إدراكي ليس أصغر من رجل نملة ، لذا حينا أقول سيدتي العجوز ماتليد ، لا أقصد بأنك كبيرة العمر ، إنما أقصد عجوزة الغباء ، إذن سيدتي العجوز ماتليد إن ما أتصوره في ذهني قد يخيفك ويجعلك تعودين إلى وطنك خائبة الآمال ، لكن أعرف بمعرفة المخلوقات غير المرئية سوف تعودين لاحقاً بغباء آخر يحمل في مخططك الاستراتيجي ما يحمل عاقبتهُ تجاهنا كشعوب قتلها الجهل والغباء وخيانة الأوطان ولم تقتلها باذوقة الاستعمار ، أو ما لا يخرج من ذات الحيز الذي تطمح فيه بلادك ، وانت وانا وحدنا بين القرية المريضة بحمى الجهل والغباء أدرى بماذا تطمح؟!
هكذا كنت أود أن أقول لها قبل أن تبدأ في تدوين بحثها حول الإختلاف الأثني والثقافي والديني بين القبائل في جبال النوبة ، حيث إبتدأت بعد حين بالإستماع إلى تاريخ القبائل من كبار العمد والمشايخ في القرية ، وهذا ما يجعلني أفهم بسرعة الضوء أو ما قادني إلى مقولة عبد الرحمن منيف " من يقرأ الماضي بطريقة خاطئة سوف يرى الحاضر والمستقبل بطريقة خاطئة أيضاً ولذلك لا بد أن نعرف ما حصل كي نتجنب وقوع الأخطاء مرة أخرى ومن الغباء أن يدفع الإنسان ثمن الخطأ الواحد مرتين " ، لهذا لم تجعل أذنها تنصت إلى الشباب إلا مؤخراً ، لكن لا أدري لم كانت توجه نظرها نحوي حينا كانت تستمع بشغف لأحد مشايخ القرية وهو يسرد لها شيئا من تاريخنا البعيد ، أي كأنها شاهدت سر ما أفكر به ، وشاهدت أنا سر ما تفكر به هي ، حول بحثها ، حيث حينا نسوة القرية كانن يحتفن بها وأحياناً يتهامسن فيما بينهن وهن ساخرات من جنونها "هذه المرأة مجنونة قد تكون خسرت ملايين الدولارت في رحلة قدومها من فرنسا إلى الخرطوم ثم من الخرطوم إلى جبال النوبة ؛ ماذا تستفيد من معرفة القبائل هنا؟! وهل معرفة القبائل مفيدة لهذه الدرجة لكي يصرف عليها المال والتعب وإستقطاع الزمن؟! إنها حقا امرأة مجنونة". وكان الشباب من أمثالي يذبحون لها الخراف وعجول الأبقار والدجاج في إحتفاء بضيفهم الجديد ، كأنهم وجدوا لهم كنزاً قد يحجب عنهم الجوع والفقر ومرض الملاريا ، وكان الأطفال يلتقطون معها الصور الشخصية عبر كاميرة السوني ، كامراة مختلفة ذات لون أبيض غريب وشعر أشقر ناعم وأملس لم يروء له مثيل من قبل إلا في التلفاز حينا تأتيهم الكهرباء في المساء أو بعد إنقطاع لشهر كامل من الزمن ، أم انا كنت وحدي من أصارع في كشف أمرها الحقيقي المتعلق ببحثها ، لكن كنت أتردد كثيراً في أن أكشفه خوفاً من أبناء قريتي أن يقدمون سخريتهم أمامي أو أن يتهموني بالجنون ! حتى لاحظت من بعد إندهاشها الشديد من تعايشنا السلمي ، رغم تعددنا الأثني والثقافي والديني والأهم هو رغم تخلفنا وقلة المتعلمين والمثقفين بيننا ، ولعل هذا ما أكد لي صحة ما أفكر به ، أو إذا كانت المرآة التي تعكس خارج النفوس بجمالها وحسن أناقتها تسطع أن تعكس بما داخل النفوس لغاب كثير من الود والحب والإحترام بين الناس ، بل لكان سكان القرية هذه أن يذبحوها كما يذبحون خرافهم.
فكرت بطريقة ذكية أن أكتب لها رسالة ورقية قبل أن تذهب لحضور محفل زواج في القرية المجاورة لنا قد تجد فيه سر التعايش السلمي أو سوف تعرف الحاضر الآن بعد أن عرفت جزء من تاريخنا من العمد والمشايخ:
سيدتي العزيزة ماتليد تعرفين بأن لا تجارة للأسلحة بدون حرب ولا نهب للموارد بدون أسلحة ، والسياسة هي قول ما لا تفعل وأفعل ما لا تقول ، وأفريقيا الفقيرة الغبية لم تنل إستقلالها السياسي والاقتصادي بعد ، حينا يأخذ الإستعمار شكلاً حديثا نسميهُ بلغتك (Colonialisme moderne) وبلغة المستعمر البريطاني (Modern colonialism) وبلغتنا الأم وغير الأم إذ كنا شعوب متعددة الهويات واللغات (الإستعمار الحديث) ، وتكون سياسات الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي آلات إستعمارية للنهب والتفقير والتجويع لشعوبنا ، وفي الحقيقة ليست هناك إستعمار حديث ، لكن هناك خيانة وطنية لسياسين وتجار حرب يساعدون في نهب الموارد ، تأتي بهم سلطتكم المركزية العالمية لتضعهم كزعماء للسلطة في أوطاننا وزعماء لحركات التمرد السياسية والإرهابية الدينية ، أتعرفين يا سيدتي العزيزة إذا كانت السلطة في يدي وتعاملت بذات مبدأكم كشعوب غربية أنانية تجزي الانسانية في إحترامها وحقوقها الانسانية... ماذا سوف أفعل؟ سوف أبدأ أولاً وأخيرا بتدمير مختبرات الأسلحة البيولوجية ، والمراكز الفكرية ، ثم سوف أعلم شعبي كيف يصنعون من معادن الطبيعة سيارات ومواتر وأحذية جميلة... ثم من بعد سوف أحكم هذا العالم من داكار وأبوجا وياوندي التي سوف تصبح جوهرة الأرض ، ليتسارع في دخولها الأوروبين الباحثين عن اللجوء عبر ايطاليا النقطة الموصلة للبحر الأبيض المتوسط ، ذلك قبل عبورهم بليبيا والسودان وتشاد التي سوف تصبح مركزاً للفنون بعد أن تصبح الحضارة الباريسية ركاماً حجرية أحدثتها الحروب الأهلية ، ولا تنسي كينيا التي تمتلك أكبر مركز للذكاء الاصطناعي في جامعة نيروبي ، ولكي تتضح الفكرة أكثر أنا أندهش من ما أشرت له مؤخراً: كيف وصل بكم الحال لهذا الخبث لتدميرنا بفيروسات تضع في أجسام الحيوانات لتصيبنا نحن الحيوانات الغبية الأخرى في نظركم بالعدوى!؟ وانت العارفة بأن إيبولا وما شابه من أسلحة هي ما زبحتنا فوق موتنا ، بعد أن قتلنا الجوع أولاً حينا نهبت ثروات هذه الأرض برصاصة ذكية من أبناء جلدتك جان بابتيست درويت ولي استاك... جنرالات الإستعمار اللصوص المتوحشين.
عزيزتي ماتليد دعينا نفتك من هذه الرمزيات لأقول لك "انت التي تشغلين منصب الباحثة والمستشارة في صنع الحروب في أفريقيا! أليس كذلك؟ أليس بحثك بخصوص هذا الأمر؟"
التوقيع: عزيزك ليس الجميل (رجل من لاسو) أو من (قبيلة لاسو) أتمنى أن تكون الكلمة قبل الأخيرة (قبيلة) قدمت لك الإفادة والإعجاب والتعجب من هذا المخلوق الغريب اللعين.
أعطيت هذه الرسالة من بعد إلى جارتنا عائشة لعلها توصلها لتلك المرأة ماتليد ، وهو ما كان لها بالأمر العادي ليس المدهش أو المستغرب كون الرسالة كتبت باللغة الفرنسية وهي ما لا تفهم فيها غير كلمة (Merci) التي تعني (شكراً) ولغة (الأفوكايا) وقليل من العربي المكسر الذي إكتسبته في ترحالها بين مدن شمال السودان حينا كانت تعمل بائعة شاي وقهوة وشيرية..
لأعيش بعدها حالة من الهواجس التي تكاد أن تجعلني أتبول في لباسي كوني أعرف الغوص والتلاعب في مثل هذه القضايا ومع مثل هذه الشخصيات المحفوظة برقابة شديدة تحديداً هو ما يفتح لتلك القوة المركزية مجالاً واسع لإحتمالية إغتيالي ، فهذا الأمر ربما في حال أنه وصل للصحافة ووكالات الأنباء العالمية قد يسبب معترك يؤدي للفوضى العارمة.
كنت فقط أحسب في الوقت بتوتر لم أعيشهُ حتى حينا كنت طفلاً يخاف من القطط والأرانب ، لأنتظر ردها الذي سوف أحدد منه مدى نسبة سلامتي أو موتي على قول الحقيقة ، حتى عادت أخيراً جارتنا عائشة بين المساء وهي تحمل ورقة لم تتعدى الكتابة فيها الثلاثة أسطر ، توقعت أن يكون الرد فيها دبلوماسياً ، مصحوباً برمزية شبه واضحة كعادة هؤلاء المخلوقات دائماً "سيدي غير العزيز رجل من غير لاسو يبدو أنك حالم عليك أن تستيقظ قبل أن تنوم إلى الأبد"
رجل من غير لاسو؟! فهمت أني لا أشبه الآخرون هنا.
لكن قبل أن تنوم إلى الأبد! ماذا يعني؟!
هذه الجملة أربكتني بشدة ، بل جعلتني أن أسبق يومي ليبتلعني النهر ، أي ماذا سوف يكون ردها في حال أنني حدثتها عن أن هناك اتفاق استعماري تقوده فرنسا على إلزام ١٤ دولة أفريقية بوضع ٨٥% من احتياطاتها الأجنبية في البنك الفرنسي المركزي التي يسيطر عليها الوزير الفرنسي للرقابة المالية، وهي تأتي كديون لفترة الاستعمار الفرنسي ، أم الرؤساء الأفارقة الذين يرفضون هذا القرار يتم قتلهم أو يكونوا ضحايا لإنقلاب عسكري، والذي يطيع الأوامر منهم يكأفا ويمنح حياة جميلة رخية دون شعبه.
وإن الحركات الإرهابية مثل داعش وبوكو حرام إلى آخره هي صنعة غربية ذكية.
وكيف اخترع الاستعمار الفرنسي التقسيمات العرقية في شمال أفريقيا حول ما يعرف بالمور أو البربر أو الأمازيغ الذين أسميتموهم بسكان شمال أفريقيا الأصليين؟
ماذا سوف يكون ردها حينها؟ هل سوف تآكل لحمي نياً أم ستتقبل هذه الحقيقة التي تهدد وقوع سقفها الإمبريالي؟!
إتجهت لها من بعد متلهفاً صوب مقر إقامتها بالفندق - ذلك بجبن مني - هذه حقيقة لن أخفيها لكي أقدم لها إعتزار فخيم قد ينال قبولها في إظهار يوضح كم هو مدى ضعفي! ذلك قبل أن أنوم إلى الأبد كما أوضحت لي بذلك! لكن حظي السيء دائماً وأبداً وجدها قد غادرت إلى الخرطوم أو إلى باريس إن لم تخب ظنوني.
يا لهذه اللعنة .. يا لهذا القتل .. يا لشقائي الكبير .. لقد قتلت نفسي بنفسي أخيراً ، قبل أن يقتلني برميل الأنتونوف الذي قد تعده لنا تلك المرأة الغبية (ماتليد).
آه..
إبراهيم أحمد الإعيسر
السودان - ولاية الجزيرة - قرية ألتي
هكذا كنت أود أن أقول لها قبل أن تبدأ في تدوين بحثها حول الإختلاف الأثني والثقافي والديني بين القبائل في جبال النوبة ، حيث إبتدأت بعد حين بالإستماع إلى تاريخ القبائل من كبار العمد والمشايخ في القرية ، وهذا ما يجعلني أفهم بسرعة الضوء أو ما قادني إلى مقولة عبد الرحمن منيف " من يقرأ الماضي بطريقة خاطئة سوف يرى الحاضر والمستقبل بطريقة خاطئة أيضاً ولذلك لا بد أن نعرف ما حصل كي نتجنب وقوع الأخطاء مرة أخرى ومن الغباء أن يدفع الإنسان ثمن الخطأ الواحد مرتين " ، لهذا لم تجعل أذنها تنصت إلى الشباب إلا مؤخراً ، لكن لا أدري لم كانت توجه نظرها نحوي حينا كانت تستمع بشغف لأحد مشايخ القرية وهو يسرد لها شيئا من تاريخنا البعيد ، أي كأنها شاهدت سر ما أفكر به ، وشاهدت أنا سر ما تفكر به هي ، حول بحثها ، حيث حينا نسوة القرية كانن يحتفن بها وأحياناً يتهامسن فيما بينهن وهن ساخرات من جنونها "هذه المرأة مجنونة قد تكون خسرت ملايين الدولارت في رحلة قدومها من فرنسا إلى الخرطوم ثم من الخرطوم إلى جبال النوبة ؛ ماذا تستفيد من معرفة القبائل هنا؟! وهل معرفة القبائل مفيدة لهذه الدرجة لكي يصرف عليها المال والتعب وإستقطاع الزمن؟! إنها حقا امرأة مجنونة". وكان الشباب من أمثالي يذبحون لها الخراف وعجول الأبقار والدجاج في إحتفاء بضيفهم الجديد ، كأنهم وجدوا لهم كنزاً قد يحجب عنهم الجوع والفقر ومرض الملاريا ، وكان الأطفال يلتقطون معها الصور الشخصية عبر كاميرة السوني ، كامراة مختلفة ذات لون أبيض غريب وشعر أشقر ناعم وأملس لم يروء له مثيل من قبل إلا في التلفاز حينا تأتيهم الكهرباء في المساء أو بعد إنقطاع لشهر كامل من الزمن ، أم انا كنت وحدي من أصارع في كشف أمرها الحقيقي المتعلق ببحثها ، لكن كنت أتردد كثيراً في أن أكشفه خوفاً من أبناء قريتي أن يقدمون سخريتهم أمامي أو أن يتهموني بالجنون ! حتى لاحظت من بعد إندهاشها الشديد من تعايشنا السلمي ، رغم تعددنا الأثني والثقافي والديني والأهم هو رغم تخلفنا وقلة المتعلمين والمثقفين بيننا ، ولعل هذا ما أكد لي صحة ما أفكر به ، أو إذا كانت المرآة التي تعكس خارج النفوس بجمالها وحسن أناقتها تسطع أن تعكس بما داخل النفوس لغاب كثير من الود والحب والإحترام بين الناس ، بل لكان سكان القرية هذه أن يذبحوها كما يذبحون خرافهم.
فكرت بطريقة ذكية أن أكتب لها رسالة ورقية قبل أن تذهب لحضور محفل زواج في القرية المجاورة لنا قد تجد فيه سر التعايش السلمي أو سوف تعرف الحاضر الآن بعد أن عرفت جزء من تاريخنا من العمد والمشايخ:
سيدتي العزيزة ماتليد تعرفين بأن لا تجارة للأسلحة بدون حرب ولا نهب للموارد بدون أسلحة ، والسياسة هي قول ما لا تفعل وأفعل ما لا تقول ، وأفريقيا الفقيرة الغبية لم تنل إستقلالها السياسي والاقتصادي بعد ، حينا يأخذ الإستعمار شكلاً حديثا نسميهُ بلغتك (Colonialisme moderne) وبلغة المستعمر البريطاني (Modern colonialism) وبلغتنا الأم وغير الأم إذ كنا شعوب متعددة الهويات واللغات (الإستعمار الحديث) ، وتكون سياسات الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي آلات إستعمارية للنهب والتفقير والتجويع لشعوبنا ، وفي الحقيقة ليست هناك إستعمار حديث ، لكن هناك خيانة وطنية لسياسين وتجار حرب يساعدون في نهب الموارد ، تأتي بهم سلطتكم المركزية العالمية لتضعهم كزعماء للسلطة في أوطاننا وزعماء لحركات التمرد السياسية والإرهابية الدينية ، أتعرفين يا سيدتي العزيزة إذا كانت السلطة في يدي وتعاملت بذات مبدأكم كشعوب غربية أنانية تجزي الانسانية في إحترامها وحقوقها الانسانية... ماذا سوف أفعل؟ سوف أبدأ أولاً وأخيرا بتدمير مختبرات الأسلحة البيولوجية ، والمراكز الفكرية ، ثم سوف أعلم شعبي كيف يصنعون من معادن الطبيعة سيارات ومواتر وأحذية جميلة... ثم من بعد سوف أحكم هذا العالم من داكار وأبوجا وياوندي التي سوف تصبح جوهرة الأرض ، ليتسارع في دخولها الأوروبين الباحثين عن اللجوء عبر ايطاليا النقطة الموصلة للبحر الأبيض المتوسط ، ذلك قبل عبورهم بليبيا والسودان وتشاد التي سوف تصبح مركزاً للفنون بعد أن تصبح الحضارة الباريسية ركاماً حجرية أحدثتها الحروب الأهلية ، ولا تنسي كينيا التي تمتلك أكبر مركز للذكاء الاصطناعي في جامعة نيروبي ، ولكي تتضح الفكرة أكثر أنا أندهش من ما أشرت له مؤخراً: كيف وصل بكم الحال لهذا الخبث لتدميرنا بفيروسات تضع في أجسام الحيوانات لتصيبنا نحن الحيوانات الغبية الأخرى في نظركم بالعدوى!؟ وانت العارفة بأن إيبولا وما شابه من أسلحة هي ما زبحتنا فوق موتنا ، بعد أن قتلنا الجوع أولاً حينا نهبت ثروات هذه الأرض برصاصة ذكية من أبناء جلدتك جان بابتيست درويت ولي استاك... جنرالات الإستعمار اللصوص المتوحشين.
عزيزتي ماتليد دعينا نفتك من هذه الرمزيات لأقول لك "انت التي تشغلين منصب الباحثة والمستشارة في صنع الحروب في أفريقيا! أليس كذلك؟ أليس بحثك بخصوص هذا الأمر؟"
التوقيع: عزيزك ليس الجميل (رجل من لاسو) أو من (قبيلة لاسو) أتمنى أن تكون الكلمة قبل الأخيرة (قبيلة) قدمت لك الإفادة والإعجاب والتعجب من هذا المخلوق الغريب اللعين.
أعطيت هذه الرسالة من بعد إلى جارتنا عائشة لعلها توصلها لتلك المرأة ماتليد ، وهو ما كان لها بالأمر العادي ليس المدهش أو المستغرب كون الرسالة كتبت باللغة الفرنسية وهي ما لا تفهم فيها غير كلمة (Merci) التي تعني (شكراً) ولغة (الأفوكايا) وقليل من العربي المكسر الذي إكتسبته في ترحالها بين مدن شمال السودان حينا كانت تعمل بائعة شاي وقهوة وشيرية..
