-1-
أُمُّ الشاعِر قَالَتْ:
"يا ابْنِي...
قَتَلَ اللهُ الفَقْرْ.
لاَ أمْلِكُ أوراقًا نَقْديَّهْ
لِشِراءِ الحِبْرْ
وأبوكْ
لَمْ يَتْرُكْ إلاَّ ريشةَ بَطٍّ بَرِّيـَّهْ."
-2-
بالرّيشةِ صَارَ الشاعرُ يكتبُ أَغْلَى الشّعْر
والأمُّ تُدَوِّنُ هذا الغَلَيَانَ بِحِبرِ الذّاكرَةِ الشعبيّةِ
حتَّى دَوَّى في آذَانِ القصرْ
والحاكمُ أصدرَ هذا الأمرْ:
"قَرَّرْنا:
إعدامَ الفَقْرِ
وَقَرَّرْنَا:
إهداءَ الشاعِر أَقلامًا ذَهبيَّهْ
وَمَحابرَ فِضّيهْ
وَدفاترَ وَرديَّهْ
وأخيراً حزمةَ أوراقٍ نَقْدِيَّهْ "
-3-
صارَ الشاعرُ عُضوًا في جسمِ القَصْر،
أُقِيمتْ حفلتُهُ التكريـميَّةُ بَعْدَ طباعةِ مجموعتِه الشعريَّهْ
كان النّقادُ الـمحترمُون يَشُدُّون النظّاراتِ يُشِيدونَ
بِنِظْرته النّبويّةِ لاَ ينقطعونَ
إلى أَنْ قامتْ من أَقْصَى القاعةِ امرأةٌ
فاجتَمَعَتْ كلُّ الآذان على شَفَتَيْهَا،
واسْـ…...تَمَعَ الصَّمتُ
إلَى أَنفاسِ المُحتَفِلينَ ولَمْ يَقطعْهُ سِوَى
هَمْس الشاعرِ في أُذْنِ عَريف الحَفْلِ:
"رجاءً! قَرّبْ ميكروفونَ القاعةِ من شفَتَيْها...
"هذي المرأة أعرفُها
"(أعرفُ وَجْهَ المرْأةِ من عَيْنَيْهَا)
"مُنْذُ زمانٍ
لكنَّ النِّسْيَانَ هُو الهذيانُ الأخْرَسُ"
-4-
والمرأةُ واقفةٌ
شَفَتَاهَا حافيتانِ مِنَ الفَرْحَةِ
قُدَّامَ الميكروفونِ تَصِيحْ:
"إِنِّي أُمُّ الشاعِرْ..
والشاعرُ مَعْجُوناً مَاتَ بأسنانِ السُّلْطَهْ
أَيَّةُ سَقْطَهْ
لعَنَ اللَّهُ العُهْرْ.
كانَ بِرِيشِ البَطَّة
يكتبُ أَشعاراً ذَهَبِـيَّهْ
أمَّا بِالقَلَمِ الذَّهَبِيِّ
فَلَمْ
يَكْـتُبْ
غَيْرَ...
كَلامِ البَطَّهْ.
تونس 1989
***
أُمُّ الشاعِر قَالَتْ:
"يا ابْنِي...
قَتَلَ اللهُ الفَقْرْ.
لاَ أمْلِكُ أوراقًا نَقْديَّهْ
لِشِراءِ الحِبْرْ
وأبوكْ
لَمْ يَتْرُكْ إلاَّ ريشةَ بَطٍّ بَرِّيـَّهْ."
-2-
بالرّيشةِ صَارَ الشاعرُ يكتبُ أَغْلَى الشّعْر
والأمُّ تُدَوِّنُ هذا الغَلَيَانَ بِحِبرِ الذّاكرَةِ الشعبيّةِ
حتَّى دَوَّى في آذَانِ القصرْ
والحاكمُ أصدرَ هذا الأمرْ:
"قَرَّرْنا:
إعدامَ الفَقْرِ
وَقَرَّرْنَا:
إهداءَ الشاعِر أَقلامًا ذَهبيَّهْ
وَمَحابرَ فِضّيهْ
وَدفاترَ وَرديَّهْ
وأخيراً حزمةَ أوراقٍ نَقْدِيَّهْ "
-3-
صارَ الشاعرُ عُضوًا في جسمِ القَصْر،
أُقِيمتْ حفلتُهُ التكريـميَّةُ بَعْدَ طباعةِ مجموعتِه الشعريَّهْ
كان النّقادُ الـمحترمُون يَشُدُّون النظّاراتِ يُشِيدونَ
بِنِظْرته النّبويّةِ لاَ ينقطعونَ
إلى أَنْ قامتْ من أَقْصَى القاعةِ امرأةٌ
فاجتَمَعَتْ كلُّ الآذان على شَفَتَيْهَا،
واسْـ…...تَمَعَ الصَّمتُ
إلَى أَنفاسِ المُحتَفِلينَ ولَمْ يَقطعْهُ سِوَى
هَمْس الشاعرِ في أُذْنِ عَريف الحَفْلِ:
"رجاءً! قَرّبْ ميكروفونَ القاعةِ من شفَتَيْها...
"هذي المرأة أعرفُها
"(أعرفُ وَجْهَ المرْأةِ من عَيْنَيْهَا)
"مُنْذُ زمانٍ
لكنَّ النِّسْيَانَ هُو الهذيانُ الأخْرَسُ"
-4-
والمرأةُ واقفةٌ
شَفَتَاهَا حافيتانِ مِنَ الفَرْحَةِ
قُدَّامَ الميكروفونِ تَصِيحْ:
"إِنِّي أُمُّ الشاعِرْ..
والشاعرُ مَعْجُوناً مَاتَ بأسنانِ السُّلْطَهْ
أَيَّةُ سَقْطَهْ
لعَنَ اللَّهُ العُهْرْ.
كانَ بِرِيشِ البَطَّة
يكتبُ أَشعاراً ذَهَبِـيَّهْ
أمَّا بِالقَلَمِ الذَّهَبِيِّ
فَلَمْ
يَكْـتُبْ
غَيْرَ...
كَلامِ البَطَّهْ.
تونس 1989
***