أرى صُوَراً تبينُ وتختفي.
أرى امرأةً على طَرَفِ البُحيرةِ تنحني للماءِ،
في يدِها قطيفةُ نَرْجِسٍ وعلى أصابعِها بقايا منْ قشورِ اللّوزِ.
يعبرُ طائرٌ ويحطُّ عندَ غمامِ وجنتِها وسِرْبٌ منْ قَطاً يلهو على
أدواحِ رِقَّتِها ويلعبُ دائخاً في السَّرْدِ منْ ألطافِها..
وأرى بهاءً
قد تلألأ منْ مفاتنِهِ البهاءُ.
كأنَّ فيضاً منْ ضياءٍ قد تَوَهَّجَ أنجُماً.. أو أنَّ ماءً
ليسَ لي عِلْمٌ بكُنْهِ صفاتِهِ تَمَّتْ فضائلُهُ الّتي في الماءِ.
فاشتعلَ الشَّذا طَيَّ الشَّذا ينداحُ منْ وجناتِها.
أرى ما كانَ منْ رَنْدٍ
توقّدَ في المرايا وهْوَ يعقدُ بعضَ أسرارِ البنفسجِ،
ثُمَّ يفتقُ عُرْوَةَ العُنّابِ منْ أنفاسِ ضحكتِها وينسى حولَها.
كأسَ الشّذا تَنْدى..،
فتندى في التفاتتِها يَدٌ منْ نَعْنَعٍ
ينْوي على تأويلِ ما اختزلَ الحمامُ منَ المشيئةِ
خلفَ لَجْلَجَةِ البدائعِ والرّوائعِ منْ بديعِ النّورِ في آياتِها.
أرى امرأةً يخفُّ بها الأريجُ..
تَفَتَّقَتْ منْ نفحةِ الصَّبَواتِ شقوَتُها..
تموجُ بموكبِ الرُّؤيا وتنفرُ بغتةً في وَعلِ رغبتِها
ليشهقَ منْ أصابعِها النّدى ويفكَّ أزرارَ القميصِ..
أرى بهاءً يشبهُ الدُّرّاقَ في تصريفِ بهجتِهِ،
نأى عنْ غَفْلَةِ الحرّاسِ يصعدُ للقصيدةِ في مقامِ الوجدِ،
مشغولاً بما تركَ السُّهادُ على جنائنِ وقتِهِ، وبما أضاعَ ببابلِ.
النُّعْمى منَ النُّعْمى على شرفاتِها.
أرى شمساً تحفُّ ببارقِ الرّؤيا،
يُداعبُها هواءٌ في المجازِ السَّمْحِ..
يخطفُ منْ خمائلِها خمائلَهُ، وما قد هاءَ منْ
خَفَرِ العذارى في تمامِ وضوحِهِ في الماءِ..
لاحَتْ مباهجُهُ فلاحَ الوردُ منْ وجناتِها.
أرى امرأةً
تخيطُ الماءَ أغنيةً،
وتتبعُ نورَ رعشتِها على مَهَلٍ،
وتغزلُ منْ رحيقِ الصَّمتِ أحجيةً،
فتنهبُ في الطّريقِ الصّوتَ أبيضَ،
قد جَلاهُ الضّوءُ منْ عينَيْنِ ناعسَتَينِ،
ينهضُ منهما وَعدُ الدّلالِ ودِلِّهِ..
وكأنَّ ما في الوَعدِ ما في ذاتِها.
وأرى أرى.
أرى امرأةً تُضرّجُ في الشّقائقِ لوعةَ الشِّعْرِ النّحيلةَ،
ثُمَّ تُضْرِمُ بابَ هذا اللّيلِ أبهى،لأنعسَ في ضفائرِها وأقطُف
منْ بهيجِ الوصفِ رُمّاناً وألْهُوَ في الكنايةِ منْ حدودِ
الياسمينِ مكلَّلاً بالرّمزِ..،
أرفلُ في الرَّحيقِ الجَمِّ
يبدو مُتْرَفاً ينثالُ منْ ألطافِها
ويحكُّ ليلكةَ الضُّحى ويضجُّ في اللّفتاتِ منْ ألحاظِها
وكأنَّ ما في الوصفِ منْ لَفَتَاتِها.
إنّي اسْتَعَرْتُ بلاغةَ الشُّعراءِ
كيْ أصفَ الجمالَ مُتَوَّجاً بالوردِ.
واستدعَيْتُ منْ قِرَبِ التَّذَكُّرِ
بعضَ أسماءِ الكواكبِ. وانتخبتُ لمشهدِ الرُّؤيا
منَ النَّهَوَنْدِ هنْداً..
لمْ أكُنْ في واردِ الأسماءِ،
لكنَّ القصيدةَ تقتضي في فيضِها اللُّغَويِّ
أنْ أَلِجَ الأسامي..
كيفَ أُخْلي مشهدَ الرّؤيا
ونورُ جمالِها في ناظرَيَّ. وكيفَ أنأى
كلّما اقتربَ البيانُ منَ الحديقةِ..
كيفَ لا أمضي..
فأعرى.. ثُمَّ أظمى كاملاً في الماءِ
يَلْفَحُ صَبْوَتي منْ فَرطِ ما تركتْ على إيوانِها
في اللُّؤْلُؤِ السِّريِّ منْ مسكوبِ شُقرَتِها،
لأمتدحَ القصيدةَ ثمّ أدخلُ منزلَ الرّؤيا
وأبدأُ منْ بهيجِ جهاتِها:
جِنّيُّ سِحرِكِ، كيفَ فاجأني ودَوَّخَني،
وكيفَ إذا هطلْتُ على جنائِنِهِ انتشى وأهالَ
فوقَ سواحلي مطراً لأصعدَ في خبَاءِ جمالِهِ
وأجوبَ غبطتَهُ وأهبطَ في غيابي.
جِنّيُّ سِحرِكِ، كيفَ أَوَّلَني
وشكّلَني على ياقوتِهِ فأضَعتُ عندَ فتونِهِ لغتي
وأقواسَ الكنايةِ والمجازِ وتهْتُ بينَ حدائقِ المعنى
وأسرارَ القصيدةِ والكتابِ.
ومضيتُ،
داعبَني هواؤُكِ، ثُمَّ شاغَلَني عنِ النّجوى
وبلَّلَ ياقتي بالحبِّ فانتبهتْ عيوني حينَ شرّدني
غزالُكِ في البهاءِ السّمحِ يَغمرُني.. ويعبرُ في شِعابي.
جِنِّيُّ سِحرِكِ، كيفَ فاجأني
ودَوَّخَني وأسلمني إلى النُّعمى فأرَّقَني
وضيّعَني وأوقفني على بابينِ منْ ذهبِ الكلامِ..
أسيرُ .. أمضي.. ثُمَّ أعبرُ دونَ بابِ.
........
• من كتاب لم ينشر،:
في الصّعودِ إلى الماء.
أرى امرأةً على طَرَفِ البُحيرةِ تنحني للماءِ،
في يدِها قطيفةُ نَرْجِسٍ وعلى أصابعِها بقايا منْ قشورِ اللّوزِ.
يعبرُ طائرٌ ويحطُّ عندَ غمامِ وجنتِها وسِرْبٌ منْ قَطاً يلهو على
أدواحِ رِقَّتِها ويلعبُ دائخاً في السَّرْدِ منْ ألطافِها..
وأرى بهاءً
قد تلألأ منْ مفاتنِهِ البهاءُ.
كأنَّ فيضاً منْ ضياءٍ قد تَوَهَّجَ أنجُماً.. أو أنَّ ماءً
ليسَ لي عِلْمٌ بكُنْهِ صفاتِهِ تَمَّتْ فضائلُهُ الّتي في الماءِ.
فاشتعلَ الشَّذا طَيَّ الشَّذا ينداحُ منْ وجناتِها.
أرى ما كانَ منْ رَنْدٍ
توقّدَ في المرايا وهْوَ يعقدُ بعضَ أسرارِ البنفسجِ،
ثُمَّ يفتقُ عُرْوَةَ العُنّابِ منْ أنفاسِ ضحكتِها وينسى حولَها.
كأسَ الشّذا تَنْدى..،
فتندى في التفاتتِها يَدٌ منْ نَعْنَعٍ
ينْوي على تأويلِ ما اختزلَ الحمامُ منَ المشيئةِ
خلفَ لَجْلَجَةِ البدائعِ والرّوائعِ منْ بديعِ النّورِ في آياتِها.
أرى امرأةً يخفُّ بها الأريجُ..
تَفَتَّقَتْ منْ نفحةِ الصَّبَواتِ شقوَتُها..
تموجُ بموكبِ الرُّؤيا وتنفرُ بغتةً في وَعلِ رغبتِها
ليشهقَ منْ أصابعِها النّدى ويفكَّ أزرارَ القميصِ..
أرى بهاءً يشبهُ الدُّرّاقَ في تصريفِ بهجتِهِ،
نأى عنْ غَفْلَةِ الحرّاسِ يصعدُ للقصيدةِ في مقامِ الوجدِ،
مشغولاً بما تركَ السُّهادُ على جنائنِ وقتِهِ، وبما أضاعَ ببابلِ.
