هناك كم ضخم من التزوير التاريخي، في الأفلام الدينية المصرية، كالرسالة، والشيماء، وخلافه، فمثلا كان أبو لهب ذا وجه قبيح شيطاني، خلافاً للحقيقة فأبو لهب كان من جمال الوجه ولمعان البشرة ما جعل العرب يلقبونه بأبي لهب، أي كشعلة اللهب من الجمال والنقاء.
بالإضافة إلى ذلك، من الواضح من خلال السرد القرآني، والسيرة النبوية، أن الرسول ص، لم يكن لديه حاجب، فكل من هب ودب يدخل إليه، كافراً أو مسيحياً او متسولاً..الخ. ولكنك ستجد أن هناك دائماً حرساً وحاجباً أمام خيمة الرسول في الأفلام المصرية.
أتخيل أن المخرج المساعد قال للمخرج:
- هو النبي كان عندو كل دة يا فندم؟
فيرد عليه المخرج:
- إيه يا عم..هي وكالة من غير بواب ولا إيه.
فالمصريون يهتمون بالمراسم التفخيمية جداً. وأغلب الشعوب العربية كذلك.
فمثلاً المطربة الشعبية ندى القلعة، يزحف وراءها بودي قارد سمين، وعضلاته في الحقيقة مجرد شحم مترهل، ووجه خنزيري قبيح، فندى تقلد المطربين العالميين، مثل ويتني هيوستن رحمها الله وبريتني سبيرز يسر الله لنا رؤية وجهها الصبوح (والفي يدو القلم ما بكتب نفسو شقي).
ففكرة ألا يكون للرسول حاجب، فكرة تتناقض مع العقل العربي المعاصر، الذي يستهيف الشخص المتواضع في المظهر. وبالرغم من ذلك، سنجد نفس المسلمين والعرب، ينفعلون نشوة بصورة وزير أو أمير أوروبي يركب مع العوام في المترو، ويقف في الطابور مع باقي الشعب.
فهناك أشياء تافهة تتحول لأشياء عظيمة. أو تشي بمفاهيم عظيمة. وربما لو كان المخرج المصري، قد طرح الصورة كما هي، اي الرسول يمشي في الأسواق، ويأكل الطعام، لكان ذلك أدعى للتقدير، من تحويله لزعيم عربي معاصر.
كان صديقي من المدمنين على متابعة كرة القدم، وقد جاملته مرة فذهبنا معاً إلى قهوة بمنطقة ستة أكتوبر لمتابعة مباراة في كأس العالم.
لقد كان صديقي يشجع المنتخب الفرنسي بعنف، فسألته عن السبب، قال بأن أغلب لاعبي المنتخب الفرنسي سود البشرة. كان ذلك مبرراً غريباً، فسالته مرة أخرى عن موقفه لو لعب المنتخب الفرنسي مع المنتخب النيجيري، فقال بأنه سيشجع المنتخب النيجيري؛ لماذا، لأنه وبالرغم من أن المنتخب الفرنسي بلاعبين سود لكنهم ليسوا أفارقة أصليين، فسألته، ولكن ماذا لو كان بمنتخب فرنسا لاعب سوداني، قال بأنه حينئذ سيشجع الفرنسي، قلت وماذا لو كان ذلك المنتخب الفرنسي وبلاعبه السوداني سيلاعب المنتخب السوداني، فصاح غاضباَ: خلينا نتفرج وما تمعطنا بالفلسفة؟
أشياء تافهة ولكنها عظيمة، يبدو أن البحث عن الحقيقة أضحى فلسفة، وفقد مطلبه العقلاني، فمن الأشياء التافهة نستخرج الحكمة العظيمة. ومن حديث صديقي، أستخلص توهان الإنسان السوداني في بحر من اللا معيارية، وبنفس ذلك القدر كان صديقان مصريان يعيشان قربي يشجعان دائماً، فرنسا، فسألتهما عن السبب، فقال بأن فرنسا كانت تحتل مصر، قلت مندهشاً، ولكنكما تشجعان من إحتل بلدكما؟ فنظرا نحوي بدهشة وصمتا.
الأشياء التافهة عظيمة حقاً، فهي تضحكني، والضحك هنا هو ضحك ينتج عن كل مفارقة، حتى ولو كانت مفارقة تراجيدية، فعندما يتعثر رجل ويسقط، فهو غالباً لن يهتم بالألم بقدر اهتمامه بألا يتعرض للسخرية، وهذه في حد ذاتها مفارقة المفارقة. والشعوب أغلبها تضيع في اللا معيارية العقلانية، إلا عندما تواجه الموت مواجهة مباشرة. بل وعندما ترى الدم، رأي العين.
ومن هذه الأشياء التافهة، نفهم مجتمعاتنا أكثر من الأشياء العظيمة. من الأغاني الهابطة لا من السيمفونيات، من التعامل في الأسواق لا داخل الفنادق الخمسة نجوم. من الغمز واللمز لا من الشتائم. من سرقة قلم حبر، لا من سرقة طنٍّ من الذهب.
أشياء تافهة ولكنها حقاً عظيمة، إذ تعرف الآخر منها ويعرفك منها الآخر، تبسمك في وجه أخيك صدقة، ولكن احتضانك له ليس بشيء يذكر. قدمت لي فتاة سجارة عندما التقيت بها، لم تكن مدخنة، لكنها إهتمت بأن تحصل على سجارة وتعطني لها لأنني كنت مدخناً، هذه السجارة أهم من حديث حب طويل قد يكون كاذباً برمته، أو وليد عاطفة الصدفة، أو إرتفاع الهرمونات المَرَضي. يهتم كثيرون بما يقال لهم، لكن ما يقال ولو كان عظيما في مظهره، فلن يكون بعظمة الفعل ولو كان تافهاً في مظهره أيضاً، ولذلك نحن لا نعلم حقيقة السياسيين إلا بأفعالهم، أما أقوالهم ففي الغالب مجرد أكاذيب توجه للبسطاء من الغوغاء.. وقد يكون من يشهر سكيناً في وجهك أقل خطورة ممن لا يفعل ذلك. وقد نعلم بؤس الدواخل من مسلك صغير عفوي، ولكنه يكشف كل الصورة الحقيقية لسوء الطوية. وتتخلق الأحكام ثم تترعرع وتتغذى على الأشياء التافهة، ثم تنتج الاحكام السلوك، الذي يبدأ بالأخطر، أي الكيد والدسائس، إلى الأقل خطورة، أي الجريمة المباشرة. لقد أشار القرآن لتلك الأشياء التافهة، (ولتعرفنَّهم في لحن القول). (ينظرون من طرف خفي)، فكل تلك التوافه تحشد خلفها عظيم الخطر من الأحكام، وتُنبي بالنُّذر.
بالإضافة إلى ذلك، من الواضح من خلال السرد القرآني، والسيرة النبوية، أن الرسول ص، لم يكن لديه حاجب، فكل من هب ودب يدخل إليه، كافراً أو مسيحياً او متسولاً..الخ. ولكنك ستجد أن هناك دائماً حرساً وحاجباً أمام خيمة الرسول في الأفلام المصرية.
أتخيل أن المخرج المساعد قال للمخرج:
- هو النبي كان عندو كل دة يا فندم؟
فيرد عليه المخرج:
- إيه يا عم..هي وكالة من غير بواب ولا إيه.
فالمصريون يهتمون بالمراسم التفخيمية جداً. وأغلب الشعوب العربية كذلك.
فمثلاً المطربة الشعبية ندى القلعة، يزحف وراءها بودي قارد سمين، وعضلاته في الحقيقة مجرد شحم مترهل، ووجه خنزيري قبيح، فندى تقلد المطربين العالميين، مثل ويتني هيوستن رحمها الله وبريتني سبيرز يسر الله لنا رؤية وجهها الصبوح (والفي يدو القلم ما بكتب نفسو شقي).
ففكرة ألا يكون للرسول حاجب، فكرة تتناقض مع العقل العربي المعاصر، الذي يستهيف الشخص المتواضع في المظهر. وبالرغم من ذلك، سنجد نفس المسلمين والعرب، ينفعلون نشوة بصورة وزير أو أمير أوروبي يركب مع العوام في المترو، ويقف في الطابور مع باقي الشعب.
فهناك أشياء تافهة تتحول لأشياء عظيمة. أو تشي بمفاهيم عظيمة. وربما لو كان المخرج المصري، قد طرح الصورة كما هي، اي الرسول يمشي في الأسواق، ويأكل الطعام، لكان ذلك أدعى للتقدير، من تحويله لزعيم عربي معاصر.
