نحمل السن التي سقطت ونلقيها إلى السماء، طالبين من عين الشمس أن تعطِنا سنَّ الغزال بدلاً عن سن الحمار.
هكذا كانت أول مداخلنا الطفولية إلى المعتقدات.. كطقس شبه فرعوني، فيلاحظ أننا ندعو عين الشمس. وما هي عي الشمس، وما دورها في منحنا أسنان بديلة عن التي سقطت؟ هذا الطقس الذي يعلمه الآباء للأطفال، يؤدي إلى فهم أولي لمسألة الموت والبعث. فالسن موت، والبديل الذي ستعطيه لنا عين الشمس هو البعث من جديد. نتعلم كأطفال، أن السن التي سقطت ستعود لتنمو، وهذا مدخل بيولوجي لفهم الذات عبر الأسطورة. والأسطورة هنا ليست أسطورة فقط بل تدمج بين القصة الأسطورية والمعتقد. إذ انها ليست مجرد قصة، بل قصة تربط بين السماء والأرض، وتعطي السماء (عين الشمس) قدرات التأثير على أبناء الأرض بما لها من إرادة حرة في فعل الخير أو الشر عندما تشكل عالمنا. عين الشمس هنا هي الله، ورغم أن العين أصغر من الشمس، باعتبارها جزءً منها، إلا أنها في الواقع أكبر من الشمس، فعين لا تعني آلة البصر، بل روح وجوهر الشيء، الجوهر الخفي، الذي لا نعرف كنهه (الله الذي ليس كمثله شيء، أو الموناد، العلة الأولى، علة العلل..الخ). تستمر الطقوس الوثنية، عبر مسيرة نشأتنا في مجتمعنا، ونتأثر بتلك المعتقدات، فعندما يرف الجفن الأيسر، نعلم بأننا سنرى شخصاً ما كان غائباً عن أبصارنا لوقت طويل. وهذا المعتقد هو ربط سببي غير علمي بين رفيف الجفن، ورؤية شخص غائب، فكأنما الجفن يرقص، متبشراً، والجفن لا يرقص وحده، ولكن لأن القلب (الروح)، شعرت بذلك ثم أعطت علامة مادية، وهذا المعتقد له أصله في الدين (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ (94، يوسف) ... فلا علاقة بين فصل العير ويوسف، ولا رابط بين أي من الجفن وعودة الغائب، فالأمر هنا روحاني محض. وهو المنطق الغيبي الذي يواجه المنطق العلمي. فليس بالضرورة أن نكون متأكدين من أن غداً ستشرق الشمس لأنها أشرقت اليوم أو قبله سوى ملاحظة للتكرار، ثم القيام باستقراء للمعطى وتعميمه. ومن هنا تنشأ تلك المعتقدات، أي من التكرار، فانقلاب النعل على بطنه، ينذر بشر، وربما كان هذا المعتقد ناشئاً من حالة تكرار نزول الكوارث أثناء إنقلاب نعل على بطنه، ومع ذلك فالملاحظة التي تنشأ عن التكرار ليست عاطلة عن الحقيقة دائماً. ففشل شخص في طبخ الطعام، وتعلمه من فشله ناتج عن التكرار، أي تكرار تجربة الطبخ، وملاحظة التغيرات، والربط بين زيادة شعلة اللهب وبين استواء الطعام، حتى لو لم يكن يعلم التفاعل الكيميائي بين النار وجودة الطبخ. غير أننا في المعتقد، لا نستطيع حتى الحديث عن تفاعل كيميائي، إذ تنعدم الروابط المنطقية. فمثلاً، هناك مجتمعات مسلمة تتشاءم من الزواج بين عيد الفطر وعيد الأضحى، دون أي مسوغ ديني. ويبدو أن العديد من الزيجات قد تكرر فشلها، وتم البحث عن قاسم مشترك بينها، فتبين أنها تمت بين العيدين. بالرغم من أن هناك اضعاف مضاعفة من الزيجات الفاشلة التي لم تتم بين العيدين، بل وهناك ملايين الزيجات الفاشلة التي تمت بين العيدين. لكن انعدام وجود قاسم مشترك يمكن أن يكون علة للتكرار، يؤدي إلى القبول بما يتبدى من روابط مهما كا ضعفها. إذاً، فهناك بحث دائم عن علاقة السببية بين الظواهر، ومنذ الإنسان الأول كان هذا البحث هو السبب في ظهور الأديان، التي تربط بين العواصف والزلازل والمطر والخصب، بغضب الآلهة ورضاها، مع ذلك فهذا البحث أيضا هو سبب الإكتشافات العلمية في نفس الوقت. فإذا حار الإنسان في إيجاد علة للظواهر نسبها لقوى خارقة، وإذا وجدها استبعد القوى الخارقة..ويظل الإنسان متقلباً بين الحالين، فهو تارة ميتافيزيقي التصور، وتارة فيزيقي التفكير. وتعتمد العلوم الإجتماعية أيضاً على ذات سند الأسطورة، وهو التكرار الإحصائي، ويحدث ذات التعميم على مستوى التحليل المنطقي...
