كلمة المستشار بهاء المري في قضية قاتل جاره

أولا
قبل قرار الإحالة إلى فضيلة المفتي

**********

- قال رئيس المحكمة يخاطب المتهم الماثل في قفص الاتهام (قاتل جاره):
- بئسَ الجارُ للجار القتيلِ كُنتَ.
- وبئسَ النبْتُ السَّامُ في أرض هذا الجِوَارِ نبَتَّ.
- الجارُ، وصَّى به اللهُ إحسانا.
- أمَّا أنتَ، ففي مَالهِ طمَعْتْ.
- وقَتلتَهُ لتَسْرِقَ، وما أسِفْتْ.
- فمِثلُكَ، مثلُ ذاكَ النَّبتْ، يَحِلُّ قَطعُهُ في أيِّ وقتٍ، أو اسْئتصَالُهُ في أيِّ حين.
- وكُلَّما عَاجَلَهُ القَطعُ قبل أن يَستَشري، أو الاسْتئصالُ قبل أن يَمتَدْ
- كان ذلكَ خيرًا للناسِ، وللأرضِ التي نبَتَ فيها.

ثانيا
قبل النطق بحكم الإعدام

- قال:
قبلَ النُّطقِ بالحكمِ، تُنوِّهُ المحكمةُ بأنَّ هذه القضيةَ مِن قَضايا العُصْبةِ الجاهلةِ، التي تَبرُزُ للناسِ في أبْشَعِ مَلامِحَ للقَسْوة، وتَرسُمُ في مُخيلتِهم أنَّ الغَدرَ صِفةُ البَشَر، والجَّبروتَ خِصْلَتُه الوحيدة، والعُنفُ أهمُّ مَلامِحه.
فهي في صُورتها الحقيقةِ، ليسَت مُجردَّ وقائعَ قَتلٍ من أجل سَرقة، وإنما هِيَ على النَّظرةِ بَعيدةِ المدَى، أمَارةٌ يقينيةٌ، على خَللٍ يَسري في المُجتمع.
خَللٍ إنْ اتَّصلَ بالأمْن العام هَزَّ دعائمَهُ وبَعْثرَ وُجودَه، وأوقعَ رَجفةَ الذُّعرِ في الناس فما اطمَأنوا، وسَرَّبَ رَعشةَ الخشيةِ إليهم فما أمِنُوا.
ومن هُنا، كانَ على القَضاءِ ـ وهو جزءٌ من ضمير هذه الأمة ـ أن يَرُدَّ على الناس إيمانَهم بمُثُلِهم وقيَمِهم، وأنْ يُدركَهُم من شَرِّ الضَّلالةِ، ويُقيلَهم من عَثرةِ الغِواية، ولا يكونُ ذلكَ إلا بقِصاصٍ عادلٍ، يُنذرُ هذه الفِتنةَ، بأنْ قد آنَ لها أن تَنزوي، امتثالاً لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كُتبَ عَليكُمُ القِصاصُ في القَتلى) وقولهِ: (ولكن في القِصاص حياةٌ يا أولي الألباب لعلكم تتقون).

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى