السيدة ميم،
بكلمات مضمخة بعبق الوجد وشذى الشوق ورشة عطر أكتب اليك هذه الرسالة التي كان عليها أن تصلك قبل إثنين وأربعين عاما، كانت فيها الحياة بهيجة والشباب غض، والعواطف متأججة، والأحلام ندية عريضة تفتح أذرعها للأمل الوارف كعرصات العنب الظليلة، حين كنت أترجى المسافات التي أقطعها وراء الخيالات أن تطول، لتغرقني في لازورد المحبة، وتضفي علي ما تيسر من الأشواق والترقب المعمد بشريعة الكناية وكيمياء المجاز، وتسبغ علي ما تيسر من فيوض اللغة الكريمة وسخاء الأليغوريا وصفاء الحقيقة. لتزرع المزيد من الحميمية في سويداء فتى لم يعرف الحب الا على صفحات الروايات العاطفية المغرقة في الحزن والفقد والتأوهات والدموع، وعبر حكايات الأساطير والملاحم وكتب الميتافيزيقا، حيث العشق إفلاطوني مقنع بالستر والحجب أو لا شيء، ورباني لدى كبار المتصوفة أو لا أحد، حب نقي محصن ضد شهوانية النفس الامارة بالسوء، تتجلى فيه المعشوقة ملاكا منزها ضد الخطيئة والغواية، والعاشق غير ذي عجل تسقيه حميا الحب راحة مقلته، ويستمرئ لذاذت العذاب الروحي بماشوسية غريبة، لكن الخيال ليس كالحقيقة أحيانا، بل ليس كالحقيقة إطلاقا، محض تهويمات تحملنا على بساط من أثير الى أعلى ذرى الوهم والتهيؤات والهشاشة والحلم
سيدتي ميم،
إن الله الذي خلق النساء جميلات، حين مد أنامله الكريمة ملاطفا صلصال تكوينك، بسمل باسم الكون العظيم، كني فكنت أنت، وضع كل عضو في مكانه كي لا تختل الطبيعة، القوام من مرمر صقيل، والشعر من ذهب، والوجه لإحدى الحوريات، والخصر من عسجد، والرقبة من عاج، والصدر رمانتان من بساتين الفردوس، والأنفاس من ياسمين، فنفخ فيهم فكنت من حسن حظ الخليقة أنت، بتولا مسبوكة من لجين، داعبتها نسمات من رشاش الجنة فكستها بلطف الذلال.
سيدتي ميم،
أعتقد هنا والآن، بأن الكتابة إليك هي الملجأ والمنقذ الوحيد من الضجر الجسور الذي يستوطن الروح، ويعيدها الى يقين الواقع، بكل ألمه ومرارته، إنها نوع من التفكير بصوت عال ضد الرتابة وحرقة التأمل، وتنفيس عما يخالجها من أتعاب وأوصاب، لا شيء سوى الألم يبسط ملكوته على العالمين، لكنها المرفأ الآمن لقارب تتقاذفه الامواج في بحر عميق بلا قرار ولا ضفاف، لا ينجدنا منه سوى الهروب والنسيان ، نفرغ من خلالها ما يثقل الروح من أماني مرجأة، وما يخالجها من أمنيات وأشواق، لكن هيهات، فوحده الحلم من يوحد البشر، وحينما ينتهي نسقط في هوة الواقع السحيقة ، وترتطم أجسادنا بصلابة اليقين المر، إنه الرضوخ القسري للحقيقة المؤلمة ، للإحباط النفسي الذي يقضي على طموحات الكائن ويشبحه على صخرة سيزيف الأزلية.. ويطمر كل أمانيه، المدثرة بالتيه والفوضى.
السيدة ميم
لقد قرات العديد من قصص الحب ووجدتها تتشابه في مصيرها، وقد لا نجني من ورائه الا الغمة والاحساس بالخواء واليأس الذي يستوحش في النفس فيحطمها، ويصرعها أحيانا ويذلها، ويجعل ضحاياه صرعى نزوات غريبة، وهنا تكمن الفوارق بين حب وحب، حب عذري صامت اخرس وحب "غدري!" بجلاجل، لكنه العشق وحده لا يقبل الانشطار ، وأحيانا يخلف وعده بفعل عوامل ترهق التفكير، وتخطئ الطرح والضرب والقسمة، وتعلقين باسمة انت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد، لكنها خطوات مشيناها في دروب متشعبة ومظلمة وضيقة، خذلتني أنا خلالها الأقدار ، وكبرت أنت في الغياب
بكلمات مضمخة بعبق الوجد وشذى الشوق ورشة عطر أكتب اليك هذه الرسالة التي كان عليها أن تصلك قبل إثنين وأربعين عاما، كانت فيها الحياة بهيجة والشباب غض، والعواطف متأججة، والأحلام ندية عريضة تفتح أذرعها للأمل الوارف كعرصات العنب الظليلة، حين كنت أترجى المسافات التي أقطعها وراء الخيالات أن تطول، لتغرقني في لازورد المحبة، وتضفي علي ما تيسر من الأشواق والترقب المعمد بشريعة الكناية وكيمياء المجاز، وتسبغ علي ما تيسر من فيوض اللغة الكريمة وسخاء الأليغوريا وصفاء الحقيقة. لتزرع المزيد من الحميمية في سويداء فتى لم يعرف الحب الا على صفحات الروايات العاطفية المغرقة في الحزن والفقد والتأوهات والدموع، وعبر حكايات الأساطير والملاحم وكتب الميتافيزيقا، حيث العشق إفلاطوني مقنع بالستر والحجب أو لا شيء، ورباني لدى كبار المتصوفة أو لا أحد، حب نقي محصن ضد شهوانية النفس الامارة بالسوء، تتجلى فيه المعشوقة ملاكا منزها ضد الخطيئة والغواية، والعاشق غير ذي عجل تسقيه حميا الحب راحة مقلته، ويستمرئ لذاذت العذاب الروحي بماشوسية غريبة، لكن الخيال ليس كالحقيقة أحيانا، بل ليس كالحقيقة إطلاقا، محض تهويمات تحملنا على بساط من أثير الى أعلى ذرى الوهم والتهيؤات والهشاشة والحلم
سيدتي ميم،
إن الله الذي خلق النساء جميلات، حين مد أنامله الكريمة ملاطفا صلصال تكوينك، بسمل باسم الكون العظيم، كني فكنت أنت، وضع كل عضو في مكانه كي لا تختل الطبيعة، القوام من مرمر صقيل، والشعر من ذهب، والوجه لإحدى الحوريات، والخصر من عسجد، والرقبة من عاج، والصدر رمانتان من بساتين الفردوس، والأنفاس من ياسمين، فنفخ فيهم فكنت من حسن حظ الخليقة أنت، بتولا مسبوكة من لجين، داعبتها نسمات من رشاش الجنة فكستها بلطف الذلال.
سيدتي ميم،
أعتقد هنا والآن، بأن الكتابة إليك هي الملجأ والمنقذ الوحيد من الضجر الجسور الذي يستوطن الروح، ويعيدها الى يقين الواقع، بكل ألمه ومرارته، إنها نوع من التفكير بصوت عال ضد الرتابة وحرقة التأمل، وتنفيس عما يخالجها من أتعاب وأوصاب، لا شيء سوى الألم يبسط ملكوته على العالمين، لكنها المرفأ الآمن لقارب تتقاذفه الامواج في بحر عميق بلا قرار ولا ضفاف، لا ينجدنا منه سوى الهروب والنسيان ، نفرغ من خلالها ما يثقل الروح من أماني مرجأة، وما يخالجها من أمنيات وأشواق، لكن هيهات، فوحده الحلم من يوحد البشر، وحينما ينتهي نسقط في هوة الواقع السحيقة ، وترتطم أجسادنا بصلابة اليقين المر، إنه الرضوخ القسري للحقيقة المؤلمة ، للإحباط النفسي الذي يقضي على طموحات الكائن ويشبحه على صخرة سيزيف الأزلية.. ويطمر كل أمانيه، المدثرة بالتيه والفوضى.
السيدة ميم
لقد قرات العديد من قصص الحب ووجدتها تتشابه في مصيرها، وقد لا نجني من ورائه الا الغمة والاحساس بالخواء واليأس الذي يستوحش في النفس فيحطمها، ويصرعها أحيانا ويذلها، ويجعل ضحاياه صرعى نزوات غريبة، وهنا تكمن الفوارق بين حب وحب، حب عذري صامت اخرس وحب "غدري!" بجلاجل، لكنه العشق وحده لا يقبل الانشطار ، وأحيانا يخلف وعده بفعل عوامل ترهق التفكير، وتخطئ الطرح والضرب والقسمة، وتعلقين باسمة انت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد، لكنها خطوات مشيناها في دروب متشعبة ومظلمة وضيقة، خذلتني أنا خلالها الأقدار ، وكبرت أنت في الغياب