانت فسيجد الحكايات الكثيرة والمتشظية والمتداخلة وذات الغرائبية وسيعرف أنها حكايات احتضنت الأحداث والأشعار والمواقف والقصص والحكم والأمثال والعبر والتجارب وخبرات الناس والشعوب التي تأخذنا إلى الماضي والتاريخ، والتراث والإنساني الأدبي والثقافي والجغرافي، وإلى تلك العادات والتقاليد والأعراف التي كانت تمارس بين البشر آنذاك. والحكايات نفسها التي جاءت على لسان شهرزاد بوصفها الراوي الرئيس، فهي تنقل الحكايات شفاهية إلى الملك شهريار، فهي تسرد أخبار رجال الدول والملوك والوزراء وحاشيتهم، ومن يرتبط بهم من عامة الناس، ورجال الدين والفقهاء، والحكماء، والأطباء، والشعراء، والصناع، من الرجال، وكذلك النساء اللواتي كان حضورهن توضيحاً لطبيعتهن ودورهن في الحياة العامة والخاصة.

أصل مضطرب

كما ذكرت الحكايات ما له علاقة بالحيوانات والمخلوقات الأخرى، أي تحكي عن الإنسان وما يعترضه في حياته من بؤس وشقاء ومحن، وكيفية التخلص منها عبر قوى خفية أو غريبة. كما تتناول كثيراً من القيم الإنسانية لكي تقدم درساً للسلوك الإنساني، وفي الوقت ذاته تحكي عن الجن والعفاريت والخوارق بأسلوب شائق عجائبي بغية الكشف عن طبيعة التعامل الإنساني من جهة، وتلك الممارسات والأفعال والأقوال التي تسيء إلى تلك القيم والمبادئ والإنسان معاً، وتعمل على تدميرها مادياً ومعنوياً من جهة أخرى، وكذلك عن حياة اللصوص والسراق وأصحاب السوابق من المحتالين والقتلة، وعن ذوات المصالح الشخصية، ولكن كل الحكايات، وفي أية طبعة كانت، ليس لها أصل ثابت وواضح، أي من هو مؤلف هذه الحكايات، بمعنى ليس لها كاتب معروف، كما أن شهرزاد نفسها وهي تسرد الحكايات لم تشر إلى كاتبها إن كان فرداً أم مجموعة من الكتاب، وعلى رغم ذلك فهناك تكهنات ربما غير دقيقة تشير إلى من كتب هذه الحكايات، وأصلها، حيث يقال إن أبا عبدالله محمد بن عبدوس الجهشياري من أصل فارسي، وصاحب كتاب الوزراء هو من قام بتأليف الكتاب، ولكنه لم يكمله لأن المنية عاجلته، إذ أنهى منه ما يقارب 480 ليلة، وهناك من يميل إلى أن أصلها هندي مع وجود بعض الفضل للتراث العربي والفارسي - كتاب ألف ليلة وليلة، ص6-7.

حكايات منقولة

ونعتقد بأن هذه التكهنات ضعيفة، بل لم يؤكدها أحد من الباحثين قديماً أو حديثاً، وشهرزاد نفسها لم تبتكر الحكاية وإنما هي ناقلة لها بدليل قولها حين تبدأ بسردها "يحكى أو بلغني"، وهذا يؤكد أن كل الحكايات التي سردتها لشهريار طوال الليالي كانت حكايات في الأصل غير مبتكرة بحسب قولها، بل ليست من متخيلها أيضاً، لذلك فمهمتها محصورة في طريقة السرد، وفنية الرواية، نسج الحكاية باللغة، وطالما أن شهرزاد ليست صانعة هذه الحكايات، فيعني أنها ليست الراوية الأولى لها، وإنما هناك راو سواء أكان عبر الكتابة قبل حكايتها لها، أم إنها سمعت هذه الحكايات من مصدر شفاهي آخر، أم هي من قامت بقراءة هذه الحكايات المسطرة في الكتب، ومهما كان استقبالها للحكايات، فهي تعتبر الراوي الثاني، أو لنقل راوية من الدرجة الثانية، وشهريار ليس هو المتلقي الأول، وإنما هو الثاني.

أزمنة متعددة للحكايات

وهنا من يرجح أن شهرزاد استقت هذه الحكايات من الكتب والمصادر والمراجع التي تقارب الألف الموجودة في خزانة والدها، وبهذا الترجيح فهي أخذت الحكايات مدونة وليست شفاهية، وحين النظر إلى طبيعة الزمن وعلاقته بالحكايات نجد هناك أزمنة متعددة، وليس زمناً واحداً، وهذه الأزمنة تتمثل في زمن شخصيات هذه الحكايات، وزمن حدوث الحكايات، وزمن سرد الحكايات قبل كتابتها في الكتب المخزنة بخزانة الوزير أو خزانة شهرزاد، وزمن كتابتها، وزمن قراءتها من قبل شهرزاد، وزمن سردها من قبل شهرزاد نفسها، وتلقيها من قبل شهريار، وزمن كتابتها ونسخها من قبل النساخ، وزمن قراءتها بعد طباعتها وتداولها بين الناس الذين تختلف أزمنتهم، وزمن تعدد القراءة من قبل القارئ الفرد.

نصوص ثقافية

وأياً كانت هذه الحكايات، فهي إرهاصات أولى لفن الكتابة السردية عامة، والروائية بشكل خاص، بل نعتبرها نصوصاً ثقافية وليست أدبية فحسب، لذلك هي نصوص مفتوحة غير مغلقة في شكلها، وفي دلالاتها وتراكيبها، وفي سياقاتها المنفتحة على نصوص أخرى، فالحكاية الواحدة لم تحصر نفسها بنفسها، وإنما تنفتح على نص آخر، والآخر يذهب بعيداً لنص ثالث، ثم العودة إلى النص الأول، وهذا الانفتاح هو انفتاح سياقي متعدد نحو معارف متنوعة، وأنساق مختلفة، ثقافية ودينية واجتماعية وأخلاقية وجغرافية وزمانية، ونؤكد على ثقافيتها وأدبيتها في:

1- حكايات داخل ثقافة معينة، وبأزمنة معينة، ولها القدرة على استحضار ثقافات بعض المجتمعات، وعلاقاتها الاجتماعية والإنسانية وظروف واقعها المعيش.

2- ولغة الحكايات تبرز مدلولات ثقافية تسهم في تمظهر قيم إنسانية معنية.

3- وكذلك احتواؤها على الشعر والحكم والأمثال، وهذه قيم ثقافية.

4- اهتمام هذه الحكايات على كشف زيف المجتمع أكثر من الاهتمام ببناء نص لغوي وأدبي، وإن كان يتمظهر ذلك بين الحين والآخر من خلال اللعبة اللغوية، كما في المقامات التي كان هدفها نقد المجتمع.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى