رسالة من محمد عبده إلى كاتب

حضرة الفاضل المحترم...

أبطأت في إجابتك، وقصرت في الإسراع بشكرك، لما أتحفت به أهل لغتك من ذلك الكتاب، الذي تجلى فيه ذكاؤك واعتدال رأيك في أحسن صورة، لم تفتك فيه فضيلة الإبداع، ولم تحرم من حسن الاتباع، اقتفيت أثر سلفك من تجويد الرأي، واحترام مقام العقل، فلم يهبط بك التقليد إلى ما يحط بالعمل، ويسقط من قيمة الكد في الجد، ثم أبدعت في ترتيب كتابك على ما هو أقرب للفهم، وأدنى إلى التقريب من حقيقة العلم، وكأني بك وقد وقفت على ذلك السر الذي خفي عن الجمهور الأعظم ممن سبقك، وهو أن القرآن قد خط للعرب طرقًا للتعبير، ومهد لهم سبلًا جديدة لصوغ الأساليب، ليخرج بهم من ضيق ما كانوا التزموه، ويبعد بهم عن تكلف كانوا رئموه، ولهذا قوي عندك كل ما بُنِيَ عليه، وضعف لديك كل ما لم يستند إليه، جزاك الله عن نفسك خير ما يجزى به عامَل من عمله، وجزاك عن أهل لغتك خير ما يجزى به محسن عن إحسانه، والسلام.

كلمات

"الناس في عماية عن النافع، وفي انكباب على الضار، فلا تعجب إذا لم يسرعوا بالاشتراك في (المنار)، فإن الرغبة في (المنار) تقوى بقوة الميل إلى تغيير الحاضر بما هو أصلح للآجل، وأعون على الخلاص من شر الغابر، ولا يزال ذلك الميل في الأغنياء، قليلًا، والفقراء لا يستطيعون إلى البذل سبيلًا، ولكن ذلك لا يضعف الأمل في نجاح العمل".

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى