كلمة نقدية
كتب د.محمد محمود حسين هندي:
أتابع المنشورات التي تخطها قريحتكم هنا في العالم الأزرق، لكني قليلا ما أتدخل بالتعليق، خاصة عندما أرى معارككم الأدبية والنقدية التي لا شك أنها تثير أسئلة مهمة على المستوى الفكري، لكن هذه المرة راعني عنوان " زوابع أمشير"، فقلت كفانا زوابع يا عم د. سيد، نحتاج إلى الراحة قليلا، وتخيلت أن الأمر سيدور حول تجربة سابقة لشخص ما مع هذا التوقيت المزعج، لكني وجدت انزياحية تصويرية تستمد جمالها من زوابع أخرى أكثر وجعًا، زوابع تشكلت في هيئة مقارنات ساخرة وجدت لها فضاء رحبا في البنية السردية ، التي قدمت لنا الحياة في بكارتها وتحولاتها المختلفة، فكان الرثاءً والحنين لعوالم الفطرة التي عاش فيها الأجداد، في مقابل خوف أوجده عالم الجفاف الروحي المعاصر، الذي يقض مضجعنا تدريجيا، هذا الجفاف الذي جعل السارد يتوحد مع الأشياء (غير العاقلة) من حوله؛ رغبة في تحقيق أنس ودفء افتقدهما في الواقع المعيش، فكان جمله (طفله الذي خرج به من الدنيا، يرونه يحكي ويسامره، يدخن لفيفة تبغ يتقاسمها معه، يضحكان كل على طريقته، لا تجد أليفين في كفرنا مثلهما)، ليتطور الصراع بتطور المأساة المصورة
كل شيء في القصة يفيض معاناة لا تختلف في تجلياتها عن كثير مما يقبع في ذاكرتنا حول الماضي، معاناة نقطت بها الافتتاحية السردية التي استمدت دراميتها من أوضاع عم رمضان، هذا المكلوم الذي رغم عفويته إلا أنه استطاع تعرية الواقع وفضحه (نسي الناس الحصاد، صاروا يزرعون الأراضي علبا إسمنتية مشوهة، سكنت أبراج الحمام غربان وبوم).
القصة من أجمل ما قرأت في هذه الفترة، خاصة وأنها جعلتني أعايش عوالم شبيهة بتلك التي تشربنا عوالمها مع " خيري شلبي" وأمثاله. دمت مبدعًا راقيًا د. سيد
كتب د.محمد محمود حسين هندي:
أتابع المنشورات التي تخطها قريحتكم هنا في العالم الأزرق، لكني قليلا ما أتدخل بالتعليق، خاصة عندما أرى معارككم الأدبية والنقدية التي لا شك أنها تثير أسئلة مهمة على المستوى الفكري، لكن هذه المرة راعني عنوان " زوابع أمشير"، فقلت كفانا زوابع يا عم د. سيد، نحتاج إلى الراحة قليلا، وتخيلت أن الأمر سيدور حول تجربة سابقة لشخص ما مع هذا التوقيت المزعج، لكني وجدت انزياحية تصويرية تستمد جمالها من زوابع أخرى أكثر وجعًا، زوابع تشكلت في هيئة مقارنات ساخرة وجدت لها فضاء رحبا في البنية السردية ، التي قدمت لنا الحياة في بكارتها وتحولاتها المختلفة، فكان الرثاءً والحنين لعوالم الفطرة التي عاش فيها الأجداد، في مقابل خوف أوجده عالم الجفاف الروحي المعاصر، الذي يقض مضجعنا تدريجيا، هذا الجفاف الذي جعل السارد يتوحد مع الأشياء (غير العاقلة) من حوله؛ رغبة في تحقيق أنس ودفء افتقدهما في الواقع المعيش، فكان جمله (طفله الذي خرج به من الدنيا، يرونه يحكي ويسامره، يدخن لفيفة تبغ يتقاسمها معه، يضحكان كل على طريقته، لا تجد أليفين في كفرنا مثلهما)، ليتطور الصراع بتطور المأساة المصورة
كل شيء في القصة يفيض معاناة لا تختلف في تجلياتها عن كثير مما يقبع في ذاكرتنا حول الماضي، معاناة نقطت بها الافتتاحية السردية التي استمدت دراميتها من أوضاع عم رمضان، هذا المكلوم الذي رغم عفويته إلا أنه استطاع تعرية الواقع وفضحه (نسي الناس الحصاد، صاروا يزرعون الأراضي علبا إسمنتية مشوهة، سكنت أبراج الحمام غربان وبوم).
القصة من أجمل ما قرأت في هذه الفترة، خاصة وأنها جعلتني أعايش عوالم شبيهة بتلك التي تشربنا عوالمها مع " خيري شلبي" وأمثاله. دمت مبدعًا راقيًا د. سيد