إذاً فالمعتقدات، ناتج وليست سبباً، والمعتقدات تلعب دورها، في التأسيس لعقل فلسفي، عندما تكون الفلسفة مثالية. فالمرأة التي تأكل من حلة الطبخ مباشرة، تهدد بعصف الريح يوم زفافها، وهذا فأل سيئ، وترك باب المرحاض مفتوحاً يتيح للشياطين والأرواح الشريرة الخروج وأذية اهل المنزل، وتعليق حزمة الثوم على الحائط تمنع الأرواح الشريرة والعين من إصابة أهل المنزل...الخ. وتمتد المعتقدات إلى الزواج والطلاق والإنجاب والموت، ثم الأحلام، والهلوسات الفصامية،...الخ. فالعالم لا يتوقف عن إنتاج المعتقدات، رغم أن الكثير من الأطفال تنبت لهم أسنان حمار ولا تستجيب عين الشمس للغالبية منهم.
هكذا كانت أول مداخلنا الطفولية إلى المعتقدات.. كطقس شبه فرعوني، فيلاحظ أننا ندعو عين الشمس. وما هي عي الشمس، وما دورها في منحنا أسنان بديلة عن التي سقطت؟ هذا الطقس الذي يعلمه الآباء للأطفال، يؤدي إلى فهم أولي لمسألة الموت والبعث. فالسن موت، والبديل الذي ستعطيه لنا عين الشمس هو البعث من جديد. نتعلم كأطفال، أن السن التي سقطت ستعود لتنمو، وهذا مدخل بيولوجي لفهم الذات عبر الأسطورة. والأسطورة هنا ليست أسطورة فقط بل تدمج بين القصة الأسطورية والمعتقد. إذ انها ليست مجرد قصة، بل قصة تربط بين السماء والأرض، وتعطي السماء (عين الشمس) قدرات التأثير على أبناء الأرض بما لها من إرادة حرة في فعل الخير أو الشر عندما تشكل عالمنا. عين الشمس هنا هي الله، ورغم أن العين أصغر من الشمس، باعتبارها جزءً منها، إلا أنها في الواقع أكبر من الشمس، فعين لا تعني آلة البصر، بل روح وجوهر الشيء، الجوهر الخفي، الذي لا نعرف كنهه (الله الذي ليس كمثله شيء، أو الموناد، العلة الأولى، علة العلل..الخ). تستمر الطقوس الوثنية، عبر مسيرة نشأتنا في مجتمعنا، ونتأثر بتلك المعتقدات، فعندما يرف الجفن الأيسر، نعلم بأننا سنرى شخصاً ما كان غائباً عن أبصارنا لوقت طويل. وهذا المعتقد هو ربط سببي غير علمي بين رفيف الجفن، ورؤية شخص غائب، فكأنما الجفن يرقص، متبشراً، والجفن لا يرقص وحده، ولكن لأن القلب (الروح)، شعرت بذلك ثم أعطت علامة مادية، وهذا المعتقد له أصله في الدين (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ (94، يوسف) ... فلا علاقة بين فصل العير ويوسف، ولا رابط بين أي من الجفن وعودة الغائب، فالأمر هنا روحاني محض. وهو المنطق الغيبي الذي يواجه المنطق العلمي. فليس بالضرورة أن نكون متأكدين من أن غداً ستشرق الشمس لأنها أشرقت اليوم أو قبله سوى ملاحظة للتكرار، ثم القيام باستقراء للمعطى وتعميمه. ومن هنا تنشأ تلك المعتقدات، أي من التكرار، فانقلاب النعل على بطنه، ينذر بشر، وربما كان هذا المعتقد ناشئاً من حالة تكرار نزول الكوارث أثناء إنقلاب نعل على بطنه، ومع ذلك فالملاحظة التي تنشأ عن التكرار ليست عاطلة عن الحقيقة دائماً. ففشل شخص في طبخ الطعام، وتعلمه من فشله ناتج عن التكرار، أي تكرار تجربة الطبخ، وملاحظة التغيرات، والربط بين زيادة شعلة اللهب وبين استواء الطعام، حتى لو لم يكن يعلم التفاعل الكيميائي بين النار وجودة الطبخ. غير أننا في المعتقد، لا نستطيع حتى الحديث عن تفاعل كيميائي، إذ تنعدم الروابط المنطقية. فمثلاً، هناك مجتمعات مسلمة تتشاءم من الزواج بين عيد الفطر وعيد الأضحى، دون أي مسوغ ديني. ويبدو أن العديد من الزيجات قد تكرر فشلها، وتم البحث عن قاسم مشترك بينها، فتبين أنها تمت بين العيدين. بالرغم من أن هناك اضعاف مضاعفة من الزيجات الفاشلة التي لم تتم بين العيدين، بل وهناك ملايين الزيجات الفاشلة التي تمت بين العيدين. لكن انعدام وجود قاسم مشترك يمكن أن يكون علة للتكرار، يؤدي إلى القبول بما يتبدى من روابط مهما كا ضعفها. إذاً، فهناك بحث دائم عن علاقة السببية بين الظواهر، ومنذ الإنسان الأول كان هذا البحث هو السبب في ظهور الأديان، التي تربط بين العواصف والزلازل والمطر والخصب، بغضب الآلهة ورضاها، مع ذلك فهذا البحث أيضا هو سبب الإكتشافات العلمية في نفس الوقت. فإذا حار الإنسان في إيجاد علة للظواهر نسبها لقوى خارقة، وإذا وجدها استبعد القوى الخارقة..ويظل الإنسان متقلباً بين الحالين، فهو تارة ميتافيزيقي التصور، وتارة فيزيقي التفكير. وتعتمد العلوم الإجتماعية أيضاً على ذات سند الأسطورة، وهو التكرار الإحصائي، ويحدث ذات التعميم على مستوى التحليل المنطقي...
إذاً فالمعتقدات، ناتج وليست سبباً، والمعتقدات تلعب دورها، في التأسيس لعقل فلسفي، عندما تكون الفلسفة مثالية. فالمرأة التي تأكل من حلة الطبخ مباشرة، تهدد بعصف الريح يوم زفافها، وهذا فأل سيئ، وترك باب المرحاض مفتوحاً يتيح للشياطين والأرواح الشريرة الخروج وأذية اهل المنزل، وتعليق حزمة الثوم على الحائط تمنع الأرواح الشريرة والعين من إصابة أهل المنزل...الخ. وتمتد المعتقدات إلى الزواج والطلاق والإنجاب والموت، ثم الأحلام، والهلوسات الفصامية،...الخ. فالعالم لا يتوقف عن إنتاج المعتقدات، رغم أن الكثير من الأطفال تنبت لهم أسنان حمار ولا تستجيب عين الشمس للغالبية منهم.