لأعيش بعدها حالة من الهواجس التي تكاد أن تجعلني أتبول في لباسي كوني أعرف الغوص والتلاعب في مثل هذه القضايا ومع مثل هذه الشخصيات المحفوظة برقابة شديدة تحديداً هو ما يفتح لتلك القوة المركزية مجالاً واسع لإحتمالية إغتيالي ، فهذا الأمر ربما في حال أنه وصل للصحافة ووكالات الأنباء العالمية قد يسبب معترك يؤدي للفوضى العارمة.
كنت فقط أحسب في الوقت بتوتر لم أعيشهُ حتى حينا كنت طفلاً يخاف من القطط والأرانب ، لأنتظر ردها الذي سوف أحدد منه مدى نسبة سلامتي أو موتي على قول الحقيقة ، حتى عادت أخيراً جارتنا عائشة بين المساء وهي تحمل ورقة لم تتعدى الكتابة فيها الثلاثة أسطر ، توقعت أن يكون الرد فيها دبلوماسياً ، مصحوباً برمزية شبه واضحة كعادة هؤلاء المخلوقات دائماً "سيدي غير العزيز رجل من غير لاسو يبدو أنك حالم عليك أن تستيقظ قبل أن تنوم إلى الأبد"
رجل من غير لاسو؟! فهمت أني لا أشبه الآخرون هنا.
لكن قبل أن تنوم إلى الأبد! ماذا يعني؟!
هذه الجملة أربكتني بشدة ، بل جعلتني أن أسبق يومي ليبتلعني النهر ، أي ماذا سوف يكون ردها في حال أنني حدثتها عن أن هناك اتفاق استعماري تقوده فرنسا على إلزام ١٤ دولة أفريقية بوضع ٨٥% من احتياطاتها الأجنبية في البنك الفرنسي المركزي التي يسيطر عليها الوزير الفرنسي للرقابة المالية، وهي تأتي كديون لفترة الاستعمار الفرنسي ، أم الرؤساء الأفارقة الذين يرفضون هذا القرار يتم قتلهم أو يكونوا ضحايا لإنقلاب عسكري، والذي يطيع الأوامر منهم يكأفا ويمنح حياة جميلة رخية دون شعبه.
وإن الحركات الإرهابية مثل داعش وبوكو حرام إلى آخره هي صنعة غربية ذكية.
وكيف اخترع الاستعمار الفرنسي التقسيمات العرقية في شمال أفريقيا حول ما يعرف بالمور أو البربر أو الأمازيغ الذين أسميتموهم بسكان شمال أفريقيا الأصليين؟
ماذا سوف يكون ردها حينها؟ هل سوف تآكل لحمي نياً أم ستتقبل هذه الحقيقة التي تهدد وقوع سقفها الإمبريالي؟!
إتجهت لها من بعد متلهفاً صوب مقر إقامتها بالفندق - ذلك بجبن مني - هذه حقيقة لن أخفيها لكي أقدم لها إعتزار فخيم قد ينال قبولها في إظهار يوضح كم هو مدى ضعفي! ذلك قبل أن أنوم إلى الأبد كما أوضحت لي بذلك! لكن حظي السيء دائماً وأبداً وجدها قد غادرت إلى الخرطوم أو إلى باريس إن لم تخب ظنوني.
يا لهذه اللعنة .. يا لهذا القتل .. يا لشقائي الكبير .. لقد قتلت نفسي بنفسي أخيراً ، قبل أن يقتلني برميل الأنتونوف الذي قد تعده لنا تلك المرأة الغبية (ماتليد).
آه..
إبراهيم أحمد الإعيسر
السودان - ولاية الجزيرة - قرية ألتي