أنظر في الفراغ ، أفكر في عوالمي الخاصة ، ذاك العالم البعيد منها ، ولا أدري لماذا هو تحديداً ، الذي أستنبطه من حيز الفواجع والفراق الحزين ، لا أكاد أن أصدق بأن الزمن مر بهذه الوتيرة من السرعة أو بهذه السحرية من سحرية الزمن الغابر بكل التفاصيل الموحشة ، الموُشحة بفياض الاختذال ، التي أصبحت ذكراها كحالة تمثل توازياً لفعل الانتحار ، ستة سنوات مرت كشعلة ضوء ، كأنها أعلنت ميلادها بالأمس القريب حينا أسميتها "السنين العابثات" وهي ما غابت فيها تلك الحسناء اكيسيج يوحنا غابريال أو اكيسيج الجميلة عند رمزيتي أو عند تسميتي كما أحلو أن أسميها بذلك ، عن روعة الحضور الأنيق ، المدهش ، من مشهد الخلق الفريد ، حينا تتحدث معي بلغة الصمت والعيون الصادقة المتصوفة بالحب والعشق ومعسول الكلام ، ضحكتها الرنانة ، برائتها التي تشفقني عليها حين يجتمع كل حزن هذا العالم في وجهها الجميل المتفرد مثل لا شيء يمكن أن نضعهُ كتناص أو شبيه ، الذي أصاب حيرتي أن يكون هذا الوجه لفتاة من هذا الكوكب المتناقض في فعل الشر والخير كقوتان مضاداتان لا تعرفان الحياد؟ من كل تلك الواقعية التي ألفة بها النساء ، القبيحات منهن ، والجميلات ، والساذجات ، والمتبرجات بالذيف والوهم الكبير ، ليغدو في غيابها العالم ممسوخاً ، حزيناً ، قاسياً ومؤلماً ، وألم أقل لكم من قبل بأن مناظرتي لإبتسامتها التي تصاحبها وجنتها المثيرة هي اللحظة التي تزن فيها سعادتي كل سعادة الأرض إذ وضعتا في كفتان من ميزان السعادة؟!
ستة سنوات مرت أيتها القبطية النابعة من حب الحياة وذاك الرحم الفرعوني السفير الذي أنجب سفراء المعرفة والجنون ، نجيب محفوظ ، طه حسين ، وأحمد زويل ، ألا يكفي كل هذا الشموخ؟ من هوية مرقس ، والمسيح يسوع ، والمرتل جاد لويس ، فما زالت تصورات الذاكرة تعيدني إليك ، إلى حضنك الدافئ الذي إحتواني من جحيم حروب فراغ العاطفة ، حينا كنت أبحث عن من يحتويني أو عن ملؤ ذاك الفراغ مستهدفاً بمخصوصية ذوقي الخاص حسناء مثلك فلم أجد مثلك لكني وجدتك ، وجدتك عابرة بين حسن صدفة الوجود أن أجدك هناك بين هول الزمان والمكان ، أفكر فيك وحدك من بين كل ما يستحق التفكير ، أبحث عنك بين كل الأوجه المألوفة لأجد وجهك النضير؟ أين هو؟ أين انت يا اكيسيج الجميلة؟ ، بين الحافلة ، الأسواق وسط زحام الناس ، المستشفيات ، الملاهي ، المقاهي ، البقالات ، والحانات في المعنى الأفرنجي ، إنه الاحتراق والألم والشعور الغريب الأشد يا اكيسيج إن كنت لا تدرين؛ حينا أكتفي بالمحاولات اليائسة الخجولة وأعيش وهم المخيلة راسماً صورتك في ذهني الهزيل المجحف لذاكرة كل الأشياء وانت تقفين أمام بائع العطور ، لتشتري عطراً فرنسي ماركة شاليمار المعني به "معبد الحب" الذي أحبه بشدة ، أنا أحب العطر الفرنسي النسائي الذي لا زلت أشتمه في بلوزتك القطنية البيضاء الملونة أو غير المُشكلة من غير لون البياض كلونك تماماً ، كحبك أحبه حباً مواز ، منذ ذلك الحين وفي الوقت الذي كنت تجلسين فيه بالقرب مني من المجلس المجاور لي وسط تلك القاعة التي تدعى بحر الغزال ، وكنت انت البحر الكبير ، بحراً شاسعاً بقدر الكون من الجمال ، والغزال ؛ أو تلك الغزالة التي لو كنت بمكانة ذاك العفريس لأخترت التمعن فيها بدلاً من كل ذلك الالتهام الشٓرير ، فأعيش معك بكل أحلامي المتخيلة بسعادة لا تصفها مفردات اللغة وموسيقى بيتهوفن ولوحات بيكاسو بحجم تفاصيلها التجريدية الدقيقة ، تبادل القبلات الطازجة ، الاحاديث الناعمة الرقيقة كرقتك الأنثوية الطاغية على الرصفاء ، وسط ليالي عاصمة الانوار الساحرة "باريس" وما أدراك بذاك العالم السيريالي الجناني في تصور رجلاً حالم مثلي انتقم منه البؤس وجعله أشتاتاً من الضياع في قصوة ومن قسوة المكان ، عالم ماتليد أرثر ومونيكا لويز وهيلينا غيمز العاشقة المفتونة بالحب وكل الحياة ، "باريس" التي لطالما حلمت بها ، واختذلتني الحظوظ قبل أن تختذلني"بندقية الفقر قاتلة كل الأحلام" لأكون وسطها من بين نخبة الهاربين من جحيمهم الأفريقي ، ناسياً قول ذاك المحاضر اللعين الذي محاولاً افساد لحظات الحب في مادتها الخام قبل أن تنضج لتصبح واقعاً يذهب بآلف قدم ، أو فيما لا يحسب بدقة العقل وتقنية عولمة العصر الحديث... إلى أي مكان انتقلتي من شسع هذا الكون؟! أخبريني ، أخبريني أيتها السأمقة المعشوقة ولو بالكذب والمرواغة فصوتك هو الحقيقة ، هو مثل سيمفونية تمنحني الحياة في مترادفاتها ، صوتك الذي أتمنى أن أسمعه من حديث أو جديد وانت تقولين لي "أخاف من أهلي أن يقتولوني أو يتبرون مني لو عرفوا حقيقة أنني أحب رجلاً مسلم أو انت خصوصاً" ، وأنا الذي لم يقل لك بعد أنني أحب اسم "لينا" الذي لم أقدمه أو أقدمها لك هي في ذاتها كهدية تحمل اسمك كأم في السجلات المدنية ، وثرثرة النساء الأكثر حفظا لأسماء بنات الصديقات ، لكن ها هي المفترضات وعقدها تنحنيان بنا إلى ما لا نعرف ، ما الذي حصل أو ما الذي تغير في حياتنا خلال كل تلك السنوات؟ هل منحك هديتي أحداً آخر ، لون لك الحياة بالبهاء والهيام ، منحك كل ما لم أمنحه لك أنا ، ولو بالتمني والتخيل والعشق الجنون.
ستة سنوات ربما يا عزيزتي تغير فيها كل شيء ، بل كل الاحتمالات تبدو في مخيالنا مفتوحة لميراد أو حدوث كل شيء ، وأنا الوحيد الذي لم أتغير قط ، ما زلت أدخن سجاير البرنجي بين حين وآخر ، ارتشف القهوة بين أمكنة القهوة ، أسبُ الحكومات ، أتمرد بسلاح الكتابة حينا أستوقف في محطات الفقر والبؤس مستغلاً قطاري الأجوف من ابداع القصيد والاقصوصة والحكاية ، لكني أحاول ، وفي ذلك يا عزيزتي تعشقني قبيلة من النساء ، رغم كل الافتقار ، احسان يوسف ، لونا لوال ، و يارا حكيم المرأة الفقيرة من أقصى مخيم النزوح بين سوريا الحزينة الباكية على هاوية الفناء - ودعاً معشوقتي الأخرى سوريا - ومن المؤكد كثر أخريات يعرفان ما لم أعرفه عن نفسي بعد ، وما لم أكتبه كذلك ، سيرتي الذاتية سيرة الذين انتصرت عليهم الظروف في معترك الحياة فحولتهم إلى ما لا يشغل حيزاً من الفراغ فأصبحوا يشعرون بوقوف العالم ضدهم بالذات.
اكيسيج يوحنا غابريال الجميلة ، عزيزتي ، لا زلت أشتقاك بشدة ، لكني لم أعد أحبك حب المحبين كما كنت ، بكل صدق ، يمكننا أن نكون أصدقاء ، أشقاء ، أخوة تجمعنا الانسانية ، كائنان أوجدتهم الحياة صدفة في رحاب واختذال العالم ليس بينهم أي علاقة أو قرابة أو أي وصف تجدينهُ مناسباً لنا الاثنان ، لكن من المهم أن نلتقي ، أن نعيد تبادل تلك النظرات من بين حواجز صديقتك صوفيا كارلوس ، ماريا فرانسيس ، والجميلة المرعبة التي من المعتاد أن تحزرني بالابتعاد عنك كريستينا مينا ادوارد ، كما كانت تفعل في أكثر أوقات الحب نشوة.
اكيسيج معشوقتي من قبل ستة سنوات هل يحق لي أن أسألك الآن: لم كل ذلك التخفي؟ لماذا ودعتيني بنظرة معجونة بالشجن ثم أحدثتي صورتك كذكرى من سرمدية الذاكرة الشجية ولم تعودي واقعاً يجعل من هذا العالم مكاناً رحباً كما كان ، بأعجوبة وسحر وجودك الذي يتزن به الكون؟
أجيبني حينا تجمعك الصدفة بي مراتاً أخريات في ساحاتاً أخريات ، أو بين تمرد الكلمات التي تحادثك الآن بصدق المحبة والحنين وشغف عودة الزمن الجميل.
أشتاقك.
إبراهيم أحمد الإعيسر
السودان - ولاية الجزيرة - ألتي.
الأثنين /٣/١/٢٠٢١
ستة سنوات مرت أيتها القبطية النابعة من حب الحياة وذاك الرحم الفرعوني السفير الذي أنجب سفراء المعرفة والجنون ، نجيب محفوظ ، طه حسين ، وأحمد زويل ، ألا يكفي كل هذا الشموخ؟ من هوية مرقس ، والمسيح يسوع ، والمرتل جاد لويس ، فما زالت تصورات الذاكرة تعيدني إليك ، إلى حضنك الدافئ الذي إحتواني من جحيم حروب فراغ العاطفة ، حينا كنت أبحث عن من يحتويني أو عن ملؤ ذاك الفراغ مستهدفاً بمخصوصية ذوقي الخاص حسناء مثلك فلم أجد مثلك لكني وجدتك ، وجدتك عابرة بين حسن صدفة الوجود أن أجدك هناك بين هول الزمان والمكان ، أفكر فيك وحدك من بين كل ما يستحق التفكير ، أبحث عنك بين كل الأوجه المألوفة لأجد وجهك النضير؟ أين هو؟ أين انت يا اكيسيج الجميلة؟ ، بين الحافلة ، الأسواق وسط زحام الناس ، المستشفيات ، الملاهي ، المقاهي ، البقالات ، والحانات في المعنى الأفرنجي ، إنه الاحتراق والألم والشعور الغريب الأشد يا اكيسيج إن كنت لا تدرين؛ حينا أكتفي بالمحاولات اليائسة الخجولة وأعيش وهم المخيلة راسماً صورتك في ذهني الهزيل المجحف لذاكرة كل الأشياء وانت تقفين أمام بائع العطور ، لتشتري عطراً فرنسي ماركة شاليمار المعني به "معبد الحب" الذي أحبه بشدة ، أنا أحب العطر الفرنسي النسائي الذي لا زلت أشتمه في بلوزتك القطنية البيضاء الملونة أو غير المُشكلة من غير لون البياض كلونك تماماً ، كحبك أحبه حباً مواز ، منذ ذلك الحين وفي الوقت الذي كنت تجلسين فيه بالقرب مني من المجلس المجاور لي وسط تلك القاعة التي تدعى بحر الغزال ، وكنت انت البحر الكبير ، بحراً شاسعاً بقدر الكون من الجمال ، والغزال ؛ أو تلك الغزالة التي لو كنت بمكانة ذاك العفريس لأخترت التمعن فيها بدلاً من كل ذلك الالتهام الشٓرير ، فأعيش معك بكل أحلامي المتخيلة بسعادة لا تصفها مفردات اللغة وموسيقى بيتهوفن ولوحات بيكاسو بحجم تفاصيلها التجريدية الدقيقة ، تبادل القبلات الطازجة ، الاحاديث الناعمة الرقيقة كرقتك الأنثوية الطاغية على الرصفاء ، وسط ليالي عاصمة الانوار الساحرة "باريس" وما أدراك بذاك العالم السيريالي الجناني في تصور رجلاً حالم مثلي انتقم منه البؤس وجعله أشتاتاً من الضياع في قصوة ومن قسوة المكان ، عالم ماتليد أرثر ومونيكا لويز وهيلينا غيمز العاشقة المفتونة بالحب وكل الحياة ، "باريس" التي لطالما حلمت بها ، واختذلتني الحظوظ قبل أن تختذلني"بندقية الفقر قاتلة كل الأحلام" لأكون وسطها من بين نخبة الهاربين من جحيمهم الأفريقي ، ناسياً قول ذاك المحاضر اللعين الذي محاولاً افساد لحظات الحب في مادتها الخام قبل أن تنضج لتصبح واقعاً يذهب بآلف قدم ، أو فيما لا يحسب بدقة العقل وتقنية عولمة العصر الحديث... إلى أي مكان انتقلتي من شسع هذا الكون؟! أخبريني ، أخبريني أيتها السأمقة المعشوقة ولو بالكذب والمرواغة فصوتك هو الحقيقة ، هو مثل سيمفونية تمنحني الحياة في مترادفاتها ، صوتك الذي أتمنى أن أسمعه من حديث أو جديد وانت تقولين لي "أخاف من أهلي أن يقتولوني أو يتبرون مني لو عرفوا حقيقة أنني أحب رجلاً مسلم أو انت خصوصاً" ، وأنا الذي لم يقل لك بعد أنني أحب اسم "لينا" الذي لم أقدمه أو أقدمها لك هي في ذاتها كهدية تحمل اسمك كأم في السجلات المدنية ، وثرثرة النساء الأكثر حفظا لأسماء بنات الصديقات ، لكن ها هي المفترضات وعقدها تنحنيان بنا إلى ما لا نعرف ، ما الذي حصل أو ما الذي تغير في حياتنا خلال كل تلك السنوات؟ هل منحك هديتي أحداً آخر ، لون لك الحياة بالبهاء والهيام ، منحك كل ما لم أمنحه لك أنا ، ولو بالتمني والتخيل والعشق الجنون.
ستة سنوات ربما يا عزيزتي تغير فيها كل شيء ، بل كل الاحتمالات تبدو في مخيالنا مفتوحة لميراد أو حدوث كل شيء ، وأنا الوحيد الذي لم أتغير قط ، ما زلت أدخن سجاير البرنجي بين حين وآخر ، ارتشف القهوة بين أمكنة القهوة ، أسبُ الحكومات ، أتمرد بسلاح الكتابة حينا أستوقف في محطات الفقر والبؤس مستغلاً قطاري الأجوف من ابداع القصيد والاقصوصة والحكاية ، لكني أحاول ، وفي ذلك يا عزيزتي تعشقني قبيلة من النساء ، رغم كل الافتقار ، احسان يوسف ، لونا لوال ، و يارا حكيم المرأة الفقيرة من أقصى مخيم النزوح بين سوريا الحزينة الباكية على هاوية الفناء - ودعاً معشوقتي الأخرى سوريا - ومن المؤكد كثر أخريات يعرفان ما لم أعرفه عن نفسي بعد ، وما لم أكتبه كذلك ، سيرتي الذاتية سيرة الذين انتصرت عليهم الظروف في معترك الحياة فحولتهم إلى ما لا يشغل حيزاً من الفراغ فأصبحوا يشعرون بوقوف العالم ضدهم بالذات.
اكيسيج يوحنا غابريال الجميلة ، عزيزتي ، لا زلت أشتقاك بشدة ، لكني لم أعد أحبك حب المحبين كما كنت ، بكل صدق ، يمكننا أن نكون أصدقاء ، أشقاء ، أخوة تجمعنا الانسانية ، كائنان أوجدتهم الحياة صدفة في رحاب واختذال العالم ليس بينهم أي علاقة أو قرابة أو أي وصف تجدينهُ مناسباً لنا الاثنان ، لكن من المهم أن نلتقي ، أن نعيد تبادل تلك النظرات من بين حواجز صديقتك صوفيا كارلوس ، ماريا فرانسيس ، والجميلة المرعبة التي من المعتاد أن تحزرني بالابتعاد عنك كريستينا مينا ادوارد ، كما كانت تفعل في أكثر أوقات الحب نشوة.
اكيسيج معشوقتي من قبل ستة سنوات هل يحق لي أن أسألك الآن: لم كل ذلك التخفي؟ لماذا ودعتيني بنظرة معجونة بالشجن ثم أحدثتي صورتك كذكرى من سرمدية الذاكرة الشجية ولم تعودي واقعاً يجعل من هذا العالم مكاناً رحباً كما كان ، بأعجوبة وسحر وجودك الذي يتزن به الكون؟
أجيبني حينا تجمعك الصدفة بي مراتاً أخريات في ساحاتاً أخريات ، أو بين تمرد الكلمات التي تحادثك الآن بصدق المحبة والحنين وشغف عودة الزمن الجميل.
أشتاقك.
إبراهيم أحمد الإعيسر
السودان - ولاية الجزيرة - ألتي.
الأثنين /٣/١/٢٠٢١