كان صديقي من المدمنين على متابعة كرة القدم، وقد جاملته مرة فذهبنا معاً إلى قهوة بمنطقة ستة أكتوبر لمتابعة مباراة في كأس العالم.
لقد كان صديقي يشجع المنتخب الفرنسي بعنف، فسألته عن السبب، قال بأن أغلب لاعبي المنتخب الفرنسي سود البشرة. كان ذلك مبرراً غريباً، فسالته مرة أخرى عن موقفه لو لعب المنتخب الفرنسي مع المنتخب النيجيري، فقال بأنه سيشجع المنتخب النيجيري؛ لماذا، لأنه وبالرغم من أن المنتخب الفرنسي بلاعبين سود لكنهم ليسوا أفارقة أصليين، فسألته، ولكن ماذا لو كان بمنتخب فرنسا لاعب سوداني، قال بأنه حينئذ سيشجع الفرنسي، قلت وماذا لو كان ذلك المنتخب الفرنسي وبلاعبه السوداني سيلاعب المنتخب السوداني، فصاح غاضباَ: خلينا نتفرج وما تمعطنا بالفلسفة؟
أشياء تافهة ولكنها عظيمة، يبدو أن البحث عن الحقيقة أضحى فلسفة، وفقد مطلبه العقلاني، فمن الأشياء التافهة نستخرج الحكمة العظيمة. ومن حديث صديقي، أستخلص توهان الإنسان السوداني في بحر من اللا معيارية، وبنفس ذلك القدر كان صديقان مصريان يعيشان قربي يشجعان دائماً، فرنسا، فسألتهما عن السبب، فقال بأن فرنسا كانت تحتل مصر، قلت مندهشاً، ولكنكما تشجعان من إحتل بلدكما؟ فنظرا نحوي بدهشة وصمتا.
الأشياء التافهة عظيمة حقاً، فهي تضحكني، والضحك هنا هو ضحك ينتج عن كل مفارقة، حتى ولو كانت مفارقة تراجيدية، فعندما يتعثر رجل ويسقط، فهو غالباً لن يهتم بالألم بقدر اهتمامه بألا يتعرض للسخرية، وهذه في حد ذاتها مفارقة المفارقة. والشعوب أغلبها تضيع في اللا معيارية العقلانية، إلا عندما تواجه الموت مواجهة مباشرة. بل وعندما ترى الدم، رأي العين.
ومن هذه الأشياء التافهة، نفهم مجتمعاتنا أكثر من الأشياء العظيمة. من الأغاني الهابطة لا من السيمفونيات، من التعامل في الأسواق لا داخل الفنادق الخمسة نجوم. من الغمز واللمز لا من الشتائم. من سرقة قلم حبر، لا من سرقة طنٍّ من الذهب.
أشياء تافهة ولكنها حقاً عظيمة، إذ تعرف الآخر منها ويعرفك منها الآخر، تبسمك في وجه أخيك صدقة، ولكن احتضانك له ليس بشيء يذكر. قدمت لي فتاة سجارة عندما التقيت بها، لم تكن مدخنة، لكنها إهتمت بأن تحصل على سجارة وتعطني لها لأنني كنت مدخناً، هذه السجارة أهم من حديث حب طويل قد يكون كاذباً برمته، أو وليد عاطفة الصدفة، أو إرتفاع الهرمونات المَرَضي. يهتم كثيرون بما يقال لهم، لكن ما يقال ولو كان عظيما في مظهره، فلن يكون بعظمة الفعل ولو كان تافهاً في مظهره أيضاً، ولذلك نحن لا نعلم حقيقة السياسيين إلا بأفعالهم، أما أقوالهم ففي الغالب مجرد أكاذيب توجه للبسطاء من الغوغاء.. وقد يكون من يشهر سكيناً في وجهك أقل خطورة ممن لا يفعل ذلك. وقد نعلم بؤس الدواخل من مسلك صغير عفوي، ولكنه يكشف كل الصورة الحقيقية لسوء الطوية. وتتخلق الأحكام ثم تترعرع وتتغذى على الأشياء التافهة، ثم تنتج الاحكام السلوك، الذي يبدأ بالأخطر، أي الكيد والدسائس، إلى الأقل خطورة، أي الجريمة المباشرة. لقد أشار القرآن لتلك الأشياء التافهة، (ولتعرفنَّهم في لحن القول). (ينظرون من طرف خفي)، فكل تلك التوافه تحشد خلفها عظيم الخطر من الأحكام، وتُنبي بالنُّذر.