أ.د. محمد حسن عبدالله - لؤلؤ منثور.. أخلاقيات رفيعة !!

- لؤلؤ منثور
1- اللؤلؤة : أخلاقيات رفيعة !!
"وقال عثمان بن الضحاك الحزامي : خرجت أريد الحج، فنزلت بالأبواء، فإذا امرأة جالسة على باب خيمة، فأعجبني حسنها، فتمثلت بقول نُصيّب :
بزينب ألمم قبل أن يرحل الركبُ .. وقل: إن تملينا فما ملّكِ القلبُ
فقالت: يا هذا ، أتعرف قائل هذا الشعر ؟ قلت: نعم ، نُصيّب، قالت : فتعرف زينبه؟ قلت : لا ، قالت: فأنا زينبه . قلت: حياكِ الله، قالت: أما إن اليوم موعده من عند أمير المؤمنين، خرج إليه عام أول ، فوعدني هذا اليوم، لعلك لا تبرح حتى تراه . قال: فبينا أنا كذلك إذا أنا براكب، قالت: ترى ذلك الراكب ؟ إني لأحسبه إياه ، قال: فأقبل ، فإذا هو نُصيب، فنزل قريباً من الخيمة ، ثم أقبل فسلم حتى جلس قريباً منها ، يسائلها وتسائله أن يُنشدها ما أحدث، فأنشدها . فقلت في نفسي: محبان ، طال التنائي بينهما، لابد أن يكون لأحدهما إلى صاحبه حاجة، فقمت إلى بعيري لأشد عليه ، فقال: على رسلك إني معك ، فجلست حتى نهض معي ، فتسايرنا ، ثم التفت إليّ فقال: أقلت في نفسك : محبان التقيا بعد طول التنائي ، فلابد أن يكون لأحدهما إلى صاحبه حاجة؟ قلت: نعم . قد كان ذلك، قال: ورب هذه البَنية [الكعبة] ما جلست منها مجلساً هو أقرب من هذا "
2- المحــارة :
- هذا الخبر يصور مشهداً نادراً من مشاهد تلاقي المحبين العذريين [أهل الحب العفيف] ، ونُصيب شاعر أموي- وبالمناسبة : زار مصر إبان حكم عبد العزيز بن مروان لها - وهو من أهل العفة العاطفية ، وغزله في امرأة واحدة – وهذا أهم شرائط العذرية في الحب .
- وفي كتاب :" الزهرة" لمؤلفه الفقيه الظاهري : محمد بن أبي داود أخباراً لها هذا المعنى ، منها أنه – في خروجه من المسجد ، وجد في طريقه محبين يتناجيان، فعاهد نفسه ، وبرّ بما أضمر – أن يغير طريقه حتى لا (يجرح) هذه الخلوة – على الطريق – للعاشقين !!
- وتتكرر في أخبار العشاق العذريين ، مثل هذا الخبر الذي يمنح الثقة المطلقة، ويبتعد تماما عن أية مشاعر متهمة، أو متوقعة تنحرف بالطبع الإنساني السويّ، وتدل المصادر على أن ظاهرة (الحب العفيف= العذري) كانت موجودة في العصر الجاهلي، وتشهد بها نماذج شعرية وأخبار متعددة، ومع هذا فإن الظاهرة المتسربة في العصر الجاهلي ما لبثت أن أخذت شكل التيار المتميز الواضح في عصر صدر الإسلام ، والدولة الأموية بخاصة .
- ومع أننا – إلى اليوم – يمكن أن نجد حتى في زمن التحرش والتنمر – عشاقاً عذريين ، ومع هذا أتذكر حواراً جرى بيني وبين أديبنا المرحوم ثروت أباظة ، أنكر فيه تماماً أخبار العشاق العذريين ، وكانت حجته : أن هذا العاشق - وهو عادة ابن عم المعشوقة، أو من ذوي قرابتها الأدنين – كان إذا تقدم للزواج منها فإنه لابد سيجاب إلى طلبه ، فما الذي يحمله على أن يتغزل بها ، فيحرمه هذا الغزل من الزواج بمن أحب !
3- الهيــر :
- اللؤلؤة من كتاب :"روضة المحبين ونزهة المشتاقين" للعلامة : ابن قيم الجوزية – دار الكتب العلمية – بيروت - 1977 - ص327 .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى