علاء الدين كاتبة - في علمِ النقطة

إهداء إلى الشاعر أحمد الحاج

* نَقْشْ

مدَّ الفراغُ صوتَه، وسَم. أسكنَ حرفاً روحَه، وشَم. جهلُ النقطةِ على الرملِ جاءَ حفْرَه، سَعَى إلى خاطِرِه، رسَم.

* مُعَلَّقة

هذي القلائدُ رسمٌ معلّقٌ في الرسم. الرسمُ نقطةٌ والنقطةُ رسم. علمُ النقطةِ قبل حرفٍ مضى؛ رفَّ همسٍ في الضوء يلهو، إن بانَ له قلبٌ سرى.

* الضحِك*

أشرقَ بالضحِكِ، وعلى صوتِه بكى، لا يدري إن جاءَه رسماً، أو صار ضحكاً على قولٍ جوى. على رسلهِ قالبَ قولاً تاركه، وله أثرٌ، على غيرِه قد نوى. قال: النفسُ عينُ النقطةِ للحرفِ إذا خوى، أو سال من بابِ الصمتِ، إلى هاءِ الروحِ دنا.

* في وصلِ الهجاء

بابٌ للفهمِ علَّه ألفٌ؛ طوى الإشارةَ طائعاً همزَه المؤيَّدِ، ولا بدّ من باءِ بوحٍ؛ على غصنِ العذارى بانَ بُلْبُلاً مغرِّدا. بدَا مركبُ رسمِه بدراً، أو بياضاً للحبيب مبدَّدا. هجَا للجيمِ جَهْرَه، وهَجَرَ الفؤادَ للجوادِ الأولِ. دَمْدَمَ في الدَّالِ هَدْمَه، دَهَمَ الدَلِيلَ بهديِّه المُدَلَّّلِ، ومدَّ هاءَه هَوْلاً، هَدْهَدَهُ طفلٌ بالهديلِ مُغمِضُ، أو هبَّ روحاً على رسلهِ هوى، هزَّ وَاوَ المنيةِ، جاءَته خيرَ منجدِ، هو من زَالَ عندَه رسمَه، لعطرهِ شَاءَ زَهْرَ السُكونِ المؤبَّّدِ.


* في وصلِ الخاء

تهبطُ كطائرِ رُخٍّ، يخبُّ ريحُكَ للخلاص، وتخبزُ للخرافةِ أولَ الدخولِ إلى خيلاء الكلام. يهابُكَ الهاءُ حين تنـزعُ منه خِوارَه، والحاءُ يهربُ من خمرِكَ السخيِّ على تخوم صوتِه الخَواء... وأنتَ هذا المخمليُّ كوردِ الخديعةِ، تأتي على خُطى الخريفِ، يخيطُ جناحُكَ الخرابَ للخرَس، و للخليقةِ عند خوفِها من جُموحِ خيال. ثمّةَ خطيئةٌ تجنحُ للخروجِ، من خفاءِ حرفِكَ، حين يعتريه خجلٌ في آخرِ خيطٍ من خمار، فلابدَّ للخلقِ من حرفٍ عصيٍّ، على صوته الرخيمِ ينامُ مجدُ الرُخام، ولا بدَّ للروحِ من خسارةٍ، كي تصحو خواطرُها، خربشةَ طفلٍ يلهو في خِدرِ الإشارة، يخطفها حرفٌ تفتحُ خزائنُه باباً للخلود.

* * * *
أصواتٌ
توضأت بالصمتِ همساً أتى لها.

* شرفة

هي شرفةٌ للغيبِ إذن، يطلُّ بعضي منها عليكِ، أو رَوْحةٌ في القلبِ تمضي؛ سرَّك الذي عادَ طفلاً في الوجدِ، أو غادَ على سفر.


* تعارُج

سمراء تلوّت في خطوها، تسعى، لقلبِ الصحراء بغمدِها عرجَت. إن غفا الوقتُ لصحوِها مرّت، ورسمَ المنيةِ بأملسٍ فطرت. تعارجَ الرملُ في رقصِها إن حنَت، أو جنتِ الرياحُ ظلَّها، وقد محَت. ذات بدرِ أسرت بالديار رسمَها، لمن رأى بعين الكحلِ سرّها، أو بعينه قد سنَت.


* وَجيب

بدت على خَدَرٍ، من سفرٍ تصحو، أو على رفِّ حرفٍ من جنون. عارياً عن ضوئه جئتُ حرفَها، على جذعٍ معلَّقاً في الوجيب. رنّ صوتٌ في الندفِ جرساً، شقّ برداً على سهمٍ من حرير. في القلبِ بوحٌ سرَّ دمعا، مادَ حرفاً في مهدها للنحيب. إن ملتُ غصنَها بكى جفنُ، مسَّ طيفاً على بدرٍ في غدير، أو سعى غَمْضاً إلى ذُبلها، جُنَّ رقصاً في سكون.

* غِواء

أَجُنَّ مَنْ غاغَ و ما رَغَا ؟!.. من غَبّ ماءهُ للغِوى، أو مَطَّ وطئاً على حرفٍ؛ فتأَ الغُنَّة، خوى. أغارَ لُظَّ غائِه طوياً، أم لَجْلَجَ اللسانَ غوى؟ .. يجوسُ من لَدْغِها على رُغمٍ، تأوى في اللوعِ تاوياً، لوى. إذ جابَ لذّتيهِ على غِواهِ غائراً، يومئُ لها السوطَ، جوى. ولَجَّ الجُنَّة على جُرفٍ، عظا اللسانَ، كوى. ما قادَ بَوْحَه سِراً، بلْ لهجَ الوِجاءِ سَوى. قطَّ في وصلهِ خَطوه، على حذوها غَرْغَرَ الغوايةَ، محا. إن جَفَّ نَوْيَهُ على قولٍ، فقد بغى الوشايةَ، وغى. أو صبَّ جُمَّ رّهجِهه على وهجِها، قلّب اللسانَ، لغا.


* عواء

تنادى على أنداده، وقد عوى: أصغوا للنعيبِ الذي طلَّ في وجهِ قمَرْ. هذا القطرُ من نهدها سالَ، وقد ندا؛ وشايةً للعاشقين، ومن كان على سفر.
أطلق العنانَ لعمائِِهِ، داعياً لها السماءَ أن أسقِطي العويلَ تمثّلي؛ لِذي عشقٍ غاظ في عدوهِ العِدا، وفي سيلِ العلوقِ أسقطَ اللوعَ تبدلا. جاءته في القلبِ عوداً، يصطليهِ بِرَجِّ الصدى، تمزّق به النابُ على نأَمٍ في الريحِ، ومن غِيِدِها كَمَدْ. دماؤُكم إن شاءَت أجاءَها باحةً عطرٍ، أو نهاراً يجرفُ موتَاكم، إلى ليلٍ طابَ العويلُ في بدرهِ، وكبَّدْ. إن ثقَبَت عيناها الطريقَ فقد رأت، عيناي تجوسُ في لحمِ الحريقِ، رائحةً طافت، وبجلدها دَنت؛ حَمْحَمةً توقع بنا الطرقاتِ لحناً للعَواءِ، أشرَع طلّه، أو عيناً تهطل سيلاً، في شوكِ اللهيبِ عَلَقْ.
: يا وحوشاً ما قد رأت ؛ شَرْقَ دمعٍ على سرجِ النذيرِ المُزَلزِّلِ، أو عصيَ المنيةِ على قلبٍ، يلعقُ الشوقَ باللَعَبِ المؤجَّلِ.
* نداء

يا امرأةً، باحت بروْحِ عطرها في ليلِ وجعٍ وجنون، ومن جسدٍ غائمٍ أهيمُ بطعمهِ تمرُّ، كما لو يفيضُ بي، أو تطوفُ بي رائحةً؛ تدنوَ بدراً في تقارُنِ وجنتين. أنا ذئبُكِ الذي مضى بأمرٍ مسّه إلى داركِ، وبكى شاكياً من تعب. خذيني إليكِ، كما لو شئتِني عابراً، أو ميْتاً برائحةِ سُكرٍ، تجيشُ بلا إذنٍ في الجسد.

* لسان

نحوي أمالَت جُرحَها، منه جاء لسانيَ.. أتى بوحاً لذاتِه، ندى، ردَّ قولاً ما أصبتُ مِنها فؤاديَ.. هنا في الخلقِ طَلَّ رسماً لها؛ لذاتِ لَذَّةٍ في الرُّوحِ دانية.. بكى طرَباً، فاضَ على صدرِها، ثمّ عادَ وحشاً، ندَّ عن أوتاديَ.. ولي في الشعر نَّدْهََةٌ أعرفها، سَنَت إلى عرشٍ تناهى عن أندادي.

* * * *
ألْسُن

عرّاف: لذّ حرفٌ، على جفرٍ ترَح؛ من قلبِ لُجٍّ ينقطُ رسماً، جرَح.

راوي: ولَجَ الدغلَ طفلاً، كطبلٍ أفريقيٍ حميم، فلجّت له الأرضُ رقصَها، بين لَغيٍ ولُذّْ، تهزُّ من شدّ النفسَ إلى بابلَ، وعن وحشه الذي في الأبيد طرق. هو الآدمي من تناسل اللُغى، أو تلاذَّ بالصوتِ، وفيه قد انحرف، بَلبَل الروحَ على الصروحِ، وقد لظَى، باثنين وسبعين ألف شعبةٍ في اللسان سعى.

عرّاف: أتى حِسَّاً، على سرجِ لذّةٍ لمحْ؛ ضوءَ حرفٍ، رنّ في القلب نقشاً، سرح. جاءَه روحاً، في الوصلِ يصحو، أو رفَّ ظلٍّ قرَح.

راوي: أصغى إلى الجهلِ، به نبرٌ، فأرهف به السمعَ، يطرق على وقعه حجر. صهر الحديدَ الذي من ناره قدح، وعذّب القلبَ لساناً ترح. رأى في الغيمِ وجهاً، يرعى في المرجِ رسماً، صدح.

.... : أهو الروحُ إذا جاء نفساً ذهب، أم دربه في الوصل على حفر الجسد؟

* * * *

القول

قيل عرّافٌ، لأنه أيقن ما قد رأى،
لكنه لم يدعُ أحداً إلى ما قال.
هكذا جاءَ في النقش.

* قولٌ ما

ينثالُ الجهلُ عليَّ فأعرف: أنا الآدميُ الأولُ، إذ جاءني صوتيَ الغائبُ في السحاب. لم يهطلْ وحياً أو مطراً، لكنه أضاءَ قولاً، ثم انطفأ. قال: إن المعرفةَ لغة، أو هكذا جاءَ في القِدم؛ إشاراتٌ نعبرها إذا لمحَت، لكن ضوءَها ليس الطريق.
* قولٌ غيره

إذ جئتُ من الجهلِ، فلا أدري؛ لمن ذهبَ القومُ بماءِ الخلود؟.. وظنّوا أنهم عبروا لعرشِ السحابِ البعيد! وفي الصوتِ الغريبِ خديعةٌ للقلبِ، إذا جاء، أو خشيةٌ من جرحٍ، مسّه هذيُ السماء، فما اللغةُ يا صاحبي إلا ضوءَ سرابٍ، يخشى هذا العماء.


* قولٌ ذَهَب:

كلما مكثتُ في الكهفِ، لأنجبَ قولي، أراني ومن بعده، قد خرجت، فرأيتكم وإيايَ في جوفِ كهفٍ مثلِه، يمتدُّ بلونِ السماء، أو يصمتُ في الغيبِ تارةً، كحبةِ رملٍ صمّاء، فكم هذا الوقتُ مليئاً بالوهمِ، حين يغفو على صفحةِ ماء. هذا السرُّ يا صاحبي ليس عماء؛ من يخبرنا القولَ، إذا سالَ على حرفٍ في الخلقِ، فأضاء.


* قولٌ لي:

سأمضي في قلبِ جهليَ شاردا،ً أمحو ما عرّفته بالأسماء، و أنظرُ بعينِ نسرٍ _ بلا إشاراتٍ تحجبُني _ صوبَ نبضٍ يسري في هذا الفراغ.



أعلى