•* يطالعُنا الفعل الأول في حركة السرد – في بعض مواضع هذه الرواية الشعرية - بصفة انبثاقية - حيثُ تتولدُ منه مجموعة من الأفعال المتوالية التي تبدو وكأنّها استجابةٌ له . وتشيعُ هذه الكيفية في المناطق السردية التي يصفُ فيها الأبنودي حركة التفاعل بين فلّاح أبنود وأرضه ؛ حيثُ يبدو فعل الحرث والزرع - وإتيان هذه الأرض – فعلا مخاضيًّا يتوحّدُ فيه الإنسانُ بالأرض . نطالع هذه الدلالة في قول الراوي :
" تتشقّق أرض الليل عن خُضرة أعواد الصبح
الرِّجل السمرا في الطين
والفاس في الإيد
ويجري الواحد ..
م الساقية .. للحوض .. للدّرباس .. للجسر
يشيل فرعة علّيق .. يرمي كيماوي ..
يزعق على بقرة ..
ينده على حد ف غيط تاني
تتقفل الدنيا عليه في الحوض
ولا يمكن يشعر بالصبح .. وبالشمس .. وبالمنظر
إلَّا إمّا يحس بقورته بتقطر ..
والفاس متزحلق في إيديه ." 30 )
بدا فعل التشققُ – في الموضع السابق – فعلا مخاضيًّا - تولدت منه خضرة أعواد الصبح ، بما دفع إلى توالي الأفعال في إيقاع سريعٍ يصور حالة الكدح ، وديمومة المكابدة : ويجري الواحد – م الساقية للحوض للدرباس للجسر – يشيل ، يرمي ، يزعق ، ينده . وحين يصل الشاعر إلى فعل النداء ( ينده على حد في غيط تاني ) يتغير مسار الحدث ، حيث تنغلق الدنيا على المُنادي ، ويغلق الزمن أبوابه فلا يشعر بصبح أو بليلٍ إلّا حين يقطر جبينه بالعرق ، وكأنّ فعل الكدح قد تشقق عن عتمةٍ أعادت الذات الإنسانية إلى ليلٍ جديد – ليتشقق بدوره عن صباح جديدٍ - وكأنّ الشاعر قد حمّل فعل النداء مهمة كسر التوقّع وتغيير مسار الحدث ؛ حيثُ صوّر المُنادي مُحاصرًا بالوحدة والصمت بدلا من الاستجابة والتلبية والائتناس ، كما صوره مُحاصرًا بالزمن - المختبئ في مكابدته - حتى نصل إلى الفعل الأخير الذي يضطلع بدور الكشف أو الانفراجة : يحس بقورته بتقطر ، و الفاس متزحلق في إيديه ، وهكذا يتلاقى طرفا الحدث : تتشقق أرض الليل / يحس بقورته بتقطر ، الرِّجل السمرا في الطين / والفاس متزحلق في إيديه.
** من كتاب " مقومات السرد في الشعر الحِكائي ، أحمد سماعين للأبنودي نموذجًا " ، الفائز بالمركز الأول في النقد والدراسات الأدبية ، جائزة عبد الرحمن الأبنودي ، مكتبة الإسكندرية 2020م .
" تتشقّق أرض الليل عن خُضرة أعواد الصبح
الرِّجل السمرا في الطين
والفاس في الإيد
ويجري الواحد ..
م الساقية .. للحوض .. للدّرباس .. للجسر
يشيل فرعة علّيق .. يرمي كيماوي ..
يزعق على بقرة ..
ينده على حد ف غيط تاني
تتقفل الدنيا عليه في الحوض
ولا يمكن يشعر بالصبح .. وبالشمس .. وبالمنظر
إلَّا إمّا يحس بقورته بتقطر ..
والفاس متزحلق في إيديه ." 30 )
بدا فعل التشققُ – في الموضع السابق – فعلا مخاضيًّا - تولدت منه خضرة أعواد الصبح ، بما دفع إلى توالي الأفعال في إيقاع سريعٍ يصور حالة الكدح ، وديمومة المكابدة : ويجري الواحد – م الساقية للحوض للدرباس للجسر – يشيل ، يرمي ، يزعق ، ينده . وحين يصل الشاعر إلى فعل النداء ( ينده على حد في غيط تاني ) يتغير مسار الحدث ، حيث تنغلق الدنيا على المُنادي ، ويغلق الزمن أبوابه فلا يشعر بصبح أو بليلٍ إلّا حين يقطر جبينه بالعرق ، وكأنّ فعل الكدح قد تشقق عن عتمةٍ أعادت الذات الإنسانية إلى ليلٍ جديد – ليتشقق بدوره عن صباح جديدٍ - وكأنّ الشاعر قد حمّل فعل النداء مهمة كسر التوقّع وتغيير مسار الحدث ؛ حيثُ صوّر المُنادي مُحاصرًا بالوحدة والصمت بدلا من الاستجابة والتلبية والائتناس ، كما صوره مُحاصرًا بالزمن - المختبئ في مكابدته - حتى نصل إلى الفعل الأخير الذي يضطلع بدور الكشف أو الانفراجة : يحس بقورته بتقطر ، و الفاس متزحلق في إيديه ، وهكذا يتلاقى طرفا الحدث : تتشقق أرض الليل / يحس بقورته بتقطر ، الرِّجل السمرا في الطين / والفاس متزحلق في إيديه.
** من كتاب " مقومات السرد في الشعر الحِكائي ، أحمد سماعين للأبنودي نموذجًا " ، الفائز بالمركز الأول في النقد والدراسات الأدبية ، جائزة عبد الرحمن الأبنودي ، مكتبة الإسكندرية 2020م .