النُّعْمى منَ النُّعْمى على شرفاتِها.
أرى شمساً تحفُّ ببارقِ الرّؤيا،
يُداعبُها هواءٌ في المجازِ السَّمْحِ..
يخطفُ منْ خمائلِها خمائلَهُ، وما قد هاءَ منْ
خَفَرِ العذارى في تمامِ وضوحِهِ في الماءِ..
لاحَتْ مباهجُهُ فلاحَ الوردُ منْ وجناتِها.
أرى امرأةً
تخيطُ الماءَ أغنيةً،
وتتبعُ نورَ رعشتِها على مَهَلٍ،
وتغزلُ منْ رحيقِ الصَّمتِ أحجيةً،
فتنهبُ في الطّريقِ الصّوتَ أبيضَ،
قد جَلاهُ الضّوءُ منْ عينَيْنِ ناعسَتَينِ،
ينهضُ منهما وَعدُ الدّلالِ ودِلِّهِ..
وكأنَّ ما في الوَعدِ ما في ذاتِها.
وأرى أرى.
أرى امرأةً تُضرّجُ في الشّقائقِ لوعةَ الشِّعْرِ النّحيلةَ،
ثُمَّ تُضْرِمُ بابَ هذا اللّيلِ أبهى،لأنعسَ في ضفائرِها وأقطُف
منْ بهيجِ الوصفِ رُمّاناً وألْهُوَ في الكنايةِ منْ حدودِ
الياسمينِ مكلَّلاً بالرّمزِ..،
أرفلُ في الرَّحيقِ الجَمِّ
يبدو مُتْرَفاً ينثالُ منْ ألطافِها
ويحكُّ ليلكةَ الضُّحى ويضجُّ في اللّفتاتِ منْ ألحاظِها
وكأنَّ ما في الوصفِ منْ لَفَتَاتِها.
إنّي اسْتَعَرْتُ بلاغةَ الشُّعراءِ
كيْ أصفَ الجمالَ مُتَوَّجاً بالوردِ.
واستدعَيْتُ منْ قِرَبِ التَّذَكُّرِ
بعضَ أسماءِ الكواكبِ. وانتخبتُ لمشهدِ الرُّؤيا
منَ النَّهَوَنْدِ هنْداً..
لمْ أكُنْ في واردِ الأسماءِ،
لكنَّ القصيدةَ تقتضي في فيضِها اللُّغَويِّ
أنْ أَلِجَ الأسامي..
كيفَ أُخْلي مشهدَ الرّؤيا
ونورُ جمالِها في ناظرَيَّ. وكيفَ أنأى
كلّما اقتربَ البيانُ منَ الحديقةِ..
كيفَ لا أمضي..
فأعرى.. ثُمَّ أظمى كاملاً في الماءِ
يَلْفَحُ صَبْوَتي منْ فَرطِ ما تركتْ على إيوانِها
في اللُّؤْلُؤِ السِّريِّ منْ مسكوبِ شُقرَتِها،
لأمتدحَ القصيدةَ ثمّ أدخلُ منزلَ الرّؤيا
وأبدأُ منْ بهيجِ جهاتِها:
جِنّيُّ سِحرِكِ، كيفَ فاجأني ودَوَّخَني،
وكيفَ إذا هطلْتُ على جنائِنِهِ انتشى وأهالَ
فوقَ سواحلي مطراً لأصعدَ في خبَاءِ جمالِهِ
وأجوبَ غبطتَهُ وأهبطَ في غيابي.
جِنّيُّ سِحرِكِ، كيفَ أَوَّلَني
وشكّلَني على ياقوتِهِ فأضَعتُ عندَ فتونِهِ لغتي
وأقواسَ الكنايةِ والمجازِ وتهْتُ بينَ حدائقِ المعنى
وأسرارَ القصيدةِ والكتابِ.
ومضيتُ،
داعبَني هواؤُكِ، ثُمَّ شاغَلَني عنِ النّجوى
وبلَّلَ ياقتي بالحبِّ فانتبهتْ عيوني حينَ شرّدني
غزالُكِ في البهاءِ السّمحِ يَغمرُني.. ويعبرُ في شِعابي.
جِنِّيُّ سِحرِكِ، كيفَ فاجأني
ودَوَّخَني وأسلمني إلى النُّعمى فأرَّقَني
وضيّعَني وأوقفني على بابينِ منْ ذهبِ الكلامِ..
أسيرُ .. أمضي.. ثُمَّ أعبرُ دونَ بابِ.
........
• من كتاب لم ينشر،:
في الصّعودِ إلى الماء.